( عَوْدُ الْمُحِق )
وهو للشيخ الدكتور الحسن بن عبد الرحمن العلوي فيما جرى بينه وبين علي صنهات الحربي
صاحب مكتبة أضواء السلف ؛ حيث كان الدكتور الحسن بن عبد الرحمن العلوي قد حقق كتاب
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة للإمام ابن القيم باختصار العلامة ابن الموصلي ،
وتولت نشره مكتبة أضواء السلف بالرياض في أربعة مجلدات .
فكتب الدكتور المحقق ( هذا بلاغ للناس ) يكشف فيه بعض العبث الذي أحاقه بعمله صاحب
مكتبة أضواء السلف ، وقد نشر في ( ملتقى أهل الحديث ) منقولا عن ( منتدى التوحيد )
وهذا رابطه :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=730820
ثم كتب صاحب مكتبة أضواء السلف علي صنهات الحربي بيانا يرد فيه على الدكتور المحقق ؛ نشر
في ( المجلس العلمي ) بموقع الألوكة ، وهذا رابطه :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=8615
فكتب الدكتور الحسن بن عبد الرحمن العلوي ( عَوْدُ الْمُحِق ) ،
وهذا نصه : الإخوة الأعزة الكرام في كل قطر ومكان. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فقد كان من دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام: «اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب». وثبت من أدعية سلفنا الصالح: (اللهم أرنا الحق حقا وألهمنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وألهمنا اجتنابه).
إخواني القراء الكرام، في صيف عام 1425هـ 2004م خرج إلى الناس كتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة للإمام ابن القيم باختصار العلامة ابن الموصلي رحم الله جميعهم، وذلك في أربعة مجلدات بتحقيق الدكتور الحسن بن عبدالرحمن العلوي ، تولت نشره مكتبة أضواء السلف الكائنة في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، وقد كان إخراجه مفاجئا ومباغتا لمحققه، مسيئاً له، مشينا لعمله، إذ لم يُمكَّن من تصحيح تجارب طبعه ولا تنقيحه، بل ولا من إلحاق فهارسه، ناهيك بتصرف ناشره وفضوله واعتدائه.. فاتصل المحقق بالناشر المذكور مستفهماً مستفسراً عما وقع للكتاب وحصل له، وعلى أمل إصلاح وإلحاق ما فات هذه الطبعة المستعجلة عند إعادة نشره مرة أخرى فتحسم القضية ويقطع النـزاع؛ لكن لم يجد عنده إلا الردّ والصدّ، والعناد والجحد. كما سيأتي تفصيله وبيانه. فكان وقتها ملزَماً ومضطراً لبيان النازلة وإيضاحها ليعلمها الناس ويطلع عليها القراء الكرام، والباحثون الفضلاء.
إذا لم يكن إلا الأسنة مركب **** فما حيلة المضطر إلا ركوبها
فكتب المحقق مقالة بعنوان: 'هذا بلاغ للناس' بثها بموقع منتدى التوحيد، ومن هناك نقلت إلى موقع 'ملتقى أهل الحديث' ذكر فيها بالجملة ما لحق الكتاب من عَبَث وعَيَث، وما مسه واعتوره من زغَل وخلَل، وأن ناشره تصرف فيه وأخل ببنود العقد وشروطه، إلى غير ذلك من الأمور العلمية والفنية.
وبعد وقت طويل من نشر تلك المقالة وذيوعها؛ ظهر الناشر من جديد مدافعاً عن باطله وغيّه واعتدائه، ليغطي قبح جنايته، وسوء فِعلته، فكان كما قيل: "سكت ألفاً ونطق خلفاً" يتوهم المسكين أنه بتلك المقالة المكشوفة يضلل القراء ، ويدلس على الباحثين ، ويطمس الحقيقة عليهم.. وهيهات هيهات ! وأنى له ذلك ؛ فإن لصاحب الحق مقالاً كما صحّ به الخبر، وأن على الحق نوراً كما ورد في الأثر.
إلا أنه خوفاً من اغترار البعض ممن لا علم له بأصل المسألة وفصولها، أو استغفال آخرين من أهل النفوس الطيبة، والنيات المرضية؛ عمدت مرة أخرى إلى كتابة هذه المقالة معضِدة لسابقتها، آخذة بذيلها، معززة لها بمزيد من البيان والإيضاح حتى يظهر للجميع إن شاء الله تعالى ما في تلك المقالة الغاشمة من زور وعثور، ووضع الأيدي على مكمن التلبيس والتدليس، فيتبين الصبح لذي عينين، ويعلمه الناس في الخافقين.
سوف ترى إذا انجلى الغبار **** أفـرسٌ تحتك أم حمـار
الإخوة القراء الكرام ، كُتب للناشر مقال من ورقتين بقلم غيره تحت عنوان: 'إظهار الحق في مسألة مختصر الصواعق'. وإنما هو إخفاؤه وسفه عليه، وغمط لصاحبه -كما سيتبين- لما تضمنه من أكاذيب وأباطيل، وحواه من زور وبهتان، وحُشّي به من مكر وتمويه وخداع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «..ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينـزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال».
وسوف أعرض الآن تلك المقالة فأذكرها فِقرة فِقرة، ثم أنقضها عُروة عُروة، ومنه تعالى وحده أستمد العون والسداد، والتوفيق والصواب.
قال الناشر الغاش: "أولا: الحكاية باختصار أن المحقق يريد أن يجد منفذا لنفسه ليبرر بيع الكتاب مرة أخرى لناشر آخر بعد أن استلم حقوقه مقدَّما وكاملة عن الكتاب، فأخذ يصول ويجول بلحن القول، ومطلقا العنان لنفسه ليقول ما يشاء، ولذلك عرفنا الآن سر مماطلته للدار منذ عامين في أنه سيرسل لها بعض الأخطاء الطباعية لتصحيحها في الطبعة الثانية، والتي لم يرسلها للآن كأنه يُبيِّت النية ويخطط لشيء آخر نعوذ بالله من الفتن"اهـ
والجواب عنه:
1- من أخبرك وأعلمك أن المحقق يريد بيع الكتاب مرة أخرى لناشر آخر؟ هل أطلعك الله عز وجل على الغيب فرأيت ذلك؟ أو أوحى إليك وأنبأك بما في نية المحقق وضميره؟ أم هو الرجم بالغيب والتكهن والتخرص من نفسك وشياطينك المبلسين؟ أهو افتعال الكذب، وإلصاق التهم بغير حق ولا إقامة دليل؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين وهذه الدعوى من هذا المدعي أُشهد الله تبارك وتعالى أنه يقر في نفسه بكذبها، ويعلم يقينا أن هذا ليس من خُلقي وأخلاقي كما هو حاله وشأنه.. ولكنه الظلم والبغي، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلواً فالله الموعد.
لكن بعد أن صار الأمر إلى ما صار إليه، وانتهكت الشروط والبنود فسيكون ذلك بحول الله وقوته وعونه، وأزفه إليه وقتها عياناً بياناً في طبعة زاهية مشرقة ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، وعلى نفسها جنت براقش.
2- قوله: "ولذلك عرفنا الآن سر مماطلته" الخ.
يجاب عنه:
كيف تُرسَل الأخطاء المطبعية والخلاف أصلاً قائم منذ إصدار الطبعة الأولى للكتاب؟ وليس الخلاف على وجود الأخطاء الطباعية، فهذا يحصل ويقع لكل كتاب قلّ ذلك أو كثر إلا ما ندر، وإنما المشكلة أساساً على التصرف العمد والاعتداء السافر على إزالة التقريظ، وعدم تصحيح التجارب الأولى أثناء الطبع، وعلى عدم إلحاق الفهارس العلمية. ثم إنه لم يحصل أي اتفاق على إرسال أي شيء من ذلك، خاصة بعد حصول النـزاع وتفاقم القضية واستفحالها لكون الأمر أعظم من ذلك وأكبر، والله سبحانه الرقيب المحيط بما كان بيننا، فلماذا الادعاء والبهتان والاختلاق؟ وعليه فدعوى المماطلة منتفية من أصلها، منقطعة من جذرها.
وأزيد فأقول: لو كان اتهامك لي صحيحاً أيها المفتري، فبماذا تجيب عن إرسالي إليك قائمة المصادر والمراجع قبل الطبع، مع الأخ عبد الرحمن هيباوي الطالب في الجامعة الإسلامية، وأنا في أقصى المغرب، وأعلمتك من طريقه أني في انتظار طبع الكتاب للتصحيح وإعداد الفهارس العلمية حسب وضعها الجديد.
ياليت لي من جلد وجهك رقعة **** فأقد منها حافراً للأشهب
قال الناشر الغاش: "ثانيا: قول المحقق عن العقد: وللعلم أني لساعتي هذه لم أوقعه ولم أوكل أحداً بذلك. يكفي لبيان كذبه صورة العقد وعليه الشهود وفيه أنه استلم حقوقه بتاريخ مقدم على طبع الكتاب، ومرفق صورة منه وعليها إمضاء الأستاذ عبد اللطيف الجيلاني المحقق المعروف كشاهد.."اهـ
الجواب عنه:
1- إن المحقق بحمد الله وفضله لم يكذب فيما قاله ونشره، كما سيأتي تبيينه وإيضاحه غاية البيان والإيضاح؛ إذ إن العقد المبرم بين الطرفين الذي بُيّنَت فيه الشروط، ووضعت فيه البنود، وحددت فيه فقرات الاتفاق لم يوقعه إلى الآن، وسيراه جميع القراء منشوراً في آخر هذه المقالة، موقعاً من طرف واحد فقط، وهو الناشر، وعليه خاتمه دون توقيع المحقق، وربما يُعرض هذا على الجهات المختصة.
2- الناشر الغاش نشر في نهاية مقاله صورة للعقد قصد تكذيب المحقق، وهو يعلم علم يقين ما في الأمر من تلبيس وتدليس، ونسي أو تناسى أن الرب جل في علاه، يراقبه ويعلم سره وجوّاه، يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول، وكان الله بما يعملون محيطا.
الإخوة القراء الكرام: إن هذا العقد المنشور الذي رأيتموه قد كتب بتاريخ 15/2/1421هـ كما هو واضح ظاهر في أعلاه وأسفله، وهو تاريخ سبق مناقشة الرسالة بسنة كاملة ويوم واحد، فقد تمت المناقشة بقاعة المحاضرات الكبرى في الجامعة الإسلامية صباح يوم الخميس 16/2/1422هـ كما هو مسجل بالجهات الإدارية في الجامعة، وكما هو معلن عنه في جريدة الوطن السعودية في اليوم نفسه والتاريخ، وذلك في عددها (223) من السنة الأولى بالصفحة الثقافية (ص:23). ثم بعد هذا التاريخ وبالضبط في 1/4/1422هـ جاءت كتابة العقد الأخير الذي نُصّ فيه على ذكر الشروط والبنود بين الطرفين كما سيراه الإخوة آخر هذه المقالة.
فلماذا أخفى الناشر الغاش هذا العقد الواضح الصريح في صياغته وسياقته على الناس جميعاً، وأظهر لهم ذلك العقد الأولي المنسوخ الخالي من كل شرط واتفاق؟
أليس هذا من تمام وكمال الغش، وصراح الكذب، وتعمد الخيانة، يا مدير مكتبة أضواء السلف! والخلف أيضا؟! وأسأل: أهكذا كانت أخلاق السلف الصالح وأفعالهم؟ أم أنه التمسح بهذا الاسم، واتخاذه شعاراً ودثاراً للتستر خلفه، ووراء الأكمة ما وراءها، والرائد لا يكذب أهله، وفي الخبر النبوي: «المتشبع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور» لكنه عدم الخشية، وحب الظهور القاصم للظهور، ولو بالباطل، وثالثة الأثافي الحرص الشديد على جمع المال وتحصيله من أي باب وطريق، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه».
كل من في الوجود يطلب صيدا **** غير أن الشباك مختلفات
نسأل الله السلامة والعافية واليقين.
ثم أُذكّر المدير العام لمكتبة أضواء السلف وأعضاء هذه الدار بقوله عليه الصلاة والسلام: «من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار»، وبقوله: «لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان».
3- قضية العقد الذي نشره صاحبي الغاش تبدأ حكاية فصوله يوم أن زارني بمنـزلي في المدينة النبوية المنورة صحبة الأخ الفاضل الدكتور عبد اللطيف جيلاني الذي أشار عليه ودله على الكتاب، فطلب مني الناشر بيع الكتاب له ليتولى نشره على أحسن وجه، وأفضل إخراج، مع العناية التامة بتصحيحي له شخصيا والاهتمام به.. فوعدته وعداً حسناً، وذلك بعد فراغي من تحقيقه ومناقشته مستقبَلاً، لكن صاحبنا الانتهازي كان في نفسه شيء، ولأمر ما جدع قصير أنفه كما في المثل العربي، فلم يُرد أن يُفوِّت الفرصة ويضيع الصفقة، فألحّ إلحاحاً كثيراً، وأصرّ إصراراً مستميتاً على إجراء عقد مبدئي ليضمن به حق البيع، ثم ينتظر إلى حين انتهاء التحقيق والمناقشة، ولم أفطن ساعتها إلى مكره وخداعه.. ولكن من خدعنا بالله انخدعنا له ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.
فتم وقتها كتابة ذلك العقد بتاريخ 15/2/1421هـ وهو خال من كل شرط وبند، وإنما لضمان حق البيع فقط، أما كتابة العقد النهائي الذي تسطر فيه الشروط وكافة البنود المُلزمة للطرفين من صحة البيع وكيفية الطبع، فسيكون بعد ذلك، وفعلاً قد تم كتبه مفصَّلاً مشتملاً على ذكر فقرات الاتفاق بتاريخ 1/4/1422هـ فكانت المدة بين كتابة العقدين (المنسوخ والناسخ) وبعد المناقشة سنة وافية وشهرين وخمسة عشر يوماً تقريبا. وأشهد الله تعالى أني لم أحفل بهذا العقد الأولي ولم أطلب نسخة منه من صاحبي الماكر، بل نسيته تماماً لكونه كما وصفتُ خالياً من كل شرط وبند والتزام. وإنما لضمان حق البيع نزولا عند رغبة الناشر، دون الشأن العلمي والأدبي المتعلق بالكتاب وطبعه، وهو الأهم عندي، لكني أبشر صاحبي بقوله تعالى: يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم وبقوله: فمن نكث فإنما ينكث على نفسه وعند الله تجتمع الخصوم.
الإخوة القراء الكرام، قولوا بالله عليكم بعد أن تبصّرتم المسألة، واطّلعتم على حقيقتها، والظن فيكم إن شاء الله هو الصدق والإنصاف: أيّ العقدين أحق بالأخذ والقبول والاعتماد؟ وبالله عليكم أيها المسلمون في مشرق الأرض ومغربها ممن يقف على القضية مَنِ الكذاب الأشر، والأفاك الأثيم أهو المحقق أم الناشر؟
ومن العجائب والعجائب جمة أنه يتظاهر بالتقوى والورع والصدق.
من تحلّى بحلية ليست فيه **** فضحته شواهد الامتحان
والأعجب من ذلك كله أنه يوصي في مقاله ويحذر من الاستعجال والتسرع في الأحكام كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وفي الحديث: «إياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا». نسأل الله المعافاة.
4- قوله: "صورة العقد وعليه الشهود.. وعليها إمضاء الأستاذ عبد اللطيف الجيلاني المحقق المعروف كشاهد.."
أجيب:
تقول بملء فمك الأفاك، فضّ الله تعالى فاك: (الشهود) من باب التزيد والتشبع، وليس هناك إلا شاهد واحد، وهو الأستاذ عبد اللطيف على ذلك العقد المبَيَّت الغادر، هذا الأخ الصالح الفاضل الطيب المحب للعلم ونشره وخدمة أهله في المشرق والمغرب، الذي كان سبباً مباشراً في طبعك لكثير من كتب العلماء والباحثين، فانتهزت كعادتك حسن خلقه، وصمته وسمته، فجعلت تضرب يمينا وشمالا فيما تهواه نفسك، وتنال به أغراضك، فأوقعت أخانا في شراكك، دون أن يعلم أو يفطن لذلك، مما جعله أخيراً يحس بضيق وحرج شديدين مع جماعة من الباحثين بسبب سوء معاملتك وخيانتك، بل اتُّهِم بك، كأنه متواطئ معك، كما حدثني هو بذلك، وقاه الله شرك وكيدك.
إذا رزق الفتى وجها وقاحاً **** تقلب في الأمور كما يشاء
ولا أريد أن أطيل على إخواني القراء بسرد ما حصل لعدد من العلماء والباحثين مع هذا اللكع، خاصة هنا ببلاد المغرب الإسلامي، وقد أفضى بعضهم إلى ربه عز وجل.
وحسبي أن أذكر منهم في هذا المقام اثنين ، ممن وقع عليه سطو هذا الخادع المحتال وقرصنته لعملهما العلمي في رائعة النهار، على ملء الأسماع والأبصار.
الأول: طبعه لكتاب 'نزهة الأبصار في فضائل الأنصار' للقاضي أبي بكر عتيق بن الفراء الغساني الأندلسي المتوفى سنة (698هـ) بتحقيق الدكتور عبد الرزاق مرزوكَ الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية –شعبة الدراسات الإسلامية- في جامعة القاضي عياض بمدينة مراكش، وهو موضوع رسالته للماجستير سطا عليه هذا الناشر الماكر بحيلة عجيبة لا مجال لذكرها.. غير أنه بعد مدة فاجأنا كعادته بنشر الكتاب وإنزاله إلى السوق دون أي عبارة أو إشارة من محققه لا اتفاقاً ولا وفاقاً.. فهاتفته في الموضوع، فلم يعبأ ولم يكترث ، مما اضطر صاحب الحق إلى تقديم عدة شكاوى لجهات كثيرة قصد إنصافه من ظلم هذا الخائن الجاني.. وكان من تلك الجهات (اتحاد الناشرين العرب) التي مقرها في بيروت، وقد سعت في النظر في الشكوى بواسطة جمعية الناشرين السعوديين للبحث في القضية، وقد توصلوا جميعا إلى صحة الدعوى وأقر (معالي) مدير مكتبة أضواء السلف بتعمده طبع الكتاب بدون إذن أو تعاقد مع صاحبه، وسوف يرى الإخوة جميعا رسالة الاتحاد الموجهة إلى المحقق المعتدى عليه في نهاية هذا المقال أيضا، وأُعلم الجميع أنه إلى حدّ هذه الساعة لم يتوصل المحقق المظلوم بشيء من حقه المالي أو الاعتبار الأدبي، وقد مضى على طبع الكتاب خمس سنوات عجاف ، إذ تم نشره سنة 1425هـ/2004 م.
الثاني: طبعه لكتاب 'مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة' للدكتور جمال اسطيري الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية -شعبة الدراسات الإسلامية- في جامعة السلطان مولاي سليمان بمدينة بني ملال.
فقد تصيد الناشر هذا الكتاب ، وطبعه في مجلدين عام 1425هـ/2005م، وهو كحال سابقه في عدم الموافقة والاعتبار من صاحبه، وقد أخبرني المحقق مشافهة أنه لا علاقة له بهذا اللصّ متسوِّر الجدران، بل إنه لم يحظ بسماع صوته الندي، ولم تكتحل عيناه برؤية وجهه البهي، ومع ذلك حصّل كتابه، وسولت له نفسه طبعه ونشره وامتلاكه. وهو إلى وقتئذ يأكل ريعه وغلته حراماً خالصاً سائغاً يطعمه نفسه ويقوت به عياله، نسأل الله العفو والعافية. كما أفادني المحقق أن الكتاب مليء جداً بالأخطاء مع خلوه من الفهارس الجزئية التفصيلية، وقد فوّت عليه مقدمة ضافية بقلم العلامة الأستاذ الدكتور الشاهد البوشيخي المشرف على العمل .
فهذه إخوتي الأعزاء بعض مخازي علي صنهات الحربي مع بعض الكتاب والباحثين .
وقد تعمدت ذكر هذين الرجلين المعتدى عليهما ببيان اسميهما وجهة عملهما زيادة في التوثيق لمن شاء الاتصال بهما والاستثبات منهما .
وبالمناسبة أقول: إن كثيرا مما طبعه ونشره هذا المُمَاذِقُ هو من عمل طلاب العلم بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وذلك منه مقصود متعمد مستغلا وضعهم وبعدهم عنه بعد تخرجهم وعودتهم إلى أوطانهم، وكذا غيرهم من العلماء والباحثين البعداء للغرض نفسه، والحيلة ذاتها. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
قال الناشر الغاش: "ثالثاً: موضوع المقدمة التي كتبها أبو خبزة هو صحيح كما ذكره المحقق، ونحن نصر على رأينا في ذلك، فهو لم يشترط ذلك في العقد، وسبحان الله هو ينقل نص عبارة شيخه أبو خبزة والتي يقول فيها: (وهو في نظري -يعني ابن القيم- أرصن أسلوبا، وأتقن ترتيبا، وأشرق بياناً من شيخه شيخ الإسلام)اهـ. ولا يريد من الناشر أن يعترض على هذا الكلام الذي لا داعي له، وفيه لمز لشيخ الإسلام، فلماذا الإصرار على هذا الكلام الذي ليس له علاقة بموضوع الكتاب؟"اهـ.
والجواب عن هذا الباطل من وجوه:
1- قوله: "ونحن نصر على رأينا في ذلك".
أقول: من أنتم أصلا في بابة العلم والمعرفة حتى يكون لكم إصرار ورأي؟! وقد عرفتكم - عن قرب وكثب - نكرة غير مقصودة، لا تعرفون هرّاً من بِرّ، وقد ذكرت شيئا من حالكم وموقعكم في مقالتي السابقة: 'هذا بلاغ للناس'، ثم من خول لكم حق التصرف في عمل غيركم بالحذف والإزالة؟ وهو مخالف صراحة لشرائط العقد وبنوده المتفق عليها، ومخالف أيضا للأمانة العلمية، والديانة الربانية، ولما عليه أعراف العلماء في النقل والأداء. وليس ببعيد إن شاء الله أن تكون أنت وأمثالك ممن وصفهم الرسول عليه الصلاة والسلام بالرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: «المرء التافه يتكلم في أمر العامة».
2- قوله: "فهولم يشترط ذلك في العقد".
أقول: أي عقد تعني؟ أهو العقد الذي نشرته للناس الخالي من كل شرط أو اتفاق؟ أم أنك تعني العقد الأخير الصحيح المحتوي على بيان الشروط، وهو الذي أخفيته ولم تظهره، بل ولم تشر إليه خوفا من الفضيحة والنقيصة؟ قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله، أليس من الخزي والعار والشنار أن تتهم غيرك بالكذب وأنت معدنه وركنه وركيزته.. وأنت تدير مكتبة أضواء السلف تنشر كتبهم ودواوينهم، ولله در القائل: عُري فادح خير من زي فاضح.
وأسأل: هل يلزم كتابة ذلك في العقد -أعني الالتزام بكتابة التقريظ- من ضمن الشروط؟ وهل وفيت بغيره مما وقّعت عليه وأمضيته بنفسك وهو ثابت منصوص عليه؟؟ فلماذا إذن تتخذ الباطل دغلاً ومدخلا؟ ولا يخفى على الجميع من طلبة العلم والباحثين أن التقاريظ للبحوث العلمية الجامعية لا تكتب عند تقديمها للمناقشة، وإنما يكون ذلك بعد إجازتها وتقديمها للطبع.
3- كلمة شيخنا الفقيه العلامة محمد بن الأمين أبي خبزة حفظه الله تعالى في الإمام ابن القيم مع شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله تعالى التي أرّقت صاحبنا المسكين وأقضّت عليه مضجعه قد سبق الجواب عنها في مقالتي السابقة 'هذا بلاغ للناس' بكلام علمي متين رصين بشواهده وقواعده، وأزيد قائلا: إن ما ذكره الناشر المتهافت في مقالته المهتوكة من أن كلمة الشيخ أبي خبزة فيها لمز لشيخ الإسلام بعيد كل البعد عما توهمه هذا الدعي، وفهمه قلبه الأعجمي.. وإلا فإن الشيخ أبا خبزة مغرم بحب هذين الشيخين الإمامين العظيمين، معترف بفضلهما ومكانتهما، مقرٌّ بصفاء دعوتهما، وسلفية عقيدتهما ، مُطلع كمال الاطلاع على كتبهما، جامع لها، محتَفٍ بها، ، قبل أن يخلق هذا الصغير الحدث بوقت طويل وأمد بعيد، بل أخبرني الشيخ مشافهة أنه قرأ هذا الكتاب -أعني المختصر- في طبعته الأولى المنشورة عام 1348هـ قبل حوالي خمسين سنة.
وموقف الشيخ هو موقف كل مسلم موحد صادق في كافة الأرض وبقاعها نحو هذين العالمين العلمين، بل إن له حفظه الله تعالى كلمات مضيئة، وعبارات رفيعة عن شيخ الإسلام مبثوثة في أثناء تعليقاته الكثيرة، وحواشيه العديدة على كتب ومصنفات، يكيل له فيها المدح والثناء، مشيدا بفضله وإحيائه لمنهج السلف، وتقريره والدعوة إليه، بحيث لو جمعت هذه التعاليق لجاءت في مجلد لطيف عزيز.
وقد كان من الإنصاف والعدل أن يذكر الناشر كلمة الشيخ أبي خبزة كاملة غير مبتورة ولا منقوصة ليطلع عليها جمهور العلماء والباحثين، وأرى أنه لا بأس أن أسوق بعضاً منها ليقف عليها الإخوة الأعزاء.
قال حفظه الله ورعاه في مطلع تقريظه: "من نافلة القول التأكيد على أثر شيخي الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى في ميدان الأبحاث المتعلقة بأصول الدين الإسلامي وقواعد عقائده، والحق أنه لا يعرف في علماء الإسلام من بلغ شأوهما في هذا الميدان الفسيح، فقد نذرا أنفسهما لتقرير الحق ونصرته، والدفاع عن حوزته، ودحض شبهات المبطلين، وملاحقة المبتدعة الضالين، وكتبهما طيب الله ثراهما سارت مسير الشمس، وملأت السهل والجبل.." إلى أن قال الشيخ: "أما أبحاث الإمام ابن القيم في أصول الدين وتقرير قواعد العقيدة السلفية والانتصار لأساليب القرآن ونقض أساليب المتكلمين والفلاسفة في هذا الباب فحدّث عن البحر ولا حرج، وهو في نظري أرصن أسلوباً، وأتقن ترتيباً، وأشرق بياناً من شيخه شيخ الإسلام، إلا أن هذا بحر زاخر تمتزج فيه المعارف والبراهين امتزاجاً يتحير معه الذهن أحياناً، فلذلك يكثر استطراده فيضطر أحياناً للتوقف عن الاندفاع والرجوع إلى الموضوع، بينما تلميذه الإمام يحافظ على الموضوع وتسلسله في ترتيب وتناسق عجيبين.."الخ.
أقول: وما ذهب إليه الشيخ أبو خبزة وارتضاه هو نفسه ما سطره بعض أهل العلم قدامى ومحدثين في وصفهم أسلوب ابن القيم بالحسن والجمال في السَّوْق والصياغة والحرص على عذوبة الألفاظ ورونقها وتهذيبها وتحليتها وتقديمه على من سواه في ذلك.
فهذا الحافظ ابن حجر العسقلاني يقول في ترجمته لابن القيم من كتابه 'الدرر الكامنة': ".. وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف، وهو طويل النفس فيها يتعانى الإيضاح جهده، فيسهب جداً، ومعظمها من كلام شيخه يتصرف في ذلك، وله في ذلك ملكة قوية.."الخ.
وهذا العلامة الشوكاني يقول في كتابه 'البدر الطالع' في ترجمته أيضا لابن القيم بعد أن ساق كلام الحافظ ابن حجر: ".. وله من حسن التصرف مع العذوبة الزائدة وحسن السياق ما لا يقدر عليه غالب المصنفين، بحيث تعشق الأفهام كلامه، وتميل إليه الأذهان، وتحبه القلوب، وليس له على غير الدليل معول في الغالب.."الخ.
ويقول الأستاذ محمد أبو زهرة في مصنفه عن شيخ الإسلام ابن تيمية، عند الحديث عن تلميذه ابن القيم: ".. ولم تكن كتابته في حومة الجدل كأكثر كتابات شيخه، بل كانت كتابته في هدأة واطمئنان، ولذلك جاءت هادئة، وإن كانت عميقة الفكرة، قوية المنحى، شديدة المنـزع، وكانت حسنة الترتيب، منسقة التبويب، متساوقة الأفكار، طلية العبارة، لأنه كتبها في اطمئنان، وتجمع كتابته جمعاً متناسباً بين عمق التفكير وبعد غوره، ونصوع العبارة وحسن استقامة الأسلوب، من غير ضجة ألفاظ، ولعل أوضح مثل لذلك كتابه 'مدارج السالكين'، وكتابه 'عدة الصابرين'، وكتابه 'مفتاح دار السعادة'؛ فهي الفلسفة المحكمة العميقة، والجمال الفني في التعبير المحكم المستقيم.
وكانت كتابته مع كل هذا فيها نور السلف، وحكمة السابقين، فهو كثير الاستشهاد بأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وإن كان في ذلك دون شيخه، ولكنه على أي حال نزح من معينه، واستقى من العين الثّرة التي فتحها هو وغيره، رضي الله عنهم أجمعين".
كما يقول الأستاذ الداعية أبو الحسن الندوي في مؤلفه 'رجال الفكر والدعوة في الإسلام' في الجزء الخاص بحياة شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو يتحدث عن ابن القيم: "..تمتاز مؤلفاته بحسن الترتيب، وجودة التأليف، وهي تفوق في هذا المجال مؤلفات شيخه ابن تيمية أيضا، وهي بجانب ذلك تتميز برقة الأسلوب، وسلاسة العبارة وتأثيرها، ولعل ذلك جاء من قبل نفسه التي تجلّت بالجمال أكثر منها بالجلال.."الخ.
كما سمعتُ من بعض الإخوة -والعهدة عليه- أن معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى ينحو هذا النحو .. في جماعة آخرين من أهل العلم والفضل.
أفَيُتَّهَمُ هؤلاء جميعا بلمز ابن تيمية لكونهم وصفوا أسلوب تلميذه ابن القيم بما وصفوه به؟ وقد صرح بعضهم بما قاله الشيخ أبو خبزة، والمسألة كلها لا تستدعي هذه الوقفة الطويلة، وإشعال هذه الحرب، وصدق من قال: العلم نقطة وسعها الجهال.
إن الأمور إذا الأحداث دبّرها **** دون الشيوخ ترى في سيرها الخللا
وأسأل هذا المتعالم الأخرق: ألا تدري -لا دَريت ولا تليت- أن خطّ شيخ الإسلام كان في غاية التعليق والإغلاق كما وصفه غير واحد، بل كان أحياناً يعزب شيء منه على الشيخ نفسه يرحمه الله تعالى فيستدعي غيره لقراءته، في حينٍ وُصف خطّ تلميذه ابن القيم بالحسن والجمال، فهل قائل هذا أو ناقله يُتّهم بلمز ابن تيمية؟!
بل ما يقول هذا الغِر الأبله في ابن القيم نفسه وقد خالف شيخه ابن تيمية في جملةٍ من الاختيارات والمسائل العلمية، فهل يتّهمه هو أيضا بلمز شيخه وأستاذه؟!
وكأني بهذا الحربي يريد أن يجعل من نفسه المغرورة الطائشة الجاهلة الوصي الشرعي الوحيد على شيخ الإسلام دون بقية الأئمة وأعلام الأمة، وأنه الذي يغار عليه ويذب عنه، أو يتخيل المسكين أنه كفيله والشيخ مكفوله لكونه حرانيا دمشقيا شاميا، وأقسم بربي عز وجل أنك أيها التافه الأنوك لَمِن إحدى الكبر، وطامّات العبر، لمن حضر وغبر، أيَقِف مثلك المأفون في وجه الفَوَقَة من أهل العلم والدين والصلاح معارِضاً مُتّهِماً؟ أوَ ينصب نفسه منافحاً مدافعاً عن أمثال تقي الدين أبي العباس شيخ الإسلام والمسلمين، علم الأمة وعالمها الذي سار بحديثه الركبان، وطبق ذكره الآفاق والأكوان، وهو أكبر من أن ينبه مثلي على تعداد فضله وفواضله، وكريم نعوته وخصاله؟! أم أنها منك الوقاحة والصلافة وقلة الحياء؟؟
صلابة الوجه لم تغلِب على أحد **** إلا تكامل فيه الشرّ واجتمعا
أفلا تستحي وتلزم مكانك ومقامك؟ ليس هذا بعشك فادرجي.
قال الناشر الغاش: "رابعاً: موضوع الفهارس وقول المحقق: أننا لم نلحق الفهارس العلمية الفنية التي صنعها للكتاب. والجواب أن المحقق لم يرسل لنا الفهارس المزعومة باستثناء فهرس المصادر والمراجع فقط، بل تعلل بسفره، والله شهيد على لَي الحقائق!! وإلا فلماذا نتعب أنفسنا ونصنع له فهارس وهي موجودة أصلا! وهل من العقل أن نترك فهارس جاهزة ونتعب أنفسنا دون مبرر لصنع فهارس أخرى؟".
والجواب عنه:
1- إنني لم أرسل الفهارس العلمية للكتاب لسبب علمي ظاهر لكل أحد وهو أنها تتعلق بذكر أجزاء الكتاب وصفحاته حتى تتم الإحالة على مواضعها وأنا لا أدري كم هي الأجزاء التي يصدر عنها الكتاب، وكذا صفحاته وهل هي متصلة متسلسلة لكل الكتاب أم لكل جزء صفحاته وأرقامه، إذ كل ذلك بعيد عني، مجهول لدي، وعليه فلا أستطيع بحال من الأحوال وضعها بسبب ما وصفت. أما فهرس المصادر والمراجع فلكونه لا يتعلق بذلك، فقد أرسلته كاملا تاماً مع الأخ عبد الرحمن هيباوي الطالب بالجامعة الإسلامية لما ذكر سالفا، وسلمه لصاحبنا المعتوه العَجِل، وبقيتُ في انتظار طبع الكتاب لأتمكن من وضع فهارسه حسب وضعها الجديد، ولا يخفى أن الفهارس تتغير تلقائياً عند الطبع تبعاً لتغير أرقام الصفحات الأولى التي كان عليها البحث قبل الطباعة.
2- ألم يحصل الاتفاق في صلب العقد على عدم إخراج الكتاب حتى يصححه المحقق تصحيحاً نهائياً ويضع له فهارسه العلمية؟ وقد ذكرت سابقا أني أرسلت إليك فهرس المصادر والمراجع مع أحد طلبة العلم بالجامعة الإسلامية، وهو الفهرس الوحيد الذي طبع مع الكتاب دون غيره، لكن هذا المدعي كعادته يلجأ في دعاويه إلى غير ملجأ لكونها عرية عن دلائل التسليم والإذعان نسأل الله السلامة والعافية.
وأستسمح إخواني القراء جميعا -وهم أهل لذلك- أن أهمس في أذن صاحبي الغادر -وربنا سبحانه العليم بما جرى بيننا- قائلا: ألم تتصل بي هاتفيا بعد إخراجك للكتاب وأنا في بلدي المغرب، فطال الكلام بيننا على ما قمت به من خرق للعقد، ونقض للعهد، والتعجيل بطبعه دون تصحيحه وإلحاق فهارسه، فطلبتَ مني إرسال الأخطاء المطبعية فقط دون أيّ شيء آخر.. فأخبرتك بقرب قدومي إلى مكة المكرمة بمناسبة شهر رمضان، ونلتقي وقتها لتدارس الموضوع وحل المشكلة، ونحن أناس بالسلامة نفرح، وفور وصولي إلى هناك اتصلتُ بك هاتفيا من مكة المكرمة على أني في انتظارك حسب الاتفاق، لكنك كنت كل مرة تعد وتخلف، ثم وعدتني باللقاء بالمدينة بعد عيد الفطر.. لكن كعادتك في الخلف والإخلاف لم تأت ولم تنجز، وكانت آخر مكالمة بيننا أنك مُصِرٌّ على كل ما فعلته، وليس عندك أي استعداد لشيء آخر.. إلا أن ترسل إليّ ستين نسخة من الكتاب حسب ما حصل به الاتفاق في العقد الذي أخفيته على الناس ولم تظهره لهم، فافترقنا على هذا ولم ترسل إلي النسخ ولا قيمتها المالية..
فقل بربك العظيم: ألم يحصل كل هذا يا من يدعي الصدق والتقوى، ويدير مكتبة أضواء السلف وينتسب إليهم ويأكل باسمهم أموال المسلمين وحقوقهم؟ فأين ما كان بيننا من عهد وميثاق؟ ألم يقرع سمعك قوله تعالى: ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود وقوله: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا وقوله: ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون وقوله عن اليهود: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم، أوَ ما طرقَ أذنيك قوله عليه الصلاة والسلام: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له» وقوله عليه الصلاة والسلام: «..فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه صرف ولا عدل..».
ثم ألم تعلم أن الخيانة من كبائر الذنوب المتوعَّد عليها، وقد قال العلامة الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه جامع العلوم والحكم: "وأما عهود المسلمين فيما بينهم فالوفاء بها أشد، ونقضها أعظم إثما". وقال: "ويدخل في العهود التي يجب الوفاء بها ويحرم الغدر فيها جميع عقود المسلمين فيما بينهم إذا تراضوا عليها من المبايعات والمناكحات وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاء بها".
لكنها العجلة والطمع في الحصول على الكسب، والشره في جمع المال ولو على حساب العلم والدين والأخلاق.. وإِنَّما تُقَطِّعُ أعناقَ الرجالِ المطامِعُ.
فلا أربح الله تجارة هذه حالها، ولا بارك في هذا العمل، ولا زكى صاحبه أبداً.
الإخوة القراء الكرام: بعد أن يئست من صاحبي وأنا بالمشرق والمغرب عمدت إلى كتابة مقالتي المشار إليها 'هذا بلاغ للناس' أوضحت فيها بعض ما حصل ووقع، وأنه يجهل فعلا أو يتجاهل حقيقة ما قام به من تدخل وتصرف في الكتاب مخالف لشروط العقد، فكان فعله انتهاكا لحرمة الحقوق العلمية والأدبية التي تعدّ من صميم حقوق الملكية الخاصة للمحقق وحده دون غيره بحال، يعاقَب عليها، ويؤاخَذ بها الجاني، ونظرا لخطورة المسألة في الأوساط العلمية والأدبية فقد أُفردت بالتصنيف والتأليف، وعقدت لها المؤتمرات والندوات دولية ومحلية، من أجل صيانة الكتب وحماية كَتَبتها من عبث بعض الناشرين سراق الفكر والعلم الذين يعيشون على جهود غيرهم من حملة الدفاتر والمحابر، فإلى الله وحده المشتكى وإليه المفزع.
ومما زاد في البلية أن صاحبي المسكين ربما ظن أو اعتقد أن الكتاب أصبح في ملكه وتحت حوزته وطوع يديه يتصرف فيه كما يشاء كما أشرت إلى ذلك في مقالتي السابقة 'هذا بلاغ للناس'، وقد قال العلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في رسالته 'حق التأليف تاريخا وحكما': "ثم ليعلم أن عقد البيع مع الناشر إنما هو عقد مقصور على ذات العين المباعة دون أن يكون له حق التصرف بحقوق المؤلف الأدبية الأخرى من آراء المؤلف ونسبته إليه، والتصرف في عباراته وما إلى ذلك؛ لأن هذه لا تباع ولا توهب". وهذا القول من الشيخ والحكم منه هو الثابت المقرر عند أهل المعرفة والاختصاص، وشرعية القضاء، وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره في مجلسه المنعقد في دورته الخامسة بالكويت من الأول إلى السادس من شهر جمادى الأولى عام 1409هـ وجاء فيه: "حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها".
ومن شاء من إخوتي الفضلاء الاطلاع على هذه المسألة بتوسع فلينظر غير مأمور رسالة الأخ حسين بن معلوي الشهراني: 'حقوق الاختراع والتأليف في الفقه الإسلامي'.
قال الناشر الغاش: "خامسا: قوله (سوء التنسيق في الطبع ورداءته) والجواب: نتركه لمن اقتنى نسخة من الكتاب ليحكم على عين السخط، والغبن الفاحش".اهـ
والجواب عنه أني أحيل القارئ الكريم وأضع يده على بعض ما ذكرت من سوء التنسيق في الطبع ليكون حكما عدلا فيما قلته ونفاه.
1- الفصل بين الكلام المتصل المرتبط بعضه ببعض، فإن المنهج العلمي المتبع عندما تتعدد أجزاء الكتاب الواحد أن يبدأ كل جزء بمطلع مستأنف أو فقرة مستقلة، أو فصل خاص، أو ما شابه ذلك، وطبعة كتابنا خلو من هذا كله مع إمكان فعله وضبطه، بل إن الآية القرآنية الواحدة يكتب بعضها في جزء وبقيتها في بداية الجزء الذي يليه، وهكذا يأتي كلام في آخر جزء ويكون تمام لفظه في الذي بعده، وهاكم الأمثلة:
أ- في مطلع الجزء الثاني ص (365) كتابة بيت واحد من الشعر، وصوابه أن يكون هذا البيت في آخر الجزء الأول ص (364) لكونه آخر بيت من قصيدة بلغت خمسة وعشرين بيتاً، فلا يليق كتابة أربعة وعشرين بيتا في جزء، وآخر بيت منها في الجزء الذي يليه.
أهذا هو التنسيق عندك أيها الناشر الفاشر؟
ب- جاء في آخر الجزء الثاني ص (842) قوله تعالى: يوم يرون، وفي بداية الجزء الثالث ص (843): الملائكة.
هكذا يفصل هذا الجزء من الآية بين مجلدين، كل منها في طرف، أليس هذا من سوء التنسيق؟
ج- جاء في آخر الجزء الثالث ص (1300): "قال الجارودي"، وفي أول الجزء الرابع ص (1301): "سمعت الشافعي يقول..".
أما كان من التنسيق جمع ذلك في مطلع الجزء الرابع، وهو أمر يسير، وعدد حروفه قليل؟؟
د- كما أنه كان من الأولى والأليق أن لا يجعل أرقام صفحات الكتاب متسلسلة من أوله إلى آخره وهو ذو أجزاء أربعة، مما طال معه العدّ حتى بلغت صفحاته (1867). وهو منهج غير صائب.
هـ- كثير من الإحالات العلمية كالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتراجم الأعلام وغيرها من المسائل مما قد مضى سابقا في الكتاب، عند العزو إليه ليرجع إليه لا يوجد في موضعه المشار إليه فيه، وأمثلته متعددة أكتفي منها بما حصل في بعض التراجم:
• ما جاء في (3/1089) تعليق (1) وفيه: "تقدمت ترجمته -يعني الإمام مالك- ص(927)" وهو خطأ صوابه ص(309).
• ما جاء في (3/1118) تعليق (2) وفيه: "تقدمت ترجمته -يعني مجاهد- ص(20)" وهو خطأ صوابه ص(312).
• ما جاء في (3/1150) تعليق (1) وفيه: "تقدمت ترجمته -يعني حماد بن سلمة- ص(1030)" وهو خطأ صوابه ص(418).
• ما جاء في (3/1224) تعليق (1) وكذا (3/1237) تعليق (1) ففيهما: "وقد تقدمت ترجمته -يعني القاضي أبي يعلى- ص(695)" وهو خطأ صوابه ص(24).
• ما جاء في (4/1434) تعليق (4) وفيه: "تقدمت ترجمته -يعني أبا عبد الله الحاكم- ص(1218)" وهو خطأ صوابه ص(1078).
• ما جاء في (4/1444) تعليق (4) وفيه: "تقدمت ترجمته -يعني الفضل بن ذكين- ص(1169)" وهو خطأ صوابه ص(1195).
• ما جاء في (4/1460) تعليق (6) وفيه: "تقدمت ترجمته -يعني الفيلسوف بقراط- ص(141)" وهو خطأ صوابه ص(241).
• ما جاء في (4/1511) تعليق (3) وفيه: "تقدمت ترجمته -يعني ابن حزم- ص(442)" وهو خطأ صوابه ص(1472).
أهذا هو التنسيق الذي يرضيك، وتزفه لمعاشر قراء مطبوعات مكتبة أضواء السلف؟
2- عدم كتابة الأبيات الشعرية على وجهها الصحيح في بعض المواطن، إذ درج العلماء على كتابتها بوضع بياض بين الشطرين، أو كتابة الشطر الأول أعلى وثانيه تحته عن يساره قليلا حتى يميز عن الكلام المنثور، ومن أمثلة هذا الخلل في الكتاب ما جاء في الجزء الأول ص(8) من المقدمة، السطر السادس، والسطر الرابع عشر، وص(9) من المقدمة أيضا السطر الأول والسطر الثالث من أسفل. وص(10) السطر السادس.
فهل يعدّ هذا من التنسيق والتنميق؟.
3- انتقال أرقام بعض الإحالات من موقعها الصحيح إلى غير مكانها، ومثاله:
أ- ما وقع في الجزء الأول ص(3) تعليق (1)، إذ جعل الناشر وضعه في الأعلى (المتـن) عند قول المصنف: "ونستعينه(1)" هكذا، وهذا خطأ حقه أن يكون عند قوله: "عليه توكلت(1)"، كما هو مثبت في الأصل.
قلت: والعجب العاجب أن هذا أول تعليق في الكتاب يقع فيه الغلط، وهذا يذكرني بقول بعضهم: من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، وبالمثل العربي: قبل البكاء كان وجهك عابسا.
ب- ما وقع في الجزء الأول ص(155) السطر الخامس: "في(6) انقسام"، وهو خطأ صوابه أن يكون التعليق على ما قبله، وهو: "فصل(6)"، كما هو في الأصل.
ج- ما وقع في الجزء الثاني ص(372) السطر الثالث من أسفل وفيه: "(3) ينظر معيار العلم". وهذا خطأ صوابه أن يكون رقم التعليق في بداية السطر الثامن في الهامش ليتوافق مع الأصل.
د- ما وقع في الجزء الثاني أيضا ص(511) السطر التاسع وفيه: "يقال(1)" وهو خطأ صوابه أن يكون التعليق على ما قبله وهو: "فصل(1)".
وهكذا في مواضع عدة من الكتاب يطول سردها، اكتفيت بذكر نماذج منها.
فهل يكون هذا من التنسيق يا من يدعيه ويتبجح به.
4- الاضطراب وعدم التوافق بين أرقام الإحالات في الهامش وأصلها في المتـن. ومن أمثلته:
أ- ما جاء في الجزء الثالث ص(967) هامش رقم (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8) كلها خاطئة على التوالي، فإن الهامش رقم (1) حقه أن يكون في الصفحة التي قبلها (966) يحمل في هامشها رقم (7)، وقد بقي مكانه هناك فارغا، والهامش رقم (2) حقه أن يكون (1) والثالث حقه أن يكون (2)، والرابع حقه أن يكون (3)، والخامس أن يكون (4)، والسادس أن يكون (5)، والسابع أن يكون (6)، والثامن أن يكون (7).
قال الناشر الغاش: "سادسا: أما بالنسبة للأخطاء الطباعية التي وردت في الكتاب فالكثير منها موجود بالنسخة الأصل التي أرسلها إلينا وهي مودعة بقسم العقيدة في كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية المنورة والتي نوقشت بها، فليرجع إليها ويقارن من يريد أن يحكم بين الناس بالعدل بدلا من المسارعة لتأييد طرف على حساب الآخر. ونحن طلبناها منذ عامين وهو يماطل لغرض في نفسه، فنسخته التي بالجامعة هي الفيصل بيننا".
والجواب عنه: أني أدعو بداءة كل الإخوة شُداة الحق والدليل والإنصاف ممن يمكنهم الاطلاع على أصل الرسالة وهي مودعة بقسم الرسائل الجامعية بالمكتبة المركزية بالجامعة الإسلامية، وفي كلياتها الخمس من أجل المقارنة بينها وبين هذا المطبوع "ويقارن من يريد أن يحكم بين الناس بالعدل بدلا من المسارعة لتأييد طرف على حساب الآخر" وتكون "هي الفيصل بيننا" كما يقول هذا الدعي المدعي، وبذات فمه يفتضح الكذوب، ومن فيك أدينك. وأُحمّل جميع إخوتي ممن يطلعون على الرسالة هذه الشهادة ليبلغوها غيرهم -ممن لا يمكنه الاطلاع عليها- والله تعالى يجزيهم أحسن الجزاء.
فعلى بركة الله في بيان بعض ما خالف المطبوع الأصل المرقون:
1- في الأصل (1/29) من المقدمة السطر (18): "(16)لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ لابن فهد (ت 781) ص(252)". هذا كله ساقط من مقدمة المطبوع (1/31).
2- في الأصل (1/29) من المقدمة السطر (23): "(21)نيل الأمل في ذيل الدول لابن شاهين الحنفي (ت 920)، (2/47-48). هذا كله ساقط من مقدمة المطبوع (1/31).
3- في الأصل (1/36) من المقدمة السطر (11) وفيه ترجمة محمد بن مكي بن أبي الغنائم من شيوخ ابن الموصلي، وهي ساقطة كلها مع هامشها من مقدمة المطبوع (1/39).
4- في الأصل (1/37) من المقدمة السطر (1) وفيه ترجمة موسى أبي الفتح من شيوخ ابن الموصلي، ساقطة هي أيضا مع هامشها من مقدمة المطبوع (1/39).
5- في الأصل (1/37) من المقدمة السطر (5) وفيه ترجمة هبة الله بن القاضي نجم الدين من شيوخ ابن الموصلي، ساقطة مع هامشها كذلك من مقدمة المطبوع (1/39).
6- في الأصل (1/43-44) من المقدمة هامش (1) وفيه ترجمة علي بن هلال بن البواب وما يتعلق بطريقته في الكتابة، ساقطة كلها من مقدمة المطبوع (1/46).
7- في الأصل (1/54) من المقدمة السطر (10) وفيه: "وقد جاء في متن الكتاب ص(650) من هذا البحث.." وجاء في المطبوع (1/60) نفس الإحالة السابقة، وقد كان عليه أن يحيل في مطبوعه إلى (2/687)، بدل الإحالة المذكورة.
8- في الأصل (1/59-66) من المقدمة ذكرت أسماء المصنفات الواردة في نص الكتاب مع بيان أرقام الصفحات الواقعة فيها لمن يريد الوقوف عليها، وفي مقدمة المطبوع (1/65-73) سقطت كل تلك الإحالات المشار إليها.
9- في الأصل (1/1) من النص المحقق: "وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت(1)" وفي المطبوع (1/3) من النص المحقق وضع التعليق على ما بعده وهو: "الحمد لله نحمده ونستعينه(1)".
10- في الأ (1/31) السطر (3) و(7): "إلا معنى واحد" وفي المطبوع (1/35) السطر (6) و(10): "إلا معنى واحداً".
11- في الأصل (1/269) هامش (1) وفيه: "قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك". وفي المطبوع (1/285) هامش (1): "ما منعك ألا تسجد بإسقاط قال.
12- في الأصل (1/522) السطر (7) من أسفل: "وما كان لي عليكم من سلطان". وفي المطبوع (2/557): "سوس الشيطان الهدى إلا أن". هكذا بهذا الخلط والجلط.
13- في الأصل (1/631) العنوان بالحاشية وفيه: "إن الحكمة والمصلحة تقتضيان بقاءها ببقاء السبب" وفي المطبوع (2/671) بإسقاط كلمة "بقاءها".
14- في الأصل (1/633) السطر (4): "ولقد صبحهم بكرة" وفي المطبوع (2/672) السطر (13): "عظيم صبحهم بكرة".
فهذا غيض من فيض، وقليل من كثير مما خالف المطبوع أصله وزاد عليه، ناهيكم عن التصرف في عناوين الفصول والمباحث وغير ذلك بالتقديم والتأخير والحذف.. فأين دعواك المتهافتة بأن الأخطاء الطباعية التي وردت في الكتاب الكثير منها موجود بالنسخة الأصل، فحسبي الله فيك وكفى.
قال الناشر الغاش: "سابعاً: النقد العلمي للكتاب موجود بنفس الموقع كتبه الأستاذ عبد الله بن محمد المنيف للناشر وللمحقق فليرجع إليه من يشاء، ومن أهم ما جاء به ما يتعلق باعتماد المحقق على نسخ رديئة وترك النسخ الجيدة، غاب عن المؤلف أربع نسخ أصلية، وليست مصورة موجودة في مكان واحد هو مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، وهي قريبة من الناشر ومن المحقق عندما كان يدرس في المدينة المنورة، واثنتان من النسخ الأربع هذه مقابلة على أصلها ومصححة ومكتوبة بأسماء علماء مشهورين بل إن إحداهما منسوخة ربما من نسخة الهند ومكان نسخها مدينة بهوبال"اهـ.
والجواب عنه أني لازلت أراك أيها الرويبضة تحشر نفسك وتدس أنفك فيما لا تدريه ولا يعنيك، وقد بلغت بك سفاهتك وجسارتك أن تتكلم في النقد العلمي للكتاب، نعم أنت تحسن نقد الدينار والدرهم، ووسائل جمعها وطرق كسبها باسم الدين.. والسلفية.. وأضواء السلف..
وأما موضوع النقد العلمي للكتاب فقد اطلعت على ما كتبه الأستاذ عبد الله بن محمد المنيف وقت صدوره، ويعلم الله تعالى أني لم أكن أود الإجابة عنه مطلقا لولا أن حشره هذا الخاسر في مقاله، فاستوجب مني الرد والتعقيب؛ ذلك أني لم أجد فيه كبير فائدة ولا استحقاق، وإنما هدر للوقت وتسويد للأوراق، وكذا حملني على إغفاله وإهماله أمور ثلاثة:
الأول: أن الأخ أبا لقمان حفظه الله تعالى وهو الطالب بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية أجاب الأستاذ الناقد في نفس الموقع بما يفيد في الجملة.
الثاني: أن المنيف مِن صدر مقالته يكيل المدح والثناء للناشر، وأنه يحتاج إلى العون والدعم الكبيرين لينفق على نفسه وعياله، وأنه.. وأنه.. بل ختم بذلك مقالته، وكأنها كتبت من أجله. وكان الواجب عليه أن يخلص النقد البناء، والاعتراض الجاد مع صاحب الكتاب، ويسعى لصاحبه الغوث والنجدة والمساعدة في موضع آخر ولدى جهات معروفة.
الثالث: أن في كلامه كثيرا من الاضطراب والخلط كما سأجليه للإخوة الكرام، وأعدهم جميعا بالرد العلمي المفصل على ما كتبه المنيف في القريب العاجل إن شاء الله تعالى، حتى يكون مستقلا عما كتبته هنا منفصلا عنه.
لكني لا أترك الفرصة تضيع في بيان كذبة أخرى من كذبات الناشر ومفترياته تضاف إلى سجله الحافل بذلك، وهي هنا على صاحبه الذاب عن مصلحته ومنفعته. إذ قال (الناشر) وهو يتكلم على لسان صاحبه الناقد: "ومن أهم ما جاء به -يعني في مقاله- ما يتعلق باعتماد المحقق على نسخ رديئة وترك النسخ الجيدة". والناقد لم يقل ذلك بتاتا، ولم يصف نسخ المحقق بأنها رديئة، ومقاله مبثوث في الموقع المذكور لمن يريد التثبت منه، وكأني بصاحبي الناشر الغاش يستبلد القراء ويستغفلهم فيقول بدون حياء: "فليرجع إليه من يشاء".
فارجعوا معشر القراء عافاكم الله بعفوه، وعاملكم بلطفه وإحسانه إلى الموقع المذكور ، كما أوصاكم الناشر بذلك لتحكموا بعين العدل والإنصاف.
كما أرجو منكم إخواني كافة -إن شئتم وتفضلتم- أن تعاودوا قراءة مقالتي الأولى 'هذا بلاغ للناس' لتجتمع عندكم الصورة، وتكتمل لديكم أجنحة القضية.. ولن تجدوا بإذن الله إلا الصدق والحق ؛ محبة للعلم وصونا لأهله وذويه أحياء وأمواتاً.. وليس فيه -قطعاً- شيء يَمُتّ إلى الكسب المالي، والطمع الدنيوي، -كما ادعاه عليّ صاحبنا في مطلع مقاله- والله سبحانه على ما أقول وكيل ، وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل .
وأختم مقالي هذا بدعاءٍ نبوي شريف: «اللهم متعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، وانصرني على من ظلمني، وخذ منه بثأري».
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه راجي عفو ربه العلي
الحسن بن عبد الرحمن العلوي
بمدينة مراكش الحمراء .
مساء يوم الجمعة: 08 ربيع الأول 1430هـ
الموافق: 6 مارس 2009م