تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قصة صالح عليه السلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي قصة صالح عليه السلام

    قصة صالح عليه السلام (1)

    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد


    نتحدَّث في هذا الفصل عن صالح نبي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو ثاني رسول عربي بعد هود صلوات الله وسلامه عليهما، بعثه الله في جزيرة العرب، وقد أرسله الله عزَّ وجل إلى قومه ثَمود، وقد ذكر علماء النسَب أنه صالح بن عبيد بن أسيف بن ماشخ أو ماسح بن عبيد بن حاجر أو حادر بن ثمود بن عابر أو عاثر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام.

    وكان قومه يَسكنون الحِجر؛ وهي الأرض المعروفة باسم ديار ثمود أو مدائن صالح، وتقع على بُعد نحو ثمانين وثلاثمائة "كيلومتر" شمال غرب المدينة المنورة، ويقع في جنوبها الآن مدينة العلا، ولا يزال بعض آبارها ولا سيَّما البئر المعروفة ببئر النَّاقة باقية إلى الآن، كما لا تزال آثار ثَمود من البيوت والمقابر موجودة حتى الآن، وبخاصة البيوت التي كانوا ينحتونها في الجبال.

    وكان قوم ثمود يعيشون آمنين في بساتين وارفة الظِّلال كثيرة العيون، وزروع ونَخْل طلعها هَضيم، يتَّخذون في سهول الأرض قصورًا، وينحتون من الجبال بيوتًا آية في الحذق والمهارة والزِّينة، وقد يسَّر الله عز وجل لهم أسبابَ رغد العيش، وكانوا أقرب الأمم التي جاءت بعد قوم هود عليه السلام، وكانوا على علم بخبرها وما أوقعه اللهُ بهم من سوء العذاب لَمَّا كفروا بربهم وعبدوا الأصنامَ والأوثان، غير أنَّ ثمود أطغتهم النِّعمة، فجحدوا بآيات ربهم وكفروا بآلائه، فبعث الله عز وجل إليهم رسولًا منهم هو صالح صلوات الله وسلامه عليه، فدعاهم إلى توحيد الله عزَّ وجل وإفراده بالألوهيَّة، والربوبيَّة، والإقرار بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وذكَّرهم نِعَم الله عليهم وخوَّفهم من عقوبته، ونبَّههم إلى أن استمرارهم في الشِّرك بالله وجحودهم نعمَ الله قد يُنزل بهم ما نزل بقوم هود، وقد أجابه إلى الله عز وجل المستضعفون منهم، وأبى المستكبرون أن يُنيبوا إلى الله، و﴿ قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾ [هود: 62].

    وطلبوا منه آيةً، فأخرج الله عزَّ وجل لهم الناقةَ من الصخر، وقال لهم صالح عليه السلام: ﴿ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ﴾ [هود: 64].

    وكان من آيات الله في آية الناقة أنها كانت تشرب من الماء ما يكاد يَقضي على مياههم، فاتَّفق صالح عليه السلام معهم على اقتسام الماء بينهم وبين الناقة، فتشرب يومًا لا يشاركونها في الماء، ويشربون يومًا لا تشاركهم الناقة في شربهم، ومع أنَّ هذه الآية تبهر العقول، وفيها الدَّليل القاطع والبرهان الساطع على صِدق صالح عليه الصلاة والسلام؛ فهي آية مبصرة، وحجَّة قاهرة - مع ذلك فقد استمرَّ المستكبرون على عِنادهم، وأصرُّوا على كفرهم وضلالهم، وحاولوا أن يَحولوا بين المؤمنين وبين صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعملوا على إثارة الشُّبه في دعوة صالح عليه السلام، وقد منع الله عنهم المطر تخويفًا وإنذارًا، فقال المستكبرون: "إن صالحًا سبب جدب بلادنا، ومجيئه شؤم علينا، واتِّباع المؤمنين به له مَحقٌ لبركة أرضنا ومياهنا، وقالوا لصالح: ﴿ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [النمل: 47]، وسبب شؤمِكم منكم، فرُسل الله هم وجوه البِر والخير، وهم أسباب سعادة الإنسانية إن استمسكت بمنهجهم وعملت بتعاليمهم، وأرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ توبتهم إلى الله والاستغفار من السيئات يجلب لهم خيرَ الدنيا والآخرة، وقال: ﴿ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل: 46]، فلم يستجيبوا له وقالوا للمؤمنين: ﴿ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [الأعراف: 75]، قال المستضعفون: ﴿ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 75]، ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ [الأعراف: 76]، ﴿ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ﴾ [الأعراف: 77]، وعصوا رسلَه، واجتمع زعماؤهم على أنْ يعقروا النَّاقةَ، فانبعث لها أشقى ثَمود؛ وهو رجل عارم عزيز مَنيع في رهطه، فعقرها، واستعجلوا العذابَ، ﴿ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأعراف: 77]، ﴿ فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ﴾ [هود: 65]، وأصرَّ تِسعةُ رهط منهم من المفسدين في الأرض على قَتْل صالح وإلحاقه بالناقة، و﴿ تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّه ُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [النمل: 49]، أي: لنكبِسنَّه في داره بالليل مع أهله فلنقتلنَّه ولنجحدنَّ قتله، فلنقولنَّ لأولياء دمه مِن المشركين: ما شهدنا مَهْلكه ولا ﴿ مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾، ودبَّروا ودبَّر الله، فنجَّاه ومن معه من المؤمنين، وأرسل الله عز وجل عليهم الصيحةَ من فوقهم ورجفةً من تحتهم على حد قوله عز وجل: ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل: 50، 51]، وكما قال عز وجل: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ * وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ ﴾ [هود: 66 - 68]، وكما قال الله عز وجل: ﴿ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 77 - 79]، وكما قال عز وجل: ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الحجر: 83، 84]، وكما قال عز وجل: ﴿ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾ [القمر: 29 - 31]، وكما قال عز وجل: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾ [الشمس: 11 - 15].

    هذا، ولا وجود لذِكر عاد وثمود في الكتب التي بيَدِ اليهود والنَّصارى؛ ممَّا يُشعر بأنهم حرصوا على إزالة كل ذِكْر للنبوَّة في الأمَّة العربية حسدًا للعرب وكراهية أن تكون النبوَّة في غير بني إسرائيل.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: قصة صالح عليه السلام

    قصة صالح عليه السلام (2)

    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد

    تحدَّثتُ في الفصل السابق عن صالح عليه السلام، وأشرتُ إلى أنه ثاني رسول عربي بعد هود عليه السلام، وذكرتُ مساكنَ قومه ثمود، ونسبهم وطبيعة أرضهم وما أفاء الله عليهم، وما كانوا عليه من الشِّرك والفساد، وأنَّ صالحًا صلى الله عليه وسلم بدأ بدعوتهم إلى توحيد الله عز وجل وترك عبادة الأصنام والأوثان، وأنَّ المستضعفين سارعوا إلى الإيمان به، وكفر المستكبرون، وأشرتُ إلى ما كان منهم من عقر الناقة ومكرهم في تبييتِ صالح صلى الله عليه وسلم وكيف نجَّاه الله منهم، وأنزل بهم عقوبته، وذكرتُ أنَّ هودًا وصالحًا صلى الله عليهما وسلم لا ذِكْر لهما ولا لقوميهما في كتب اليهود والنَّصارى، مما يشعر بحِرْصهم على إزالة كلِّ ذكر للنبوَّة في الأمة العربية؛ حسدًا للعرب وكراهية أن تكون النبوَّة في غير بني إسرائيل.

    ونشير هنا إلى أنَّه ورَد في القرآن العظيم ما يُشعر بأنَّ نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم حذَّر قومه أن يحلَّ بهم ما أوقعه بقوم هود وقوم صالح صلى الله عليهما وسلم؛ كما قال عزَّ وجل في سورة إبراهيم: ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ * أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [إبراهيم: 8 - 10].

    وقد أورد الله تبارك وتعالى قصَّةَ صالح صلى الله عليه وسلم في مواضع مِن كتابه الكريم بأساليب تُناسب كلَّ مقام مِن مقامات إيراد هذه القصَّة، كما قرنه مع كثير مِن أنبياء الله ورسله، وفي ذلك يقول في سورة الأعراف: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 73 - 79].

    وقال تعالى في سورة هود: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُ مْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، يعني: جعلكم عُمَّار الأرض، ويسَّر لكم أسبابَ عمارتها بما هيَّأَ فيها وأنبت مِن الزروع والثمار: ﴿ فَاسْتَغْفِرُوه ُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ * قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ * وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ * فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ * وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ ﴾ [هود: 61 - 68].

    وقال تعالى في سورة الحجر: ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الحجر: 80 - 84].

    وقال في سورة الإسراء: ﴿ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ﴾ [الإسراء: 59]؛ "أي: آية واضحة جليلة ومعجزة ظاهرة دالَّة على وحدانية الله، مرشدة إلى أنَّه لا إله إلا هو ولا معبود بحقٍّ سواه"، ﴿ فَظَلَمُوا بِهَا ﴾؛ "أي: جحدوا هذه الآية وكفروا بها ومنعوا الناقةَ مِن شربها وعقروها"، ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59].

    وقال في سورة الشعراء: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾ [الشعراء: 141 - 149]؛ أي حاذقين في صنعها وإحكامها وإتقانها"، ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 150 - 159].

    وقال في سورة النمل: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ * قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ * وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّه ُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [النمل: 45 - 53].

    وقال في سورة فصلت: ﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [فصلت: 17، 18].

    وقال تعالى في سورة اقتربت: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ * سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ * فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾ [القمر: 23 - 31]، أي: صاروا كالمتفتت مِن يابس الزروع في حظيرة الماشية.

    وقال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾ [الشمس: 11 - 15].

    وقد روى البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن زمعة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقةَ وذكر الذي عقرها فقال: ((﴿ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ﴾؛ انبعث لها رجلٌ عارم عزيز مَنيع في رهطه مثل أبي زمعة)).

    وقد روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحِجْر قال: ((لا تدخلوا مساكن الذين ظلَموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلَّا أن تكونوا باكين))، ثم قنع رأسَه وأسرع السيرَ حتى أجاز الوادي.

    وإلى الفصل القادم إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية
    المشاركات
    2,056

    افتراضي رد: قصة صالح عليه السلام

    جزاك الله خيراً ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •