فوائد من فتح الباري لابن رجب رحمه الله.
الاولى: ذكر الحافظ ابن رجب عند شرحه لحديث ((أنا أعلمكم بالله ))
الفوائد التالية:
* فنسبة التقصير إليه في العمل لاتكاله على المغفرة خطأ فاحش , لأنه يقتضي أن هديه ليس هو أكمل الهدي وأفضله , وهذا خطأ عظيم , ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته : (( خير الهدي هدي محمد ))
ويقتضي أيضا هذا الخطأ: أن الاقتداء بهديه في العمل ليس هو الأفضل بل الأفضل الزيادة على هديه في ذلك , وهذا خطأ عظيم جدا , فإن الله تعالى قد أمر بمتابعته وحث عليها , قال تعالى: ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)).
فلهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول يغضب من ذلك غضبا شديدا, لما في هذا الظن من القدح في هديه ومتابعته والاقتداء به.
الثانية : عند ذكره لحديث ابي هريرة ررر
:50 - حدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا أبو حيان التيمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه جبريل فقال: ما الإيمان؟ قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالعبث). قال: ما الإسلام؟ قال: (الإسلام: أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان). قال: ما الإحسان؟ قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). قال: متى الساعة؟ قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله). ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله عنده علم الساعة} الآية، ثم أدبر، فقال: (ردوه): فلم يروا شيئا، فقال: (هذا جبريل، جاء يعلم الناس دينهم).
قال أبو عبد الله: جعل ذلك كله من الإيمان.
قال رحمه الله: وقوله(( اعبد الله كأنك تراه)) إشارة الى ان العبد يتخيل ذلك في عبادته , لا انه يراه حقيقة , لا ببصره ولا بقلبه.
وأما من زعم أن القلوب تصل في الدنيا إلى رؤية الله عيانا كما تراه الأبصار في الآخرة - كما يزعم ذلك من يزعمه من الصوفية - فهو زعم باطل ؛ فإن هذا المقام هو الذي قال من قال من الصحابة كأبي ذر وابن عباس وغيرهما ، وروي عن عائشة - أيضا - أنه حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مرتين . وروي في ذلك أحاديث مرفوعة - أيضا .
وكذا قال جماعة من التابعين : إنه يراه بقلبه ، منهم الحسن ، وأبو العالية ، ومجاهد و وعبد الله بن الحارث بن نوفل ، وإبراهيم التيمي وغيرهم . فلو كان هؤلاء لا يعتقدون أن رؤية القلب مشتركة بين الأنبياء وغيرهم لم يكن في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك مزية له لا سيما وإنما قالوا : إنها حصلت له مرتين ؛ فإن هؤلاء الصوفية يزعمون أن رؤية القلب تصير حالا ومقاما دائما أو غالبا لهم ، ومن هنا ينشأ تفضيل الأولياء على الأنبياء ، ويتفرع على ذلك أنواع من الضلالات والمحالات والجهالات ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .