وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حيا الله أخانا (سكلوع)
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سكلوع
· " الطرفة الغريبة في أخبار وادي حضرموت العجيبة " للمؤرخ الكبير تقي الدين المقريزي ( ت 845هـ ) .( تحقيق )
هذه الرسالة لطيفة الحجم للمقريزي، وقد حوت من - مع لطافتها - أمورا (غريبة)، فحق لها أن تسمى بـالطرفة (الغريبة)، ويظهر أنه اعتمد على ما جاء في بعض كتب التاريخ من ذكر ما جاء في الإسرائليات عن حضرموت وعن مواضع فيها كبئر برهوت ونحوه. أما من الناحية التاريخية والتراجمية (الترجمات) فهي صفر من ذلك.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سكلوع
دراسة حول قول المفسر أبي الحسن البكري باستثناء أهل حضرموت من الورود في النار في آية : (
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سكلوع
وإنْ منكم إلا واردُها ) .
والعجيب في هذا أن السيد مرتضى الزبيدي نقل هذا في كتابه "التاج" مستشهدا به على مناقب وفضائل حضرموت، وأعجب من ذلك التعليل في سبب هذه الفضيلة. ولا حول ولاقوة إلا بالله.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سكلوع
رأيان حول ( الكريف ) هل هي لفظة عربية يمنيةأصيلة أم لا ؟ ، وهي مقالات وردود متبادلة بين الأديب المفكر الحضرمي محمد بن عبد الله العمودي ، والأب أنستاس ماري الكرملي حول هذه الكلمة .
وللعلم، فقد نشرت هذه المقالات في شبكة حضرموت، وسأوردها هنا للفائدة:
من صور أدب النقد العلمي البناء لأعلام آل العمودي
ــ
مقالات علمية لغوية متبادلة
بين
الأديب محمد بن عبد الله العمودي
والأب أنستاس ماري الكرملي
حول " الكريف "
هل هي لفظة عربية يمنية أصيلة أم لا ؟
[/font]
عرض وتحقيق
طارق بن محمد سكلوع العمودي
دبلوم دراسات إسلامية عليا
ليسانس في الحد يث الشريف وعلومه
إهداء
إلى كل فرد من أسرة ( آل العمودي ) ... وخاصة أهل الثقافة والعلم منهم .
.... نقول لهم جميعاً : صفحة مضيئة تُضاف إلى سجل هذه الأسرة الكريمة
.... في العلم وللعلم .... نقدمها بين أيديكم ... فلا تبخلوا في أن تتأملوها ... وترووها للأجيال الحاضرة .... فيبلغوها لمن بعدهم .
وإلى أنستاس ماري الكرملي ... الذي نختلف معه جذرياً في الدين والعقيدة .
.... لكن إنصافاً له نعترف بغيرته على العربية ... لغة القرآن الكريم .... ولغة أهل الجنة .... والذي أحبها وقدّم لها الكثير من جهده .
... اُهدي إلى هؤلاء جميعاً هذا العمل المتواضع ،راجياً أن يتقبله الله عز وجل عنده.
طارق
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى الآل والأصحاب ، وبعد :
فمن منّا لم تصبه نشوة السعادة والسرور ... في امتلاك مالم يكن تحت يده فامتلكه من عقار، أو مركب .. أو حيازة مال جاءه من كسب ، أو ورث ... أو نصر أحرزه على منافس له ،أو عدو ... أو خطّط لبلوغ منصب فبلغه ... أو رسم خطوطاً لتحقيق لقب علمي فوصله .
غير أنَّ نشوتي وسعادتي وسروري كانت من نوع آخر ؛ قد لا تروق للكثيرين ؛ إنما تروق لقلة ممن عرفوا للعلم قدره ، ولاقتناص الفوائد من خلال البحث والتقصي مكانتها .
وما ذلك إلا لنفاسة الأمر وعلوه ... فمثلاً الأغنياء كُثر ، ولكن من بيده الغنى والقوة والسلطة أقل.
وكذلك أبواب السعادة كثيرة ، ولكـــن سعادة إحراز معلومة أو فائدة جليلة؛ لا يطرق بابها إلا القليل ، ولذلك قالوا : " هذه فائدة تستحق رحلة " .
وهذا الخليفة العباسي المأمون صاحب المُلك والجاه يغبط أهل الخُلْقَان والمحابر من أهل الحديث في مجالس إملائهم فيتمناها ويعدّها من مجالس السرور والحلاوة ، والسيادة الحقيقية (1) .
إنَّ قصتي في اكتشاف مقالة محمد بن عبد الله العمودي ( كان حياً سنة 1939م ) ،وتعقيب أنستاس الكرملي عليها تعود إلـــــى اقتنائي لكتاب " بلوغ المرام في شرح مسك الختام في من تولى مُلك اليمن من مَلِكٍ وإمام " للقاضي حسين بن أحمد العرشي ( كان حياً سنة 1318هـ / 1900م) ؛ وذلك منذ أكثر من سنة ، فقرأته فأُعجبت به ، وزاد إعجابي عندما قرأت ذيله للأب أنستاس ماري الكرملي ( ت سنة 1947م) ، والذي أخذ على عاتقه نشر الكتاب مع تذييله ، وكان ذيله مليء بالفوائد والتحقيقات ، ثم ما لبثت أن قرأتهما مرة أخرى ، وفي كل مرة لم أحفل كثيراً بالتفصيل في قراءة الفهارس التي وضعها الكرملي ، ولك أن تتخيل أخي القارىء أنه قد وضع (19) فهرساً للكتاب لا فهرساً واحداً أو إثنان أو عشراً ؛ بــــل (19) فهـــرساً !شغلت نصف الكتاب ، وكمـــــا يقولــون ( الفهارس مفاتيح الكتب ) ؛ فإن فهارس الكرملي تجاوزت بمراحل كونها مفاتيح للكتاب فقط ؛ بل لا نغلو إن قلنا أنها تجاوزت ذلك بمفاوز ؛ حيث جعلها حياة كل كتاب .
انظر إلى فلسفته ومفهومه للفهارس إبان تعليقه على خلو كتاب " تاريخ ثغر عدن " بقسميه من الفهارس ؛ حيث قال: (... إذ أصبحت الفهارس من أهـــم ما في الكتاب ، فهـي لبابهُ ، بـل روحهُ ، المتدفقة حياة ، ونحن لا نستطيع أن نمسك بيدنا سفراً مَيْتاً أياً كان ، خالياً من الحياة ، أي من الفهارس ) (2) .
وفي الثالثة أتيت للكتاب لا لقراءة أصله للعرشي ، ولا لتذييله للكرملي ؛ وإنما لأمر بحثيّ محض ، باحثاً في فهارسه عن فهرس المصادر والمراجع التي رجع إليها الكرملي في كتابه ، وذلك للبحث عن كتاب معين قد يكون مذكوراً لديه ، وإلى هنا قد يسأل سائل وما الذي يفيدك في ذلك ففهارس المصادر إنما تذكر أسماء المصادر مرتبة ؛ بذكر اسم المصدر ومؤلفه ، ووفاته ، وعــدد مجلداته ، واسم المحقق ودار النشر ، وسنة الطبعة ورقمها ؛ فقط ليس إلا .
فأقول: هذه بضاعتنا المزجاة في زماننا معشر طلبة العلم والباحثين والمؤلفين ؛ أمـا عند الكرملي فلا وألف لا، فإنه لا يكتفي بذلك ولا يقنع به من الأصل، فإنه يرفق مع كل مصدر يذكره تقريراً تحليلي مركّز مختصر عن المصدر بمزاياه وسلبياته ؛ حتى إنه لينتقد طبعة الكتاب إذا خلت من علامات الترقيم ؛ بل يغوص في الأخطاء الإملائية ، وإذا وجد فيها خلاف فصّل في الأمر ، ورجّح فيما يذهب إليه بأدلته ... كل ذلك في ما يسمى بفهـرس المصادر !! ألست مصيباً إذاً فيما جنحت له ، ويمّمت شطري إليه .
وعندما انتهيت مـن بغيتي وجدتني منشرحاً لاستعــراض فهــارس الكتاب كلها بشكــل تفصيلي ... فهرس بعد فهرس ؛ حتى إذا ما جئت إلى فهرس ما قبل الأخير وهو الثامن عشر(3) ـ وتذكر معي أنه الفهرس قبل الأخير بعد رحلة المرور على الفهارس الـ ( 17) والتي أخذت مني وقتا ليس بالقليل ـ وهو الفهرس الذي خصصه بقوله : ( وهو معجم يحوي ألفاظاً يمانية لم ترد في هذا الكتاب ، وإنما سردناها هنا وقوفاً عليها ، لمن يريد أمثلة من لغة اليمانيين ) هكذا ذكر لله درّه إذاً نحن أمام مبحثٌ وأي مبحث ، ولسنا أمام مجرد فهرس ...إنه مبحث تأليفي قائم برأسه يستحق الفصل ونشره على حده ؛ لا أن يكون مغموراً منزوياً هكذا ... فشرعت في قراءته حتى إذا وصلت إلى حرف الكاف ، وذكر تحته مادة ( الكريف ) أفاجىء ، وأي مفاجأة بذكره لمقالة الأستاذ العمودي بحذافيرها وتعقيبه عليه ( 4) ، فلا تسل حينها عما خالجني من شعور ونشوة سرور لا توصف .
لقد حقق لنا الكرملي من حيث لا يشعر أو شعر عدة أمور ؛ هي :
الوقوف على نموذج راق في أدب النقد العلمي بين أهل العلم والباحثين .
وكشف لنا عن نموذج يمني ... وبدقة أكثر( حضرمي) ؛ بلغ من العلم والثقافة والمعرفة أن يخوض ويغوص في أمر دقيق لغوي، ومع من ؟! ... مع جبل أشم ، ومرتقاً صعباً ؛ ألا وهو انستاس الكرملي الذي تضلع في العربية ، وغار عليها كل الغيرة ، فأصبح مصدراً ومرجعاً فيها بذاته ، وشغل الناس فيما كتبه وألفه فيها ، وخطبت المجامع العربية ودّه وتشرفت بعضويته فيها لتكتسب قوة وسمعة ومصداقية بانضمامه إليها ، وأصــدر عـــدة مجلات بلغة الضاد مـــن أهمهــا " مجلة لغة العرب " التي وصفها الأستاذ كوركيس عواد ( ت 1992م ) بقـوله : (مجلة شهرية ، أدبية تاريخية لغوية ، وهي من أنفس المجلات العربية وأغزرها مادة ، صدر منها ثلاث مجلدات وبعض المجلد الرابع ، بين سنة (1911م ) و ( 1914م) ، ثم احتجبت بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى ، ثم استأنف إصدارها سنة ( 1926م ) ، فاستمرت حتى نهاية ( 1931م ) ؛ حيث بلغ عدد مجلداتها الأخيرة ستة ، وبها صار قوام مجموعتها كلها تسعة مجلدات ، تُعَدُّ في جملتها من المصادر اللغوية التي لا يُستغنى عنها ) (5) .
وكشف لنا عن عَلَمٍ من أعلام آل العمودي ؛ لم يكن لنا أن نعلم عنه شيئاً غير توفيق ربنا بأن أوقفنا على مقالته هذه ، ثم لصنيع الكرملي الذي وفق بذكر العمودي، وليس إلى هنا ؛ بل بذكر مقالته بحذافيرها ، وكان بإ مكانه الاكتفاء بالإشارة فقط ، فالحمد لله وحده أولاً وآخراً .
لقد أزاح العلامة الكرملي بعض القناع عن شخصية الأستاذ العمودي ، فقد وصفه بالأديب ، وأنه من حملة الدبلوم من دار العلوم بالقاهرة ، وهذا يعني أنه من الحضارمة اللذين بكروا بالهجرة لأجل العلم ، وليس للتجارة فقط كشأن الكثير من الحضارمة ، ودليل التبكير نص الكرملي بأن مقالة العمودي كتبت في سنة ( 1939م) ، وهذا يعني بوجوده بمصر قبل عدة سنين من التاريخ المذكور ، ونستفيد من التاريخ المذكور أنه كان حياً في تلك الفترة ، وأنه في أغلب ظني في يرعان شبابه ، وعليه يكون عاش بعد هذا التاريخ عقدين أو ثلاثة من عقود الزمان تزيد أو تنقص قليلاً، فإن صحَّ إلى ما ذهبت إليه فإنه يكون من طبقة المعاصرين من ذوي الوفيات القريبة جداً .
فأوجه ندائي لمن يقرأ عنه هنا : من قريب له من أقاربه ، أو ابن أو حفيد له ، أو صديق من أصدقاءه أن يسعفونا ـ مشكورين مأجورين ـ بترجمة موسعة له ؛ ليتسنى إضافتها في موسوعتنا عــن أعلام آل العمودي .
ومن أهم ما أسعفنا به الكرملي عن الأستاذ الأديب محمد بن عبد الله العمودي ؛ ذكره للأثر الوحيد من آثاره ؛ ألا وهو هذه المقالة التي ننشرها بحروفها ، والتي كشفت لنا عن بلاغته والأسلوب الراقي في الكتابة ، والثقافة العالية المباني ،والأدب الجم مـــع أهل العلم ، وبعد ذلك كله ما ذكره العمودي نفسه في آخر مقاله عن أثر آخر من أثاره ، وهو جمعه لمئات الألفاظ الغريبة المهجورة المتداولة في حضرموت ، وليس لها أثر في المعجم ، أو في كتب الأدب ، فهذه فائدة مستفادة.
وكذلك أضاف الأستاذ الكرملي رصيداً جديداً من أرصدة حبه واهتمامه بتراث اليمن واليمنيين بنشره لمقالة العمودي المغمورة بعد ما نزعناها من غياهب النسيان إلى أضواء المعرفة .
فالكرملي مع نشره لكتاب " بلوغ المرام " للعرشي ، وتذييله عليه ، ووضعه أربعة ملاحق هي :
- في إتمام حوادث تاريخ اليمن .
- في بلدان اليمن .
- مطامع الغربيين في اليمن .
- الاتفاقيات والمعاهدات والتقريرات .
ثم وضعه للفهارس الخادمة لليمن واليمنيين ؛ بل فيها ما يستحق أن يكون مبحثاً تأليفياً بمفرده كالفهرس الذي ذكرناه آنفاً ، كان كل ذلك دليل كافي باهتمامه بالتراث اليمني ، فكيف لو عرفنا أنَّ له آثاراً أخرى في هذا الصدد ؛ فقد استعرضت كتابات ، ومقالات ، وتحقيقات ، ومـــؤلفات الأستاذ انستاس الكرملي ، والـتي بلغت ( 1399) عنواناً (6) ، فظفرت بما يخص التراث اليمني على النحو التالي :
- كَمَرَان والصليف والحُديدة (7).
- ترجمته للفرنسية رحلة الخواجا ميخا يوسف النجار البغدادي إلـى اليمن سنة ( 1861م ) (8) .
- اليمن في العهد القديم (9) .
- رحلة فلبي في داخل بلاد العرب (10).
- منتخبات في أخبار اليمن لنشوان بن سعيد الحميري (11).
- كتاب التيجان في ملوك حمير لابن هشام (12) .
- مصنفات الشيخين المعلمين : سليمان المهري ، وشهاب الدين أحمد بــــن ماجد ( با ماجد ) (13) .
- تحقيقه للجزءين الثالث والثامن من كتاب " الإكليل " لأبي محمد الحسن بن أحمد الهمداني ( ت 334هـ ) (14) .
- ملوك اليمن ، رسالة ثانية إلى الأستاذ الشيخ جلال الحنفي (15) .
- جزيرة مَيُّوْن ( بريم ) (16) .
- القيالة عند العرب (17) . والقيالة جمع ( قيل ) : هم صغار ملوك اليمن .
- منزلة كتاب الإكليل من الآداب العربية (18) .
- العرشي مؤلف كتاب بلوغ المرام (19) .
وأخيراً كشف لنا الكرملي احتفاله واهتمامه بنشر مقالة العمودي ؛ وتمثل ذلك بوضع مقدمة لها قبل ذِكر نصّها ، ثــم عقّب وعلّـق عليها ، وهذه والله سمة التواضع ونكران الذات .
فقد رد عليه العمودي وهو طالب ـ في أكبر ظني كما أسلفت ـ شاباً يافعاً ، بينما أنستاس الكرملي سيبويه زمانه في عقده الأخير من عمره ، فقد توفي سنة ( 1947م) ،وعمره ( 81) سنة ، ومقالة العمودي نُشرت سنة ( 1939م) أي كان عمر الكرملي حينها (73) سنة .
بعد هذا الذي ذكرته كله انبعثت فـي نفسي نشر هاتين المقالتين المغمورتين العلميتين اللغويتين باعتنائي وتعليقي ،والتي يدور موضوعهما حــول لفظة ( الكريف ) هل هي عربية يمانية أصيلة كما ذهب إلـى ذلك الأستاذ الأديب محمد بن عبد الله العمودي ، أم دخيلة على اللغة العربية كما جنح إلى ذلك اللغوي الكبير الأب انستاس ماري الكرملي .
وكم كنتُ أتمنى أن أظفر بمقالة الكرملي ( الكلمات الأربــع في الجاهلية ) التي ردَّ عليها العمودي ؛ ليكتمل العقد ، ولكن ما باليد حيله ، وليس كل ما يتمناه المرء يُدركه ، ولكن لنا عزاء في تعقيبه على العمودي ، والذي هو صالح أن يكون مقالة قائمة برأسها ،بل عنون لها كوركيس عواد كمقال مستقل (20 ) ، فقد كشف تعقيبه هذا عن مذهبه بكل وضوح في الموضوع ؛مع ما نقله الأستاذ العمودي نتف من أقواله المذكورة في مقاله الأصل.
أما رأيي في الموضوع ، فحقيقة لست من فوارس هذا الميدان ، فكيف بمزاحمة هذين العَلَمين ، فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه ... غير أنه كقراءة مثقف يزن الأمور بأدلتها وقرائنها ؛ أجدني أتوقف في ترجيح كفة أحد الميزانين ؛لقوة حجة كل واحد منهما ،والله أعلم وإسناد العلم إليه أسلم .
وأحسب أنني توخيت نشر المقالين بالشكل اللائـق المرجو ، مــــع وضعي لهــذه المقدمة المتواضعة ، و تعليقات هنا وهناك في متن النصّين .
وأخيراً أتساءل ، وحُقَّ لي أن أسأل : أليس من حقي النشوة والسعادة والسرور بأن خرجت ـ بعد سرد قصتي ـ بهذا الصيد الثمين ، والــذي كان في مكان منزوي ، شديــد الوعورة ، صعب التضاريس ؟
هذا والله الموفق لما يحب ويرضى ،،،
وكتبه الفقير إلى عفو ربه /
طارق بن محمد بن صالح سكلوع العمودي
الدمام / السعودية
15/3/1427هـ
البريد الإلكتروني: tms1391@hotmail.com
قال الأب (21) أنستاس ماري الكرملي (22) :
كنا قد نشــرنا في " الأهــرام " الصادرة في ( 11 إبريل سنة 1939م ) مقالــة بعنــوان : ( أربع كلمات جاهلية ) (23) ، وذكرنا أنَّ " الكريف " تنظر إلى اليونانية kryptos (24).
فكتب أحد أفاضل اليمانيين الأدباء ـ وهو محمد عبد الله العربي (25) العمودي ـ من حَمَلَة الدبلوم من دار العلوم ـ مقالاً ممتعاً ، بيَّن فيه أنَّ " الكريف " ، كلمة عربية يمنية أصيلة ، ونحن ندرجها هنا بحذافيرها ، ليطَّلع القراء علــى رقـة أدب اليمانيين ، وفضلهم ، وإمعانهم فــي الدروس العصرية ، ثم نردُّ عليها بما يبدو لنا ، غير طالبين سوى الحقيقة لا غير . ودونك هذا المقال ، وقد أُدرج في " الأهـرام " الصادرة في ( 14/5 مايو ) من السنة المذكورة عينها .
( مقالة العمودي )(26)
الكريف كلمة عربية يمنية أصيلة .
قال الأديب الأستاذ محمد بن عبد الله العمودي :
" كتب العلامة الكبير انستاس الكرملي في أهرام 23 (27) إبريل فصلاً لغوياً ممتعاً ؛ حلل فيه أربع كلمات جاهلية تسللت إلى اللغة العربية ـ كما قال ـ عن طريق ملابسات وظروف .
وعلامتنا الكرملي إذا جال في مثل هذه المواضيع فجولاته صادقة ، وحججه دامغة ، وأقــواله ثبتة ، نظراً إلى ما امتاز به من صلابة في العلم ، وغزر في المادة ، وأرجحية في اللغة ، وبصر صائب بأوضاعها وأصولها وتراكيبها .
غير أنه تعسّف في كلمة من الكلمات الأربع ، وذهب به الظن إلى أنَّ " الكريف " كلمة دخيلة إلى اللغة العربية ، وليست في شيء من الأصالة ، وجزم على أنها وصلت من اللغة اليونانية من لفظها kryptos الذي معناه الخفي ، وزاد في التفسير فقال : " إنَّ الكريف بناء يكون تحت كنيسة يدفن فيها الموتى " .
والأب الكرملي لم يخطئ في تفسير هذه الكلمة فيما وضعت له باللسان الإفرنجي ، فقد راجعت القواميس ، فوجدت الكلمة مشهورة سائرة في كل اللغات الأوربية ، الراقية منها والخاملة ؛ مما
يدل على أنها ليست مغمورة ، ولا وقفاً على لغة دون غيرها ، وتفسيرها لم يخرج عـــــــن كونها " كهف " أو " مغارة " أو " غرفة تكون تحت بلاط كنيسة تستعمل مدفناً ، كما يشاهد في كتدرائية برجيس في فرنسا " .
أما من حيث تفسيرها العربي فالكريف في لغة اليمن ، بمعنى الصهريج .
وفي اللغات الأوربية بالمعنى المتقدم ذكره ، وجزم الأب انستاس بأن هذه اللفظة دخيلة ، هو قيام أوجه الشبه بين الناحيتين ، كما ظهر لنا من خلال بحثه واتفاقهما شكلاً من جهة المبنى في اللغتين ، وتناسبهما إلى حد ما في المعنى في كلا اللسانين ، ففي العربية " الكريف " ، وفي اليونانية kryptos وفي اللاتينية krypta وفي الإيطالية critta وفي الإنجليزية crypt إلخ ...
أما فيما يستعملان من أجله في اللسانين ، فعلى مفهوم الأب الفاضل يتحدان إلى حد ما ، ولكن في نظرنا مع الخطأ ؛ فالأب الفاضل يعتقد ويسلّم أن الكُرُف في بلاد اليمن تكون تحت القصور ، وهذا تعريف لم يقل به أحد ، فما عرفنا الكُرُف نحن اليمانيين ؛ إلا أحواضاً عظيمة منتشرة في كل بقاع اليمن ، فقد تكون تحت القصور وقد تكون بعيدة عنها . ولكن لا يفهم من قولنا " تحت القصور " أنها ضمن المساحة التي يقوم عليها القصر ؛ كما اعتقد الأب ، وكما هي الحال في أوربا في تعريف ذلك اللفظ المشكل الموقع في الحيرة .
والذي ظهر لنا من فهم الأب أن الكُرُف تكون تحت القصور، هو أخذه بظاهر جملة الهمداني في كتابه " الإكليل " الذي قام الأب الفاضل بطبعه ونشره .
قال الهمداني ( ص 42 ) عند كلامه على قصر ناعط : " وكان عليها سور ملاحك بالصخر المنحوت ، وما فيها قصر إلا وتحته كريف للماء مجوف في الصفا مصهرج فما ينزل من السطح ابتلعه " أهـ (28).
فيفهم من هذا ، مع التأمل ، أنَّ الكرف تكون عند أقدام القصور ، أي تحتها ، فتجتمع فيه مياه الأمطار المنحدرة من أعالي القصور ، فيستحم فيها ، ومن ثم توزع على الجنان التي تحوط تلك القصور ، وقد كانت بلاد اليمن جنة الله في الأرض كمــا هو معروف مشهور .
هذا خبر استعمال هذه الكرف العظيمة ، وموقعها في بلاد اليمن ، ولنا من خبرة بلادنا أكبر شاهد على ذلك ، ويقيناً أنه لولا اعتقاد علامتنا المحترم أنَّ الكُرُف تكون تحت القصور ، نحو ما تؤديه اللفظة الأوربية السابقة ؛ لما خطر له أن ينتزع هذه اللفظة العربية المهجورة وينسبها إلى اللاتين أو الإغريق .
وهذه الكُرُف لا تزال حتى هذه الساعة قائمة في حضرموت واليمن ؛ بعضها طلل ، وبعضها قد تناولته أيدي الترميم والتشييد ، ومنها ما يصح أن يعد من عجائب الدنيا إذ ما زال محتفظاً بصورته الأولى منذ عهد السبائيين والحميريين العظام ، إلى أيامنا هذه .
ومن أشهر هذه الكُرُف خزّان الطويلة(29) في عدن الذي يسـع ثلاثة ملايين غالون من الماء .
والكريف العظيم القائم في مدينة قيدون (30) بوادي دوعن حضرموت (31) .
لقد سبق للأب المحترم أن تناول هذه الكلمة في كتاب " الإكليل الجامع لمفاخر حمير وآثارها في الأرض " فقال : " ومـــن عجيب تلك الألفــاظ الغــريبة : ( الكريف ) وجمعه ( الكُرُف ) بضم الأول والثاني ، ومعناها الصهريج من الماء يحفر في الأرض على مثال دهليز ( كذا ) أو سرب ذاهباً بعيداً في جوفها . والكلمة غير مذكورة في سفر من الأسفار ، وهي من اليونانية krypte أو اللاتينية crypta . ولا جرم أنَّ هذه اللفظة اتصلت باليمانيين عن طريق الحبش ، وكان هؤلاء الحبش اتخذوا ألفاظاً جمة من اليونانيين والرومان في صدر النصرانية فيكونون ادخلوها معهم إلى تلك الربوع ؛ وإلا فإنَّ سائر العرب يقولون : الصهريج ، والمصنعة ، والسقاية ، وإن كـان بين هذه المباني ، مباني الماء ، فروق بيّنة " أهـ .
هذا كلام ولنا عليه مآخذ ، وهي : إنَّ إقامة هذه الكُرُف سابق لدخول الأحباش في بلاد اليمن لعهد بعيد جداً ، فقد عرَفتها أرض سبأ في أيامها المشرقة ، قبل الميلاد بعدة قرون ، وتحدث عنها مؤرخو الرومان والإغريق ، بما لايدع ظناً لظان في وجودها . من هؤلاء : سترابو ، وهيرودتس ، ويوليوس غالوس ، وبلينوس ، وغيرهم .
والأحباش ما دخلوا اليمن إلا بعد الميلاد بعدة قرون ، فكيف نوفق بين الأمر الواقع وما ذهب إليه الأب المحترم ؟
هل نقول إنَّ هذه الخزانات كانت في انتظار اللفظة اليونانية عن طريق الأحباش ؟ .
أو هل يصح في الأذهان ، أنَّ اليمانيين القدامى ، وقد بلغوا من الحضارة شأواً بعيداً ، يلفظون لفظهم الأصلي ، ويستبدلوا به لفظاً غريباً ؟ .
أو يعقل أنهم أوجدوا هذه الأنفاق في الأرض ، وتركوها بلا تعريف طيلة الفترة التي انقضت من وجودها حتى دخول الأحباش ؟؟.
اللهم إنَّ هذه اللفظة عربية عريقة في القدم ، لا يخالجنا شك في أنَّ علامتنا الكرملي الذي اشتهر بحبه لهذه اللغة وغيرته عليها ، سيذهب معنا ، إلى أنَّ هذه اللفظة عربية أصيلة ، دخلت اليونانية ، ومنها إلى سائر اللغات الأوربية ، وذلك أيام كانت بلاد اليمن سوقاً عالمية ، تفد إليها التجار من شتى الأنحاء وأخصهم الأغارقة ، لشراء الأطياب وأنواع اللبان ، وحرقها في معابد أوربا.
هذه كلمة تعقيب وملاحظة على مقال علامتنا الجليل ، وله من إطلاعه الواسع بصر ونظر في هذا.
ولا يفوتني أن أذكر ـ بالمناسبة ـ أنني جمعت مئات من هذه الألفاظ الغريبة المهجورة المتداولة في حضرموت فقط ، وليس لها أثر في المعجم(32) ، أو في كتب الأدب ؛ فلا يبعد أن تكون هذه اللفظة من ضمن هذه الثروة اللغوية المهملة . والله الموفق للصواب .
القاهرة محمد عبد الله العمودي(33)
دبلوم دار العلوم
( تعقيب الأب أنستاس على العمودي ) (34)
قلنا : فهمنا من هذا المقال : أنَّ اتخاذ الكُرُف في اليمن واغل في القدم حتى إنه لا يعرف وقته ،إذ كان في حين لم يكن الناس يدوّنون الحوادث ، أو في عهد أميتهم . فماذا يستنتج من هذا كله؟
يستنتج أنَّ اللفظ قديم . لكن لا إنه عربي . فنوح ، وإبراهيم ، ويعقوب ، وموسى ، وهارون ، وداود ، وسليمان ، كلها أعلام قديمة معروفة في جزيرة العرب ، أو في لغة العرب ، لكنها كلها معربة ، وليست بعربية . وإلياس ، ويونس ، وبلقيس ، وجرجيس ، والإسكندر ، وحراء ( وهذا اسم جبل ومعناه الجبل المقدس ، لقدم تحنث الناس فيه ) ألفاظ كلها معربة ، لكنها يونانية ، والغرابة في هذه الأسمــاء : أنَّ إلياس اسم رجل عِبري ، وكان يجب أن يتخذ اسمه من العبرية أي يقال إلياهو ؛ لا من اليونانية . وكذلك القول في يونس .
وأغرب من هذين الاسمين : بلقيس ؛ فإنه اسم ملكة عربية يمانية ، واسمها يوناني صِرف ، باتفاق جميع فقهاء اللغة (35) .
وكذلك القول على حِراء (36) ؛ فإنه اسم جبل في بلاد العرب ، والجبل كان موجوداً منذ خُلق العالم في تلك الديار ، ولا جرم أنَّ الأقدمين من السلف سموه باسم غير هذا الاسم ؛ لكن الاسم اليوناني غلب الاسم العربي .
وكنا نودُّ أن نتبع رأي حضرة ( المدبلم ) الفاضل ؛ لو كان دلنا على أصل مادة ( ك ر ف ) في العربية اليمانية . وكيف أخذ منها ( الكريف ) . فلو فعل لا تبعناه بكل طيبة خاطر .
وإلى أن يفعل ليسمح لنا حضرته أن نبقى على رأينا ؛ ريثما يأتينا بالقول الفصل .
وعلى كل حال ؛ إننا نشكر الأستاذ على حسن سعيه ، وجزاه الله عنا خير الجزاء .
الحواشي
(1) " سير أعلام النبلاء " للذهبي ( 10 / 275 ) .
(2) انظر " بلوغ المرام في شرح مسك الختام في من تولى مُلك اليمن من مَلِكٍ وإمام " للقاضي حسين بن أحمد العرشي ، ( ص 275) ، طبعة مكتبة الثقافة الدينية بمصر .
(3) انظره في " بلوغ المرام " ( ص 420) .
(4) " المصدر السابق " ( ص 433) .
(5) " الأب أنستاس ماري الكرملي حياته ومؤلفاته " ، تأليف كوركيس عواد ، الدار العربية ببيروت ، ط1 سنة 2004م/1425هـ ، ( ص 241 ) .
(6) " المصدر السابق " .
(7) " المصدر السابق " رقم ( 53) .
(8) " المصدر السابق " رقم ( 134 مع الحاشية ) .
(9) " المصدر السابق " رقم ( 390) .
(10) " المصدر السابق " رقم ( 473 ) .
(11) " المصدر السابق " رقم ( 664) .
(12) " المصدر السابق " رقم ( 1046 ) ، وكتابي " الخمير المفتوت معجم المصنفات الواردة في إدام القوت " ـ ما زال مخطوطاً ـ .
(13) " المصدر السابق " رقم ( 1112) .
(14) " المصدر السابق " رقم ( 1127 ) و( 1087)،و ( 1137) ، و " الذخائر الشرقية " لكوركيس عواد ، جمع جليل العطية ، دار الغرب الإسلامي ببيروت ، ط1 ، سنة 1999م ،( 1/147 ، 264) ، وكتابي " الخمير المفتوت " .
(15) " المصدر السابق " رقم ( 1237 ) .
(16) " المصدر السابق " رقم (508) ، وهي جزيرة واقعة عند مدخل باب المندب ، فصّل فيها كثيراً الكرملي ، وأعاد نشر ما ذكره في " بلوغ المرام " ( ص 171ـ 175) ، وأشار كوركيس عواد إلى أنَّ الشيخ عبد الواسع بن يحي الواسعي ذكر مقالة الكرملي برمتها عن هذه الجزيرة في كتابه " فرجة الهموم والحزن في حوادث وتاريخ اليمن " ؛ دون أن يشير إلى اسم كاتبها .
(17) " الأب أنستاس " لكوركيس عواد ، رقم ( 1069) .
(18) " المصدر السابق " ، رقم ( 1151) .
(19) " المصدر السابق " رقم ( 1306 ) تحت عنوان ( آراء وأنباء ) .
(20) " المصدر السابق " ، رقم ( 1232) .
(21) هو لقب كنسي ، وقد كتب الكرملي مقالة باسم " الألقاب الكنسية " ؛ كما هو مذكور عند كوركيس عواد " المصدر السابق " رقم ( 698) ، وذكر كوركيس نقلاً عن الكرملي هذه الألقاب مرتبة؛ أذكرها من باب العلم بالشيء ، ولنقف على مرتبة الأب أنستاس الكرملي من بين تلك الألقاب ، وهي : البابا ، الكردنال أو القطب ، البطريرك أو البطرك أو البطريك ، الأُسقف ، المطران أو رئيس الأساقفة ، الحبر ، السيد ، العاقب ، الخوري ، القس أو الكاهن ، الأب ، الأبيل ، الراهب ، الناسك ، الشماس ، الشماس الإنجيلي ، الشماس الرسائلي ، الناصف أو الشمعداني ، المعزم ، القارئ ، البواب ، الساعور أو القندلفت أو الوافه ، البرديوط ، الزائر ، القاصد ، الوافد ، الجاثلق ، البريم.
(22) " بلوغ المرام " ( ص 433 ) .
(23) الكلمات الأربع هي : القُلَّيْس ، الماطرون ، الكريف ، العَفِجَة . وفّقت للوقوف عليها كون الكرملي سبق أن نشــــر مقالته هــذه فـــي مجلـــة " المباحث " سنة ( 1934م) ، ثم نشرها في " الأهرام " كمـا هو هنا سنة ( 1939م) . انظر : " أنستاس ماري الكرملي حياته ومؤلفاته " لكوركيس عواد ( ص 197) ، ورقم ( 1186) .
(24) لإنستاس الكرملي مقال بعنوان ( بعض اصطلاحات يونانية في اللغة العربية ونظرات فيها ) ، وقد ذكر تلك الاصطلاحات المستخدمة فـي لغتنا ؛ كوركيس عواد [ انظر : المصدر السابق ، رقم (1297) ] ، مرتبة على الحروف ؛ أذكرها للفائدة ، وهي : إبليس ، الإنجيل ، إبريسم ، أخُنْد ، أخطبوط ، أبو قلمون ، أزميل ، اسطار ، اسطي واصطب ، اسطول ، اسطقس ، أسطورة ، اسطنبول ، إسكملة ، إفريز ، أفندي ، إقليد ، إقليم ، إسفنج ، إكسير ، إنجر ، برج ، برنس ، برني ، برجد ، بقدونس ، بلغم ، بلقيس ، بندق ، بطاقة ، بيطار ، بوص ، ترس ، ترف ، ترياق أو درياق ، جنس ، جسر ، جزية الرأس ، خلقين ، درهم ، دلاص ، درَقَة ، دُكان ، ديماس ، دِمَقس ، رِفاس ، زبرجد ، زكاة ، زُنار ، زوج ، سرقة وسرق ، السطام ، سفود ، سفين ، سُندس ، سير ، سيميا ، طاجن ، طاوس أو طاووس ، طريخ ، طسق طلسم ، طنجير ، فانوس ، فرخ ، فرتني ، فرصة ، فص ، فنار ، فندق ، قارب ، قالب ، قانون ، قربوس ، قرطاس ، قرطلة ، قرطمان ، القرنبيط ، والقنبيط ، قـــرية ، قرنفل ، قصدير ، قُطر ، قطرب ، قصرية ، قُفة ، قُفل ، قلزم ، قلس ، قلنسوة ، قمقم ، قمة ، قميص ، قنّب ، قنص ، قنّينة ، قونس ، كتّان ، كردخ ، كُرنب ، كركي ، طلس ، كرنيب ، كسيفون ، كوب ، كورة ، كيمياء ، كيس ، لص ، لغم ، لكن ، لقالق ، مرجان ، مَرْهم ، مَسطارين ، مصطبة أو مسطبة ، ملوخية ، منجنيق ، منديل ، مينا ، نافورة ، ناموس ، نقرس ، نوتي ، هري ، هيولي ، ياقوت ، يانسون .
(25) هكذا ورد ، وأظنه تصحيف أو تحريف ، والأغلب أنه لقب عائلة الأستاذ محمد العمودي ؛ لو لم يصحف أو يحرف لأمدنا بمعلومة نفيسة عن الفخذ الذي ينتمي إليه الأستاذ ، وقد حاولت التحقيق فيها فلم يقودني إلى شيء ، فلعل غيري يتأمل في الكلمة فتقوده إلى ما يفيد ويثري ، وفوق كل ذي علم عليم.
(26) مابين القوسين من عندي للتوضيح .
(27) يُلاحظ قوله ( 23) ، بينما أرخ الكرملي مقالته في ( 11) من شهر إبريل ؛ فإما سبق قلم من أحدهما ، أو خطأ طباعي في أحد الموضعين ، والخطب يسير .
(28) انظر قوله في كتابه " الإكليل " ( 8 / 35) ، تحقيق نبيه أمين فارس ، طبعة برنستن سنة 1940م ، وطبعته ونشرته مصوراً المكتبة الأزهرية للتراث بمصر سنة 1999م/2000م .
(29) انظر : " معجم البلدان والقبائل اليمنية " لإبراهيم أحمد المقحفي ، دار الكلمة بصنعاء ، ط4، 1424هـ /2002م ، ( 1/966) .
(30) قيدون : من قُدامى بلدان وادي دوعن بحضرموت ، وحكمها عدد من الحكام في الأزمان المتقادمة ، وإنما اشتهر تاريخها وذكرها بعــد ظهور الشيخ سعيد بـن عيسى العمودي ( ت 671هـ) . انظر : " إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت " للعلامة عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف ، تحقيق محمد أبوبكر باذيب ومحمد مصطفى الخطيب ، دار المنهاج بجـدة ، ط1 ، 1425هـ /2005م ، ( ص 387) . ويوجد بقيدون كريفين ؛ الأول وهو القديم ، ويقع في غربيها ، وهو الذي ذكره السقاف بقوله :" وفي قيدون صهريج واسعٌ يحفظ لأهلها الماء ، تنطقُ وثائقُ أوقافه أنه من عمارة السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري ... ) ، والثاني وهــو الجديد ، ويقع في أول ما يقابل الداخل إلى قيدون ، وهو من سعي السادة آل الحداد في بنائه سنة ( 1346هـ ) ، وتحمل نفقة العمل الشيخ الجواد أحمد بن عبد الله بن سعيد باسلامة ،وقد وصف الكريف الجديد السيد علوي بن طاهر الحداد في كتابه " الشامل " ( ص 196) ، ونقله عنه صــاحب " تاج الأعراس فـي مناقب الحبيب صالح بن عبد الله العطاس " ( 2/ 813 ) بما لا مزيد عليه ، وقد ذكر شدة قحط الماء في قيدون وما يعانونه من مشقة جلبه وذلك قبل تعمير الكريف الجديد . وفـي " القول المختار فيما لآل العمودي من الأخبار " للشيخ عبد الله بن أحمد الناخبي ، طبعة دار الفتــح بالأردن ، ط 1 ، 1426هـ / 2005م ( ص 38 ) ، فـــــي حوادث سنة ( 948هـ ) أنَّ السلطان بدر بو طويرق الكثيري هدم كريف قيدون لدى دخوله إليها فـي حربه مــع آل العمودي . قلت : المقصود هنا الكريف القديم .
(31) ومن الكُرُف المشهورة بدوعن " كريف بُضَهْ " ، و" بُضَهْ " من كبريات بلاد دوعن وقداماها ، اسمها مأخوذ من بضيض الماء ، أي قليله ، وهي عاصمة الدولة العمودية في زمنها ، ومقر مناصب آل مُطَهَّر العموديين ، والكلام حولها يطول . وأما كريفها فيحدثنا عنه العلامة ابن عبيد الله السقاف فــــي " إدامه " ( ص 341 ) : ( وفي بضه كريفٌ كبير يجتمع فيه ماءُ السيل فيكفيهم تسعة أشهر أو أكثر ، أظنه من عمارة السلطان عامر بن عبدالوهاب صاحب اليمن وعدن ، ولكني لم أره في مآثره ، لكن الشائع بين آل العمودي ـ من قديم الزمان إلى الآن ـ أنَّ أول عمارةٍ له كانت على يد سيّدٍ من تريم ، فتعين أنه باساكوته ؛ لأنه الذي عمّر جامع تريم وضمير ثبي ، وكريف قيدون ، على نفقة السلطان عامر بن عبد الوهاب صاحب اليمن وعدن ، وإن لم يوجد ذكره بين مآثره في " النور السافر" وغيره من المظان التي بين يديَّ . ثم حصل فيه خلل فعمره الشيخ عبد الله بن صالح العمودي منصبُ بُضه ، ثم عمّره الشيخ عبد القادر با ياسين ساكن بضه ثم أوصى له السيد علي بن جعفر بن محمد العطاس بما يعمره فعمـره إخوانه ، ثـــــم عمره أولاد الشيخين عبد الرحمن وسعيــد ابني عبد الله بــــن صــالح ( العمودي ) . وكان سريع التغير ، لأنه قريبٌ من النخل ، فكانت عروقه تنفذ إليه فتفسده ) أهـ . وفـــــي " القول المختار فيما لآل العمودي مــــن الأخبار " ( ص 39) في حوادث سنة ( 949هـ ) دخول السلطان بدر بوطويرق الكثيري بضه ، وأخرب ساقيتها .
(32) لأنستاس الكرملي مقــال باســم " معاجمنا العـــربية " ، والمنشـور بمجلة الثقافة سنة( 1940م) ؛ ذكر فيها ثمانية عيوب ومطاعن فــــي معاجم العربية ؛ هــي : العيب الأول : صعوبة البحث عن الكلمة . العيب الثاني : جهل اللغويين أصول الأعجميات . العيب الثالث : كثرة التصحيفات في الكلم . العيب الرابع : كثرة التصحيفات في التفسير . المغمز الخامس : تفسير الواضح بالغامض أو الدخيل . الشَين السادس : خلوّ المعاجم من ألفاظ كثيرة . المغمز السابع : القصور في تعريف الألفاظ . المطعن الثامن : سقم الوصف لأعيان المواليد الثلاثة . انظر : " الأب أنستاس " لكوركيس عواد ، رقم ( 1251) . قلـــت : ومـا ذكره لا يتأتى إلا لخبير فد سبر كتب المعاجم سبراً ، ونخلَها حتـــى عرف أسرارها وخباياها ، وما لها وما عليها.
(33) في " الأصل " : ( السعودي ) خطأ مطبعي فاحش ، مشى عليه كوركيس عواد كذلك في كتابه ( ص 206 الحاشية ) ؛ فليعدل فيهما إلى : ( العمودي ) .
(34) مابين القوسين إضافة من عندي للتوضيح .
(35) ولكني ظفرت بمن خالف إجماع فقهاء العربية كما ذكر الكرملي ؛ ألا وهو العلامة اللغوي الأديب اليمني نشوان بن سعيد الحميري ( توفي سنة 573هـ ) في كتابه " شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم " ؛ حيث قال : وبلقيس اسمان جُعِلا اسماً واحداً ؛ مثل حضرموت ، وبعل بك ، وذلك أنَّ بلقيس لمّا مَلَكت المُلك بعد أبيها الهَدْهَاد ، قال بعضُ حمير لبعضٍ : ما سِيرَةُ هذه الملكةِ من سيرةِ أبيها ؟ فقـالوا : بلْقيس ؛ أي بالقياس ، فسميت بلقيس ) هذا ماذكره ، ولم يشر إلـى قول من يرى أنه اسم غير عربي ، والله أعلم . انظر : " منتخبات في أخبار اليمن من كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم " إعتناء وتصحيح عظيم الدين أحمد ، دار الفكر بدمشق ، ط2 ، 1401هـ / 1981م ، ( ص 8) . بينما كتب الدخيل في العربية تذكر ( بلقيس) فيها ؛ مثل : كتاب " قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل " للعلامة محمد الأمين بن فضل الله المحبي ( ت 1111هـ ) ، تحقيق عثمان الصيني ، مكتبة التوبة بالرياض ، ط1 ، 1415هـ / 1994م ، ( 1/ 299) ، وذكر أنها زوجة سليمان عليه السلام ، بينما نشوان الحميري نصَّ بعدم صحة ذلك .
(36) انظر " قصد السبيل فيما في اللغة العربية من الدخيل " للمحبي ( 1/424 ) .
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سكلوع
ابن عبيد الله السقاف من وحي تأملي في صورته .وابن عبيد الله السقاف هو العلامة الفقيه والمفتي للقطر الحضرمي عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف ( ت 1375هـ )، صاحب المؤلفات الطنانة كـ : " بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت " ، و " إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت " ، و " العود الهندي " وهو شرح وأمالي على قصائد وأشعار المتنبي ، غيرها كثير .
وقد نشر هذا المبحث في الموقع السابق، وها هو:
ابن عبيد الله السقاف .. من وحي تأملي في صورته:
تأملتها عند منتصف الليل في ليلة النصف الثاني من شهر ربيع الثاني للعام (1429هـ) ، وحدقت النظر فيها ، ورأيت من نفسي شعوراً نحوها للتأمل ، والغوص في قسماتها ، مع أني أمسكتها كثيراً من قبل فما كان لي ذلك الشعور ، والاندفاع في تفاصيل قسماتها .. فكانت قراءات .. وقراءات انسابت عليَّ كانسياب السيل من أعلى الجبل إلى أسفل الوادي ؛ فكيف لي بإيقاف هذا السيل الهادر؛ حتى ألتقط ما برز منه ؛ فأسطِّره هنا .. فليس كل ما يُقرأ يُسطّر .
كانت تلك التي تأملتها (صورة شخصية ) لمفتي حضرموت في زمنه السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف ـ رحمه الله ـ ( توفي سنة 1375هـ ) ؛ أودعتها في مقدمة كتابي : " الخمير المفتوت معجم المصنفات الواردة في إدام القوت " .
وجدت نفسي في تلك الليلة ، وأنا على فراشي ؛ ممسكاً بكتابي آنف الذكر ؛ فاتحاً على صورة السيد الفقيه؛ ومن غير مقدمات كانت عيناي مصوَّبة ، ومركّزة إلى عيني السيد الفقيه ؛ وكأنَّ هناك من وجّه عينيَّ برفق إلى عينيه ؛ وأرغمني على قراءتهما .
قرأت في عينه اليمنى ما يحمله من حزن عميق ؛ مع صرامة ممتلئة ؛ في تؤدة ورويّة ..عين تحدثك عن المسئوليات الجسام التي تحمَّلها صاحبها طوال العقود الماضية من عمره .. من دعوة ، وفتوة ، ورحلات للعلم والإصلاح ، وتربية ، وتحمل جهل الجهال ، وحسد الحسّاد ؛ خاصة إذا كانوا من ذوي القربى ، ومن بني قومه في النسب .. كل ذلك قرأته في نظرتي لعينه اليمنى ، وحدثتني هي بمثله .
أما اليسرى وكانت منحرفة للأعلى لجهة اليسار فتعطيك انطباعاً شفافاً جميلاً لعابد مختلياً في محرابه في أغلب ساعات يومه ؛ متوجهاً لله بكليته في ذل وانكسار ، وما أجمله من ذل وانكسار ما دام في سبيل الواحد الأحد ؛ فكأنما خُيّل لي أنها وُضِعَتْ لذلك .. بل حدثتني أنه كذلك .
أما فمه فكان مطبق الشفتين على هدوء من غير زمزمة ؛ ينبئك بأن ماوراءه كالسد المنيع ؛يلوح لناظره أنه اتخذ من مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( لست بالخِبّ ولا الخِب يخدعني ) شعاراً.
أما أُذنيه فكانتا بين التصاقهما بالرأس وبين بعدهما عنه بعداً بائنا ، وكانتا وسطاً في حجمهما بين الكبر والصغر ، وخير الأمور الوسط ؛ فاتضح لي من الصورة أنه مستمع جيد ؛ بل فاق ذلك فكان ذواقاً ونقاداً في نفس الوقت عند استماع الشعر ؛ ومـــا كتاباه : " ديوان " شعره ، و " العود الهندي " إلا مثالاً على صدق ما تفرسنا به .
وأما جبهته فكانت مسبوكة سبكاً ؛ دلّت أنَّ وراءها دماغاً عظيماً ؛ أوصله إلى أن يُشار إليه بالفقيه الضليع ، ومفتي القطر الحضرمي النحرير .
وأما يداه ؛ فغريبة هي .. طول من غير عرض ، وانسياب مع لين ، كأنهما ملفوفتين في حرير ، لم تُخلق لكد ومشقة ، ولكن لما هو أسمى من مصاحبة القلم والداوة للكتابة ، والتأليف ، والإملاء.
أما عمامته فكانت بسيطة المظهر ؛ ولكنها كالتاج على رأسه ، وقد ورد : ( العمائم تيجان العرب ) ، ودلت على تواضعه ، وإنْ لم يكن ـ رحمه الله ـ من أهل التواضع المنكرين لذواتهم ؛ فليت شعري من يكون غيره ؛ في زمن طغت الماديات ، وحب الشهرة والظهور وهي من علامات ( الكبر ) على كثير من أرباب العلم والفقه والقضاء ؛ إلا من رحم ، وقليل ما هم .
وحقيقة القول إنَّ الذي يقول ـ أعني به بطبيعة الحال ابن عبيد الله السقاف ـ : ( وهذا تقي الدين ابن تيمية يُتروَّح من كلام الأسيوطي أنه مظلوم في التعصب عليه الذي أفضى به إلى السجن ثــم الموت فيه ، ورأيته يعترف له بفضل كبير خارق للعوائد ؛ إلا أنه وصَمَه بالكبر ، فناقشته في رسالة جَمَعَتْ كثيراً من الفوائد ، واستندت في نقض كلامه إلى أنني رأيت القرآن على طرف لسانه ، وأسِلَّةِ قلمه ، والله عز وجل يقـــول : " سأصرفُ عن آياتيَ الذين يتكبرونَ في الأرضِ بغيرِ الحق " ) .. لهو مثله كذلك من أبعد الناس عن الكبر ولا شك .
هذا ما ظهر لي من وحي تأملي في صورته ؛ فأرجو أن لا أكون مغالياً ، ولا مجافياً .