الأحاديث التي جائت في تحريم التصويرالتي جمعها الشيخ التويجري رحمه الله في كتاب ( تحريم التصوير والرد على من أباحه )
الحديث الأول : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصور في البيت ونهى أن يصنع ذلك ) . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح . قال : وفي الباب عن علي وأبي طلحة وعائشة وأبي هريرة وأبي أيوب .
الحديث الثاني : عن كيسان مولى معاوية قال : خطب معاوية الناس فقال : يا أيها الناس إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تسع وأنا أنهى عنهن ، ( النوح ، والشِّعْر ، والتبرج ، والتصاوير ، وجلود السباع ، والغناء ، والذهب ، والحرير ، والحديد ) . رواه البخاري في التاريخ وإسناده لا بأس به ، وقد رواه الطبراني في الكبير وذكر فيه الحِرَ بدل الحديد . قال الهيثمي : رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات . وقد رواه الإمام أحمد ولفظه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّم سبعة أشياء وإني أبلغكم ذلك وأنهاكم عنه ، منهن ( النوح ، والشعر ، والتصاوير ، والتبرج ، وجلود السباع ، والذهب ، والحرير ) .
الحديث الثالث : عن أبي الهياج الأسدي - واسمه حيان بن حصين - قال : قال لي علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته ) . رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي ، وقال : حديث حسن . قال : وفي الباب عن جابر . وفي رواية لمسلم أنه قال : ( ولا صورة إلا طمستها ) . ورواه النسائي ولفظه : ( لا تَدَعَنَّ قبرًا مشرفًا إلا سويته ، ولا صورة في بيت إلا طمستها ) .
الحديث الرابع : عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت - يعني الكعبة - لم يدخل وأمر بها فمحيت . ورأى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بأيديهما الأزلام فقال : « قاتلهم الله ، والله ما استقسما بالأزلام قط » . رواه الإمام أحمد والبخاري وابن حبان في صحيحه .
الحديث الخامس : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها ، ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه . وفي رواية لأحمد عن جابر رضي الله عنه قال : كان في الكعبة صور فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يمحوها فبلَّ عمر ثوبًا ومحاها به فدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيها منها شيء .
الحديث السادس : عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه ) . رواه الإمام أحمد والبخاري وأبو داود ولفظه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئًا فيه تصليب إلا قضبه ) . وقد رواه الإمام أحمد بهذا اللفظ أيضًا . وفي رواية له أن عائشة رضي الله عنها قالت : ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع في بيته ثوبًا فيه تصليب إلا نقضه ) . وفي رواية له عن زفرة أم عبد الله بن أذنية قالت : كنَّا نطوف مع عائشة بالبيت فأتاها بعض أهلها فقال : إنك قد عُرفت فغيري ثيابك فوضعت ثوبًا كان عليها فعرضتُ عليها بردًا على مصلبًا فقالت : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رآه في ثوب قضبه ) قالت : فلم تلبسه .
قال الخطابي : قوله ( قضبه) معناه قطعه والقضب القطع . والتصليب ما كان علي صورة الصليب انتهى . وذكر الحافظ ابن حجر أن في رواية الكشميهني ( ) . ( تصاوير ) بدل ( تصاليب ) .
قلت : فلعل البخاري أشار إلى هذه الرواية حيث ترجم على هذا الحديث بقوله : ( باب نقض الصور ) . قال الحافظ ابن حجر : والذي يظهر أنه استنبط من نقض الصليب نقض الصورة التي تشترك مع الصليب في المعنى وهو عبادتهما من دون الله فيكون المراد بالصور في الترجمة خصوص ما يكون من ذوات الأرواح . انتهى .
الحديث السابع : عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه سمع عائشة رضي الله عنها ، تقول : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة لي بقرام ( ) فيه ثماثيل فلما رآه هتكه وتلوَّن وجهه ، وقال : « يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله » . قالت عائشة : فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم واللفظ له ، والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه .
وفي رواية لمسلم قالت : ( دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ وَقَدْ سَتَرْتُ نَمَطًا ( ) فِيهِ تَصَاوِيرُ فَنَحَّاهُ فَاتَّخَذْتُ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ ) . وفي رواية لمسلم والنسائي وابن حبان عن عائشة ( أَنَّهَا نَصَبَتْ سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَعَهُ ، قَالَتْ : فَقَطَعْتُهُ وِسَادَتَيْنِ ) .
وفي رواية لأحمد ومسلم ( أَنَّهُ كَانَ لَهَا ثَوْبٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ مَمْدُودٌ إِلَى سَهْوَةٍ فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَيْهِ فَقَالَ : « أَخِّرِيهِ عَنِّي » . قَالَتْ : فَأَخَّرْتُهُ فَجَعَلْتُهُ وَسَائِدَ ) . ورواه النسائي بنحوه .
وقد رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي أيضًا من حديث الزهري عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور فتلوَّن وجهه ثم تناول الستر فهتكه . وقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ » . هذا لفظ البخاري في كتاب الأدب من صحيحه . ولفظ مسلم قالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متسترة بقرام فيه صورة فتلوَّن وجهه ثم تناول الستر فهتكه . ثم قال : « إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ » . ورواه الإِمام أحمد والنسائي بنحو رواية مسلم .
ورواه مالك في الموطأ عن نافع عن القاسم بن محمد عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً ( ) فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ
، وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَمَاذَا أَذْنَبْتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « فَمَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ » ؟ قَالَتْ : اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَقْعُدُ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدُهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ » . وقَالَ : « إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ الْمَلائِكَةُ » .
ورواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم من طريق مالك . ورواه البخاري أيضًا من طريق جويرية - وهو ابن أسماء الضبعي - ومن طريق إسماعيل بن أمية عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها ، فذكره بنحوه .
ورواه مسلم من عدة طرق عن نافع ، منها عن عبيد الله بن عمر عن نافع . وقد رواه البيهقي من هذا الطريق ولفظه عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا ستر فيه صور قالت : فعرفت في وجهه الغضب ثم جاء فهتكه قالت : فأخذته فجعلته مرفقتين قالت : فكان يرتفق بهما في البيت صلى الله عليه وسلم .
ورواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم النسائي من حديث هشام بن عروة عن أبيه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ( قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا ( ) فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأجْنِحَةِ فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ ) . هذا لفظ مسلم ونحوه عند أحمد والنسائي ، ولفظ البخاري قَالَتْ : ( قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْزِعَهُ فَنَزَعْتُهُ ) . وفي رواية لأحمد قَالَتْ : ( قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ عَلَّقْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ أُولاتُ الأجْنِحَةِ قَالَتْ فَهَتَكَهُ ) .
ورواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي من حديث سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : ( كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَائِرٍ وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « حَوِّلِي هَذَا فَإِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا » .
ورواه مسلم وأبو داود من حديث زيد بن خالد الجهني عن عائشة رضي الله عنها ، وستأتي هذه الرواية مع حديث أبي طلحة الأنصاري إن شاء الله تعالى .
الحديث الثامن : عن أنس رضي الله عنه قال : كان قرام لعائشة رضي الله عنها قد سترت به جانب بيتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أَمِيطِي عَنَّي قِرَامَكِ هَذَا ؛ فَإِنَّهُ لا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لي فِي صَلاتِي » . رواه الإمام أحمد والبخاري .
وهذا الحديث شبيه بالرواية الأخيرة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها وشبيه أيضًا برواية سعد بن هشام عنها رضي الله عنها .
وظاهر هذه الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أقر عائشة رضي الله عنها ، على نصب القرام في أول الأمر ثم هتكه بعد ذلك وأمرها بنزعه . فعلى هذا يكون هتكه للقرام وأمره بنزعه ناسخًا للإقرار على نصبه ، وقد قال النووي في الجواب عن إقرار عائشة على نصب القرام في أو الأمر : هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة فلهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل ويراه ولا ينكره قبل هذه المرة الأخيرة . انتهى .
الحديث التاسع : عن علي رضي الله عنه قال : ( صَنَعْتُ طَعَامًا فَدَعَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ فَرَأَى فِي الْبَيْتِ تَصَاوِيرَ فَرَجَعَ ) . رواه ابن ماجة بإسناد صحيح ، وبوَّب عليه بقوله : « بَاب إِذَا رَأَى الضَّيْفُ مُنْكَرًا رَجَعَ » . ورواه النسائي بأبسط منه ولفظه قال : ( صَنَعْتُ طَعَامًا فَدَعَوْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ فَدَخَلَ فَرَأَى سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ فَخَرَجَ . وَقَالَ : إِنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ » .
إسناده حسن . ورواه أبو نعيم في الحلية بنحو رواية النسائي .
الحديث العاشر : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَيصير كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْن ِ يُوطَآَنِ ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ » . فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلْبُ جَرْذوًا لِلْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي واللفظ له ، وابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . قال : وفي الباب عن عائشة وأبي طلحة . ورواه النسائي مختصرًا ولفظه ، قَالَ : ( اسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : « ادْخُلْ » . فَقَالَ : « كَيْفَ أَدْخُلُ وَفِي بَيْتِكَ سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَإِمَّا أَنْ تُقْطَعَ رُؤوسُهَا أَوْ تُجْعَلَ بِسَاطًا يُوطَأُ فَإِنَّا مَعْشَرَ الْمَلائِكَةِ لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ » . وقد رواه الإمام أحمد وابن حبان والبيهقي بنحوه .
الحديث الحادي عشر : عن عائشة رضي الله عنها قالت : وَاعَدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام فِي سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ وَفِي يَدِهِ عَصًا فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ وَقَالَ : « مَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلا رُسُلُهُ » ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ ، فَقَالَ : « يَا عَائِشَةُ مَتَى دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ هَا هُنَا » ؟ فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ . فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « وَاعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لَكَ فَلَمْ تَأْتِ » ؟ فَقَالَ : « مَنَعَنِي الْكَلْبُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِكَ إِنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ » . رواه مسلم بهذا اللفظ . ورواه الإمام أحمد وابن ماجة مختصرًا وإسناد كلٍ منهما صحيح على شرط الشيخين .
الحديث الثاني عشر : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أخبرتني ميمونة رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا ( ) فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِي ، أَمَ وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي » . قَالَ : فَظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَهُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ ، فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ : « قَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِي الْبَارِحَةَ » ؟ قَالَ : « أَجَلْ وَلَكِنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ » . رواه الإمام أحمد ومسلم واللفظ له وأبو داود والنسائي وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والطبراني في الكبير .
الحديث الثالث عشر : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( وَعَدَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَقِيَهُ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا وَجَدَ . فَقَالَ لَهُ : « إِنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا كَلْبٌ » . رواه البخاري .
الحديث الرابع عشر : عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : ( دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ الْكَآبَةُ فَسَأَلْتُهُ مَا لَهُ فَقَالَ : « لَمْ يَأْتِنِي جِبْرِيلُ مُنْذُ ثَلاثٍ » . قَالَ : فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ بَيْنَ بُيُوتِهِ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ فَبَدَا لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام فَبَهَشَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ فَقَالَ : « لَمْ تَأْتِنِي » ؟ فَقَالَ : « إِنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا تَصَاوِيرُ » . رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي وإسناد كل منهما حسن .
الحديث الخامس عشر : عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « سَمِعْتُ فِي الْحُجْرَةِ حَرَكَةً فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا فَقَالَ : « أَنَا جِبْرِيلُ » . قُلْتُ : « ادْخُلْ » . قَالَ : « لا اخْرُجْ إِلَيَّ » . فَلَمَّا خَرَجْتُ قَالَ : « إِنَّ فِي بَيْتِكَ شَيْئًا لا يَدْخُلُهُ مَلَكٌ مَا دَامَ فِيهِ » . قُلْتُ : « مَا أَعْلَمُهُ يَا جِبْرِيلُ » . قَالَ : « اذْهَبْ فَانْظُرْ » . فَفَتَحْتُ الْبَيْتَ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ شَيْئًا غَيْرَ جَرْوِ كَلْبٍ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ الْحَسَنُ . قُلْتُ : « مَا وَجَدْتُ إِلا جَرْوًا » قَالَ : « إِنَّهَا ثَلاثٌ لَنْ يَلِجَ مَلَكٌ مَا دَامَ فِيهَا أَبَدًا وَاحِدٌ مِنْهَا كَلْبٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ صُورَةُ رُوحٍ » . رواه الإمام أحمد وإسناده جيد . وقد أخرج به ابن حبان والحاكم حديث علي الذي سيأتي بعد حديث أبي هريرة وصححاه وصححه أيضًا الذهبي .
الحديث السادس عشر : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ » . رواه مسلم .
الحديث السابع عشر : عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا كَلْبٌ وَلا جُنُبٌ » . رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي وأهل السنن إلا الترمذي وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي في سننه وصححه الحاكم والذهبي .
الحديث الثامن عشر : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت أبا طلحة رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةُ » . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والطيالسي وأهل السنن إلا أبا داود . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، ورواه أيضًا ابن حبان في صحيحه ، والبيهقي في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي طلحة رضي الله عنه .
ورواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان من حديث الليث ابن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه أنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إِنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ » . قَالَ بُسْرٌ : ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ بعد فَعُدْنَاهُ فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ . فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الخولاني رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنْ الصُّوَرِ يَوْمَ الأوَّلِ ؟ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ : أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ : « إِلا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ » .
ورواه البخاري ومسلم أيضًا من حديث عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج حدثه أن بسر بن سعيد حدَّثه أن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه حدثه ومع بسر بن سيعد عبيد الله الخولاني الذي كان في حجر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها حدثهما زيد بن خالد أن أبا طلحة رضي الله عنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ » . قال بسر : فمرض زيد بن خالد فعدناه فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير ، فقلت لعبيد الله الخولاني : ألم يحدثنا في التصاوير ، فقال : إنه قال إلا رقم في ثوب ألا سمعته ، قلت : لا ، قال : بلى قد ذكره .
ورواه مسلم أيضًا وأبو داود من حديث سعيد بن يسار عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا تِمْثَالٌ » وقال : انطلق بنا إلى أم المؤمنين عائشة نسألها عن ذلك فانطلقنا قلنا : يا أم المؤمنين إن أبا طلحة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا فهل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك ؟ قالت : لا ولكن سأحدثكم بما رأيته فعل . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وكنت أتحيَّن قفوله ، فأخذت نمطًا كان لنا فسترته على العرض فلما جاء استقبلته فقلت : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي أعزكَّ وأكرمك ، فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد علي شيئًا ورأيت الكراهة في وجهه فأتى النمط حتى هتكه ، ثم قال : « إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا فِيمَا رَزَقَنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَاللَّبِنَ » . قالت : فقطعته وجعلته وسادتين وحشوتهما ليفًا فلم ينكر ذلك عليَّ . هذه رواية أبي داود وهي أتم من رواية مسلم . ورواه ابن حبان في صحيحه بنحو رواية أبي داود ورواه البيهقي بنحو رواية مسلم .
الحديث التاسع عشر : عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه يَعُودُهُ قَالَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ رضي الله عنه فَدَعَا أَبُو طَلْحَةَ إِنْسَانًا يَنَزَع نَمَطًا تَحْتِهِ فَقَالَ لَهُ سَهْلُ : لِمَ تَنْزِعُهُ ؟ قَالَ : لأنَّ فِيهِ تَصَاوِيرَ ، وَقَالَ فِيهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ عَلِمْتَ . قَالَ سَهْلٌ : أَولَمْ يَقُلْ : « إِلا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ » . قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي . رواه مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والبيهقي ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
الحديث العشرون : عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن رافع بن إسحاق ، مولى الشفا ، أخبره قال : دخلت أنا وعبد الله بن أبي طلحة على أبي سعيد الخدري نعوده فقال لنا أبو سعيد : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أَنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ » . شك إسحاق لا يدري أيتهما قال أبو سعيد . رواه مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن حبان وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
الحديث الحادي والعشرون : عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » . رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن حبان والبيهقي .
الحديث الثاني والعشرون : عن أبي جحيفة ، رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصورين ) . رواه الإمام أحمد والبخاري وأبو داود الطيالسي وابن حبان والبيهقي
الحديث الثالث والعشرون : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ تبْصِرُان وَأُذُنَانِ تسْمَعُان ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ : إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاثَةٍ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَبِكُلِّ مَنْ ادَّعَى مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَالْمُصَوِّرِي نَ » . رواه الإمام أحمد والترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب .
الحديث الرابع والعشرون : عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ دَار مروان بن الحكم فرأى فيها تصاوير وهي تبنى : فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « يقول الله عز وجل وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوَ لْيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوَ لْيَخْلُقُوا شعيرة » . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم ، وهذا لفظ أحمد ونحوه عند مسلم ، ولفظ البخاري قال : « دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ فَرَأَى أَعْلاهَا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً » . وروى أيضًا المرفوع منه في كتاب التوحيد من صحيحه بنحو رواية أحمد ومسلم . ورواه ابن حبان في صحيحه ثم قال قوله صلى الله عليه وسلم : « فليخلقوا حبة أو ليخلقوا ذرة » من ألفاظ الأوامر التي مرادها التعجيز . انتهى .
ورواه الإمام أحمد أيضًا من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ يَخْلُقُ كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا بَعُوضَةً أَوْ لِيَخْلُقُوا ذَرَّةً » .
الحديث الخامس والعشرون : عن أبي الضحى - واسمه مسلم بن صبيح قال : كنا مع مسروق في دار يسار بن نمير فرأى في صفته تماثيل فقال : سمعت عبد الله قال : « قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : يَقُولُ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ » . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وهذا لفظ البخاري . وفي رواية لأحمد ومسلم عن مسلم بن صبيح قال : ( كُنْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ فِي بَيْتٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ : هَذَا تَمَاثِيلُ كِسْرَى . فَقُلْتُ : لا هَذَه تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ . فَقَالَ مَسْرُوقٌ : أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ » . وفي رواية لأحمد ومسلم أيضًا عن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ » .
الحديث السادس والعشرون : عن أبي وائل - واسمه شقيق بن سلمة - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا وَإِمَامُ ضَلالَةٍ وَمُمَثِّلٌ مِنْ الْمُمَثِّلِينَ » . رواه الإمام أحمد وإسناده صحيح . قال ابن الأثير في النهاية وفيه : « أشد الناس عذابًا ممثل من الممثلين » ، أي : مصور يقال مثلث بالتثقيل والتخفيف إذا صورت مثالاً . والتمثال الاسم منه . وظلُّ كل شيء تمثاله ومثّل الشيء بالشيء سواه وشَبهه به وجعله مثله وعلى مثاله . انتهى .
الحديث السابع والعشرون : عن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ » . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي .
الحديث الثامن والعشرون : عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : « إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ) . رواه الإمام أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجة .
الحديث التاسع والعشرون : عن أبي هريرة رضي الله عنه : قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ » . رواه الإمام أحمد والنسائي .
الحديث الثلاثون : عن عبد الله بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ - وَفي لفظ - كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ » . رواه الإمام أحمد .
الحديث الحادي والثلاثون : عن ابن عباس رضي الله عنهما سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ » . رواه الإمام أحمد والبخاري والترمذي والنسائي ، وهذا لفظ البخاري في كتاب اللباس من صحيحه . ولفظ الترمذي : « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عَذَّبَهُ اللَّهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا - يَعْنِي الرُّوحَ - وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا » . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، قال : وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأبي هريرة وأبي جحيفة وعائشة وابن عمر .
الحديث الثاني والثلاثون : عن النضر بن أنس بن مالك قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَهُوَ يُفْتِي النَّاسَ لا يُسْنِدُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنْ فُتْيَاهُ حَتَّى جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَإِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ادْنُهْ إِمَّا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا . فَدَنَا . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا يُكَلَّفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ » . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وهذا لفظ أحمد .
ورواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم أيضًا من حديث سعيد بن أبي الحسن قال : « كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ألا أُحَدِّثُكَ إِلا مَا سَمِعْتُ منْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا » . فربا الرجل ربوة شديدة واصْفّرَّ وجهه فقالَ : ويْحَكَ إنْ أبيت إلا أنْ تصنع فعليك بهذا الشجر ، كل شيء ليس فيه الروح . هذا لفظ البخاري في كتاب البيوع من صحيحه .
ولفظ أحمد قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : يَا أَبَا الْعَبَّاسِ إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ وَأَصْنَعُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا ؟ قَالَ : ادْنُ مِنِّي . فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ : أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ تُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ » . فَإِنْ كُنْتَ لا بُدَّ فَاعِلا فَاجْعَلْ الشَّجَرَ وَمَا لا نَفْسَ لَهُ ) . وقد رواه مسلم بنحو رواية أحمد .
الحديث الثالث والثلاثون : عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قَالَتْ : ( إنَّ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ الله في خَلْقِهِ ) . رواه النسائي موقوفًا وله حكم المرفوع لأن مثله لا يقال من قِبَلِ الرأي وإنما يقال عن توقيفٍ ، وقد تقدم مرفوعًا من حديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ، وتقدم أيضًا نحوه في رواية الزهري عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها .
الحديث الرابع والثلاثون : عن أبي محمد الهذلي ، ويكنى أيضًا بأبي مورع ، عن علي رضي الله عنه قال : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ فَقَالَ : أَيُّكُمْ يَنْطَلِقُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلا يَدَعُ بِهَا وَثَنًا إِلا كَسَرَهُ ، وَلا قَبْرًا إِلا سَوَّاهُ ، وَلا صُورَةً إِلا لَطَّخَهَا » . فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَانْطَلَقَ فَهَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرَجَعَ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَا أَنْطَلِقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : « فَانْطَلِقْ » . فَانْطَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَدَعْ بِهَا وَثَنًا إِلا كَسَرْتُهُ ، وَلا قَبْرًا إِلا سَوَّيْتُهُ ، وَلا صُورَةً إِلا لَطَّخْتُهَا . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « مَنْ عَادَ لِصَنْعَةِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم » . رواه الإمام أحمد وابنه عبد الله في زوائد المسند من طرق عن شعبة عن الحكم - وهو ابن عتيبة - عن أبي محمد الهذلي عن علي رضي الله عنه قال المنذري في ( الترغيب والترهيب ) . إسناده جيد إن شاء الله وحسنه الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد .
قلت : وشعبة من المتشددين في الرجال فروايته هذا الحديث تدل على قوة إسناده عنده .
وقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن الحكم عن أبي محمد الهذلي عن علي رضي الله عنه فذكره بنحو رواية أحمد إلا أنه قال في آخره : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ عَادَ لصنعةِ شيء مِنْهَا » فقال فيه قولاً شديداً . ولبعض هذا الحديث شاهد من حديث أبي الهياج الأسدي عن علي رضي الله عنه وقد تقدم في أول الأحاديث .
" تعقيب الشيخ التويجري رحمه الله بعد جمعه للأحاديث "
فليتأمل المبيحون للتصوير ما ذكرته من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن التصوير والتشديد فيه حق التأمل ، وليتقوا الله في أنفسهم وفيمن يعمل بفتاويهم الباطلة من العوام وأشباه العوام من ذوي الجهل المركب الذين يسارعون إلى استحلال المحرمات بأدنى شبهة ، ولا يأمنوا أن يكون لهم نصيب وافر من أوزار الذين يعملون بفتاويهم في تحليل التصوير ، ولا يأمنوا أيضًا أن يكون لهم نصيب وافر من أذية الله تعالى وأذية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال عكرمة في الكلام على قول الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالإخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ﴾ : أنها نزلت في المصورين . رواه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية . وذكره الماوردي والبغوي والزمخشري وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير في تفاسيرهم . وعكرمة لا يقول هذا من قبل رأيه فلعله سمعه من ابن عباس ، رضي الله عنهما ، أو من غيره من الصحابة الذين لهم علم بأسباب النزول والله أعلم .
وينبغي لمن أخطأ في فتيا أو في غيرها من الأقوال أو الأعمال أن يبادر إلى التوبة مما أخطأ فيه ولا يُصِرّ على الخطأ فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « كُلُّ بني آدَمَ خَطَّاءٌ وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ » رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة والدارمي والحاكم من حديث أنس رضي الله عنه ، وصححه الحاكم وقال الذهبي صحيح على لين .
وليحذر المؤمن الناصح لنفسه من الإصرار على الخطأ ، فقد جاء الوعيد على ذلك في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِنْبَرِهِ يَقُولُ : « وَيْلٌ لأقْمَاعِ الْقَوْلِ ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ » . رواه الإمام أحمد بأسانيد جيدة وصححه أحمد محمد شاكر في تعليقه على المسند .