قال الشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد –رحمه الله تعالى-:
( . . . فالقرآن العظيم, كله في التوحيد, وحقوقه, وجزائه, وفي شأن الشرك, وأهله, وجزائهم.
وانظر إلى أول سورة في كتاب الله تعالى: (سورة الفاتحة): فـ ((الحمد لله)) توحيد في الألوهية, و((رب العالمين)) توحيد في الربوبية, و((الرحمن الرحيم)) توحيد في الأسماء والصفات, و((مالك يوم الدين)) توحيد في الملك؛ لأنه من شأن الرب المعبود, الذي هذه صفته؛ أن يكون مالكاً ليوم الدين وهو يوم الجزاء والحساب.
و((إياك نعبد)) توحيد في الثناء والقصد, وهذا التوحيد يدفع مرض الرياء, و((إياك نستعين)) توحيد في المسألة والطلب, وهذا التوحيد يدفع مرض العجب والكبرياء. وعلى هذه الآية مدار دعوة جميع الرسل والأنبياء.
و((اهدنا الصراط المستقيم)) توحيد في الطريق الموصل إلى الله وهو الذي شرعه سبحانه ونصبه لعباده, وهو طريق أهل التوحيد, وهم المذكورون في قوله بعده: ((صراط الذين أنعمت عليهم)) فلا يكون رفيقك في الطريق إلا موحداً, وهذا التوحيد في الطريق يدفع أمراض الجهل والضلال والأهواء.
وقوله سبحانه: ((غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) تحذير من طريق الذين فارقوا التوحيد.
وانظر في آخر سورة من كتاب الله تعالى: ((قل أعوذ برب الناس)) توحيد, و((ملك الناس)) توحيد, و((إله الناس)) توحيد.
وهذا إشعار بأن ما بين اللوحتين من آيات القرآن, وسوره, كله لغاية واحدة: ((توحيد العبد لله لا غير)) بما شرع الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا مقتضى الشهادتين في الإسلام: أن لا يعبد إلا الله, وأن لا يعبد الله إلا بما شرع, وعليها تدور رحى التشريع. . .) انتهى.
(تصحيح الدعاء: ص / 230, 231).