يوم عاشوراء: فضائل وأحاديث وأقوال العلماء
يوم عاشوراء، الذي يوافق العاشر من شهر محرم، هو يوم ذو فضل عظيم في الإسلام، وله تاريخ طويل من الأهمية الدينية. يصادف هذا العام يوم عاشوراء بمشيئة الله يوم الخميس 17 يوليو 2025 ميلادي.

فضل صيام يوم عاشوراء
صيام يوم عاشوراء له فضل عظيم وردت به الأحاديث النبوية الشريفة.

من أبرز الأحاديث الواردة في فضل صيام يوم عاشوراء:

عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ" (صحيح مسلم).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صومَ يومٍ فضَّلَه على غيره إلا هذا اليومَ يومَ عاشوراء، وهذا الشهرَ يعني شهرَ رمضان" (صحيح البخاري).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء قبل فرض صيام رمضان، فلما فُرض رمضان، أصبح صيام عاشوراء سنة مؤكدة.

تاريخ صيام يوم عاشوراء
عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم عن سبب صيامهم، فقالوا: "هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بموسى منهم" فصامه وأمر بصيامه (متفق عليه).

استحباب صيام يوم تاسوعاء معه
للتفريق بين صيام المسلمين وصيام أهل الكتاب، ولزيادة الفضل، استحب النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم قبله وهو يوم تاسوعاء (التاسع من محرم).

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيتُ إلى قابل لأصومَنَّ اليومَ التاسع" (صحيح مسلم).
توفي النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدرك صيام اليوم التاسع، فكان ذلك استحباباً منه وتوجيهاً لأمته. وبناءً على ذلك، فالمستحب هو صيام يومي التاسع والعاشر من محرم.

أقوال العلماء في صيام يوم عاشوراء
أجمع العلماء على فضل صيام يوم عاشوراء، واختلفوا في مراتبه على النحو التالي:

الأفضل: صيام يوم تاسوعاء وعاشوراء والحادي عشر من محرم. وهذا هو قول الإمام أحمد وغيره، وهو الأكمل والأحوط.
المستحب: صيام يوم تاسوعاء وعاشوراء فقط. وهذا هو ما عليه جمهور العلماء، وهو الأقل درجة من الأول.
جائز ومحصل للفضل: صيام يوم عاشوراء وحده. وهذا جائز، ولكن الأولى والأفضل أن يصام معه يوم قبله أو يوم بعده لمخالفة اليهود والنصارى.
وقد ذكر الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: "واختلف العلماء في صيام عاشوراء على أقوال: أكملها أن يصام التاسع والعاشر والحادي عشر، ودونها أن يصام التاسع والعاشر، ودونها أن يصام العاشر وحده".

نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.



أقوال العلماء والسلف في فضل يوم عاشوراء والحث على اغتنامه
يُعد صيام يوم عاشوراء من أفضل صيام التطوع بعد رمضان، لما له من أجر عظيم، وقد اتفق أهل العلم على استحبابه. وإليك بعض الأقوال التي تُبرز فضله وتحث على اغتنامه:

الإمام النووي رحمه الله:
قال في شرحه على صحيح مسلم، عند الكلام على فضل صيام عاشوراء: "يكفر السنة الماضية، والمراد به تكفير الذنوب الصغائر، وإن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم تكن ذنوب أصلاً كتب له حسنات ورفعت درجاته." وهذا يبين عظيم فضل هذا اليوم وأهمية اغتنام الصيام فيه.

ابن القيم رحمه الله:
ذكر في "زاد المعاد" مراتب صيام عاشوراء: "أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم." وهذا يدل على الحرص على الصيام بأفضل صوره لزيادة الأجر.

الحرص على اغتنام اليوم بتصويم الصبيان:
كان السلف الصالح يحرصون على صيام هذا اليوم حتى إنهم يصوِّمون صبيانهم ليعتادوا على الطاعة وينشؤوا على الخير. فقد روي عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها في الصحيحين أنها قالت: "فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُ." وهذا يبين مدى اهتمامهم بغرس هذه العبادة في نفوس أبنائهم من الصغر.

الشيخ ابن باز رحمه الله:
أكد على أن صيام عاشوراء سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وله فضل عظيم في تكفير ذنوب السنة الماضية. وحث على اغتنام هذا اليوم بالصيام، والأفضل أن يصام معه يوم قبله أو يوم بعده لمخالفة اليهود.

دار الإفتاء المصرية:
صرحت بأن صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة التي قبله، وأكدت على استحباب صيام تاسوعاء قبله، لما فيه من مخالفة اليهود، ولزيادة الفضل والأجر. كما أشارت إلى أن من لم يتمكن من الصيام، فيمكنه اغتنام اليوم بالذكر والدعاء وقراءة القرآن والتوسعة على العيال.

لماذا الحرص على اغتنامه؟
الحرص على اغتنام يوم عاشوراء نابع من عدة أمور:

الأجر العظيم: صيام يوم واحد يغفر ذنوب سنة كاملة، وهذا فضل كبير لا ينبغي التفريط فيه.
التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على صيام هذا اليوم، والاقتداء به هو السبيل لرضا الله.
مخالفة أهل الكتاب: بصيام يوم تاسوعاء معه، نُخالف اليهود ونُظهر تميز شريعتنا.
شكر الله: هذا اليوم هو يوم نجاة موسى عليه السلام وقومه، وصيامه شكر لله على نعمه وفضله.
يوم عاشوراء فرصة ذهبية للمسلم ليُجدد علاقته بربه ويُكثر من الطاعات، فاحرص على اغتنامه بما استطعت من صيام ودعاء وذكر

اغتنام يوم عاشوراء بالدعاء والذكر
صيام يوم عاشوراء ليس هو العبادة الوحيدة التي يمكن أداؤها. فاليوم كله فرصة للتقرب إلى الله:

الدعاء: اغتنم هذا اليوم بالإلحاح في الدعاء لنفسك ولأهلك وللمسلمين، ففيه من الفضل ما يجعل الدعاء فيه أقرب للقبول.
الذكر: الإكثار من الأذكار والتسبيح والتحميد والتهليل.
قراءة القرآن: تخصيص وقت لتلاوة القرآن الكريم وتدبر آياته.
الاستغفار: الإكثار من الاستغفار والتوبة من الذنوب.
يوم عاشوراء يوم عظيم، فرصة متجددة كل عام لغسل الذنوب وزيادة الحسنات والتقرب إلى الله. اغتنم هذه الفرصة بقلب خاشع وعمل صالح.