اياك ان تسىء الظن بالله


إذا اعتقد المرء أن الله عز وجل خلق الإنسان ، وكتب عليه الكفر ، وأجبره على أن يعصيه ، وأماته كافراً ، وجعله في جهنم إلى أبد الآبدين ، مـن دون سببٍ مَن العَبد ، لأن الله عز وجل (كما يتوهَّم) يقول : لا يسأل عـما يـفعل ، وعدلـه غير عدلنا ، وقبضةٌ إلى الجنة ولا أبالي ، وقبضةٌ إلى النار ولا أبالـي ، والإنسان حينما يخلق يكتـب أجلـه ، ورزقه ، وشقيٌ أو سعيد ، وانتهى الأمر ، ولكـن فيمَ العمــل ؟ اعملوا فكلٌ ميسرٌ لما خُلِقَ لـه ، إنسان أمام هذه العقيدة الجَبْريّة ، أمام الشعور أن الله عز وجل قدّر على إنسان أن يكون كافراً دون سببٍ منه ، وأجبره على أن يشرب الخمر وأن يزني ، ثم أماته كافراً ، ثم وضعه فـي نارٍ إلى أبد الآبدين ، فماذا تفعل ؟ مثل هـذه العقيدة تُحجبك عـن الله قطعاً ، أكبر حجابٍ بينك وبين الله أن تسيء الظن به..


أيها الأخوة ... أكبر حجابٍ بينك وبين الله سوء الظن به ، بل إن أكبر معصيةٍ على الإطلاق تفوق الإثم والعدوان ، والفحشاء ، والمنكر ، والكفر ، والشرك ، أن تقول على الله ما لا تعلم ، بل قال العلماء : إن العوام لأن يرتكبوا الكبائر أهون مِن أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ، وإن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ..
" ابن عمر دينكَ دينك إنه لحمك ودمك". ( كنز العمال: عن "ابن عمر)

أحياناً يقول لك أخ : فلان خاف من الله ، خاف منه خوفاً شديداً ، فأبقى أمواله في البيت ، فجاء مَن قتله وأخذ الأموال ، أما الذي لم يخف من الله ، سلمت أمواله ، وسلم صاحبها ، ما قولك؟ هكذا يعامل الله تعالى من خافه ؟! هناك قصص لها فعل الكُفر تماماً ، هـناك قصص تؤكِّد فحواها أن الله ليس بحكيم ، وليس بعادل ، أكبر حجابٍ بينك وبين الله أن تسيء الظن به ، أكبر حجاب بينك وبين الله أن تظن به ظن الباطل ..

موسوعة النابلسي في العلوم الاسلاميه.


قال الامام ابن القيم رحمه الله :أكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم فقّل من يسلم من ذلك الا من عرف الله واسماءه وصفاته وهو موجب حكمته وحمده فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا وليتب الى الله ويستغفره من ظنه بربه.

قال الشاعر :

فلا تظن بربك ظن سوء فان الله أولى بالجميل
ولاتظنن بنفسك قط خيرا فكيف بظالم جانٍ خجول
وظن بنفسك السوء تجدها كذلك خيرها كالمستحيل
وما بك من تقى وخير فتلك مواهب الرب الجليل
وليس لها ولا منها ولكن من الرحمن ما شكر للدليل


عن عبدالله بن المبارك قال:"جئت الى سفيان عشيه عرفه وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان ، فبكيت ، فالتفت الى ، فقال : ماشأنك ؟ فقلت :من أسوأ هذا الجمع حالا ؟ قال: الذي يظن أن الله - عز وجل – لا يغفر لهم"



لا تحزن وابتسم للحياه / محمود المصري