بعد نجاحها الكبير
المسلسلات التركية تغير المجتمع الجزائري
ور، دموع الورد، سنوات الضياع، الحلم الضائع، وتمضي الأيام.. عناوين لمسلسلات تركية مدبلجة عرفت انتشارا كبيرا في المجتمع الجزائري مثله مثل باقي المجتمعات العربية، إذ أصبحت حديث العام والخاص، لذلك سنحاول تسليط الضوء عن أسباب نجاحها وانعكاساتها على الفرد والمجتمع.
أصبحت بعض القنوات تتسارع للظفر بآخر المسلسلات التركية كـ''أم بي سي'' وأبو ظبي، التي زادتها الترجمة السورية التي تعود عليها المشاهد من خلال الدراما السورية كباب الحارة لكن شتان ما بين المسلسلات السورية والتركية فإذا كانت الأولى تدعو إلى إحياء القيم والأخلاق العربية الأصيلة فإن الثانية تدعو إلى الإباحية.
عندما تدق الساعة السابعة مساء تخلو الشوارع والأحياء من الشباب بينما تضيق المقاهي بهم كل ذلك لمشاهدة حلقات المسلسلات التركية التي تعرض بالتناوب كـ:''الحلم الضائع وتمضي الأيام''، أما البيوت فتتحول إلى قاعة عرض لمختلف أفراد العائلة من أب وأم وأبناء وبنات حيث لا يفوتون أي مشهد من مشاهد المسلسل ذات الرومانسية والحميمية المفرطة.
ليس غريبا أن تسمع تلميذات صغيرات بالطور الابتدائي يتفنن في وصف أبطال المسلسلات التركية، ويدققن في سرد تفاصيل الحلقة الماضية لبعضهن البعض كما هو الشأن للطفلة رانيا التي تدرس سنة ثانية ابتدائي، حيث جلبت انتباه المارة بجانب مدرستها أين اجتمع حولها العشرات من التلاميذ وهي تسرد لهم تفاصيل الحلقتين للمسلسلين اللذين يعرضان على التوالي، لأنهم لم يتمكنوا من مشاهدتها لانقطاع الكهرباء. أما هي فكانت محظوظة لأن والدتها أيقظتها عند الواحدة صباحا لإعادة مشاهدة الحلقتين بعد أن عاد التيار الكهربائي واستمرت إلى الساعة الخامسة صباحا. وكان يبدو عليها الإرهاق الشديد فتوجهنا إلى إحدى المعلمات بالمدرسة الابتدائية التي كانت جد متخوفة على المستقبل الدراسي للفتيات خاصة اللاتي أصبحن مدمنات على هذه الحلقات، ما أدى إلى تدهور مستواهن الدراسي مقارنة مع نتائج الثلاثي الأول، حيث إنها خلال الدرس -كما تقول- عندما تطلب من التلاميذ مثالا في اللغة يقومون بإقحام أسماء الأبطال في الجملة مثل (ذهب أسمر إلى العمل) وهو بطل مسلسل ''وتمضي الأيام''.
تقول المختصة النفسانية السيدة (ن.هدى) حول الظاهرة وانعكاساتها على الأطفال والشباب ''إن المسلسلات الأجنبية المترجمة كانت بداية ظهورها منذ زمن كالمسلسلات المكسيكية التي لقيت هي كذلك رواجا كبيرا في ذلك الوقت، لكن ليس بقدر ما لقيته المسلسلات التركية اليوم، إذ استولت على نسبة كبيرة من المشاهدين وأغلبهم من فئة الأطفال والشباب، ربما للطابع الاجتماعي التركي القريب من البيئة المحلية وكذلك عامل الإسلام أما عن انعكاساتها فهي خطيرة جدا بالنسبة للأطفال الذين يتأثـرون بها ويقلدون أبطالها فتنطبع تلك المشاهد اللا أخلاقية في أذهانهم وتصبح أمورا عادية بالنسبة لهم، خاصة وأنهم في عمر التعلم والاكتشاف، والتقليد هو أسهل وسيلة لذلك، لذا على الأولياء منع أبنائهم على مشاهدة مثل هذه البرامج لأنها تعمل على إكساب الطفل ثقافة غربية، أما الشبان فيقبلون عليها هربا من مشاكلهم اليومية، خاصة البطالة والفراغ العاطفي يلعب دورا مهما في هذه الحالة، إذ يجدون في تلك المسلسلات متنفسا عن مكبوتاتهم، وتدفعهم المشاهدة المستمرة لهذه المسلسلات التي تصور في مجملها حياة البذخ والترف إلى احتقار مستواهم المعيشي، وبالتالي البحث عن وسائل للغنى وكسب المال حتى عن طريق سبل غير مشروعة، وتعتبر الحرقة أسرع طريق إلى عالم الأحلام في نظرهم ''ليس هذا فقط إذ أن الأزواج أيضا يشكون زوجاتهم اللاتي أصبحن متذمرات وكثيرات الشكوى خاصة فيما يتعلق بالمعاملة كالسيد (فتحي 40 سنة) متزوج وأب لطفلين الذي تطالبه زوجته في أغلب الأحيان بأن تحظى بمعاملة منه كما تحظى بطلات المسلسل، كما يشتكي تذمرها طيلة الوقت، إذ أن الوقت الذي يجب أن تقضيه في الاعتناء ببيتها وزوجها وأبنائها أصبح رهين الحلقات المتتالية للمسلسلات التركية، وهذا بعض ما تجنيه كل يوم العائلات الجزائرية المهوسة بالمسلسلات التركية المدبلجة.
المصدر: فضيلة زيداني / جريدة الخبر الجزائرية