{فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة : ١٢٩]

كثير من الناس يخطئ في فهم كلمة (التوكُّل)، وأقول: إن التوكل يعني أن تأخذ، أولاً، أسباب الله التي خلقها سبحانه في كونه، فإن عَزّت الأسباب ولم تصل إلى نتيجة؛ فاتجه إلى الله، مصداقاً لقوله: {أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ}.


ونحن ندعو أحياناً عن غير اضطرار ونهمل الأسباب، والمثال تجده في حياتنا حين يقول الابن لأمه: (ادعي لي حتى أنجح) وتجيب الأم الأمية قائلة كلمة بسيطة هي: (ساعد الدعاء بقليل من المذاكرة)، وهي بذلك تدل ابنها على ضرورة الاخذ بالأسباب

إذن: فمعنى التوكل، أن تستنفد الأسباب التي مدَّتها يد الله إليك. فإذا استنفدتها؛ إياك أن تيأس؛ لأن لك ربّاً، وهو سبحانه ركن شديد ترجع إليه.

إذن: فالتوكل هو أن تعمل الجوارح وتتوكل القلوب. والكسالى هم من يريدون أن يكون التوكل للجوارح وليس القلوب.

وكان من الممكن أن يغيّر الحق الأسلوب في الآية فيقول: توكلت عليه. بدلاً من {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} ولكن إن وفقت الفهم عن قوله الحق، ستجد أن الإنسان إن قال: (أنا اعتمدت عليك) فقد تعطف قائلاً: (وعلى فلان وعلى فلان). لكن قولك: عليك توكلت لا يمكن أن تعطف من بعدها، وفيها تنزيه لله ولا أحد غيره يتوكل عليه الخلق، مثلما تقول في الفاتحة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي: لا نعبد غيرك، فتكون قد قصرت العبادة عليه سبحانه.

وتوكلك على الله له رصيد؛ لأن ربك ورب الكون الذي استقبلك، ولا تصل قدرتك إليه، فأنت في الأرض تحرثها، وتبذرها، وترويها، ثم تأخذ من عطاء الله لك؛ فهو ربك، ورب الكون الذي استقبلك، وأًصبح هذا الكون مسخراً لك، وأنت لم تكن قادراً على تسخير الكون.

وربك رب الكون الذي استقبلك سخر لك ما ليس في يدك، وهو سبحانه رب الملكوت الذي يدير كل ذلك وأنت لا تراه، وهو الذي يدير كل هذه الأشياء. فلا تنظر إلى ظواهر العطاء فقط، بل انظر إلى مسبِّبات العطاء في ظواهر العطاء، ولا تلتفت إلى ظاهرة إلا لتعرف ما وراء هذه الظاهرة. وما وراء أي ظاهرة كثير.

تفسير الشيخ الشعراوي



{فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة : ١٢٩]

{فقل حسبي الله } في بحر الحياة المتلاطم اﻷمواج فإنه من الجنون أن يعتمد المرء على تدبيره ! ﻷنه سيغرق، سلم دفتك لله وستصل لبر اﻷمان. / مها العنزي

﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ . لا معبود بحق، ولا مألوه بالحب والذل، والخوف والرجاء، والمحبة والإنابة والدعاء، إلا هو. .​​

﴿حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْش العظيم﴾ . جمعت بين الارتكان إلى الله وحده واستمداد القوة منه.. وتفويض أمر من تخشاهم إليه . ويكفي أن الله اختارها لرسوله حين تولى عنه قومه واعلنوا الحرب عليه وكادوا له !


كل هموم الدنيا ، جميع حاجات النفس ، كافة مفاجآت الحياة يمكنك قلب معادلتها ب : حسبي الله ونعم الوكيل

إذا أعرض الناس عن الحق ، فعليك الإكتفاء بالله وحده .. لاتحزن ولو رحلت الدنيا كلها عنك ، قل لكل غالٍ رحل ، ولكل من تخلى عنك ، لكل شيء قل : حسبي الله يكفيني .

الإتصال بالخالق يكفيك و يقطع كل الإتصالات بالخلق .. علّق قلبك بالله وقل يااااارب أنت حسبي ونعم الوكيل في بحر الحياة المتلاطم الأمواج .. فإنه من الجنون أن يعتمد المرء على نفسه في تدبير أموره لأنه سيغرق ... سلّم دفتك لله وستصل لبر الأمان