بسم الله الرحمن الرحيم
" رسالة شكر إلى سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان "
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة " [ رواه أحمد ] ، وقال بعض السلف : ( مثل العلماء مثل النجوم التي يهتدى بها ، والأعلام التي يقتدى بها ، إذا تغيبت عنهم تحيروا ، وإذا تركوها ضلوا ) ، وقال آخر : ( إن مثل العالم في البلد كمثل عين عذبة في البلد ) ، وقال غيره : ( مثل العلماء مثل الماء حيثما سقطوا نفعوا ) .
هذه هي المكانة الراقية التي تبوأها العلماء في الإسلام ، والمنزلة الرفيعة التي حازوها بين المسلمين ، وهنا يطيب لي - بل يتوجب علي - أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الثناء إلى سماحة الشيخ العلامة عبد الرحمن شيبان - رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين - على وقفته المشرفة أمام دعاة إلغاء عقوبة الإعدام من قانون العقوبات الجزائري !! ، وعلى صدعه بالحق : ( بأن من يرى أن حكما بشريا هو أفضل وأصلح من حكم الله هو كافر ، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يرى بأن الحكم القطعي في القرآن قد تجاوزه الزمن ، أو أنه كان صالحا لفترة معينة ، ولم يعد صالحا في الحاضر والمستقبل ) ، ( انظر : جريدة "الشروق اليومي " بتاريخ : 17 / 01 / 2009 م ، ص 3 ) ، إلى غير ذلك من كلماته الصريحة وبيانته الفصيحة في الرد على شرذمة من دعاة حقوق الإنسان - زعموا - ، وأي حق للإنسان يسعون إليه وهم قد عارضوا حق الله في الحاكمية والتشريع ، والله المستعان .
وقد غفل هؤلاء - أو تغافلوا - أن كون الإسلام دين الدولة - كما هو نص الدستور !! - يقتضي أن تكون قوانين وأنظمة الدولة مستمدة من الكتاب والسنة ، لا من قوانين أوروبا الوضعية ، ألم يقرؤوا - أو يسمعوا - قول الله - تعالى - : " إن الحكم إلا لله " [ الأنعام : 57 ، يوسف : 40 ، 67 ] ؟ !!! ؛ فالله - جل وعلا - هو وحده الذي يشرع الشرائع ويسن الأحكام ، كما أنه - سبحانه وتعالى - هو وحده خالق الخلق ومالكهم ومدبر أمورهم ، وليتدبروا قول الله - تعالى - : " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " [ النور : 63 ] .
ولا أجد ما أقوله للشيخ شيبان - حفظه الله - أحسن مما قاله شيخه العلامة السلفي ابن باديس لأخيه ورفيق دربه الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي - رحمهما الله تعالى - : ( فقد بلغني موقفكم الشريف الجليل العادل ، فأقول لكم : " الآن يا عمر " ؛ فقد صنت العلم والدين ، صانك الله وحفظك وتركتك ، وعظمتهما ، عظم الله قدرك في الدنيا والآخرة ، وأعززتهما ، أعزك الله أمام التاريخ الصادق ، وبيضت محياهما ، بيض الله محياك يوم لقائه ، وثبتك على الصراط المستقيم ) ، ( انظر : " من وحي البصائر " ( ص 254 ) للأستاذ محمد الهادي الحسني - وفقه الله - ) .
ورحم الله الشاعر الشيخ حمزة بوكوشة القائل :
إن أنس لا شيبانا ومكرمة * مشت بها في بلاد الله شيبان
شيبان دامت مساعيكم مكملة * لا يتعتريها مدى الأيام نقصان .
( انظر : " من أعلام الإصلاح في الجزائر " ( 2 / 65 ) للأستاذ محمد الحسن فضلاء - رحمه الله - ) .
وهذا كلام نفيس للشيخ العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - أنقله هنا لمناسبته لموقف الشيخ شيبان - زاده الله توفيقا - ، قال - رحمه الله - في " عمدة التفسير " ( 1 / 613 ) : ( إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس ؛ هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة ، ولا عذر لأحد ممن ينتسبون للإسلام - كائنا من كان - في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها ، فليحذر امرؤ لنفسه ، وكل امرئ حسيب نفسه .
ألا فليصدع العلماء بالحق غير هيابين ، وليبلغوا ما أمروا بتبليغه غير موانين ولا مقصرين .
سيقول عني عبيد هذا " الياسق العصري " وناصروه أني جامد وأني رجعي ، وما إلى ذلك من الأقاويل ، ألا فليقولوا ما شاؤوا ، فما عبأت يوما بما يقال عني ، ولكني قلت ما يجب أن أقول ) اهـ .
وفي الأخير أسأل الله أن يحفظ فضيلة الشيخ عبد الرحمن شيبان وأن يبقيه ذخرا لأهل الجزائر ، وأن يوفق الحكام للأخذ بنصائحه وتوجيهاته ففيها خير البلاد والعباد ، وأن يقر به عيون أهل السنة في كل مكان ، والحمد لله رب العالمين .
فريد المرادي ( 22 صفر 1430 هـ ) .
http://merathdz.com/play.php?catsmktba=2058