تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الشرح الميسر على الآجُرُّومية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي الشرح الميسر على الآجُرُّومية

    الشرح الميسر على الآجُرُّومية

    سامح المصري


    قال ابن آجُرُّوم رحمه الله: (الكلام: هو اللفظ المركب المفيد بالوضع).

    التعليق:
    بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أقول:
    اختلف العلماء في ضبط اسم (ابن آجُرُّوم)، والضبط الأشهر الذي عليه كثير من العلماء هكذا: (ابن آجُرُّوم) بألف المد، وضم الجيم، وتشديد الراء مع ضمها.

    وقوله: (الكلام...)؛ أي: عند النحويين؛ لأن الكلام تختلف معانيه بحسب العلوم؛ فالكلام عند الفقهاء له معنًى يختلف عن معناه عند النحويين، والكلام عند اللغويين له معنًى يختلف كذلك عن معناه في سائر العلوم الأخرى، فالذي يُهِمُّنا هنا هو معرفة معنى الكلام عند النحويين.

    وقوله: (هو اللفظ المركب المفيد بالوضع): هنا وضع ابن آجُرُّوم أربعةَ شروط أو قيود، لا بد من توافرها جميعًا في الكلام، حتى نستطيع أن نحكم عليه بأنه كلام في عُرْفِ النحويين واصطلاحهم.

    القيد أو الشرط الأول: أن يكون لفظًا، ومعنى هذا الشرط أن يكون صوتًا مشتملًا على بعض الحروف الهجائية المعروفة؛ مثل: سعد.

    فلفظ (سعد): صوت اشتمل على حرف السين والعين والدال، وهي بعض الحروف الهجائية كما ترى، من هنا نعلم أن الصوت إذا كان لا يشتمل على بعض الحروف الهجائية، فإنه لا يُسمَّى لفظًا، ومن ثَمَّ فصوت الصَّفير أو الزَّمر، وأضرابهما لا تسمى ألفاظًا؛ ومن ثَمَّ لا تسمى كلامًا.

    وكذلك نستفيد من قيد اللفظ الذي وضعه ابن آجُرُّوم، وجعله أولَ شروط الكلام أن كل ما ليس لفظًا لا يصدُق عليه أنه كلام عند النحاة؛ لذا فالكتابة لا تسمى كلامًا عند النحويين؛ لأنها ليست لفظًا.

    إذًا أول شروط الكلام أن يكون لفظًا.

    وقوله (المركب): هذا هو الشرط الثاني أو القيد الثاني الذي يجب توافره في الكلام؛ حتى نستطيع أن نحكم عليه بأنه كلام في اصطلاح النحاة.

    ومعنى المركب أن يتركب من كلمتين فأكثر؛ مثل قولك: قام سعد، أو سعد قائم، أو إِنْ قامَ سعدٌ قُمتُ؛ لذا فقولك: (سعد) مع كونه لفظًا لا يُسمَّى كلامًا؛ لأنه كلمة واحدة، ومن شروط الكلام أن يكون مركبًا.

    وقوله (المفيد): هذا هو الشرط الثالث الذي يجب توافره، ومعنى الإفادة عند النحويين هنا: الإفادة التامة التي يحسُن السكوت عليها، فلا ينتظر المستمع من المتكلم أن يكمل له حديثه حتى يفهم.

    لو أني قلت لك: إن قام سعد، ثم سكتُّ فلم أنطق، عندما تسمع مني هذا، هل ستفهم مرادي؟ لا، لن تفهم مرادي، بل ستنتظر أن أكمل حديثي حتى تستوعب معنى كلامي.

    فإن قلت لك: إن قام سعد قمت، أو إن قام سعد خرجت، هنا سوف يصل إليك مرادي، وسوف يتم المعنى، وستتحقق الإفادة التامة.

    لذا فقولنا: إن قام سعد، مع أنه توفر فيه شَرْطَا اللفظ والتركيب، غير أنه لا يصح أن نسميه كلامًا؛ لأنه افتقد عنصر الإفادة التامة.

    وقوله (بالوضع): هذا هو الشرط الرابع، وقد اختلف شُرَّاح الآجُرُّومية في تفسير كلمة (الوضع)؛ فذهب بعض الشُّرَّاح إلى أن المقصود بها الوضع العربي؛ لذا فلُغاتُ الأعاجم كالإنجليز والأتراك والألمان وغيرهم لا تسمى كلامًا عند النحويين.

    بينما ذهب آخرون من الشراح إلى أن معنى (الوضع): القصد؛ فالمتكلم لا بد أن يكون قاصدًا فاهمًا لِما يقوله، حتى نستطيع أن نحكم على كلامه أنه كلام عند النحاة؛ لذا فكلام النائم والسكران والمجنون لا يسمى كلامًا عند النحويين؛ لأنهم لا يقصدون ما يقولونه.

    الخلاصة: الكلام عند النحويين لا بد أن تتوفر عليه أربعة شروط مجتمعة، ومتى تخلف شرط واحد منها، فإنه لا يسمى كلامًا؛ وهذه الشروط هي:
    أن يكون لفظًا.
    أن يكون مركبًا.
    أن يكون مفيدًا.
    أن يكون موضوعًا بالوضع العربي أو مقصودًا من المتكلم.




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: الشرح الميسر على الآجُرُّومية

    شرح الميسر على الآجُرُّوميَّة (للمبتدئين) (2)

    سامح المصري

    قال ابن آجُرُّوم غفر الله له:
    (وأقسامه ثلاثة: اسم، وفعل، وحرف جاء لمعنًى).

    التعليق:
    بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أقول:
    لمَّا فرغ المصنف من تعريف الكلام في عرف النحويين، شرع في بيان أقسام الكلمة عند النحاة.
    قوله: (وأقسامه)؛ أي: وأقسام الكلام، فالضمير - الهاء - عائد على الكلام.
    ومعنى قوله: (وأقسامه ثلاثة)؛ أي: وأجزاؤه التي يتركب منها ثلاثة ...؛ إلخ.

    لا شكَّ عند العقلاء أن أيَّ كلام في الدنيا يتركب من مجموعة من الكلمات؛ لذا فمؤدَّى قول ابن آجروم: (وأقسامه ثلاثة ...) أن هذه القسمة الثلاثية للكلمة، حتى وإن لم يصرح بهذا، كما صرح كثير من النحاة.

    وعليه فأقول:
    أجمع النحاة على أن الكلمة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: اسم، وفعل، وحرف.

    ولا يعتد النحاة بمن خالف هذا التقسيم، كما فعل أبو جعفر بن صابر؛ الذي زعم أن الكلمة تنقسم إلى أربعة أقسام: اسم، وفعل، وحرف، وخالفة.

    وقوله مردود عليه، وحجته مردود عليها؛ لذا نصَّ كثيرٌ من النحاة على أن من خالف القسمة الثلاثية للكلمة لا يُعتدُّ بخلافه، وقد نص على ذلك ابن هشام والصبَّان وغيرهما.

    والأدلة على التقسيم الثلاثي للكلمة كثيرة، نكتفي بذكر دليل واحد منها، وباقي الأدلة سوف أذكرها في الشرح المُوَسَّع على الآجرومية إن قدَّر الله سبحانه وتعالى ذلك.

    وهذا الدليل هو دليل الاستقراء، ومعنى الاستقراء أن النحاة نظروا في كلام الله، وكلام رسوله، وأشعار العرب ونثرهم، فوجدوا أن الكلمة لا تخرج عن الأقسام الثلاثة المعروفة (اسم، وفعل، وحرف).

    وإجماع النحاة على هذا التقسيم يُعَدُّ أيضًا من الأدلة على صحة هذا التقسيم.

    هذا، والله أعلم، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الأطهار.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: الشرح الميسر على الآجُرُّومية

    الشرح الميسر على الآجُرُّوميَّة (3)

    سامح المصري


    قال ابن آجُرُّوم غفر الله لنا وله:
    "فالاسم يُعرَف: بالخفض، والتنوين، ودخول الألف واللام، وحروف الخفض؛ وهي: مِن، وإلى، وعن، وعلى، وفي، ورُبَّ، والباء، والكاف، واللام، وحروف القسم؛ وهي: الواو، والباء، والتاء، والفعل يُعرَف بقد، والسين، و(سوف)، وتاء التأنيث الساكنة، والحرف ما لا يصلح معه دليل الاسم، ولا دليل الفعل".

    التعليق:
    بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أقول:
    لمَّا فرغ المصنِّف من بيان أقسام الكلمة، بدأ في بيان ما يميِّز كل قسم عن قسيمه، وللعلماء طرق شتى في التفرقة بين الأقسام؛ فمنهم من يسلك طريقة التعريف بالحدِّ، ومنهم من يسلك طريقة التعريف بالعلامة، ومنهم من يسلك طريقة التعريف بالمثال.

    أما التعريف بالحد المنطقي فطريقة غير مُجْدية؛ لأن معظم الحدود منتقدة، فقلما يسلم حدٌّ عند النحاة من الانتقاد، وأما طريقة التعريف بالمثال، فجيدة وتناسب المبتدئ، وأما طريقة التعريف بالعلامة، فهي أفضل الطرق، وهذه الطريقة هي التي استطاع النحاة من خلالها الرد على أبي جعفر بن صابر، وبيان خطأ القسمة الرباعية للكلمة؛ لأن اسم الفعل - الذي سماه أبو جعفر بن صابر الخالفة - هو في حقيقة أمره اسمٌ؛ لأنه يقبل التنوين، والتنوين من علامات الاسم.

    وهذه الطريقة أيضًا هي التي استطاع ابن هشام الأنصاري وجَمْعٌ من النحاة من خلالها أن يرجِّحوا فِعْلِيَّة (نعم، وبئس)، فالنحاة قد اختلفوا في (نعم، وبئس)، فذهب قوم إلى كونهما اسمين، بينما ذهب آخرون إلى كونهما فعلين، واختار جمع من النحاة وابن هشام القول بأنهما فعلان ماضيان؛ لأنهما يقبلان دخول تاء التأنيث الساكنة، وتاء التأنيث الساكنة من علامات الفعل الماضي؛ كما في قولك: نعمتِ النصيحة، وبئستِ الخيانة، والمصنف هنا ارتضى هذه الطريقة.

    قوله: (فالاسم ...)، هذه الفاء تسمى فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدَّر؛ فكأنه قال: (إن أردت أن تعرف ما يتميز به الاسم والفعل والحرف، فالاسم ...).

    وبعض العلماء يسميها فاء الفضيحة، وقد تأملت سبب التسمية، فوجدت أن مادة (فضح) في المعاجم القديمة تدور حول الكشف؛ لذا فالمعنى واضح جلِيٌّ، سُمِّيت بذلك لأنها كشفت عن أسلوب شرط مقدَّر.

    ومما يجب التنبُّه له أن وجود العلامة في كلمة ما هي دليل على وجود المُعَلَّم، وليس معنى انتفائها أن ينتفي المُعَلَّم، وهذا ما يقصده أرباب الحواشي النحوية من قولهم: العلامة تَطَّرِدُ ولا تنعكس، وقد يقولون أيضًا: العلامة وجودية لا عدمية.

    ومعنى هذا الكلام كما وضحته لك، ولكي تتضح لك الصورة أكثر؛ سأذكر مثالًا يجلِّي الغموض عن هذا الكلام.

    من علامات الاسم أن يقترن بأل.

    فلو قلت لك مثلًا: الرجل، هنا كلمة (رجل) اسم؛ لأنها اقترنت بأل، وأل من علامات الأسماء.

    هذا معنى قولهم العلامة تطرد؛ أي: متى وُجِدت العلامة (أل)، وُجِد الْمُعلَّم (الاسم)، فنحن نحكم على كلمة (رجل) بأنها اسم لأنها اقترنت بأل.

    ولو قلت لك مثلًا: رجل، هنا هل يجب انتفاء الاسمية عن كلمة (رجل)؛ لأنها لا تقترن بعلامة من علامات الأسماء كأل مثلًا؟ لا، لا يلزم هذا؛ لأن العلامة لا تنعكس، فانتفاء وجودها لا يعني انتفاء الْمُعلَّم.

    فهذا معنى قولهم: العلامة تطرد ولا تنعكس، ومعنى قولهم كذلك: العلامة وجودية لا عدمية.

    هذا، والله أعلم.

    وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •