تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْن ِ بِالْحَقِّ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    15,438

    افتراضي تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْن ِ بِالْحَقِّ

    2507 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ - وَهُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِىُّ - حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْن ِ بِالْحَقِّ ».
    أخرجه مسلم في صحيحه.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    15,438

    افتراضي رد: تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْن ِ بِالْحَقِّ

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا القاسم بن الفضل عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري في الخوارج أنه قال: (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق) والمقصود من ذلك الخوارج الذين خرجوا بعدما حصل التحكيم وانحازوا في مكان يقال له: حروراء، وحصل منهم ما حصل، وقاتلهم علي رضي الله عنه وأرضاه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: (تقتلهم أولى الطائفتين بالحق)، وهذا يدلنا على أن علياً رضي الله عنه أولى من غيره. وقوله: (على حين فرقة من المسلمين) هو مثل الحديث الذي مر في قوله: (يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)، فإنه وصف المختلفين والمفترقين أنهم مسلمون، فهذا مثل ذاك، وهو يدل على أن علياً رضي الله عنه كان محقاً، وأنه أولى بالحق، و معاوية رضي الله عنه كان مجتهداً، وكل من المجتهدين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعدمون الأجر أو الأجرين، فالمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد، وخطؤه مغفور رضي الله تعالى عن الجميع. والخوارج هم الذين خرجوا من جيش علي رضي الله عنه بعدما حصل التحكيم، ولا يقال عن جيش معاوية : خوارج، وإنما هم مجتهدون؛ لأن معاوية رضي الله عنه رأى أن يقتص أولاً من الذين قتلوا عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ثم يسلم الشام، و علي رضي الله عنه رأى أنه يتم تسليم الشام أولاً ثم ينظر في الأمر، وكل وقف عند رأيه، وحصل ما حصل، وكلهم كما ذكرت لا يعدمون الأجر أو الأجرين. قال في عون المعبود: أجمع العلماء على أن الخوارج مسلمون، فأقول: إن بعض العلماء كفرهم.
    تراجم رجال إسناد حديث (تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين..)

    قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم مر ذكره. [ حدثنا القاسم بن الفضل ]. القاسم بن الفضل ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي نضرة ]. هو أبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد ]. هو أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي.



    الكتاب : شرح سنن أبي داود
    المؤلف : عبد المحسن العباد

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    15,438

    افتراضي رد: تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْن ِ بِالْحَقِّ

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الخوارج. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير و أبو بكر بن عياش و مندل عن مطرف عن أبي جهم عن خالد بن وهبان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الخوارج ]. والخوارج: هم فرقة من فرق الضلال خرجوا على علي رضي الله تعالى عنه لما حصل التحكيم بين أهل العراق وأهل الشام، وقالوا: لا حكم إلا لله، وانحازوا إلى مكان معين يقال له: حروراء، فأرسل إليهم علي رضي الله عنه ابن عباس فناظرهم، ورجع من رجع منهم وبقي من بقي منهم، وبعد ذلك حصل قتالهم من علي رضي الله عنه؛ لأنهم خرجوا عليه، وصاروا منحازين، وتكلموا في علي وفي غيره من الصحابة بسبب التحكيم. وقد جاءت الأحاديث في قتالهم وفي فضل ذلك، وجاء في بعض الأحاديث أنه قال: (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق). وقد حصل ذلك من علي رضي الله عنه، فإنه قاتلهم وصار بهذا الحديث هو الأولى بالحق من معاوية ، و معاوية رضي الله عنه مجتهد، والمجتهد المصيب له أجران والمجتهد المخطئ له أجر واحد، وكلهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والواجب محبة الجميع، وتوليهم، والدعاء لهم، وذكرهم بما يليق بهم، وحفظ الألسنة والقلوب من أن يكون فيها شيء لا يليق في حقهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه). ومعناه: أن من فارق جماعة المسلمين وخرج عليهم فإنه يكون بذلك قد ضل وتاه؛ والربقة قيل: هي ما يوضع في رقبة البعير من أجل حفظه وربطه به، أو تربط الدابة به حتى لا تذهب وتضيع، وإذا انفلتت تلك الربقة التي ربطت بها فإنها تضيع وتذهب عن صاحبها، فيكون الذي خرج من الجماعة بمثابة تلك الدابة التي كانت محاطة بسياج الجماعة، ولما خرجت صارت عرضة للضياع وللتلف. وهذا لا يدل على الكفر؛ ولكن يدل على أن من خرج وقاتل فإنه يستحق أن يقاتل، أما من شذ أو خرج عن جماعة المسلمين بتكوينه جماعة أو حزباً، فإنها تعمل الاحتياطات التي تمنع من شره.تراجم رجال إسناد حديث ذم مفارقة الجماعة
    قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و أبو بكر بن عياش ]. وهو ثقة أخرج له البخاري و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ و مندل ]. وهو مندل بن علي العنزي ، وهو ضعيف، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن مطرف ]. مطرف بن طريف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي جهم ]. سليمان بن الجهم ، ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن خالد بن وهبان ]. وهو مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن أبي ذر ]. جندب بن جنادة رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث في إسناده رجل مجهول، وله شواهد تدل على ما دل عليه من التحذير من الخروج عن الجماعة.


    الكتاب : شرح سنن أبي داود
    المؤلف : عبد المحسن العباد

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    15,438

    افتراضي رد: تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْن ِ بِالْحَقِّ

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبيه عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال: (بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة في تربتها، فقسمها بين أربعة: بين الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي ، وبين عيينة بن بدر الفزاري ، وبين زيد الخيل الطائي ، ثم أحد بني نبهان، وبين علقمة بن علاثة العامري ، ثم أحد بني كلاب، قال: فغضبت قريش والأنصار وقالت: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا؟! فقال: إنما أتألفهم. قال: فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناتئ الجبين، كث اللحية، محلوق، قال: اتق الله يا محمد! فقال: من يطيع الله إذا عصيته؟ أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني؟ قال: فسأل رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد ، قال: فمنعه، قال: فلما ولى قال: إن من ضئضىء هذا أو في عقب هذا قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم قتلتهم قتل عاد) ]. أورد بعد ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة في تربتها). يعني: في ترابها ما نقيت ولا صفيت. قوله: [ (فقسمها بين أربعة) ] يعني ممن أسلموا حديثاً يريد أن يتألفهم على الإسلام، ويريد أن يثبت الإيمان في قلوبهم وأن يقوى إيمانهم؛ حتى يسلم بإسلامهم الفئام الكثيرة من الناس الذين يتبعونهم على ما هم عليه من الحق أو الباطل. فيريد أن يحسن إسلامهم، حتى يسلم أولئك الذين يتبعونهم في الشر، فيكونون تابعين في الخير، فحصل في نفوس القرشيين والأنصار من ذلك شيء وقالوا: يعطي هؤلاء ويدعنا، فبين صلى الله عليه وسلم السبب الذي أعطاهم من أجله؛ وهو أنه يتألفهم على الإسلام حتى يتبعهم الفئام الكثيرة من الناس. وهذا من حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الناس، وعلى خروجهم من الظلمات إلى النور؛ فإنه أعطى هؤلاء المتبوعين من أجل أن يحسن إسلامهم، ومن أجل أن يتبعهم أتباعهم في الخير كما كانوا يتبعونهم من قبل بالشر. ثم أنه جاء رجل غائر العينين، ناتئ الوجنتين، كث اللحية، محلوق الرأس، وقال: اتق الله يا محمد! فرد عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: (من يطيع الله إذا عصيته؟!) أي: إذا لم أتقه أنا فمن يطيعه؟! ومعلوم أن الناس الذين يطيعون الله إنما حصلت لهم هذه الفائدة من اتباعهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وسيرهم على منهاجه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وقوله: [ (أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني؟!) ]. يعني: يأمنني الله بأن بعثني إليهم، وجعلني أدعوهم إلى الهدى، وإلى الخروج من الظلمات إلى النور، ولا تأمنوني أنتم فيما يكون بين يدي أقسمه على حسب المصلحة، وعلى حسب الفائدة التي ترجع للإسلام والمسلمين؟! قوله: [ (محلوق) ] ومن أوصاف الخوارج أنهم يتميزون بحلق الرءوس، ومعلوم أن حلق الرءوس يمكن أن يكون من غيرهم، ولا يلزم أن يكون كل من حلق رأسه خارجياً، ولكن هذا شأنهم وهذه طريقتهم، أنهم يلتزمون التحليق، ولكن الحلق يمكن أن يحصل من غيرهم ولا يقال الفاعل ذلك: إنه خارجي؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ما يدل عليه؛ وهو أنه رأى صبياً قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فقال: (احلقه كله أو دعه كله)، فيدل هذا على جواز الحلق، وعلى أنه سائغ. قوله: [ (قال: فسأل رجل قتله، أحسبه خالد بن الوليد) ]. أي: سأل خالد قتل هذا الرجل الذي قال هذا الكلام للرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك. قوله: [ (فلما ولى قال: إن من ضئضىء هذا أو في عقب هذا قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم) ]. أي: إن من نسله قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ومعناه أن عندهم عبادة، وعندهم قراءة للقرآن، ولكنه لا يجاوز تراقيهم؛ لما ابتلوا به من الانحراف عن الجادة والخروج عن المنهج القويم والصراط المستقيم، والمراد بذلك: الخوارجالذين خرجوا على علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه. قوله: [ (يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)]. أي: هذا شأنهم، قد خرجوا على الإمام وقاتلوه؛ لأنه رأى التحكيم، وقالوا: لا حكم إلا لله، وهي كما قال علي : كلمة حق أريد بها باطل! فيكون شأنهم أنهم يتجهون بالقتل إلى أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان. قوله: [ (فإن أنا أدركتهم قتلتهم قتل عاد)]. ومعلوم أن الله أهلك عاداً بالريح، والمقصود من ذلك أن يستأصلهم ويقضي عليهم إذا أدركهم، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه تقتلهم أولى الطائفتين بالحق، وقد قتلهم علي رضي الله عنه.تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد في قتال الخوارج
    قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي نعم ]. وهو عبد الرحمن بن أبي نعم ، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. سعد بن مالك بن سنان الخدري ، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
    الكتاب : شرح سنن أبي داود
    المؤلف : عبد المحسن العباد

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    15,438

    افتراضي رد: تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْن ِ بِالْحَقِّ

    شرح حديث أنس وأبي سعيد في قتال الخوارج
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي حدثنا الوليد و مبشر -يعني ابن إسماعيل الحلبي - بإسناده عن أبي عمرو قال: -يعني الوليد - حدثنا أبو عمرو قال: حدثني قتادة عن أبي سعيد الخدري و أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد على فوقة، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله تعالى منهم. قالوا: يا رسول الله! ما سيماهم؟ قال: التحليق)]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك و أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما، وهو يتعلق بالخوارج وقتالهم. قوله: [ (سيكون في أمتي اختلاف وفرقة) ]. وهذا الافتراق والاختلاف قد حصل بين أهل العراق وأهل الشام، فأهل العراق مع علي رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين، وأهل الشام مع معاوية رضي الله عنه الذي أراد أن يقتص من قتلة عثمان أولاً، وكان علي رضي الله عنه رأى أن المصلحة، أن يتم اتفاق الكلمة أولاً، ثم بعد ذلك يتصرف بالتصرف المطلوب أو الذي ينبغي، وكل وقف عند رأيه، وحصلت الفرقة واستمر الأمر على ذلك حتى حصل الاتفاق بجمع الكلمة على يد الحسن بن علي رضي الله عنه، الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنه سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين). وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق). قوله: [ (قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل) ]. أي: يحسنون القول ويسيئون الفعل، فالقول مثل القراءة، ولكن يسيئون الفعل، بكونهم خرجوا على الإمام ونابذوا المسلمين وتصدوا لهم وقاتلوهم. قوله: [ (يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد على فوقة)]. الفوق بضم الفاء موضع الوتر من السهم. وهذا تعليق بالمحال فإن ارتداد السهم على الفوق محال، ورجوعهم إلى الدين أيضاً محال. وهذه إشارة إلى شدة تمسكهم بالباطل وإصرارهم عليه، وتمكنه من نفوسهم حيث يعتقدون أنهم على حق وهم على باطل كما قال تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا [فاطر:8]. قوله: [ (هم شر الخلق والخليقة)]. ومعلوم أن الكفار الذين يقاتلون المسلمين قد وصفهم الله بقوله: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ [الأنفال:22]. ولاشك أنهم شر الخليقة باتفاق المسلمين وأنه لا نصيب لهم في الإسلام؛ أما الخوارج فأمرهم مشكوك فيه، ولكن هذا كله يدل على خبثهم وعلى منتهى قبحهم، وعلى حصول الضرر الكبير منهم للمسلمين؛ وذلك أنهم يشغلون الناس عن قتال الكفار وعن الجهاد في سبيل الله، مثلما حصل بالنسبة لأبي بكر رضي الله عنه حين شغله قتال مانعي الزكاة عن الفتوحات، فلما قضى عليهم، اتجه إلى تجهيز الجيوش للفرس وللروم. قوله: [ (طوبى لمن قتلهم وقتلوه)]. يعني: هذا يدل على فضل قتالهم وعلى فضل من قتلوه. قوله: [ (يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء)]. كانوا يقولون: لا حكم إلا لله، وقوله: [ (يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء) ] يوضح الجملة التي سبق أن مرت: (يحسنون القيل ويسيئون الفعل)، لأنه قال هنا: (يدعون إلى كتاب الله)، وهذا من أحسن القول، ولكن حقيقتهم أنهم (ليسوا منه في شيء)، يعني: أنهم من حيث التطبيق ومن حيث التنفيذ ليسوا منه في شيء. فهم يسيئون العمل، وذلك بالخروج على الأئمة وافتتانهم بآرائهم الفاسدة، وأفكارهم المنحرفة الشاذة. قوله: [ (من قاتلهم كان أولى بالله منهم)]. وهذا من جنس الأمثلة التي مر ذكرها قريباً، أي أنهم يظنون أنهم على حق، ومن قاتلهم فهو أولى بالله منهم. قوله: [ (قالوا: يا رسول الله! ما سيماهم؟ قال:التحليق)]. يعني: علامتهم حلق الرءوس، أي: التزام ذلك، وكونهم يعرفون بذلك. لكن كما عرفنا أنه ليس معناه أن من حلق رأسه فهو منهم، بل قد يكون من غيرهم، وذلك سائغ شرعاً.
    تراجم رجال إسناد حديث أنس وأبي سعيد في قتال الخوارج
    قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ]. نصر بن عاصم الأنطاكي لين الحديث أخرج له أبو داود . [ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و مبشر - يعني ابن إسماعيل - ]. مبشر بن إسماعيل ، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عمرو ]. أبو عمرو الأوزاعي وهو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي ، مر ذكره. [ عن أبي سعيد الخدري و أنس بن مالك ]. أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، مر ذكره. و أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    الكتاب : شرح سنن أبي داود
    المؤلف : عبد المحسن العباد

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •