للأمانة العلمية
هذا نص الحافظ ابن حجر في كتابه (معرفة الخصال المكفرة)
من كتاب الصيام
حديث في فضل القيام فيه وفي فضل صيامه
17 ـ قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا عثمان بن عمر، ثنا مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بقيام رمضان من غير أن يأمرنا فيه بعزيمة ويقول: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)( 1 ) هكذا أخرجه الأمام أحمد في مسنده ورواه محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن مسلم بن الوليد كلاهما عن عثمان بن عمر دون قوله (وما تأخر)، وكذلك حدث به ابن خزيمة في صحيحه عن عمرو ابن علي الفلاس عن عثمان بن عمر وليس فيه (وما تأخر)، وكذلك رواه ابن ناجية عن عمرو، ورواه عن مالك أيضاً بهذا الإسناد يحيى ابن بكير أخرجه أبو عوانة من طريقه، وعبد الرزاق أخرجه في مصنفه مقرونا بحديث معمر، والمحفوظ عن مالك في هذا الإسناد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن.
كذلك رواه مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى قراءة على مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلــم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )، وكذلك أخرجه ابن خزيمة من حديث عبد الرحمن بن مهدي عنه، وكذلك هو في الموطآت إلا أنه سقط من نسخة يحيى بن يحيى الليثي، وقد رواه عبد الله بن وهب عن مالك فجمع بين أبي سلمة وحميد؛ أخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن الربيع بن سليمان عنه عن مالك عن الزهري عنهما عن أبي هريرة، وكذا رواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه، وكذا رواه جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عنهما، وأشار أبو عوانة والدارقطني وغيرهما إلى أنه من رواية مالك عن الزهري عن أبي سلمة مرسلاً ليس فيه أبو هريرة، وكذا هو في الموطأ، ومن روايته عن الزهري عن حميد موصولاً بذكر أبي هريرة، وقد أمعنت الكلام عليه في كتابي في المدرج.
· طريق أخرى
18 ـ قال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) هكذا أخرجه.( 2 )
وقد رواه الترمذي من طريق عبدة بن سليمان وعبد الرحمن المحاربي كلاهما عن محمد بن عمرٍو وليس فيه ( وما تأخر).
· طريق أخرى
19 ـ قال النسائي في السنن الكبرى له: حدثنا قتيبه بن سعيد ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا: ثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان ـ و في رواية قتيبة شهر رمضان ـ إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ـ و في رواية قتيبة (وما تأخر) ـ ومن قام ليله القدر إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي حديث قتيبة (وما تأخر).
هكذا رواه النسائي عن قتيبة، وتابعة حامد بن يحيى،( 3 ) قال قاسم بن أصبغ في مصنفة: حدثنا محمد بن وضاح، ثنا حامد بن يحيى به.
قال ابن عبـــد البر في التمهيد: حدثنا عبد الوارث بن سفيان بن قاسم فذكره؛ ثم قال: هكذا رواه حامد بن يحيى وأخطأ فيه، فإنه قال: (قام) ولم يقل: (صام)، وزاد: (وما تأخر) وهي زيادة منكرة.
قلت: لم يصب ابن عبد البر في الحمل على البلخي، فإنه لم ينفرد بذلك كما تراه، وقد جمع محمد بن عبد الله بن يزيد بن المقرئ شيخ النسائي بين قوله: (قام) وبين قوله: (صام)، ووافقه قتيبة وزاد فيه: (وما تأخر)، وعلى هذا فرواية قتيبة وحامد سيان، فما أدري كيف غفل ابن عبد البر عن ذلك؛ وقد تابعهما أيضًا هشام بن عمار، ويوسف بن يعقوب النجاحي، نزيل مكة، والحسين بن الحسن المروزي.
وأما حديث هشام بن عمار،( 4 ) فهكذا دوناه في الجزء الثاني عشر من فوائده: حدثنا سفيان بن عيينة فذكره، نقلته من أصل أبي القاسم بن عساكر.
وأما حديث يوسف،( 5 ) فقال أبو بكر بن المقري في فوائده: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس المطلبي، الشافعي في المسجد الحرام، حدثنا يوسف ابن يعقوب النجاحي، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم}: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر).
وأما حديث الحسين بن الحسن المروزي،( 6) فهكذا أخرجه في كتاب الصيام له: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر).
فهؤلاء خمسة من ثقات أصحاب ابن عيينة، يبعد غاية البعد أن يتواطئوا على زيادة لم يحدثهم بها شيخهم، نعم قد رواه جماعة من أصحاب سفيان بن عيينة عنه عن الزهري فلم يذكروا فيه (وما تأخر) منهم: إسحاق بن راهويه في مسنده، وعمرو بن علي الفلاس، وسعيد بن عبد الرحمن {المخزومي}، وعبد الجبار بن العلاء، وكذلك رواه من أصحاب الزهري عنه: معمر، ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عمرو وكلهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة بتمامه دون قوله: (وما تأخر)، لكن ليس في رواية يحيى بن سعيد الجملة التي فيها (ومن قام)، وكذلك أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة في ذكر ليلة القدر فقط وليس فيه (وما تأخر).
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــ
( 1 ) أخرجه أحمد في المسند 2 / 529 بهذا السند ، بدون زيادة (وما تأخر). وقد ذكرها ابن حجر في أطراف المسند رقم ( 10693 ) 8 / 148 ، من حديث عثمان بن عمر ، الذي ساقه المؤلف بالزيادة. فالله أعلم
وذكر هذه الزيادة (وما تأخر) شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود 4 / 171 ونسبها أيضاً لأحمد.
( 2) أخرجه أحمد في المسند 2 / 385، وفيه: محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، أبو عبد الله، المدني، قال الجوزجاني: ليس بقوي الحديث، ويشتهى حديثه، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه، وهو شيخ، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال مرة: ثقة، وقال ابن عدي: له حديث صالح، وقد حدث عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان: في الثقات، وقال الحاكم عن ابن المبارك: ليس به بأس، وقال ابن سعد: كثير الحديث يستضعف، وقال الحافظ ابن حجر: صدوق، له أوهام، من السادسة.
( 3) حامد بن يحيى بن هاني البلخي، أبو عبد الله، نزيل طرسوس، قال أبو حاتم: صدوق، قال جعفر الفريابي: سألت عنه علي بن المديني: فقال سبحان الله بقي حامد إلى زمان يحتاج من يسأل عنه، وقال محمد بن مسلمة الأندلسي: ثقة حافظ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان ممن أفنى عمره في مجالسة ابن عيينة، وكان أعلم أهل زمانه بحديثه، وقال الحافظ ابن حجر: ثقة حافظ.
( 4 ) هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة بن أبان، أبو وليد، السلمي الدمشقي الخطيب، قال ابن معين: ثقة، وقال العجلي: ثقة، وقال مرة: صدوق، وقال النسائي: لا بأس به، وقال الدارقطني: صدوق، كبير المحل، وقال عبدان: ما كان في الدنيا مثله، وقال أبو حاتم عن ابن معين: كيس، كيس، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لما كبر هشام تغير فكل ما دفع إليه قرأه، وكلما لقن تلقن، وكان قديماً أصح، كان يقرأ من كتابه، قال: وسئل عنه أبي فقال: صدوق، وقال المروزي عن أحمد بن حنبل: هشام طياش خفيف، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ثقة، مكثر، له ما ينكر، وقال أبو داوود: حدث بأربعمئة حديث لا أصل لها، وقال الحافظ ابن حجر: صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح، من كبار العاشرة.
(5 ) يوسف بن يعقوب، البغدادي النجاحي، أبو بكر، سكن مكة، وحدث بها عن سفيان بن عيينة، وروى عنه القاضي المحاملي، وإسحاق بن العباس الوراق، وغيرهما، وكان ثقة.
( 6) الحسين بن الحسن بن حرب، المروزي السلمي، أبو عبد الله، نزيل مكة، قال أبو حاتم: سمع منه أبي بمكة، وسئل عنه، فقال صدوق، وقال مسلمة: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ: صدوق من العاشرة.