(وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى)
قال الشيخ:( عبد الرحمن بن ناصر السعدي) رحمه الله:
"{ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ }، أي: تخيرتك واصطفيتك من الناس، وهذه أكبر نعمة ومنة أنعم الله بها عليه: تقتضي من الشكر ما يليق بها، ولهذا قال:{ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى }، أي: ألق سمعك للذي أوحي إليك، فإنه حقيق بذلك، لأنه أصل الدين ومبدؤه، وعماد الدعوة الإسلامية".
* ﴿ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ ﴾، قال سفيان بن عُيينة:" أوّل العلم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر"، ، فإذا استمع العبد إلى كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام بنية صادقة على ما يحب الله: أفهمه كما يحب، وجعل له في قلبه نورا.
* (وأنا اخترتك): رجعت الأمور لاختيار الله، فكما أن (الأنبياء): اختيار، فورثتهم (العلماء): اختيار، ولا يختار الله إلا المطأطئين للوحي .
* الإنشغال بالقرآن: تلاوةً واستماعًا وتدبُرًا: اصطفاء رباني؛ تأمّل:﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ﴾
{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ}: كم من الناس يفرح باختيار أمير لصحبته، أو وزير لمكتبه: كلها ستذهب سدى إلا اختيار الله لك: لدينه ودعوته.
* لك الفخر: إن كنت تعقل!.
هذا الرب العظيم، قدر برحمته أن يكلمك أنت أيها الإنسان، فكلمك بالقرآن، أوَ تدري ما تسمع!!؟: رب الكون يكلمك! (فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى)!.
أي وجدان؟، وأي قلب يتدبر هذه الحقيقة العظمى، فلا يخر ساجدًا لله الواحد القهار رغبًا ورهبًا؟.
اللهم إلا إذا كان صخرًا أو حجرًا، كيف، وهذا الصخر والحجر من أخشع الخلق لله؟:(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ).
﴿وأنا اخترتك﴾ تسقط وتتلاشى كل مفاخر الدنيا و مناصبها وأوسمتها أمام اختيار الله لك.
* إذا وردت : { يا أيها الذين آمنوا }؛ فأرع لها سمعك، فكيف بأمر الله عز وجل بالسماع:{ .. فاستمع لما يوحى }؟، فذاك أمرٌ عظيم، وخطبٌ جل ؛ فانْقد لما تؤمر .
* لما قال الله لموسى:(وَأَنَا اخْتَرْتُكَ)، قال:(اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ).
إن أروع صور الإختيار الربانى لك: أن يصرفك إلى ميادين الدعوة، لا مجال للانتظار.
* يا معلم القرأن:
لم اجد لك أجمل منها:﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}.
كم هو جميل شعورك بالغبطة: باختيار الله لك؛ لسماع كلامه والقرب منه!.
*يا من انشغل بالقرآن:
لِتعلَمَ: أن القضية قضية اختيار واجتباء، تأمَّل في مشارب الناس حولك: ذاك شغلته الدنيا، وذاك شغله المال، وآخر شغلته السهرات والسمرات... بينما أنتَ تكرر الآية تلو الآية؛ لترسخها في صدرك!.
حينها: يتجلّى لك قول الله لموسى:﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾.
إن الانشغال بالقرآن الكريم: تلاوةً واستماعاً وتدبراً:(اصطفاء ربّاني)؛ فالله يختارك من بين الغافلين؛ ليكون لك ورد قرآني يومي، وهذه الميزة: نعمة قلّما يستشعرها أصحابها،
فإذا اختارك الله لتعلم القرآن: حفظا وفهما؛ فاستمع لما يوحى تدبرا وامتثالا.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه :١٣]
أول منازل العلم حسن الاستماع
{وأنا اخترتك} تسقط وتتلاشى كل مفاخر الدنيا ومناصبها وأوسمتها أمام اختيار الله لك .. هي بداية السعادة التي لاتنتهي .. هنا يتوقف الوجود مشدوهاً ، ماذا تعني الحياة بأسرها بعد هذه الكلمة ؟! الله لاينظر إلى الشكل و اللون بل ينظر للقلب ، إن كان طاهراً اصطفاه ..
وأنا اخترتك - وألقيت عليك محبة مني ، ولتصنع على عيني .. كيف كان قلب سيدنا موسى وهو يسمع هذه الكلمات من الله تعالى؟!
لاغرابة من أن تحب ربك فأكثر الناس كذلك ، لكن أن يحبك ربك !!! ..
أعظم الحب هو أن يكون من الله فإن أحبك أسعدك ونصرك وألقى في قلوب الناس حبك ، ما أعظم أن يختارك الله أنت لتصدع بالحق ، أو تأمر بخير ، أن يختارك من بين ملايين البشر لأداء مهمة خاصة !!..