تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 54 من 54

الموضوع: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    ....عـودة :
    ** من المهم ألا نبالغ في التأنق عند اختيار الألفاظ بحيث نبدو وكأننا نقوم بعملية صف كلام فارغ من المضمون. [1]
    ** المبالغة في الطرح والإغراق في تناول الجزئيات كثيراً ما يكون على حساب استحضار الأصول والكليات.[2]
    ============================== ==========
    [1] ولا زال هذا ديدن بعض خطب الجمعة ، والمحاضرات ، بل والدروس !
    [2] ولذلك ما زلت أقول شيئاً قربياً من هذا : الحكم على الوقائع العينية من خلال ميزان القواعد العامة والأصول الكلية يؤدي في الجملة إلى أغلاط عظيمة ، وهو مدعاة للكسل عن تعاطي الحقيقة كما هي عليه فإن لكل واقعة عينية سماتها التي تنفرد بها عن غيرها ، ولا يجلّي هذه السمات مجرد الاكتفاء بمعيار الأصول الكلية والقواعد العامة. إن مخالفة هذا الأصل أدى إلى كثير من القلق والاضطراب بين الطوائف والفرق في الأمة ، بل حتى بين أهل السنة ، ذلك أن هذا الميزان وإن بدا مريحاً و سهلاً إلا أنه على حساب استجلاء التفاصيل التي قد تغير الحكم رأساً على عقب.

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    لعل في عبارة البكار موطن لم يتضح جيداً وهو تقريع ونقد من لا يريد الانصات والاستماع في أمور يعلم الطرفان أنها محل خلاف ، أما من يظن أنه على الحق القطعي - ولو كان خطأ في نفس الأمر - فهذا يصعب أن تجد عنده من الاستعداد ما يدعوه للإنصات ، فهذا لومه على عدم الانصات ليس بمقدار اللوم الموجه لمن يعلم أنه لاقطع عنده فيما لديه. المفهوم الذي ترمي إليه العبارة هو توجيه اللوم لمن يتشدد فيما يعلم أنه لا قطع فيه. أما من قطع بشيء وآمن به فهذا له مكان آخر و تعامل مختلف. هذا ما فهمته.

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    279

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    أحسن الله إليكم

    لعله هو

    وبعيدا عن الكاتب وغيره : لا أؤيد هذه الفكرة كقاعدة في الحوار
    وليس الحوار هدفا لذاته أبدا
    إنما الحوار وسيلة لهدف عظيم وهو البلاغ
    لأن ربنا أخبر بأن من الناس من لا يستطيع السماع قال تعالى ( ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) فالخروج عن هذه القواعد الربانية غلط ، ليس لأنه مخالفة فقط ، كلا ، بل لأنه مخالف للصواب العقلي أيضا لأنه قول من خلق وهو اللطيف الخبير
    وحينما أتذكر آية الأنفال أقف متعجبا من وضوح القضية تماما
    لنقرأ قوله تعالى ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) لكنه جل وعلا علم أنه ليس فيهم خير ، ولكنه عقب بقطع حاسم جدا وهو ( ولو أسمعهم ) ماذا يكون ؟ ( لتولوا وهم معرضون )
    فالتعميم أسلوب أسمعه من الكثيرين في طرحهم مع أن الطرح الجيد ليس هو ما يحب أن يسمع فقط ؟ كلا
    الطرح الجيد هو ما يكون صحيحا في لفظه عمليا في نتائجه واقعيا في متطلباته

    ولذا ستكون مداخلتي بعد قليل في مصطلح ( تجديد الخطاب الإسلامي )
    وأعتذر إن أفسدت موضوعك وأعلم أن طريقتي قد لا تكون منظمة ولكن تحملنا

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    38

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    جزاكم الله خيراً
    حقيقة الموضوع شيق وذو شجون وفيه نقاط جديرة بالعناية
    مع أني أتمنى التركيز على موضوع الحوار وعدم الخروج عنه بتحويل الحوار إلى ...
    ثم أتمنى أن تكون نظرتنا للموضوع واسعة وألا تكون قاصرة وأن هؤلاء هم العلماء الربانيين !
    وغيرهم صفر على الشمال -إن صح التعبير- ، لا يا اخوتي ، الأمة فيها الخير ولن تُعدم الخير بإذن الله
    وصاحب الموضوع جزاه الله خيراً موضوعه في الصميم وأشد على يديه في اكماله ومتابعته وترك بُنيات الطريق

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    جزاكم الله خيرا ، أنت لم تفسد شيئاً.

    الحوار ليس هدفاً لذاته ، ممكن ، و مازال الأصوليون يقولون "علة العلة" ، فهناك علة في ذاتها ولكنها ربما كانت أيضاً علة لعلة بعدها وهكذا ، وهناك ما هو غاية لغاية : فالغاية تحسين مستوى الخطاب لغاية بعدها : الوصول للحقيقة. وقد تحدث الشاطبي وغيره عما هو غاية ووسيلة في آن معاً ، ولا أطيل في هذه الجزيئة البسيطة.


    هناك فرق بين ما يناسب المخاطب وما يعجبه ويحبه ، ولا مانع أصلاً من التركيز على ما يحبه المخاطب لأجل مصلحة راجحة وشواهد هذا في السيرة وكلام السلف كثيرة ، فإذا تحققت المصلحة بذلك فقد دخل كل هذا في عموم ما يناسبه و لا إشكال. وقد تحدثت إليك عن خطورة الانطلاق الدائم من القواعد العامة والأصول الكلية في التعامل مع الأعيان ، سواء مجموعات أو أفراد ، فنحن نتفق أن تنجيس المسجد لا يجوز والمحافظة على طهارته أمر محمود ، هذه قاعدة عامة إجمالية ، لكن لما دخل الأعرابي وكاد أن يحصر أذن له النبي بالتبول فيه ، هذا انصراف من مفهوم القاعدة العامة إلى عكس ما تقتضيه لأن التعامل مع قضية معينة استلزم ذلك ، ولذلك لما نهض الصحابة على هذا الأعرابي فإنهم إنما استشعروا معنى القاعدة العامة ، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقدم لوزام الحادثة الواقعية على لوازم القاعدة العامة ، والأمثلة كثيرة جداً من كتاب الله وسنة نبيه. أخي الحبيب : كلامك في مشاركتك الأخيرة جميل ورائع ، ولكنه عام ، القرآن يقرر سمات عامة و قضايا كلية ، ولكنا لا نستطيع أن نحكم بها على الأعيان قبل أن نجد من الأعيان ما يشهد بمنصوص النص ، مثلاً : نتفق تمام الاتفاق أن من الناس من لايسمع كما جاء في القرآن ، ولكن متى نعرف أنه لا يسمع ؟ بعدما نباشره ويصدر منه ما يصدق هذا الوصف ، أما إذا جئنا للحوار أو الجدال مع شخص أو مجموعة ونحن لا نعرف من كتاب الله في تلك اللحظة إلا ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون و قوله تعالى إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم فإنا نكون قد وضعنا المخاطب في أحوال وهيئات مسبقة و صنعنا تصوراً جزئياً عن حقيقتهم [ولكن الآيات المستحضرة هنا حق في نفسها لا خلاف في ذلك]. هذا بدوره يؤدي إلى جعل الخطاب الموجه شديد الوطأة لأنهم لا يسمعون ولا يفقهون..الخ. هذا في حق من لم يستوفى معه حق النصح والحوار. أما من ظهر شره و أبى الاستماع و لم يرفع بالحق الواضح رأساً فهذا هو الذي تصدق عليه الآيات ، ولذلك قال تعالى وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً لما تبين حالهم وصار واضحاً فناسبهم أن يخاطبوا بهذه الطريقة.


    ولكن هنا إشكالية عميقة قلما يتفطن لها النبهاء فضلاً عن غيرهم وهو أنهم يظنون أنهم قد أفلحوا في استيضاح حال المخاطب و قاموا بما يجب ، وربما كان الهوى الخفي من أسباب تعطيل بذل الوسع عن أخذ كفايته في تجلية حال المخاطب ، مثلاً يأتي داعية أو عالم او طالب علم فيقول : لقد كلمته وحاورته وجادلته و أقمت عليه الحجة فلم يسمع ولم يفهم. هذا زعم ، ولكن النفس المنصفة لو رأت ما فعله لرأت خطاباً لا يجعل الآخر على محك "ليحي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة" وهذا مقام عزيز جداً من الحوار والنصح ، ولكن البعض بسبب استحواذ قدر من الهوى على شيء من أحواله ينحطم ويخور ويعجز عن قبل بلوغ هذه الدرجة العالية من الإسماع والاستماع.

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    استراحـة وإلماحـة
    ....هذا ومن تأمل أحوال الظن لوجدها حاكمة على أصناف الأفعال وموجهة لأحكام المقال والمقام بحسبها. فمن كان ظنه بعامة المؤمنين سيئاً ، فعلى منهجه في الدعوة دائرة السوء ، ومن كان ظنه حسناً ، فعلى منهجه نور وبركات ، وهو في عافية من المقت المشين الحاكم على سائر المسلمين بالضلال ، وتمام الجهل وقبيح الخِلال. وليعتبر هؤلاء بحسن ظن نبيهم بعبدة الأوثان و طواغيت الشرك في زمنه لما قال : أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ، فما بالك يارعاك الله بما يستحقه من عصمه الله بعصمة الإسلام ؟ هم منا وفينا وأحبتنا و نحب لهم ما نحب لأنفسنا ، بل لمن نبلت نفسه وزكت سجيته أن يؤثرهم على نفسه ولو كان به خصاصة.

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    85

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    لماذا توقف النقاش؟

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    لن يتوقف إن شاء الله...هذا من أهم مواضيعي في هذا المنتدى المبارك بأصحابه ، نتائج تأملي و قراءاتي ، فأنا لا أستعجل في إكماله بأي شيء ، سيكمل إن شاء الله ريثما أفرغ من إنهاك بعض الأفكار تأملاً.

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    إلمـاحة...
    وأكثر من انتكس و انقلب على عقبيه هم ممن قدّموا قشور السلوك على لباب الآداب القرآنية و الأخلاق النبوية ، وهذه من رزايا خطاب دعوي آثر التربية المخبرية نسيئةً وفضّل التربية المظهرية يداً بيد.

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    يقول الدكتور عبدالله النفيسي ((وإذا أرادت الصحوة الإسلامية أن تحتضنها الجماهير فيجب على الصحوة الإسلامية أن تبادر هي في احتضان الجماهير من خلال الانحياز الدائم لها وضبط العلاقة بها وفق نظرية موضوعية في العلاقات الشعبية ، يجب أن ينعكس هذا الأمر على طبيعة لغة التخاطب مع الناس ، لا بد من الرفق معهم وحسن التأتي والابتعاد عن مخاطبة الناس بلغة القضاة الأوصياء لأننا في الأساس دعاة لا قضاة. كما أنه يجب أن ينعكس على طبيعة التعامل مع الناس واستعدادنا التام للتآلف معهم في إطار المباح وعدم الاعتزال لما في العزلة من ضرر على الصحوة الإسلامية)).)). [1]
    ==========================
    [1] مستقبل الصحوة الإسلامية ، ص21.
    (قلت): نشر هذا الكتاب عام 1404 هـ وهي مرحلة من حقبة اكتسب فيها اصطلاح "الصحوة" زخماً خاصاً لم يعد اليوم كما كان حينئذ.

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    قلت : ....فقـه بـلا أخـلاق = ماله في العلم النافع من خلاق

    في مراجعة مصطلح " الفقيـه"
    بقلم د. أبو أمامة بن الشلي
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : ربما بدا من غير المنطقي لكثير من الباحثين والدارسين أن نكتب عن واحدة من القضايا المسلمة؛ بإثارة مثل هذا السؤال الذي غدا جوابه معلوما لدى كل طلبة الفقه والشريعة فضلا عمن درج وانتهى في هذا السبيل.
    ونريد من القاريء الكريم ألا يستعجل الحكم، وأن يتأنى في تقرير النتائج، حتى لا يفاجأ بمنطقية التساؤل ومعقولية الاستفهام.
    ذلك أنا ورثنا تراثا فقهيا هو نتيجة تفاعل العقل مع النص مصحوبا بتأثير الزمان والمكان، وقد غدا هذا التراث مع مرور الحقب وضعف الهمم حقائق لا تقبل النقض؛ من كثرة التلقين والتكرار، على نحو قول القائل : خطأ مشهور خير من صواب مهجور !. والفقه بداهة هو واحد من علوم الشريعة أو من علوم الدين أو العلوم الإسلامية -كما يحلو للبعض أن يسميها- وهي في جوهرها جميعا ترتد إلى التعريف بالخالق عز وجل وبمهمة الانسان في هذا الوجود، فأين تتجلى هذه الحقيقة في مباحث هذا العلم؟ في ربع العبادات تفصيلات كثيرة تصل إلى حد الإغراق أحيانا، ولكنك تعدم أن ترى مباحث عن الخشوع والإخلاص وعن الآفات الخفية للعبادة؛ والتي يمكن أن تعود عليها بالنقض والإبطال؛ من مثل الرياء وحب المحمدة والنفاق..!.
    وفي ربع المعاملات المالية تفصيلات وتوضيحات لمباحث الحلال والحرام، وما يصح وما لا يصح من أنواع التصرفات قولا وعملا، ولكن من النادر أن تظفر بحديث عن تسخير الكون بما فيه لهذا الانسان من أجل التقوّي على طاعة الله، وعن توقيت الملك وزواله مهما أوتي الانسان ! وعن حب الخير للناس؛ والسعي إلى نفعهم ...الخ.
    وفي ربع الجنايات تفريعات ومباحث مهمة تحدد نوع العدوان وما يقابله من العفو أو القصاص..ولكن من النادر أن تجد حديثا عن التوبة أو طرق الوقاية من الجريمة قبل وقوعها ودور المجتمع بكل فئاته في ذلك! كان الفقهاء في صدر الإسلام هم القراء وكان يتردد عندهم أن رأس الحكمة مخافة الله عز وجل وأن «الفقه ليس بكثرة الرواية إنما الفقيه الذي يخشى الله عز وجل ».
    وقدكتب حافظ المغرب أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله فصلا ممتعا في كتابه جامع بيان العلم عنونه بـ (باب من يستحق أن يسمى فقيها أو عالما حقيقة لا مجازا) (1) ومما جاء فيه : قول الإمام علّي رضي الله عنه :« ألا أنبئكم بالفقيه كل الفقيه ؟ قالوا : بلى.قال : من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله، ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا علم ليس فيه تفهم، ولا قراءة ليس فيها تدبر» (2).

    وقال أبو الدرداء رضي الله عنه :«لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة، ولن تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله ثم تقبل على نفسك فتكون لها أشد مقتا منك من الناس» (3).
    وروى ابن عبد البر بسنده إلى أبي حيان التيمي قال : «العلماء ثلاثة : عالم بالله وبأمر الله، وعالم بالله وليس بعالم بأمر الله، وعالم بأمر الله وليس بعالم بالله، فأما العالم بالله وبأمره : فذلك الخائف لله العالم بسنته وحدوده وفرائضه، وأما العالم بالله وليس بعالم بأمر الله فذلك الخائف لله وليس بعالم بسنته ولا حدوده ولا فرائضه، وأما العالم بأمر الله وليس بعالم بالله فذلك العالم بسنته وحدوده وفرائضه وليس بخائف له» (4).
    فتأمل كيف اشترط في العالم بالله وبأمره أن يجمع بين العلم والخوف أو بين العلم والعمل. ولما أوصى الخليفة العباسي الإمام مالكا بأن يضع للناس موطأ يجتنب فيه شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود؛قال مالك رحمه الله معلقا :« فخرجت من عنده فقيها» (5)،
    ولا شك أنه لا يريد مطلق الفقه الذي يتداوله الناس، وإنما مقصوده حقيقة الفقه وجوهره، وهو الفقه الذي يحمل الناس فيه على السماحة والرفق؛ بما لا يبغض إليهم الدين ولا يشدد عليهم فيه، وبما لا يجعلهم يتحللون من تكاليفه؛ فيأخذ بأيديهم نحو ما يصلحهم في دنياهم وآخرتهم على المعهود الوسط الذي يليق بالجمهور.
    مثل هذه المعاني التي غابت عن مجالس الدرس والتعليم في أيامنا هذه هي التي جعلتنا نتساءل عن معنى الفقيه، وقد يغيب عن وعي كثير من الأساتذة والمدرسين ما الأمة بحاجة إليه في الإعداد والتكوين فتراهم حين يدرسون تاريخ الفقه الإسلامي يتحدثون عن عصر الضعف - حين اهتم علماء الأمة بالألفاظ وشرحها واختصارها ثم كتابة الهوامش والتعليقات عليها- ولكنهم هم أنفسهم لا يستطيعون الانفكاك عن مدرسة اللفظ وتغليبه على المعنى المراد منه حين يقبلون على تدريس الفقه، فبالرغم من وضوح معنى الفقه إلا أنه لا يكاد مجلس درس يحتوي على فن من فنون الفقه الإسلامي إلا وتجد شرح المصطلح يتكرر مرارا.
    وقد رأينا من أساتذة الجامعة مَن ما زال يعيد تعريف" البيع"- مثلا- للطلبة ويقف عند شرح قيوده ومحترزاته ولو استغرق ذلك المحاضرة والمحاضرتين، هذا والبيع مما علم معناه وحقيقته للصبيان وعامة المسلمين!.وقد نبه الإمام الشاطبي في إحدى أفكاره على أن التعمق في التعاريف ليس من هدي السلف (6).
    وتأمل جيدا في النصوص التي سقناها آنفا لترى أن فصل العلم عن العمل أو الفقه عن الخوف من الله لا يستقيم في المنهج الإسلامي، ومنه تعلم أن ما تُنشأ عليه الأجيال في الجامعات والمعاهد الإسلامية اليوم؛ من الاكتفاء بالتلقين والتثقيف العلمي دون اهتمام بالأخلاق والسلوك؛ مخالف لهدي السلف الصالح، وللمنهج الإسلامي في إعداد الكوادر والكفاءات العلمية، وربما كانت هذه الطريقة وبالا على الأمة من حيث اتخاذ هذا الفقه مطية للجدال والحجاج بغير حق، كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه : «ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون» (7).
    إن أولى المراجعات على طريق الإصلاح للفكر الفقهي فيما نراه هو عقد ما انفرط من الصلة بين علم الفقه وبين ما يراد منه ومن علوم الشرع جميعا؛ تحقيق الخوف من الله وتربية النفوس المؤمنة، على نحو ما كتب الغزالي وابن مفلح وابن الجوزي عليهم رحمة الله.
    = = = = = = = = = = = = = = = = =
    1- وفي هذا قرينة على وجاهة التساؤل الذي سقناه، وأن الحذاق من الفقهاء قد نبهوا على هذا النوع من الخلل من قديم.
    2- جامع بيان العلم : 2/54 3
    - ذاته : 2/ 56 4
    - ذاته : 2/60.
    5- بهجة النفوس لابن أبي جمرة : 1/82.وقد روي أن المنصور الخليفة العباسي قال لمالك : يا أبا عبد الله ضع هذا العلم ودونه ودون منه كتبا، وتجنب شدائد عبد الله بن عمر ورخص عبد الله بن عباس وشواذ ابن مسعود، واقصد إلى أوسط الأمور وما اجتمع عليه الأئمة والصحابة رضي الله عنهم لنحمل الناس إن شاء الله على علمك وكتبك...الخ.ترتيب المدارك : 1/193الديباج المذهب :1/5 .
    6- ر: المقدمة السادسة :1/ 38 ـ41.
    7- رواه ابن عبد البر بسنده إلى سيدنا عمر رضي الله عنه : جامع بيان العلم : 2/135.

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    مصر المسلمة
    المشاركات
    301

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الشهري مشاهدة المشاركة
    لن يتوقف إن شاء الله...هذا من أهم مواضيعي في هذا المنتدى المبارك بأصحابه ، نتائج تأملي و قراءاتي ، فأنا لا أستعجل في إكماله بأي شيء ، سيكمل إن شاء الله ريثما أفرغ من إنهاك بعض الأفكار تأملاً.
    للرفع.........
    جزاكم الله خيرا
    عن عبد الله بن مطرف أنه قال فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة قيل لم يا أبا جَزْء قال إنه أورعهما عن محارم الله

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    77

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    جزاك الله خير

  14. #54

    افتراضي رد: شخصية العالم و طالب العلم "اليوم"...مفاهي لا بد أن تتغير.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المقرئ مشاهدة المشاركة
    أخالفك تماما شيخنا الكريم
    أين الشيخ صالح الفوزان - أين سماحة المفتي _ أين الشيخ البراك وغيرهم كثير

    أعتقد أننا في مشكلة مع طلبة العلم وليس مع المربين الربانيين

    كثير من الطلبة وضع نفسه موضعهم ، كثير من الطلبة استعجل في مخالفتهم ، كثير منهم نازعهم في مواقعهم
    هذه مشكلتنا فيما أحسب ، ربنا أمرنا بالرجوع إليهم وكثير منا يقيم تصرفاتهم فالله المستعان
    صدقت بارك الله فيك
    ويا ليت من يخالف يخالف بأدب وعلم وفهم اذا لهان الخطب
    ولكن المخالفه و النقد تكون .............للأسف
    هدانا الله جميعا لما يحب و يرضى

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •