
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين
أولا: جزاكم الله إخوتي خير الجزاء وبارك فيكم آمين.
ثانيا: أشكر الأخ (محمد يامين) على حسن سؤاله، وجميل إشكاله، فإن هذا السؤال لا يصدر إلا من متمكن متمرس قد شغف بقراءة الصحيح ودراسة أحواله. فوفقك الله وسددك وأخذ بيدك آمين.
ثالثا: هذا الحديث بهذا السند قد أشكل على العلماء في تحديد (عبد الله بن محمد) هذا، وانقسموا فيه إلى قسمين:
1) من جزم بتعيينه.
2) من لم يحكم عليه بحكم.
(2940) حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي، حدثنا عيسى بن طهمان قال: أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين لهما قبالان. فحدثني ثابت البناني بعد عن أنس: أنهما نعلا النبي صلى الله عليه وسلم.
أولا: من جزم بتعيينه.
فمنهم: العيني في (عمدة القاري) قال: و(عبد الله بن محمد) هو ابن أبي شيبة.
ومنهم: القسطلاني في (إرشاد الساري).
ثانيا: من لم يحكم عليه بحكم.
فمنهم: الإمام الكرماني في (شرحه للصحيح) فقد شرح الحديث برجاله ما عدى (عبد الله بن محمد) هذا؛ فلم يتعرض له لا من قريب ولا من بعيد.
ومنهم: البيهقي في (شعب الإيمان) فعندما روى الحديث بسنده هو قال: رواه البخاري عن عبد الله بن محمد عن أبي أحمد.أهـ فلم يعين من هو (عبد الله بن محمد) ولم يتعرض له.
ومنهم: المزي في (التحفة) فعندما ذكر الحديث، بين (محمد بن عبد الله الأسدي) من هو؛ وترك (عبد الله بن محمد).
ومنهم: الحافظ ابن حجر في (فتح الباري)، فقد ترك الكلام عن (عبد الله بن محمد) هذا بالكلية، ولم يتعرض لتحديده وتعينه بالمرة.
فلذلك قال رحمه الله: وفي شيوخ البخاري (عبد الله بن محمد) وهو أبو بكر بن أبي شيبة لكنه لم يسم أباه في شيء من الأحاديث التي أخرجها؛ إما يكنيه ويكنى أباه، أو يسميه ويكني أباه.
قلت: وهذا في الغالب، وإلا فإنه قد روى عنه بذكر اسمه واسم أبيه كما ذكر الحافظ ذلك بنفسه هنا.
وقال: وفي شيوخه (عبد الله بن محمد) جماعة منهم: أبو بكر بن أبي شيبة، ولكن حيث يطلق ذلك فالمراد به الجعفي لاختصاصه به وإكثاره عنه.
قلت: وهذا في الغالب أيضا وإلا فقد ذكر عبد الله بن أبي شيبة باسمه واسم أبيه كما مر بك.
وقال: وفي شيوخه (عبد الله بن محمد الجعفي) وهو أشهرهم، (وابن أبي شيبة) وأكثر ما يجيء أبوه عنده غير مسمى، (وابن أبي الأسود) كذلك، (وعبد الله بن محمد بن أسماء) وليست له رواية عنده عن ابن عيينة وعبد الله بن محمد النفيلي كذلك.
قال الكلاباذي في (رجال صحيح البخاري ج1/ص427):
عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، واسمه إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، أبو بكر أخو عثمان والقاسم.
سمع: محمد بن فضل، وأبا بكر بن عياش، ويحيى القطان، وأبا أسامة، وجعفر بن عون.
روى عنه: البخاري في [الصوم] و[الاعتكاف] و[المغازي] وغير موضع.
قال البخاري: مات يوم الخميس لثمان خلون من المحرم سنة 235.
وقال أيضا في (رجال صحيح البخاري ج2/ص656):
محمد بن عبد الله بن الزبير أبو أحمد الزبيري، نسب إلى جده ولم يكن ولد الزبير بن العوام، وهو الأسدي مولاهم الكوفي.
سمع: مسعرا، والثوري، وإسرائيل، وعمر بن سعيد بن أبي حسين، وعيسى بن طهمان.
روى عنه: عبد الله المسندي، وعبد الله بن أبي شيبة، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن عبد الرحيم، ونصر بن علي، وأبو موسى، ويوسف القطان، في [الصلاة] و[الطب] وغير موضع.
قال البخاري: قال أحمد بن أبي رجاء: مات سنة ثلاث ومائتين. وقال الغلابي عن ابن حنبل مثله. وقال كاتب الواقدي مثله، وزاد: ومات بالأهواز في جمادى الأولى.
والذي يظهر لي أنه (عبد الله بن محمد بن أبي شيبة)، وهو وإن كان العيني رحمه الله ممن يهم في بعض الأحيان، لكن قوله هنا في مقابلة قول آخر لم يجزم به، ولم يحدد، فكان قوله مقدم على غيره، ناهيك بتأييده بقول القسطلاني أيضا.
ومن المعلوم أيضا أن (محمد بن عبد الله بن الزبير) يعد من أكثر الشيوخ الذين أخذ عنهم (ابن أبي شيبة) ومصنفه مليء بالرواية عنه.
وعلى كل فقد روى البخاري رحمه الله عن الاثنين كلاهما، والتعيين غير مترجح، وإن كنت أميل حقيقة إلى أنه (ابن أبي شيبة) لما ذكرته لك. خاصة أن الكلاباذي قد حدد من روايات البخاري عنه الرواية في [المغازي] فهذه قرينة.
هذا ما عندي؛ والأمر محتمل.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.