﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۗ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٣٤﴾] فإن الناس عالةٌ على العلماء، وعلى العباد، وعلى أرباب الأموال، فإذا فسدت أحوال هؤلاء فسدت أحوال الناس. ابن كثير:2/335.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٣٤﴾] والمقصود: التحذير من علماء السوء، وعباد الضلال؛ كما قال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى. ابن كثير:2/335.
﴿ هُوَ ٱلَّذِىٓ أَرْسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٣٣﴾] وإظهاره: جعله أعلى الأديان وأقواها؛ حتى يعم المشارق والمغارب. ابن جزي:1/356.
﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٣٢﴾] إضافة النور إلى اسم الجلالة إشارة إلى أن محاولة إطفائه عبث، وأن أصحاب تلك المحاولة لا يبلغون مرادهم. ابن عاشور:10/172.
﴿ وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلسُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِىَ ٱلْعُلْيَا ۗ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٠﴾] فدين الله هو الظاهر العالي على سائر الأديان بالحجج الواضحة، والآيات الباهرة، والسلطان الناصر. السعدي:338.
﴿ لَا تَحْزَنْ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٠﴾] الحزن قد يعرض لخواص عباد الله الصديقين، مع أن الأَولَى إذا نزل بالعبد أن يسعى في ذهابه عنه؛ فإنه مضعف للقلب، مُوهِنٌ للعزيمة. السعدي:338.
﴿ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٠﴾] (إذ يقول لصاحبه لا تحزن): لا يختص بمصاحبته في الغار؛ بل هو صاحبه المطلق، الذي كمل في الصحبة كمالا لم يشركه فيه غيره، فصار مختصا بالأكملية من الصحبة. ابن تيمية:3/352.
﴿ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ثَانِىَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ۖ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٠﴾] هذا إعلام من الله -عز وجل- أنه المتكفل بنصر رسوله صلى الله عليه وسلم، وإعزاز دينه؛ أعانوه، أو لم يعينوه، وأنه قد نصره عند قلة الأولياء، وكثرة الأعداء، فكيف به اليوم وهو في كثرة من العدد والعُدد. البغوي:2/282.
﴿ إِلَّا تَنفِرُوا۟ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـًٔا ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٣٩﴾] قوله تعالى: (إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليما ويستبدل قوماً غيركم) قد يكون العذاب من عنده وقد يكون بأيدي العباد، فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع بينهم الفتنة كما هو الواقع؛ فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم وألف بينهم وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم. ابن تيمية:3/350.
﴿ إِلَّا تَنفِرُوا۟ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٣٩﴾] فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذنوب الموجبة لأشد العقاب؛ لما فيها من المضار الشديدة: فإن المتخلف قد عصى الله تعالى وارتكب لنهيه، ولم يساعد على نصر دين الله، ولا ذَبَّ عن كتاب الله وشرعه، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوهم الذي يريد أن يستأصلهم ويمحق دينهم، وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان، بل رُبَّما فَتَّ في أعضاد من قاموا بجهاد أعداء الله. السعدي:337.
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلْءَاخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلْءَاخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٣٨﴾] عاتبهم الله على إيثار الراحة في الدنيا على الراحة في الآخرة؛ إذ لا تنال راحة الآخرة إلا بنصب الدنيا. القرطبي:10/208.
﴿ وَفِيكُمْ سَمَّٰعُونَ لَهُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٧﴾] فأخبر أن في المؤمنين من يستجيب للمنافقين، ويقبل منهم، فإذا كان هذا في عهد النبي-صلى الله عليه وسلم- كان استجابة بعض المؤمنين لبعض المنافقين فيما بعده أولى. ابن تيمية:3/374.
﴿ لَوْ خَرَجُوا۟ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا۟ خِلَٰلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّٰعُونَ لَهُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٧﴾] (لو خرجوا) يعني: المنافقين، (فيكم) أي: معكم، (ما زادوكم إلا خبالاً) أي: فساداً وشراً، ومعنى الفساد: إيقاع الجبن والفشل بين المؤمنين بتهويل الأمور. (ولأوضعوا): أسرعوا، (خلالكم) أي: وسطكم؛ بإيقاع العداوة والبغضاء بينكم بالنميمة، ونقل الحديث من البعض إلى البعض. البغوي:2/289.
﴿ وَلَوْ أَرَادُوا۟ ٱلْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا۟ لَهُۥ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُوا۟ مَعَ ٱلْقَٰعِدِينَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٦﴾] أي: لو أرادوا الجهاد لتأهبوا أهبة السفر؛ فتركهم الاستعداد دليل على إرادتهم التخلف. القرطبي:10/229.
﴿ لَا يَسْتَـْٔذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ أَن يُجَٰهِدُوا۟ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۗ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٤﴾] أخبر أن المؤمنين بالله واليوم الآخر لا يستأذنون في ترك الجهاد بأموالهم وأنفسهم؛ لأن ما معهم من الرغبة في الخير والإيمان يحملهم على الجهاد من غير أن يحثهم عليه حاث، فضلاً عن كونهم يستأذنون في تركه من غير عذر. السعدي:338-339.
﴿ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ وَتَعْلَمَ ٱلْكَٰذِبِينَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٣﴾] قال سفيان بن عيينة: انظروا إلى هذا اللطف: بدأ بالعفو قبل أن يعيره بالذنب. البغوي:2/289.
﴿ وَجَٰهِدُوا۟ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤١﴾] أي: هذا خير لكم في الدنيا والآخرة؛ لأنكم تغرمون في النفقة قليلاً؛ فيغنمكم الله أموال عدوكم في الدنيا، مع ما يدخر لكم من الكرامة في الآخرة. ابن كثير:2/344.
﴿ ٱنفِرُوا۟ خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَٰهِدُوا۟ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤١﴾] والجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس، كما في قوله تعالى: (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله)... فإن المجاهد بالمال قد أخرج ماله حقيقة لله، والمجاهد بنفسه لله يرجو النجاة. ابن تيمية:3/373.
﴿ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَٰرِهُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٤﴾] لأنهم يعدونها مغرماً، ومنعها مغنماً، وإذا كان المرء كذلك؛ فهي غير متقبلة، ولا مثاب عليها. القرطبي:10/239.
﴿ وَلَا يَأْتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَٰرِهُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٤﴾] ففي هذا غاية الذم لمن فعل مثل فعلهم، وأنه ينبغي للعبد أن لا يأتي الصلاة إلا وهو نشيط البدن والقلب إليها، ولا ينفق إلا وهو منشرح الصدر، ثابت القلب، يرجو ذخرها وثوابها من الله وحده. السعدي:340.
﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَٰتُهُمْ إِلَّآ أَنَّهُمْ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٤﴾] أفعال الكافر إذا كانت براً؛ كصلة القرابة، وجبر الكسير، وإغاثة الملهوف؛ لا يثاب عليها، ولا ينتفع بها في الآخرة، بيد أنه يطعم بها في الدنيا. القرطبي:8/161.
﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِۦٓ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوٓا۟ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٢﴾] (قل هَل تَرَبَّصُونَ بِنا إِلا إِحدَى الْحُسْيَينِ) أي: هل تنتظرون بنا إلا إحدى أمرين: إما الظفر والنصر، وإما الموت في سبيل الله، وكل واحد من الخصلتين حسن. (بِعَذابٍ مِن عِندِهِ): المصائب وما ينزل من السماء، أو عذاب الآخرة. (أَو بِأَيدينا) يعني: القتل. (فَتَرَبَّصُوا): تهديد. ابن جزي:1/340.
﴿ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا۟ قَدْ أَخَذْنَآ أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا۟ وَّهُمْ فَرِحُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٠﴾] (إن تصبك حسنة): نصرة وغنيمة، (تسؤهم): تحزنهم؛ يعني: المنافقين، (وإن تصبك مصيبة): قتل أو هزيمة، (يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل): حذرنا.... (ويتولوا): يدبروا، (وهم فرحون): مسرورون بما نالك من المصيبة. البغوي:2/290.
﴿ أَلَا فِى ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُوا۟ ۗ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٩﴾] فإنه على تقدير صدق هذا القائل في قصده، فإن في التخلف مفسدة كبرى، وفتنة عظمى محققة؛ وهي معصية الله، ومعصية رسوله، والتجرؤ على الإثم الكبير، والوزر العظيم، وأما الخروج فمفسدة قليلة بالنسبة للتخلف، وهي متوهمة، مع أن هذا القائل قصده التخلف لا غير. السعدي:339.
﴿ أَلَا فِى ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُوا۟ ۗ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٩﴾] فإنه على تقدير صدق هذا القائل في قصده، فإن في التخلف مفسدة كبرى، وفتنة عظمى محققة؛ وهي معصية الله، ومعصية رسوله، والتجرؤ على الإثم الكبير، والوزر العظيم، وأما الخروج فمفسدة قليلة بالنسبة للتخلف، وهي متوهمة، مع أن هذا القائل قصده التخلف لا غير. السعدي:339.
﴿ لَقَدِ ٱبْتَغَوُا۟ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا۟ لَكَ ٱلْأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَٰرِهُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٤٨﴾] (وقلَّبوا لك الأمور) أي: أداروا الأفكار، وأعملوا الحيل في إبطال دعوتكم وخذلان دينكم، ولم يقصروا في ذلك، (حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون) فبطل كيدهم، واضمحل باطلهم، فحقيق بمثل هؤلاء أن يحذِّر الله عباده المؤمنين منهم. السعدي:339.
﴿ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٦١﴾] في الدنيا والآخرة، ومن العذاب الأليم أنه يتحتم قتل مؤذيه وشاتمه. السعدي:342.
﴿ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِىَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٦١﴾] (ويقولون هو أذن) أي: يسمع كل ما يقال له ويصدّقه... (قل أذن خير لكم) أي: يسمع الخير والحق، (ويؤمن للمؤمنين) أي: يصدقهم؛ يقال: آمنت لك إذا صدقتك. ابن جزي:1/262.
﴿ وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِى ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنْ أُعْطُوا۟ مِنْهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا۟ مِنْهَآ إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٨﴾] يعيبك في أمرها وتفريقها، ويطعن عليك فيها...يعني: أن المنافقين كانوا يقولون: إن محمداً لا يعطي إلا من أحب. البغوي:2/293.
﴿ فَإِنْ أُعْطُوا۟ مِنْهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا۟ مِنْهَآ إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٨﴾] وهذه حالة لا تنبغي للعبد: أن يكون رضاه وغضبه تابعاً لهوى نفسه الدنيوي وغرضه الفاسد، بل الذي ينبغي أن يكون هواه تبعاً لمرضاة ربه. السعدي:340.
﴿ وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِى ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنْ أُعْطُوا۟ مِنْهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا۟ مِنْهَآ إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٨﴾] فرضاهم لغير الله، وسخطهم لغير الله، وهكذا حال من كان متعلقا برئاسة، أو بصورة، ونحو ذلك من أهواء نفسه: إن حصل له رضي، وإن لم يحصل له سخط؛ فهذا عبد ما يهواه من ذلك، وهو رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته، فما استرق القلب واستعبده فهو عبده. ابن تيمية:3/380.
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلَآ أَوْلَٰدُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٥﴾] وهكذا كل مَن أراد استدراجه سبحانهُ؛ فإنه في الغالب يكثِّرُ أموالهم وأولادهم لنحو هذا؛ لأنهم إذا رأوا زيادتهم بها على بعض المُخلِصِين ظنوا أن ذلك إنما هو لكرامتهم، وحسن حالتهم، فيستمرون عليها حتى يموتوا، فهو سبحانهُ لم يرد بها منحتهم، بل فتنتهم ومحنتهم. البقاعي:3/334.
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلَآ أَوْلَٰدُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٥٥﴾] فلا تعجبك أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم؛ فإنه لا غبطة فيها...ومن وبالها العظيم الخطر: أن قلوبهم تتعلق بها، وإراداتهم لا تتعداها؛ فتكون منتهى مطلوبهم، وغاية مرغوبهم، ولا يبقى في قلوبهم للآخرة نصيب، فيوجب ذلك أن ينتقلوا من الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون. السعدي:340.
﴿ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٦٧﴾] تركوا طاعة الله، فتركهم الله من توفيقه وهدايته في الدنيا، ومن رحمته في الآخرة، وتركهم في عذابه. البغوي:2/302.
﴿ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ ﴿٦٥﴾ لَا تَعْتَذِرُوا۟ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَٰنِكُمْ ۚ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٦٥﴾] نقل عن الشافعي أنه سئل عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى أنه قال: هو كافر، و استدل بقول الله تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون* لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم). ابن تيمية:3/402.
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ ﴿٦٥﴾ لَا تَعْتَذِرُوا۟ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَٰنِكُمْ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٦٥﴾] دلت هذه الآية على أن كل من تنقص رسول الله- صلى الله عليه و سلم- جادا أو هازلا؛ فقد كفر. ابن تيمية:3/400.
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ ﴿٦٥﴾ لَا تَعْتَذِرُوا۟ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَٰنِكُمْ ۚ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٦٥﴾] الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله، وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك منافٍ لهذا الأصل، ومناقض له أشد المناقضة. السعدي:343.
﴿ يَحْذَرُ ٱلْمُنَٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِى قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ ٱسْتَهْزِءُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ﴾ [سورة التوبة آية:﴿٦٤﴾] وفي هذه الآيات دليلٌ على أن من أَسَرَّ سريرة- خصوصاً السريرة التي يمكر فيها بدينه، ويستهزئ به وبآياته ورسوله- أن الله تعالى يظهرها، ويفضح صاحبها، ويعاقبه أشد العقوبة. السعدي:343.