التكافل بين المسلمين

أ. د. عبدالله بن محمد الطيار

أساسُ المجتمعِ المسلم عقيدةٌ صالحة تدعو إلى عبادة الله وحده.
وإذا تتبَّعْنا سِيَرَ الأنبياءِ، وجدناهم يُقرِّرون هذه العقيدة، ويَبدؤون بتأسيس المجتمع على العقيدة الصافية.

ولذا فالمجتمع الإسلاميُّ يقُوم على أساسين اثنين:
أولهما: العقيدةُ الإسلاميةُ الصافية التي تحمي المجتمعَ المسلم مِن الزَّلَل في التصوُّر، والشَّطَطِ في السلوك.

وثانيهما: الإيمانُ بأن الإسلامَ هو موجِّهُ الحياة، فالمشرِّع هو اللهُ، وليس لأحدٍ مِن البشر مهما كانت منزلتُه حقُّ التشريع، ومَن نازعَ الله في حقِّه، فهو الخاسرُ في الدنيا والآخرة.

ولو أن المسلمين حقَّقوا وبَنَوْا وأسَّسوا على هذين الأساسين، لما وُجِد الخَلَلُ في مجتمعهم؛ ولذا جاءت نصوصٌ متوافرةٌ في الحثِّ على التعاون والتماسُك، وإحكامِ البناء؛ لئلا تُوجَد الثغراتُ في المجتمع، فيتسلل منها الأعداء، ومن هذه النصوص قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَثَل المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمِهم، كمثلِ الجسَد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهر والحمَّى))؛ رواه البخاري، ومسلم.

((المؤمنُ للمؤمنِ كالبُنيان، يَشُدُّ بعضُه بعضًا))؛ رواه البخاري، ومسلم.
((لا يؤمِن أحدُكم؛ حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه))؛ رواه البخاري.

((مَن كان معه فضْل زادٍ فَلْيَعُد به على مَن لا زاد معه، ومَن كان معه فضْل مركوبٍ فَلْيَعُد به على مَن لا مركوب له))؛ رواه مسلم.

لقد قرَّر شيخُ الإسلامِ وغيرُه أنه لا يمكن أن تستقيم العقيدةُ، وتنموَ الأخلاقُ، إذا لم يَطمئنَّ الفردُ في حياته، ويَشعر أن المجتمعَ المسلم يقِف معه، ويُؤَمِّن له حاجاتِه الضروريةَ عند العجز أو الحاجة.

وقد ذهب ابن حزم إلى أبعد مِن هذا، فقرَّر جوازَ مقاتلةِ مَن مَنَعَ الإنسانَ حاجَتَه الضرورية؛ مِن المآكلِ والملْبَس والمشْرَب، يقول ابن حزم ما نصُّه: "ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يأكل ميتةً، أو لحمَ خنزيرٍ وهو يجد طعامًا فيه فضْل عن صاحبه لمسلم أو لذمي".
ولو طبَّق المجتمعُ المسلم هذه الأمور، لما وُجِد فيه العوز والحاجة.