الحمد الله الذي حفظ لهذه الأمة دينها كتابا و سنة وهيأ لها علماء أجلاء ينفون عن دينه انتحال المبطلين وزيغ الزائغين و ميولات أسحاب البدع و الاهواء ،فهيئ لها رجالا قاموا بخدمة السنة النبوية خدمة لم يشهد التاريخ لها مثيلا ،و لم يعرف لمجهوداتهم و تضحياتهم شبيها، و ذالك لما علموه من السنن والأثار التي بينت و أوضحت مكانة السنة النبوية من التشريع الإلاهي، فاستخضروا قول النبي صلى الله عليه وسلم "ألا وإني أوتيت القرأن ومثله معه" ،فكانت الحاجة ماسة تصفيتها و غربلتها، فبها يفسر مجمل القرأن ويعلم مراد الله من النصوص العامة في كتابه.
و لما علم أعداء الإسلام وحساد المسلمين ما أوتوا من نعمة وفضل، حاولوا تشويه السنة ود س الأحاديث المكذوبة فيها ووضع و اختلاق أحاديث مكذوبة على النبي وهذا الفعل الشنيع كان له مقصد بعيد المدى وهو تشويه السنة و التشكيك فيها و بالتالي إعراض المسلمين عنها فتذهب الأحكام وتبقا الصور فقط ،و يقال السنة ليست كالقرأن فقد لحقها التحريف و التأويل و ثبوتها ظني فكيف نحكم بالقطع على دلالتها؟؟
فتنبه علماء السنة و في القرون الأولى لهذا الأمر و تحسسوا رائحة الفتنة وظهور بوادر الوضع ،و لهذا قال ابن شهاب الزهري "لولا أحاديث تأتينا من قبل العراق ننكرها لما كتبت شيأ" فقعدوا قواعد لقبول الاخبار من أبرزها عدم فبول خبر عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا بسند، قال ابن سيرين "لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ".فتتبعو الأسانيد و فتشوا عن أحوال الرواة وصدقهم من كذبهم ومدى ضبطهم فاستدعى الحال البحث عن أحوال الرواة ، فتكلموا في الرواة تجريحا و تعديلا و كان الواحد منهم لا تأخذه في الحق لومة لائم فوجدنا من تكلم في صديقه و جاره وأبيه وأخيه و لسان حالهم يقول لأن يكون هؤلاء خصمي يوم القيامة أحب إلي من أن يكون الرسول خصمي، فصنفت المصنفات في علم الرجال وتنوع طرحها هذا صنف في أسماء الصحابة و أخر في طبقاتهم ...وذا ك في التابعين و أخر في الضعفاء و المدلسين و الثقات .....كم هائل من المصنفات تفنى الأعمار دون إكمالها وضبطها
يــــــــتبع إن شاء الله