الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون،وصلى الله وسلم على رسوله المبعوث رحمة للعالمين،الذي أوضح الحجة وأبان المحجة وترك الأمة على مثل البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها الا هالك..أما بعد:
فان التفرق في الدين والاختصام في رب العالمين سنة الأمم قبلنا وواقع حالنا بعدهم،وقد كانت أول فرقت مرقت من الدين وشقت صفوف المسلمين هي الخوارج،وانما كان ضلالهم حينئذ في مسألة الايمان،اذ كفرت المسلمين بالذنوب،ثم تتابعت الفتن وظهرت الفرق وكلما ظهرت البدع وانتقصت الطاعات وارتكبت المحرمات ازداد حال الامة تفرقا وذلا وضلالا.
ولازالت الأمة تفترق وتختلف حتى أضحت تتداعى عليها الأمم كما يتداعى الأكلة على قصعتهاولاسبيل الى نجاة الأمة الا بالرجوع الى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله المصطفى -صلى الله عليه وسلم-والتمسك بغرز العلماء الربانيين،الذين يشهد لهم القاصي والداني بالعلم والصلاح وسلامة المنهج.
أحبتي في الله ،من هذا المنطلق أحببت أن أثير معكم مسألة كثر فيها فيها الكلام، واختلف فيها الناس الى طائفتين..ألا وهي مسألة الحكم بالقوانين الوضعية،ولست أقصد من يحكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة مع علمه بأنه جانب الحق و أنه عصى ربه وذلك دون أن يجعلها قانونا يحكم فيه بين عباد الله،فان هذا معلوم أن كفره كفر أصغر كما نص على ذلك حبر الأمة عبد الله ابن عباس-رضي الله عنه-وكما نص عليه جمهور علماءنا الأجلاء،لكن كلامي يخص ذاك الحاكم الذي يحكم القوانين الوضعية سواء قننها هو أم وجدها مقننة فطبقها،هل يكفر الكفر البواح بفعله هذا دون النظر الى كونه استحل ذلك أم لا؟أم يكون كفره كفر أصغر مالم يعلن استحلاله أمام الملأ؟؟فان هذه المسألة كثر الخلاف فيها وأرى أنها أكبر سبب في انقسام الشباب السلفي الى تيارين وتجريح بعضهم بعضا..والمشكل الذي أود طرحه ههنا هو أن كلا الطائفتين يستدلان بنفس العلماء على أنهم على منهجهم في هذه المسألة،فتجد من يقول بكفر الحاكم بالقوانين الوضعية الكفر الأكبر تجده يأتي بأقوال علماءنا الأجلاء كابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وابن كثير ومحمد بن ابراهيم وابن عثيمين-رحمهم الله- وغيرهم كثير، وفي المقابل تجد من لايقول بكفر هذا الحاكم يأتي بأقوال أخرى لنفس العلماء ما مفاده أن، هؤلاء العلماء لايقوقون بكفر الحاكم بالقوانين الوضعية مالم يعلن استحلاله لذلك،ولست أدري لما هذا الخلاف في نفس العالم اما أن يكون العالم أفتى فتوى ثم تراجع عنها؟واما أنه لفق عليه قول من القولين كذبا وزورا؟؟ولولا طول ماكتبت لوضعت بين أيديكم أمثلة لذلك..
خلاصة القول أريد أن، نتبين ماهو القول الفصل لهؤلاء الجمع من العلماء في هذه المسالة فأرجو من كل من لديه باع في هذا الأمر أن يسهب بما عنده بعد أن يأذن لنا أخانا المشرف ويقبل بطرح هذا الموضوع والا فاني سأسحبه،والله أسال أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه..