الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قال القرطبي في مقدمة تفسيره ، وبعدما ذكر روايات حديث " من قال في القرآن برأية فليتبوأ مقعده من النار " - بصرف النظر عن صحة الحديث - قال : وقال ابن عطية: " ومعنى هذا ان يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله عزوجل فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء، واقتضته قوانين العلم كالنحو والاصول، وليس يدخل في هذا الحديث ان يفسر اللغويون لغته والنحويون نحوه والفقهاء معانيه، ويقول كل واحد باجتهاده المبنى على قوانين علم ونظر، فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه ".
قلت - أي القرطبي - : هذا صحيح وهو الذي اختاره غير واحد من العلماء، فإن من قال فيه بما سنح في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالاصول فهو مخطئ، وان من استنبط معناه بحمله على الاصول المحكمة المتفق على معناها فهو ممدوح.
وقال بعض العلماء: ان التفسير موقوف على السماع، لقوله تعالى: " فإن تنازعتم في شئ فردوه الى الله والرسول "
وهذا فاسد لأن النهي عن تفسير القران لا يخلو: اما ان يكون المراد به الاقتصار على النقل والمسموع وترك الاستنباط، أو المراد به امرا اخر.
وباطل ان يكون المراد به ألا يتكلم احد في القران الا بما سمعه، فإن الصحابة رضى الله عنهم قد قرءوا القران واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فان كان التأويل مسموعا كالتنزيل فما فائدة تخصيصه بذلك ! وهذا بين لا اشكال فيه،