ألقى أحد تلاميذ فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - قصيدة أبياتها :
( يا أمتي ! إن هذا الليل يعقبه فجر . وأنواره في الأرض تنتشر ... والخير مرتقبٌ ، والفتح منتظر . والحق رغم جهود الشر منتصر ... وبصحبة بارك الباري مسيرتها . نقية ما بها شوبٌ ولا كدر ... ما دام فينا ابن صالح شيخ صحوتنا . بمثله يرتجى التأييد والظفر ) .
فرد الشيخ الزاهد معقبًا : أنا لا أوافق على هذا المدح ؛ لأني لا أريد أن يربط الحق بالأشخاص ، كل شخص يأتي ويذهب ، فإذا ربطنا الحق بالأشخاص معناه أن الإنسان إذا مات قد ييئس الناس من بعده ، فأقول : إذا كان يمكنك الآن تبديل البيت الأخير بقول : ( ما دام منهاجنا نهج الأولى سلفوا . بمثلها يرتجى التأييد والظفر ) .
فهذا طيب ، أنا أنصحكم ألا تجعلوا الحق مربوطًا بالرجال :
أولاً : لأنهم قد يضلون ، فهذا ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول : ( من كان مستنًا فليستن بمن مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ) .
الرجال إذا جعلتم الحق مربوطًا بهم يمكن الإنسان أن يغتر بنفسه - والعياذ بالله من ذلك - ، ويسلك طرقًا غير صحيحة .
فالرجل أولاً : لا يأمن من الزلل والفتنة ، نسأل الله أن يثبتنا وإياكم .
ثانيًا : أنه سيموت ، ليس فينا أحد يبقى أبدًا . وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ . سورة الأنبياء ، ( الآية : 34 ) .
ثالثًا : أنه ربما يغتر إذا رأى الناس يبجلونه ويكرمونه ويلتفون حوله ، وربما ظن أنه معصوم ، ويدعي لنفسه العصمة ، وأن كل شيء يفعله فهو حق ، وكل طريق يسلكه فهو مشروع ، ولا شك أنه يحصل بذلك هلاكه ، ولهذا امتدح رجل رجلاً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : ( ويحك قطعت عنق صاحبك ) .
وأنا أشكر الأخ على ما يبديه من الشعور نحوي ، وأسأل الله أن يجعلني عند حسن ظنه أو أكثر ، ولكن لا أحب المديح .
مفرغ من مادة صوتية بعنوان " سلسلة لقاء الباب المفتوح لقاء 47 "