تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لا يغني كتاب عن كتاب (1)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    الجزائر المحروسة
    المشاركات
    1,457

    افتراضي لا يغني كتاب عن كتاب (1)

    ( إسماعيل بن عمرو البجلي وإسماعيل بن يحيى التيمي)

    جاء في مخطوطة كتاب "الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس للديلمي" لابن حجر - النسخة التركية:
    (قال ¹: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، حدثنا أحمد بن محمد بن حميد المقرىء، حدثنا نصر بن الصامت، حدثنا داود بن سليمان، عن إسماعيل بن عمر ، عن مسعر ، عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    "أفضل الاعمال الكسب من الحلال") اه*. ²

    هكذا جاء اسم الراوي عن مسعر بن كدام : " إسماعيل بن عمر" مُهملاً من أيِّ نسبةٍ، واستظهر الشيخُ الألباني رحمه الله أنه: "إسماعيل بن عمرو البجلي" لأنه من الرواة عن مسعر، سقطت "واو عمرو" من اسم أبيه!!
    قال الشيخ: (وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ عطية - وهو ابن سعد العوفي - ضعيفٌ، ومثله إسماعيل بن عمرو -وفي الأصل: ابن عمر- وهو البجلي، وداود بن سليمان؛ لم أعرفه.) ² اه*ـ

    ثم طُبع أخيراً كتاب "الغرائب الملتقطة" لابن حجر، عن ثلاث مخطوطات -هذه إحداها- ؛ فأثبت محقّقوه اسمَه كما جاء هنا ولم يشيروا إلى وجود اختلاف بين النسخ فيــه،
    وفي الهامش ترجموا لإسماعيل بن عمرو البجلي!! دون ملاحظة الفرق بين الاسمين!! ثم أوردوا في هامشٍ آخرَ -لبيان درجة الحديث- كلامَ الشيخ السابق.. فكأنهم اعتمدوا على تصويبه، ونبّهوا به على حدوث السقط في الأصل!! ³

    هذا..وقد كنتُ قديما وقفتُ على كتاب الحافظ عبد الملك بن محمد بن إبراهيم الخركوشي أبي سعد الواعظ المتوفى سنة:( 407 هـ) المُسمّى: "تهذيب الأسرار" وهو في التّصوف وعلوم القوم، فوجدتُه يوردُ أحاديث أبوابه بالإسناد ، فجرّدتُها في جزءٍ سمّيتُه: " الأحاديث الخركوشية في التصوف"، وقد بلغت أحاديثه: ثمانية وسبعين (78) حديثاً ⁴. وكان ضمنها حديثنا هذا؛ قال رحمه الله:
    (أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الصّفّار الهروي، قال: حدثنا أبو الفضل الشهيد قال حدثني أحمد بن محمد بن أحمد المُقـري، قال: حدثنا نصر بن حريش، قال: حدثنا داود بن سليمان، عن إسماعيل بن يحي التيمي، عن مسعر، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الأعمال الكسب من الحلال". ) ⁵ اه*

    فجاء اسمه في هذا الكتاب: "إسماعيل بن يحي التيمي!! " هكذا منسوبا إلى " تيم" وليس "بجيلة"، واسم أبيه "يحي" وليس "عُمَراً " وهذا الراوي - أعني : "إسماعيل بن يحيى التيمي" - ممن يُحدث عن مسعر ، ويروي عنه بهذا الإسناد(=مسعر عن عطية عن أبي سعيد الخدري) أحاديث كثيرة كما جاء في ترجمته. ⁶

    قلتُ: فقضى كتابُ أبي سعد الخركوشي -لَمَّا ذكرهُ منسوبا- على ما جاء في النسخة المخطوطة لكتاب ابن حجر، وبيَّـن أنه "إسماعيل التيمي" وليس هو "إسماعيل البجلي".. لكن ما شأنُ "عمر" الواقع في اسم أبيه عند ابن حجر؟؟!!
    الجوابُ: أنه تحريفٌ ليحيى!! وبيانُه أن الناسخ اشتبه عليه اسم "يحيى"بــ "عمر" لتشابههما في الرسم اليدوي، خاصة إذا كان خاليا من النَّـقْطِ = فقرأ الياءَ عيناً، والحاءَ المكتوبة تحتها ميماً، والألفَ المقصورة في آخره راءاً!! فكتبه "عُمَراً". ⁷ والذي زاد في تعميته أنه جاء عند "ابن لال" غُفْلاً من النسبة؛ فظن النّاس أنه "إسماعيل بن عمرو البجلي" حتى بيـَّنهُ كتابُ أبي سعد الواعظ "تهذيب الأسرار".. والله تعالى أعلم.

    وإذا علمنا أن الراوي عن مسعر هو: "إسماعيل بن يحيى التيمي" المُتّهم بالكذبِ والوضع ⁸ ؛ فالحديثُ بهذا الإسنادِ ضعيفٌ جداً (باطلٌ- موضوعٌ)، وليس ضعيفاً فحسب!!.. والله تعالى أعلم.

    وفي الختام: فقد بيّنت هذه المقالة بل العُجالة أهميةَ مثل هذه الكتب التي تُوردُ الأحاديث بأسانيدها ولو كانت غرائب وبواطل .. وقرّرتْ حقيقةً في ميدان البحث العلمي لا يُمكن إنكارها وهي أنه: "لا يغني كتاب عن كتاب".
    والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

    هوامش:_________
    (¹) القائل هو ابن لال في كتابه "مكارم الأخلاق" - وهو مفقود- كما في الحديث الذي قبله. وإليه عزاه السيوطي في "جمع الجوامع" 5/ 189.

    (²) مخطوطة "مكتبة يني جامع" اسطنبول- تركيا رقم (199)، الجزء الأول، الورقة 62/ب = الصفحة 123
    https://t.me/m_alturki/5361
    وقد صورتها دار الكتب المصرية قديما وهي محفوظة فيها تحت رقم (2099).

    (²) "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" لناصر الدين الألباني ج6 /ص 358 رقم(2833)

    (³) "الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس، المسمى: زهر الفردوس" لابن حجر . ج2/ص 127-128 رقم (500) تحقيق وتخريج: محمد مرتضي سليمان، اعتنى به: أبو بكر أحمد جالو، نشر: جمعية دار البر، دبي-الإمارات ط1/ سنة 1439 ه*-2018 م .
    https://t.me/almeshkat2023/854?single

    (⁴) نشرتُه في المجلس العلمي بمنتدى الألوكة سنة 2013م
    https://majles.alukah.net/showthread...155&highlight=

    (⁵) "تهذيب الأسرار" لعبد الملك بن محمد بن إبراهيم الخركوشي. ص298 تحقيق: بسام محمد بارود ، إصدارات: المجمع الثقافي أبو ظبي-الإمارات ، سنة: 1999 م.
    https://archive.org/details/Greatboo...asrar/mode/1up

    (⁶) ترجمته في: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 203/2 و"الكامل" لابن عدي 302/1 و"المجروحين" لابن حبان 133/1 و"الضعفاء والمتروكون" للدارقطني (81) و"الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي (428) و"ميزان الاعتدال" للذهبي 253/1 و"لسان الميزان" لابن حجر 682/1.
    قال ابن عدي بعد أن ذكر أحاديث بهذه الترجمة: "وله بهذا الإسناد أحاديث ... تركتُها لأجل التطويل، وكلها بواطيل عن مسعر، لا يرويها غير إِسماعيل" اه*.

    (⁷) اعتمد محققو كتاب "الغرائب الملتقطة" على نسخة دار الكتب المصرية برقم (2121-حديث)، وذكروا أنها بخط مؤلفه ابن حجر، وهي التي اتّخذوها أصلا.. لم أقف عليها بعد لأرى كيف جاء رسم كلمة "عمر" فيها..
    أخمّنُ أن الحافظ كتبه: "يحيى" خاليا من النقط- وهكذا خطه- فأشبه رسمه "عمر" كما شرحتُه، والله أعلم.. فمن يأتينا بالخبر اليقين؟!!
    في المرفقات ورقتان مصورتان بخط ابن حجر إحداهما من "إجازةٍ لتلميذه السيد مُظفّر الدين الكازروني"، والأخرى من "مراسيل أبي داود" تظهرُ فيهما رسمه لاسم "يحي".

    (⁸) راجع الهامش (6)

  2. #2

    افتراضي رد: لا يغني كتاب عن كتاب (1)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الاله المسعودي مشاهدة المشاركة
    جاء في مخطوطة كتاب "الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس للديلمي" لابن حجر - النسخة التركية:
    (قال ¹: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني، حدثنا أحمد بن محمد بن حميد المقرىء، حدثنا نصر بن الصامت، حدثنا داود بن سليمان، عن إسماعيل بن عمر ، عن مسعر ، عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    "أفضل الاعمال الكسب من الحلال") اه*. ²

    " الأحاديث الخركوشية في التصوف"، وقد بلغت أحاديثه: ثمانية وسبعين (78) حديثاً ⁴. وكان ضمنها حديثنا هذا؛ قال رحمه الله:
    (أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الصّفّار الهروي، قال: حدثنا أبو الفضل الشهيد قال حدثني أحمد بن محمد بن أحمد المُقـري، قال: حدثنا نصر بن حريش، قال: حدثنا داود بن سليمان، عن إسماعيل بن يحي التيمي، عن مسعر، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الأعمال الكسب من الحلال". ) ⁵ اه*
    بارك الله فيكم، ونفع بكم، فضيلة الشيخ.
    لو تسمح لي فضيلتكم، فإنه يلاحظ في رواية الخركوشي، يروي عن أبي عبد الله الصفار الهروي.
    وهو الشماخي، قال عنه البرقاني: كتبت عنه حديثا كثيرا، ثم بان لِي فِي آخر أمره أَنَّهُ ليس بحجة.
    وحكى البرقاني حكاية عنه في كذبه في الرواية عن ابن منيع، وقال: وكان قد خرج كتابا عَلَى صحيح مسلم ولا أخرج عنه فِي الصحيح حرفا واحدا.
    وقال الحاكم النيسابوري: انتقينا عليه، وكتبنا عنه العجائب، وروى عن ابن أبي ذهل أنه أفحش القول فيه، وقال: وحدث بالمناكير عَنْ أهل هراة، والعراق، والشام، ومصر. اهـ.
    انظر تاريخ بغداد (8/515/3996) ت بشار.
    وقال الحاكم مرة: كذّاب، لا يُشتَغَل به. اهـ. انظر: تاريخ الإسلام (52).


    ومن علامة ضعفه أنه في روايته هنا قد تصحف جد أحمد المقرئ إلى أحمد.
    وليس في هذه الطبقة من اسمه أحمد بن محمد بن أحمد المقرئ، إنما هو أحمد بن محمد بن حميد المقرئ كما جاء في رواية ابن لال، عن الزعفراني وهو ثقة، عنه.
    وهو المخضوب، أبو جَعْفَر الملقب بالفيل لعظم خَلْقه، وهو "ليس بالقوي"، كذا قال الدارقطني، انظر: تاريخ بغداد (6/125/2608) ت بشار.

    وشيخه نصر بن حريش بن الصامت كذلك "ضعيف"، كذا قال الدارقطني، انظر التاريخ (7202).
    وليس مشهورا بالحديث، وكذلك شيخه داود بن سليمان الذي لا يعرف.
    وقد ذكره الذهبي في المقتنى ٦٩٣، فقال: داود بن سليمان الكوفي، عن زكريا بن منظور. اهـ.
    ولا أدري من أين أتى ذلك، إنما يروي عنه داود بن الرشيد البغدادي، لكن يقع اسمه مهملا في جزء يرويه البغوي عنه.

    وقد روي عن إسماعيل بن عمرو البجلي بهذا الإسناد حديثا آخر.
    فيما أخرج القضاعي في مسند الشهاب (174)، من طريق عبد الله بن محمد بن زكريا الأصبهاني، قال:
    ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، ثنا مِسْعَرٌ ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ". اهـ.
    ولكن الطريق إلى الأصبهاني فيه نظر، وحديث مسعر مشهور من حديث يحيى بن هاشم السمسار عنه، وهو شيخ أحمد بن محمد بن حميد المقرئ المذكور آنفا.
    وقال الطبراني في الأوسط (8567) : لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مِسْعَرٍ، إلا يَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ. اهـ.
    قلتُ: وإسماعيل بن إبراهيم الكوفي وهو أبو يحيى الأحول وهو متقدم في الطبقة، فتعيينه بأنه ابن إبراهيم الكوفي فيه نظر.
    ولعل الطبراني وقع إليه الاسم مهملا، باسم أبي يحيى التيمي، كما يقع كثيرا في الإسناد.
    لكن ليس هو أبا يحيى الأحول هذه المرة، إنما هو إسماعيل بن يحيى بن طلحة وهو أبو يحيى التيمي أيضا.
    والله أعلم.
    .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    الجزائر المحروسة
    المشاركات
    1,457

    افتراضي رد: لا يغني كتاب عن كتاب (1)

    بارك الله فيك أخي الكريم على تعليقك على موضوعي هذا، والذي كتبتُه خصيصا لبيان أن إسماعيل بن عمر الواقع في كتاب ابن حجر ليس هو إسماعيل بن عمرو البجلي الضعيف كما ذهب إليه الشيخ الألباني ومن تبعه، إنما هو إسماعيل بن يحيى التيمي المتهم بالكذب والوضع!! كما جاء في كتاب الخركوشي.. ولم أستطرد فيه للكلام على رجال إسناده في الكتابين المذكورين؛ لأنه ليس من متعلقات موضوعي.
    وأما وقد فعلتَ ذلك وقرأتُ ما سقـتَه في ترجمة شيخ الخركوشي: الحسين بن أحمد الصفار فأقول:
    "لا يثبت بما ذُكر تعمده للكذب المُسقط وهو على ما اقتضاه كلام البرقاني ممن يكتب حديثه ويروى عنه للاعتبار" كما بينه الشيخ المعلمي في ترجمته في التنكيل (447/1)فليُرجع إليها..
    والتصحيف المذكور ليس منه ضرورة لأننا إنما نقلناه كما جاء في النسخة المطبوعة فالظاهر أنه من تصحيف الناسخ أو الطابع، وعلى كل حال كان يجب التنبيه عليه في هوامش موضوعي، فأشكرك كثيرا على إفادتك به.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •