تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: كلمة الخلق في ميزان العلماء ( هام جدا )

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    14

    Arrow كلمة الخلق في ميزان العلماء ( هام جدا )

    الحمد لله الخلاق العليم و الصلاة و السلام على من أرسله الله تعالى بالهدى و الخير العميم و على آله و صحبه أصحاب الهدى و الصراط المستقيم و على من اقثفى أثرهم و سلك سبيلهم إلى يوم الزلزلة العظيم
    و بعد
    فقد شاع في هذه الأزمنة المتأخرة أخطاء جسيمة في كلام العرب الخواص فضلا عن العوام منهم و هذا نتيجة لبعدهم السحيق عن كلام العرب المتقدمين فهُم الذين كانوا مثالا يقتدى بهم في وجه اللسان العربي المبين و من بين هذه الأخطاء المرتكبة في هذه الأيام كثرة استعمال كلمة الخلق في غير محلها .
    قال العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه القيم الرائع تقويم اللسانين أي القلم و اللسان .
    الخلق :
    كثر استعمال الخلق في هذا الزمان بمعنى الإنشاء و الإيجاد , يقال مثلا : يجب علينا أن نسعى لخلق نهضة ثقافية و هو استعمال فاسد , جاء من جهلة المترجمين لكلمة في اللغات الأوربية مشتركة , تستعمل في إنشاء الله تعالى المخلوقات و إيجادها على غير مثال سابق , و تستعمل في تلك اللغات أيضا في معنى الإنشاء المطلق .
    أما في اللغة العربية فإن الخلق بمعنى الإيجاد و الإنشاء خاص بالله تعالى , و من أسمائه الخالق و الخلاق , قال تعالى في سورة النحل ( 17 ) (( أفمن يخلق كمن لا يخلق , أفلا تذكرون )) و قال تعالى في السورة نفسها (19/20 ) (( و الله يعلم ما تسرون و ما تعلنون , و الذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا , و هم يخلقون )) . و قال تعالى في سورة الرعد ( 16 ) (( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء و هو الواحد القهار )) .
    أما في هذا الزمان الذي اختلت فيه الموازين و المقاييس و صار الناس فوضى في الإنشاء العربي , فلم يبق الخلق خاصا بالله تعالى , بل صار الناس كلهم خالقين و خلاقين .
    قال في لسان العرب : خلق : الله تعالى , و تقدس الخالق و الخلاق : و في التنزيل : (( هو الله الخالق البارئ المصور )) و فيه (( بلى و هو الخلاق العليم )) : و إنما قدم أول وهلة , لأنه من أسماء الله تعالى :
    الأزهري : و من صفات الله تعالى الخالق و الخلاق , و لا تجوز هذه الصفة بالألف و اللام لغير الله , عز وجل , و هو الذي أوجد الأشياء جميعها , بعد أن لم تكن موجودة : و أصل الخلق التقدير , فهو باعتبار تقدير ما منه وجودها , و بالاعتبار للإيجاد على وفق التقدير : خالق :
    والخَلْقُ في كلام العرب: ابتِداع الشيء على مِثال لم يُسبق إِليه: وكل شيء خلَقه الله فهو
    مُبْتَدِئه على غير مثال سُبق إِليه: أَلا له الخَلق والأَمر تبارك الله أَحسن الخالقين. قال أَبو بكر
    بن الأَنباري: الخلق في كلام العرب على وجهين: أَحدهما الإِنْشاء على مثال أَبْدعَه، والآخر
    التقدير؛ وقال في قوله تعالى: فتبارك الله أَحسنُ الخالقين، معناه أَحسن المُقدِّرين؛ وكذلك
    قوله تعالى: وتَخْلقُون إِفْكاً؛ أَي تُقدِّرون كذباً.
    وقوله تعالى: أَنِّي أَخْلُق لكم من الطين خَلْقه؛ تقديره، ولم يرد أَنه يُحدِث معدوماً. ابن سيده: خَلق الله الشيء يَخلُقه خلقاً أَحدثه بعد أَن لم يكن، والخَلْقُ يكون المصدر ويكون
    المَخْلُوقَ؛ وقوله عز وجل: يخلُقكم في بطون أُمهاتكم خَلْقاً من بعد خَلق في ظُلمات ثلاث؛
    أَي يخلُقكم نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عِظاماً ثم يَكسُو العِظام لحماً ثم يُصوّر ويَنفُخ فيه
    الرُّوح، فذلك معنى خَلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث في البَطن والرَّحِم والمَشِيمةِ، وقد
    قيل في الأَصلاب والرحم والبطن؛ وقوله تعالى: الذي أَحسَنَ كلَّ شيء خَلْقَه؛ في قراءة من
    قرأَ به؛ قال ثعلب: فيه ثلاثة أَوجه: فقال خَلْقاً منه، وقال خَلْقَ كلِّ شيء، وقال عَلَّم كُلَّ شيء خَلْقَه؛ وقوله عز وجل: فلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله؛ قيل: معناه دِينَ الله لأَن الله فَطَر الخَلْقَ
    على الإِسلام وخلَقهم من ظهر آدم، عليه السلام، كالذّرِّ، وأَشْهَدَهم أَنه ربهم وآمنوا، فمن
    كفر فقد غيَّر خلق الله، وقيل: هو الخِصاء لأَنَّ من يَخْصِي الفحل فقد غيَّر خَلْقَ الله، وقال
    الحسن ومجاهد: فليغيرن خَلْقَ الله، أَي دِينَ الله؛ قال ابن عرفة: ذهب قوم إِلى أَن قولهما
    حجة لمن قال الإِيمان مخلوق ولا حجة له، لأَن قولهما دِين الله أَرادا حكم الله، والدِّينُ
    الحُكْم، أَي فليغيرن حكم الله والخَلْق الدّين. وأَما قوله تعالى: لا تَبْدِيلَ لخَلْق الله؛ قال قتادة:
    لدِين الله، وقيل: معناه أَنَّ ما خلقه الله فهو الصحيح لا يَقدِر أَحد أَن يُبَدِّلَ معنى صحة
    الدين. وقوله تعالى: ولقد جئتمُونا فُرادَى كما خَلَقْناكم أَوَّل مرة؛ أَي قُدرتُنا على حَشْركم
    كقدرتنا على خَلْقِكم.
    و يطلق الخلق أيضا على التقدير قال في اللسان : و خلق الأديم يخلقه خلقا , قدره لما يريد قبل القطع , و قاسه ليقطع منه مزادة أو قربة أو خفا , قال زهير يمدح رجلا .
    و لأنت تفري ما خلقت و بعض القوم يخلق ثم لا يفري
    يقول : أنت إذا قدرت أمرا قطعته و أمضيته , و غيرك يقدر مالا يقطعه , لأنه ليس بماضي العزم , و أنت مضاء على ما عزمت عليه . اه
    أقول : و قد رأيت أهل البادية في الصحراء يدبغون جلد البعير و يقطعونه نعالا , فكلما احتاج أحدهم إلى نعلين يضع قدمه اليمنى على قطعة كبيرة من الجلد المذكور , فيأتي الشخص الذي يقطع النعلين و يخط خطا إلى جانب القدم دائرا بها و ذلك هو الخلق , ثم يقطع النعل على ذلك التخطيط , و ذلك القطع هو الفري , ثم يفعل ذلك بالقدم الأخرى , فتجيء النعلان على قدر القدمين بلا زيد و لا نقص : فقول الشاعر
    و لأنت تفري ما خلقت و بعض القوم يخلق ثم لا يفري
    يريد أن ممدوحه متى عزم على شيء نفذ عزمه , و غيره يعزم و يقدر , ثم لا ينفذ شيئا , لأنه خائر العزيمة , ضعيف الإرادة .
    و المعنى الثالث للخلق هو الكذب : قال تعالى في سورة العنكبوت (( إنما تعبدون من دون الله أوثانا و تخلقون إفكا )) أي تكذبون كذبا . و قال الشاعر :
    لي حيلة فيمن ينم (()) و ليس في الكذب حيلة
    من كان يخلق ما يقــو (()) ل فحيلتي فيه قليلة
    ( تقويم اللسانين ص 14/16 ) بتصرف
    و بهذا فقد علم إن شاء الله تعالى أن كلمة الخلق يستعملها كثيرا من الناس في غير موضعها الذي ارتضته لها العرب العرباء و نص عليه أهل العلم الأكفاء و هي خاصة بالله رب العالمين , و ذلك عند قصد الإيجاد و الإنشاء
    قال عز من قائل
    (( أفمن يخلق كمن لا يخلق , أفلا تذكرون ))
    و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    228

    افتراضي

    ماذا لو استعمل الفعل من الكلمة لغير الخالق سبحانه ، كما فى الآية : " أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير " ، هل يأثم القائل ؟
    وإذا أسقط الفعل ( خلق ) على الإنسان فيما لو صنع آلة مثلا ، أو كتب مقالا ، وهو يعتقد بأنه لم يخلقه من عدم ، هل يأثم أيضا ؟
    أحسن الله إليكم ..
    إِذَا مَرَّ بى يَـوْمٌ وَلمْ أَقْتَبِـسْ هُدَىً وَلَمْ أَسْتَفِدْ عِلْمَـاً ، فَمَا ذَاكَ مِنْ عُمْرِى !

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظــــاعنة مشاهدة المشاركة
    ماذا لو استعمل الفعل من الكلمة لغير الخالق سبحانه ، كما فى الآية : " أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير " ، هل يأثم القائل ؟
    وإذا أسقط الفعل ( خلق ) على الإنسان فيما لو صنع آلة مثلا ، أو كتب مقالا ، وهو يعتقد بأنه لم يخلقه من عدم ، هل يأثم أيضا ؟
    أحسن الله إليكم ..
    بارك الله فيك أختي الظاعنة و زادك الله حرصا و توفيقا أما بالنسبة للسؤالان المذكوران فجوابهما كالتالي
    أولا : إن نسبة فعل ( الخلق ) إلى المسيح عليه السلام يراد بها التقدير و هذا جائز في كلام العرب كما تقدم لأن الخلق في كلام العرب على وجهين: أَحدهما الإِنْشاء على مثال أَبْدعَه، والآخر
    التقدير كما ذكره أَبو بكر بن الأَنباري و أيده عليه صاحب لسان العرب
    فالمسيح عليه السلام خلق تصويرا و قدره لما يريد قبل النفخ فيه و هذا خاص به وحده لأنه نبي من أنبياء الله تعالى و مؤذون له من الله جل و علا و قد وضح هذه المسألة جليا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الجواب الصحيح في الجزء الثالث ص 251
    حيث قال : ( أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله فأخبره أنه يخلق من الطين كهيئة الطير طيرا بإذن الله وكذلك الملك يخلق النطفة في الرحم بإذن الله ولا يجوز أن يريد به أن حياة الله خلقتني وتعلمني فإن الصفة لا تخلق ولا تعلم إنما يخلق ويعلم الرب الموصوف الذي خلق الإنسان من علق الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ولكن هو سبحانه يخلق بواسطة الملائكة فإن الملائكة رسل الله في الخلق فجاز أن يضاف الفعل إلى الوسائط تارة وإلى الرب أخرى وهذا موجود في الكتب الإلهية في غير موضع كما في القرآن الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها وفي موضع آخر حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون وفي موضع ثالث قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون
    و قال موضحا و في نفس الكتاب الجزء الرابع الصفحة 46 ما يلي :
    ( وقال المسيح عن نفسه إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله فلم يذكر إلا خلق شيء معين خاص بإذن الله فكيف يكون هذا الخالق هو ذاك الوجه الثاني أنه خلق من الطين كهيئة الطير والمراد به تصويره بصورة الطير وهذا الخلق يقدر عليه عامة الناس فإنه يمكن أحدهم أن يصور من الطين كهيئة الطير وغير الطير من الحيوانات ولكن هذا التصوير محرم بخلاف تصوير المسيح فإن الله أذن له فيه والمعجزة أنه ينفخ فيه الروح فيصير طيرا بإذن الله عز وجل ليس المعجزة مجرد خلقه من الطين فإن هذا مشترك وقد لعن النبي المصورين وقال إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون الوجه الثالث أن الله أخبر المسيح أنه إنما فعل التصوير والنفخ بإذنه تعالى وأخبر المسيح عليه السلام أنه فعله بإذن الله وأخبر الله أن هذا من نعمه التي أنعم بها على المسيح عليه السلام
    و قد وقفت على كلام و نقل ماتع للحافظ بن حجر في الفتح عند إيراده لنسبة فعل الخلق للمصورين و هذا نصه كما في الجزء الثالث عشر الصفحة 535
    قال ما يلي : ( قال بن بطال قوله في حديث عائشة وغيره يقال لهم احيوا ما خلقتم انما نسب خلقها إليهم تقريعا لهم بمضاهاتهم الله تعالى في خلقه فبكتهم بأن قال إذا شابهتم بما صورتم مخلوقات الله تعالى فأحيوها كما احيا هو من خلق وقال الكرماني أسند الخلق إليهم صريحا وهو خلاف الترجمة لكن المراد كسبهم فاطلق لفظ الخلق عليهم استهزاء أو ضمن خلقتم معنى صورتم تشبيها بالخلق أو أطلق بناء على زعمهم فيه قلت والذي يظهر ان مناسبة ذكر حديث المصورين لترجمة هذا الباب من جهة ان من زعم انه يخلق فعل نفسه لو صحت دعواه لما وقع الإنكار على هؤلاء المصورين فلما كان أمرهم بنفخ الروح فيما صوروه أمر تعجيز ونسبة الخلق إليهم انما هي على سبيل التهكم والاستهزاء دل على فساد قول من نسب خلق فعله اليه استقلالا والعلم عند الله تعالى )
    قلت و بهذا يعلم إن شاء الله تعالى أن نسبة فعل الخلق لبعض المخلوقين إما أن تكون بالإضافة و الواسطة كالأنبياء و الملائكة و هذه خاصة و إما قصد التقدير و هذه عامة لكل المخلوقين و من أكبر الأدلة على ذلك أن الشارع الحكيم نسب للمصورين فعل الخلق قصد التقدير فقال لهم كما صح عند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قال عليه الصلاة و السلام : (( إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ))
    و نفاه عنهم في حديث آخر عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال ( دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ، فرأى فيها تصاوير فقال لي : ابتغ لي ماء ، فأتيته صلى الله عليه وسلم بماء في دلو ، فجعل يبل به الثوب ثم يضرب به الصور ويقول : قاتل الله أقواما يصورون ما لا يخلقون ) صححه الألباني في صحيح الجامع 4292
    أما جوابا عن السؤال الثاني فأقول و باختصار إن قُصد به تقديره للآلة و الكتابة فلا شيء في ذلك كما سمي فعل من يقطع و يخط قدر الخف بالخلق و هذا موجود و مستعمل في كلام العرب أما إن قصد الإيجاد و الإنشاء على مثال لم يسبق إليه فهذا خاص بالله وحده جل و علا و يا حبذا لو ترك هذا قصد ترك الإلتباس و الله تعالى أعلم و هو أعز و أحكم .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    131

    افتراضي رد: كلمة الخلق في ميزان العلماء ( هام جدا )

    جزاك الله خيرا

  5. #5

    افتراضي رد: كلمة الخلق في ميزان العلماء ( هام جدا )

    جزاك الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •