تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

  1. #1

    افتراضي هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    هل كل ما يُعلم يُقـال؟

    عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وهل كُلّ ما يُـقال يصلح أن يُقال في كل زمان أو في كل مكان؟



    في أحد المجالس تحدثت عن مسألة رأيتها مهمة



    وهي أن من الناس من يفتح فمـه، فما جـرى على لسانه نطق به!!!

    دون سابق علم أو قراءة في المسألة

    فهم كما تقول العامة: "افتح فمك يرزقك الله".



    فـالواحد منهم في أي مجال يتكلّم!!

    وفي كل مجال يخوض!!

    يُصدر الأحكام ربما جزافـاً

    يُحدّث بكلّ ما سمـع!!



    وكفى بالمرء كذبا أن يُحدّث بكل ما سمع. كما قال - صلى الله عليه وسلم -.



    فكان مما قلته آنذاك: أنه ما كلّ ما يُعلم يُقال.

    فردّ أحد الأصدقاء بدعابته المعهودة

    فقال: البيّنة أو حَـدّ في ظهرك!



    فقلت: حُـبّـاً وكرامة

    هي بيّنات وليست بيّنة واحدة.



    هذا راوية الإسلام، وحافظ الأمـة..

    هذا أبو هريرة - رضي الله عنه - يقول: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين؛ فأما أحدهما فبثثـتُـه، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم. رواه البخاري.



    قال ابن حجر - رحمه الله -: حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثـُّه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم.

    هذه واحدة.



    وبيّنة أخرى عن فاروق الأمـة، وباب الإسلام..

    عن عمر - رضي الله عنه -.

    قال ابن عباس: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في آخر حجة حجّها، إذ رجع إليّ عبد الرحمن فقال: لو رأيتَ رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا! فو الله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فَـلْتَة، فتمّت، فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشيّة في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم.

    قال عبد الرحمن: فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيّرها عنك كل مُطيّر، وأن لا يَعوها وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكّنا، فيَعِي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها، فقال عمر: والله إن شاء الله لأقومنّ بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

    قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجّلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب، فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشيّة مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر عليّ وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يَتقُـلْ قبله؟

    فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:

    أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قُـدّر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليُحدّث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب عليّ.

    إن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرّجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها. رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيَضِلّوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. إنّا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفرٌ بكم أن ترغبوا عن آبائكم - أو إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم - ألا ثمّ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تطروني كما أُطريَ عيسى ابن مريم، وقولوا عبد الله ورسوله. ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول: والله لو قد مات عمر بايعت فلانا، فلا يَغترنّ امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرّها، وليس فيكم مّنْ تُقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلا مِن غير مشورة من المسلمين فلا يُبابع هو ولا الذي تابعه تغرّة أن يقتلا(1).

    الحديث بأطول مما هنا أخرجه البخاري.

    فهذا عمر - رضي الله عنه -على مكانته وقِدم قَدّمِه وعلو كَعبه في الإسلام يأخذ بمشورة ابن عوف فلم يتكلّم في الموسم الذي يجمع رعاع الناس وغوغاءهم.

    بل أمهل فما تكلّم إلا في دار الهجرة والسنة.



    فما كل ما يُعلم يُقال، وما كُلّ ما يُـقال يصلح أن يُقال في كل زمان وكل مكان.



    ولقد خاض أُناس فيما يخوضون فيه، أمـام العامـة والرعـاع والغوغـاء حتى إنك ترى جُـفـاة الأعـراب يتكلّمون فيما لم يتكلّم فيه السلف ولا الخلف!

    بل قال بعضهم لأحد العلماء: الحديث متناقض!

    وهو يقصد بذلك القرآن!

    إنهم ليتكلّمون في مسائل لو عُرِضت على عمر - رضي الله عنه - لجمع لها أهل بدر يستشيرهم ويستنير بآرائهم.



    رحمك الله أبا حصين. ألست القائل: إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر؟



    أين أنت من أُناس يهرفون بما لا يعرفون؟



    وأين أنت من أُناس يُحكّمون عقولهم في نصوص الوحيين على مسامع عامة الناس؟؟

    فإلى الله المشتكى.



    ورحم الله ابن القيّم إذ يقول عن أمثال هؤلاء:

    ثقُـل الكتاب عليهم لما رأوا **** تقييده بشـرائع الإيمـان

    واللهو خف عليهم لما رأوا **** ما فيه من طرب ومن ألحان



    فيا أخوتاه

    ويا أُخيّاتي

    ما كل ما يُعلم يُقال...

    إنك تدخل بعض المنتديات فتخرج وأنت تكاد تتقيأ من غثائية وسخف بعض الموضوعات المطروحة على مرأى ومسمع من الصغير والكبير والرجل والمرأة والعالم والجاهل..

    في كل شيء يتكلّمون!

    وفي كل مسألة عظيمة أو حقيرة يتناقشون!

    وفي كل نازلة يُفتون!

    "ولعل بعضكم ألحن بحجّته من بعض".

    فتؤخذ الأقوال المتهافتة أحياناً على أنها مسلّمات وثوابت قاطعة لا تحتمل النقاش، بل ربما طُيّرت كل مُطيّر فبلغت كذبة أحدهم الآفاق فيكون أكذب الناس!



    وحينئذٍ لا يستطيع أن يتداركها

    ولا أن يقول: رجعت عنها

    ويندم ولات ساعة مندم

    فاحبسوا ألسنتكم عباد الله أن تتكلّم في كل نازلة، وفي كل موضوع، وفي كل مصيبة.

    وتفقّهوا قبل أن تُسوّدوا

    كما قال عمر - رضي الله عنه -.



    وإتماما للفائدة:

    قال الإمام البخاري - رحمه الله -:

    باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه.

    ثم ساق بإسناده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال لي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين، باب يدخل الناس، وباب يخرجون.



    ثم قال - رحمه الله -:

    باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا



    وقال علي: حدثوا الناس بما يعرفون. أتحبون أن يكذب الله ورسوله.

    حدثنا عبيد الله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن عليّ بذلك.

    أي أن أثر عليّ - رضي الله عنه - موصول بهذا الإسناد.



    ثم ساق بإسناده عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفه على الرحل قال: يا معاذ بن جبل. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: يا معاذ. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا. قال: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار. قال: يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: إذا يتّـكلوا. وأخبر بها معاذ ثم موته تأثما.



    وروى مسلم في المقدمة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.



    والله يحفظكم ويرعاكم.



    _____________________

    (1)تغـرّة أن يُقتلا: أي حذرا من أن يُغرِّر بنفسه، فيتعرّض للقتل.

    ولمزيد من شرحه يُراجع فتح الباري لابن حجر جـ 12 ص 148 – 162.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    50

    افتراضي رد: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    مقال جد رائع بارك الله فيكم.كم يغتر الواحد منا بما عنده من معلومات فيتهور ويسارع إلي القول بما سكت عنه الاخرون ثم يتبين له انه لو سكت لكان احسن له.شكرااخي الكريم.
    بخصوص حديث أبي هريرة رضي الله عنه يتخذه البعض من الصوفية كدليل لهم ان رسول اله حدث اباهريرة بأمور لو سمعها الناس لانكروها ولنحروه.كيف يمكن دفع مثل هذه الشبهة.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    14

    افتراضي رد: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    بارك الله فيك
    مقال رائع

  5. #5

    افتراضي رد: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوصلاح الدين مشاهدة المشاركة
    مقال جد رائع بارك الله فيكم.كم يغتر الواحد منا بما عنده من معلومات فيتهور ويسارع إلي القول بما سكت عنه الاخرون ثم يتبين له انه لو سكت لكان احسن له.شكرااخي الكريم.
    بخصوص حديث أبي هريرة رضي الله عنه يتخذه البعض من الصوفية كدليل لهم ان رسول اله حدث اباهريرة بأمور لو سمعها الناس لانكروها ولنحروه.كيف يمكن دفع مثل هذه الشبهة.
    ان وجدت الرد فى الصفحة التى أحالنا اليها الاخ النقرتى فليتك تتحفنى به
    وأقول من باب المذاكرة
    انه ما نهى عن التحديث به لكل الناس بدون تفريق لا لكونه ضلال فى نفسه ولكن لكون بعض من له مآرب أو فى قلبه مرض أو فى عقله خلل أو فى علمه بالأصول والأطر العامة نقص أو لغير ذلك من الاسباب قد يتأول الكلام على معنى يريده فى نفسه
    أما الصوفية فقد يكتمون أحاديثهم لكونها ضلال فى نفسها ككتمانهم القول بسقوط التكاليف مثلا على المريد والسالك الى أن يصل لدرجة الواصل فوقتئذ يحدثوه بسقوط التكاليف فهذا وأمثاله لا يحدثون به كل الناس لأنه ضلال فى نفسه
    وأيضا انك تجد فى كلام كل البشر أنبياءا كانوا أو أناسا عاديين فى كلامهم ما لايجوز التحديث به لكل الناس بلا فروق والا لخربت الدنيا وهذا واضح

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,592

    افتراضي رد: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد المرسى مشاهدة المشاركة
    ان وجدت الرد فى الصفحة التى أحالنا اليها الاخ النقرتى فليتك تتحفنى به
    وأقول من باب المذاكرة
    انه ما نهى عن التحديث به لكل الناس بدون تفريق لا لكونه ضلال فى نفسه ولكن لكون بعض من له مآرب أو فى قلبه مرض أو فى عقله خلل أو فى علمه بالأصول والأطر العامة نقص أو لغير ذلك من الاسباب قد يتأول الكلام على معنى يريده فى نفسه
    أما الصوفية فقد يكتمون أحاديثهم لكونها ضلال فى نفسها ككتمانهم القول بسقوط التكاليف مثلا على المريد والسالك الى أن يصل لدرجة الواصل فوقتئذ يحدثوه بسقوط التكاليف فهذا وأمثاله لا يحدثون به كل الناس لأنه ضلال فى نفسه
    وأيضا انك تجد فى كلام كل البشر أنبياءا كانوا أو أناسا عاديين فى كلامهم ما لايجوز التحديث به لكل الناس بلا فروق والا لخربت الدنيا وهذا واضح
    المقال ليس للرد انما فيه مواضيع مشابهة لما طرحته

  7. #7

    افتراضي رد: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    وان أردت التفصيل فانظر فهرس كتاب أصول بلا أصول للشيخ محمد اسماعيل وانظر فهرس شرحه على صوتيات طريق الاسلام فى صفحة الشيخ لعل الشيخ تلكلم عن هذه الجزيءة

  8. #8

    افتراضي رد: هل كل ما يُعلم يُقـال؟ للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

    ولذلك يقولون أن لابد للمريد من التشرع بشرع الله فى البداية لئلا ينكر عليه الناس فلا يتحمل ويترك جماعة الصوفية
    فيتدرجون مع المبتدى الى ان يقوى عوده تدريجيا مع تلقينه أفكارهم تدريجيا الى أن يجدوه يتحمل انكار الناس عليه فيعلموه ان التكاليف ساقطة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •