(سورة إبراهيم)﴿ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٥﴾] قال تعالى: (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) في غير موضع؛ فالصبر والشكر على ما يقدره الرب على عبده من السراء والضراء، من النعم والمصائب، من الحسنات التي يبلوه بها والسيئات؛ فعليه أن يتلقى المصائب بالصبر، والنعم بالشكر، ومن النعم ما ييسره له من أفعال الخير، ومنها ما هي خارجة عن أفعاله. ابن تيمية:4/107.



﴿ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٥﴾] (وذكرهم بأيام الله) أي: عقوباته للأمم المتقدمة، وقيل: إنعامه على بني إسرائيل، واللفظ يعم النعم والنقم، وعبر عنها بالأيام لأنها كانت في أيام، وفي ذلك تعظيم لها، كقولهم يوم كذا، ويوم كذا. ابن جزي:1/441.


﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِۦ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤﴾] ويستدل بهذه الآية الكريمة على أن علوم العربية الموصلة إلى تبيين كلامه وكلام رسوله أمور مطلوبة، محبوبة لله؛ لأنه لا يتم معرفة ما أنزل على رسوله إلا بها. السعدي:421.


﴿ ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلْءَاخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ فِى ضَلَٰلٍۭ بَعِيدٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣﴾] وكل من آثر الدنيا وزهرتها، واستحب البقاء في نعيمها على النعيم في الآخرة، وصد عن سبيل الله... فهو داخل في هذه الآية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون) وهو حديث صحيح، وما أكثر ما هم في هذه الأزمان، والله المستعان. وقيل: (يستحبون) أي: يلتمسون الدنيا من غير وجهها. القرطبي:12/104.



﴿ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١﴾] وفي ذكر (العزيز الحميد) بعد ذكر الصراط الموصل إليه إشارةٌ إلى أن من سلكه فهو عزيز بعز الله، قوي ولو لم يكن له أنصار إلا الله، محمود في أموره، حسن العاقبة. السعدي:421.



﴿ كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١﴾] (لتخرج الناس) أي: بالكتاب؛ وهو القرآن. (من الظلمات إلى النور) أي: من ظلمات الكفر والضلالة والجهل إلى نور الإيمان والعلم، وهذا على التمثيل؛ لأن الكفر بمنزلة الظلمة، والإسلام بمنزلة النور. القرطبي:12/102.



﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٠﴾] أفِي وجوده شك؟! فإن الفطر شاهدة بوجوده، ومجبولة على الإقرار به؛ فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة. ابن كثير:2/506.


﴿ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓا۟ أَيْدِيَهُمْ فِىٓ أَفْوَٰهِهِمْ وَقَالُوٓا۟ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِى شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٩﴾] (فردوا أيديهم في أفواههم): فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن الضمائر لقوم الرسل، والمعنى: أنهم ردوا أيديهم في أفواه أنفسهم غيظاً من الرسل؛ كقوله: (عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) [آل عمران: 119]، أو استهزاء وضحكا؛ كمن غلبه الضحك فوضع يده على فمه. والثاني: أن الضمائر لهم، والمعنى أنهم ردوا أيديهم في أفواه أنفسهم؛ إشارة على الأنبياء بالسكوت. والثالث: أنهم ردوا أيديهم في أفواه الأنبياء تسكيتاً لهم. ابن جزي:1/442.



﴿ وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكْفُرُوٓا۟ أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٨﴾] ووجه الاهتمام بها أن أكثر الكفار يحسبون أنهم يحسنون إلى الله بإيمانهم، وأن أنبياءهم- حين يلحون عليهم بالإيمان- إنما يبتغون بذلك تعزيز جانبهم، والحرص على مصحلتهم، فلما وعدهم على الشكر بالزيادة وأوعدهم على الكفر بالعقوبة خشي أن يحسبوا ذلك لانتفاع المثيب بما أثاب عليه، ولتضرره مما عاقب عليه، فنبههم إلى هذا الخاطر الشيطاني حتى لا يسري إلى نفوسهم؛ فيكسبهم إدلالا بالإيمان، والشكر، والإقلاع عن الكفر. ابن عاشور:13/192.


﴿ وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكْفُرُوٓا۟ أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٨﴾] ولما كان مَن حثَّ على شيء وأثاب عليه، أو نهى عنه وعاقب على فعله، يكون لغرض له، بيَّن أن الله سبحانه متعالٍ عن أن يلحقه ضر أو نفع، وأن ضر ذلك ونفعه خاص بالعبد؛ فقال تعالى حاكياً عنه: (وَقَالَ مُوسَى). البقاعي:4/172.


﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٧﴾] (لئن شكرتم): وأكَّدَه لما للأنفس من التكذيب بمثل ذلك، (لأزيدنكم) من نِعَمي؛ فإن الشكر قيد الموجود، وصيد المفقود. البقاعي:4/172.



﴿ إِذْ أَنجَىٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٦﴾] البلاء: الاختبار، والبلاء هنا: المصيبة بالشر؛ سمي باسم الاختبار لأنه اختبار لمقدار الصبر. ابن عاشور:13/192.


﴿ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَٰلُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِى يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا۟ عَلَىٰ شَىْءٍ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلْبَعِيدُ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٨﴾] بنوا أعمالهم على غير أساس صحيح؛ فانهارت، وعدموها أحوج ما كانوا إليها. ابن كثير:2/508.


﴿ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٧﴾] قال إبراهيم التيمي: يأتيه من كل مكان من جسده، حتى من أطراف شعره؛ للآلام التي في كل مكان من جسده، وقال الضحاك: إنه ليأتيه الموت من كل ناحية ومكان، حتى من إبهام رجليه. القرطبي:12/122.



﴿ وَٱسْتَفْتَحُوا ۟ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٥﴾] الجبار: المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقاً، والعنيد: المعاند للحق والمجانب له. القرطبي:12/117.


﴿ وَلَنُسْكِنَنَّ كُمُ ٱلْأَرْضَ مِنۢ بَعْدِهِمْ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٤﴾] (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد):... وفي الجمع بينهما دلالة على أن من حق المؤمن أن يخاف غضب ربه، وأن يخاف وعيده، والذين يخافون غضب الله ووعيده هم المتقون الصالحون. ابن عاشور:13/208.


﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُ م مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحَىٰٓ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٣﴾] خيَّر الكفار الرسل بين أن يعودوا في ملتهم أو يخرجوهم من أرضهم، وهذه سيرة الله تعالى في رسله وعباده؛ ألا ترى إلى قوله: (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها) [الإسراء: 76]. القرطبي:12/116.


﴿ وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَىٰنَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُو نَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٢﴾] واعلم أن الرسل -عليهم الصلاة والسلام- توكلهم في أعلى المطالب، وأشرف المراتب، وهي التوكل على الله في إقامة دينه ونصره، وهداية عبيده، وإزالة الضلال عنهم، وهذا أكمل ما يكون من التوكل. السعدي:423.


﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۖ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١١﴾] (ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) أي: يتفضل عليه... بالتوفيق والحكمة والمعرفة والهداية القرطبي:12/115.



﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٩﴾] فالكلمة الطيبة: التوحيد، وهي كالشجرة، والأعمال ثمارها في كل وقت. ابن تيمية:4/110.


﴿ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَٰمٌ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٣﴾] يسلم بعضهم على بعض، وتسلم الملائكة عليهم. القرطبي:2/555.


﴿ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى ۖ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٢﴾] واعلم أن الله ذكر في هذه الآية أنه ليس له سلطان، وقال في آية أخرى: (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) [النحل: 100]، فالسلطان الذي نفاه عنه هو سلطان الحجة والدليل، فليس له حجة أصلاً على ما يدعو إليه، وإنما نهاية ذلك أن يقيم لهم من الشبه والتزيينات ما به يتجرؤون على المعاصي. وأما السلطان الذي أثبته فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه؛ يؤزهم إلى المعاصي أزاً. السعدي:425.



﴿ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى ۖ فَلَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٢﴾] وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته والالتحاق بحزبه؛ ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا، وعلى ربهم يتوكلون. السعدي:425.


﴿ وَقَالَ ٱلشَّيْطَٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلْأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٢﴾] حكى الله تعالى عنه ما سيقوله في ذلك الوقت ليكون تنبيهاً للسامعين، وحثاً لهم على النظر في عاقبتهم، والاستعداد لما لا بد منه، وأن يتصوروا ذلك المقام الذي يقول فيه الشيطان ما يقول؛ فيخافوا، ويعملوا ما ينفعهم هناك. الألوسي:14/266.


﴿ وَقَالَ ٱلشَّيْطَٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلْأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٢﴾] فقام فيهم إبليس -لعنه الله- يومئذ خطيباً؛ ليزيدهم حزناً إلى حزنهم، وغبناً إلى غبنهم، وحسرة إلى حسرتهم. ابن كثير:2/510.



﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ بِٱلْحَقِّ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿١٩﴾] (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) أي: هو قادر على الإفناء كما قدر على إيجاد الأشياء؛ فلا تعصوه، فإنكم إن عصيتموه (يذهبكم ويأت بخلق جديد) أفضل، وأطوع منكم. القرطبي:12/125.



﴿ قُل لِّعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣١﴾] والمراد بإقامتها هو: المحافظة على وقتها، وحدودها، وركوعها، وخشوعها، وسجودها. ابن كثير:2/519.



﴿ قُلْ تَمَتَّعُوا۟ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣١﴾] (قل تمتعوا): وعيد لهم، وهو إشارة إلى تقليل ما هم فيه من ملاذ الدنيا؛ إذ هو منقطع. القرطبي:12/142.



﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا۟ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٨﴾] ومن استقرأ أحوال العالم تبين له أن الله لم ينعم على أهل الأرض نعمة أعظم من إنعامه بإرساله، وإن الذين ردوا رسالته هم من قال الله فيهم: (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار). ابن تيمية:4/116- 117.



﴿ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٧﴾] أي: عن حجتهم في قبورهم؛ كما ضلوا في الدنيا بكفرهم، فلا يلقنهم كلمة الحق، فإذا سُئلوا في قبورهم قالوا: لا ندري، فيقولان: لا دريت، ولا تليت، وعند ذلك يضرب بالمقامع. القرطبي:12/140.



﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْءَاخِرَةِ ۖ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٧﴾] فيثبتهم الله في الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي، والخاتمة الحسنة، وفي القبر عند سؤال الملكين للجواب الصحيح. السعدي:426.



﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٧﴾] فيثبتهم الله في الحياة الدنيا عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومراداتها. السعدي:425.



﴿ تُؤْتِىٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍۭ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٢٥﴾] والحكمة في تمثيل الإيمان بالشجرة هي أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء: عرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال؛ كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء: تصديق القلب، وقول اللسان، وعمل بالأبدان. البغوي:2/556.



﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلْأَبْصَٰرُ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٢﴾] أي: لا تَطْرَفُ؛ من شدة ما ترى من الأهوال، وما أزعجها من القلاقل. السعدي:427.



﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلْأَبْصَٰرُ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٢﴾] أي: اصبر كما صبر إبراهيم، وأَعْلِم المشركين أن تأخير العذاب ليس للرضا بأفعالهم؛ بل سنة الله إمهال العصاة مدة؛ قال ميمون بن مهران: هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم. القرطبي:12/157.



﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى وَهَبَ لِى عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ ۚ إِنَّ رَبِّى لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣٩﴾] وأما قول إبراهيم عليه السلام: (إن ربي لسميع الدعاء) فالمراد بالسمع هاهنا السمع الخاص؛ وهو سمع الإجابة والقبول؛ لا السمع العام؛ لأنه سميع لكل مسموع. ابن تيمية:4/120.



﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣٧﴾] أي: اجعلهم موحدين، مقيمين الصلاة؛ لأن إقامة الصلاة من أخص وأفضل العبادات الدينية، فمن أقامها كان مقيماً لدينه. السعدي:427.


﴿ وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣٦﴾] وهذا من شفقة الخليل عليه الصلاة والسلام؛ حيث دعا للعاصين بالمغفرة والرحمة من الله. السعدي:427.



﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِنًا ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣٥﴾] فاستجاب الله دعاءه شرعاً وقدراً، فحرَّمه الله في الشرع، ويَسَّرَ من أسباب حرمته قدراً ما هو معلوم، حتى إِنه لَمْ يُرِدْهُ ظالم بسوء إلا قصمه الله؛ كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم. السعدي:426.


﴿ وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٣٤﴾] (لا تحصوها): ولا تطيقوا عدها، ولا تقوموا بحصرها لكثرتها؛ كالسمع، والبصر، وتقويم الصور، إلى غير ذلك من العافية، والرزق؛ نِعمٌ لا تحصى. القرطبي:12/145.


﴿ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٥١﴾] لأنه يعلم كل شيء، ولا يخفى عليه خافية، وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم. ابن كثير:2/525.



﴿ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِى ٱلْأَصْفَادِ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٩﴾] يقرن كل كافر مع شيطانه في سلسلة، وقيل: مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد والقيود. البغوي:2/571.


﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِۦ رُسُلَهُۥٓ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنتِقَامٍ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٧﴾] (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) يعني: وعد النصر على الكفار؛ فإن قيل: هلا قال: مخلف رسله وعده، ولم قدم المفعول الثاني على الأول؟ فالجواب أنه قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلاً على الإطلاق، ثم قال: (رسله) ليعلم أنه إذا لم يخلف وعد أحد من الناس فكيف يخلف وعد رسله، وخيرة خلقه، فقدم الوعد أولاً بقصد الإطلاق، ثم ذكر الرسل لقصد التخصيص. ابن جزي:1/448.


﴿ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلْأَمْثَالَ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٥﴾] أي: في بلاد ثمود، ونحوها، فهلا اعتبرتم بمساكنهم بعد ما تبين لكم ما فعلنا بهم. القرطبي:12/163.


﴿ وَأَفْـِٔدَتُهُ مْ هَوَآءٌ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٣﴾] أي: خالية من العقل والفهم؛ لفرط الحيرة والدهشة، ومنه قيل للجبان والأحمق: قلبه هواء؛ أي: لا قوة، ولا رأي فيه. الألوسي:14/310.


﴿ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٣﴾] مديمو النظر، لا يطرفون لحظة؛ لكثرة ما هم فيه من الهول، والفكر، والمخافة؛ لما يحل بهم. ابن كثير:2/522.



﴿ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْـِٔدَتُهُ مْ هَوَآءٌ ﴾ [سورة إبراهيم آية:﴿٤٣﴾] (مهطعين):...لا يلتفتون يميناً ولا شمالاً، ولا يعرفون مواطن أقدامهم... (لا يرتد إليهم طرفهم): لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر، وهي شاخصة؛ قد شغلهم ما بين أيديهم،(وأفئدته هواء):... خرجت قلوبهم عن صدورهم، فصارت في حناجرهم؛ لا تخرج من أفواههم، ولا تعود إلى أماكنها. البغوي:2/568.



الكلم الطيب