تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تفسير سورة التكوير

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي تفسير سورة التكوير

    سُورَةُ التَّكْوِيرِ
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف



    سُورَةُ (التَّكْويرِ): سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ بِالإِجْمَاعِ[1]، وَآيُهَا تِسْعٌ وعِشْرُونَ آيَة.

    أَسْمَاءُ السُّورَةِ:
    وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمَائِهَا: سُورَةُ التَّكْويرِ، سُورَةُ كُوِّرَتْ، سُورَةُ ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت [2].

    الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:
    لَعَلَّ أَبْرَزَ مَقَاصِدِ السُّورَةِ في الْأُمُورِ التَّالِيَةِ[3]:
    بَيانُ أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا.

    بَيانُ فَضْلِ جِبْرِيل عليه السلام.

    تَصْديقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في رِسَالَتِهِ وَتَبْلِيغهِ لِلْقُرْآنِ.

    التَّهْديدُ الشَّدِيدُ بِيَوْمِ الوَعِيدِ لِمَنْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ.

    بَيانُ أنَّ مَشِيئَةَ الْعَبْدِ تَابِعَةٌ لِمَشيئَةِ اللهِ تَعَالَى.

    مِنْ فَضَائِلِ السُّورَةِ:
    قد ورد في فضل هذه السورة أحاديث؛ منها:
    أولًا: مَا وَرَدَ عَنْ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ رضي الله عنه قالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّس * الْجَوَارِ الْكُنَّس ﴾ [سورة التكوير:15-16][4] ؛ ولذا فإنه يُشْرَعُ قِرَاءتُها في صَلَاةِ الْفَجْرِ؛تَأَس ِّيًا وَاقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّصلى الله عليه وسلم.

    ثانيًا: مَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت ﴾، و﴿ إِذَا السَّمَاء انفَطَرَت ﴾، و﴿ إِذَا السَّمَاء انشَقَّت ﴾»[5]؛ فَهِيَ تُذَكِّرُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِمُجْمَلِ مَا يَحْصُلُ في يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ أَحْدَاثٍ عَظِيْمَةٍ وَتَغَيُّرَاتٍ.

    شرْحُ الآيَاتِ:
    قَوْلُهُ: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت ﴾، أَيْ: لُفَّتْ وَجُمِعَ بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ حَتَّى مُحِيَ ضَوْؤُهَا[6].


    وَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم قالَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[7]، فَقَوْلُهُ: (مُكَوَّرَانِأَيْ: يُجْمَعَانِ وَيُلَفَّانِ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْؤُهُمَا، وَهَذَا أَمْرٌ غَيْبِيٌّ لَا يُدْرَكُ بِالعُقُولِ، وَلَا تُنَازِعُهُ الأَهْوَاءُ، وَوَاجِبُ الْمُؤْمِنِ فِيهِ التَّصْديقُ وَالإِذْعانُ وَالتّسْليمُ، فَإِنَّ الإِيمَانَ بِالْغَيْبِ مِحَكٌّ عَظِيمٌ لِبَيَانِ صِدْقِ الإِيمَانِ وَصَلَابَتِهِ.


    تنبيه: وَالرَّفْعُ في كَلِمَةِ: “الشَّمْس” بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَها أَوْلَى؛ لِأنَّ إِذَا الشَّرْطِيَّةَ تَطْلُبُ الفِعْلَ، وَالتَّقْديرُ إِذَا كُوِّرَتِ الشَّمْسُ كُوِّرَتْ.

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَت ﴾، أَيْ: تَسَاقَطَتْ وَتَنَاثَرَتْ حَتَّى مُحِيَ ضَوْؤُهَا؛كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَت [سورة الانفطار:2]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَت [سورة المرسلات:8][8].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَت ﴾، أَيْ: سُيِّرَتْ عَنْ وَجْهِ الأرْضِ فَكَانَتْ سَرَابًا؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا [سورة النبأ:20]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً [سورة الكهف:47][9].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَت ﴾، الْعِشَارُ: جَمْعُ عُشَرَاءَ، مِثْلُ نِفَاسٍ جمْعُ نُفَسَاء، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتي أَتَى عَلَى حَمْلِهِا عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، و(عُطِّلَتْ)، أَيْ: تُرِكَتْ مُهْمَلَةً مِنْ شِدَّةِ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مَعَ أَنَّهَا مِنْ أَنْفَسِ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهَا كلُّ مَالٍ نَفِيسٍ عِنْدَ الإِنْسَانِ؛ فَإِنَّهُ سَيَتْرُكُهُ وَيُهْمِلُهُ مِنْ شِدَّةِ الأَهْوَالِ[10].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ ﴾مِنَ الْحَيَواناتِ وَالطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ، ﴿ حُشِرَت ﴾، أَيْ: جُمِعَتْ مِن كُلِّ جَانِبٍ لِلْقِصَاصِ، ثُمَّ رُدَّتْ تُرابًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون [سورة الأنعام:38][11].

    وَجَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ»[12].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَت ﴾،أَيْ: أُوقِدَتْ فَصَارَتْ نِيرَانًا تَتَأَجَّجُ، كَما قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُور [سورة الطَّوْرِ: ٦][13].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت ﴾، أَيْ: قُرِنَ كُلُّ شَكْلٍ إِلى شَكْلِهِ، وَكُلُ نَظِيرٍ إِلَى نَظيرِهِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [سورة الصافات:22][14].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ ﴾، أَيْ: الْبِنْتُ الْمَدْفُونَةُ حَيَّةً، وَكَانَتِ العَرَبُ تَئِدُ البَنَاتِ مَخافَةَ الْفَقْرِ وَالْعَارِ ﴿ سُئِلَت ﴾،أَيْ: سُؤالَ تَطْيِيبٍ لَهَا وَلَوْمٍ لِوائِدِهَا[15].

    قَوْلُهُ: ﴿ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت ﴾، أَيْ: تُسْأَلُ الْبِنْتُ الْمَدْفُونَةُ حَيَّةً وَيُقَالُ لَهَا: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلْتِ؟ وهَذَا السُّؤالُ إنَّمَا هُوَ إِقَامَةٌ لِحُجَّتِهِ سُبْحانَهُ عَلَى تَعْذِيبِ مَنْ وَأَدَهَا، إذْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقِّهَا[16].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَت ﴾،أَيْ: صُحُفُ الْأعْمَالِ تُعْرَضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [سورة الإسراء:13-14][17].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَت ﴾، أَيْ: قُلِعَتْ وأُزِيلَتْ كَمَا يُكْشَطُ الإِهَابُ عَنِ الذَّبِيحَةِ[18].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَت ﴾،أَيْ: أُوقِدَتْ إيقادًا شَدِيدًا[19].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَت ﴾،أَيْ: قُرِّبَتْ مِنَ الْمُتَّقِينَ إِكْرامًا لَهُمْ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِين [سورة الشعراء: ٩٠][20].

    قَوْلُهُ: ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَت ﴾، لَمّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الأُمُورَ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي سِتٌّ مِنْهَا فِي مَبَادِئِ قِيَامِ السَّاعَةِ قَبْلَ فَنَاءِ الدُّنْيَا وَسِتٌّ بَعْدَهُ؛ ذَكَرَ الجَزاءَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الشُّرُوطِ والَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ هَذِهِ الأشْياءِ الْمَذْكُوْرَةِ آنِفًا، فَقالَ:﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَت ﴾، أَيْ: مَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا [سورة آل عمران:30][21].

    قَوْلُهُ: ﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّس ﴾، أَيْ: أُقْسِمُ بالخُنَّس، و(لَا): لِتَأْكِيدِ القَسَمِ لَا لِنَفْيهِ، بِدَلِيلِ التَّصْرِيحِ بِجَوَابِ القَسَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم [سورة التكوير:19]، و(الْخُنَّس): النُّجُومِ التِي تَخْتَفِيْ أَنْوَارُهَا بِالنَّهارِ وَتَظْهَرُ بِاللَّيْلِ[22].

    قَوْلُهُ:﴿ الْجَوَارِ الْكُنَّس ﴾، الجوار: جَمْعُ جَارِيةٍ؛ مَأْخُوْذٌ مِنَ الْجَرْيِ، وَهُوَ السَّيْرُ السَّريعُ، و(الكُنَّس): المسْتَتِرَة في أَبْراجِهَا[23].

    وَهَكَذَا نُلَاحِظُ أَنَّ اللهَسبحانه وتعالى أقْسَمَ بِالنُّجُومِ فِي حَالِ اخْتِفَائِهَا، وَفِي حَالِ جَرَيَانِهَا، وَفي حَالِ اسْتِتَارِهَا.

    قَوْلُهُ: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَس ﴾، أَيْ: أَدْبَرَ، بِدَليلِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الآيةِ: ﴿ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس ﴾،أَيْ: انْتَشَرَ ضِيَاؤُهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ﴿ عَسْعَس ﴾: أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ.

    وَالْأَقْرَبُ: أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ قَبِيلِ الاِشْتِرَاكِ؛ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِدْبَارِ والْإِقْبَالِ، فيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَيَكُون اللهُ تَعَالَى مُقْسِمًا بِاللَّيْلِ مُدْبِرًا وَمُقْبِلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ[24].

    قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم ﴾،أَيْ: إنَّ القُرْآنَ الْمُنَزَّلَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍصلى الله عليه وسلم، والرَسُوْل الكَرِيْم: جِبْرِيل[25]، فَإنَّهُ قالَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى.

    قَوْلُهُ: ﴿ ذِي قُوَّةٍ ﴾، أَيْ: صَاحِبِ قُوَّةٍ، ﴿ عِندَ ذِي الْعَرْشِ ﴾،أَيْ: عند اللَّهِ تَعَالَى، ﴿ ﴾،﴿ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِين أَيْ: وَلَهُ مَكانَةٌ ومَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ.

    قَوْلُهُ: ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ ﴾، أي: جِبْرِيْلعليه السلام مُطَاعٌ فِيْ السماء؛ تُطِيْعُهُ الْمَلائِكَةِ، ﴿ ﴾، ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين ﴾ أَيْ: مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ[26].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا صَاحِبُكُم ﴾، أي: مُحَمَّدصلى الله عليه وسلم، ﴿ بِمَجْنُون ﴾ كَمَا تَبْهَتُهُ الكَفَرَةُ[27].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ ﴾، أَيْ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَعليه الصلاة والسلام فِي الأُفُقِ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا؛ لَهُ سِتُّمَائَةِ جَنَاحٍ[28]، ﴿ الْمُبِين ﴾، أَيْ: الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ[29].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا هُوَ ﴾، أَيْ: وَمَا مُحَمَّدٌعليه الصلاة والسلام، ﴿ عَلَى الْغَيْبِ ﴾، أَيْ: عَلَى الْوَحْيِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، ﴿ بِضَنِين ﴾، أَيْ: بِبَخِيلٍ[30].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا هُوَ ﴾، أَيْ: القُرْآنُ، ﴿ بِقَوْلِ ﴾، أَيْ: بِكَلَامِ، ﴿ شَيْطَانٍ ﴾، أَيْ: عَلَى مَا قَالَتْ قُرَيْشٌ: إنَّ مُحَمَّدًا كَاهِنٌ وَشَاعِرٌ وَسَاحِرٌ[31]، ﴿ رَجِيم ﴾، أَيْ: مَرْجُومٍ مَطْرودٍ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُون * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُون [سورة الشعراء:210-212][32].

    قَوْلُهُ: ﴿ فَأَيْنَ تَذْهَبُون ﴾، أَيْ: أَيَّ طَرِيقٍ تَسْلُكُونَ فِي تَكْذِيبِكُمُ القُرْآنَ وَإعْراضِكُمْ عَنْهُ بَعْدَ هذِهِ الْحُجَجِ القاطِعَةِ وَالْبَراهِينِ السّاطِعَةِ؟[33].

    قَوْلُهُ: ﴿ إِنْ هُوَ ﴾، أي: مَا هو، أَيْ: القُرْآنُ، ﴿ إِلاَّ ذِكْرٌ ﴾ مَوْعِظَةٌ، ﴿ لِّلْعَالَمِين ﴾، أَيْ: الْإِنْسِ وَالجِنِّ وَالْمُسْلِمِين َ وَالْكُفَّارِ[34].

    قَوْلُهُ: ﴿ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيم ﴾، أَيْ: عَلَى الْحَقِّ وَيَثْبُتَ عَلَيْهِ[35].

    قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ ﴾، أَيْ: الِاسْتِقَامَةَ وَغَيْرَهَا، ﴿ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ ﴾ تِلْكَ الْمَشِيئَةَ، ﴿ رَبُّ الْعَالَمِين ﴾، أَيْ: مَالِكُ الخَلْقِ كُلِّهِ[36].

    بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَ ةِ مِنَ الْآيَاتِ:
    بَيَانُ عِظَمِ شَأْنِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ:
    فِي الْآيَاتِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ: دَلِيلٌ جَلِيٌّ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ شَأْنٌ عَظيمٌ، فَهَذا الْكَوْنُ يَتَغَيَّرُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَهْوالِ إِلَّا تَغَيُّر هَذَا الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ لَكَانَ ذَلِكَ كافيًا، فَكَيْفَ بِالْعَرْضِ وَالْحِسَابِ وَالْبَعْثِ وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ وَالْحَوْضِ... إِلَخ [37].

    الدَّلَالَةُ عَلَىْ قُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى الْعَظِيمَةِ فِي تَغْيِيرِ حَالِ الْكَوْنِ:
    في آيَاتِ السُّورَةِ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ تَعَالَى بِقِيامِ السَّاعَةِ يَنْقَلِبُ الْكَوْنُ، فَيَتَغَيَّرُ حَالُ كُلِّ الْمَخْلُوقَاتِ ، فَقُدْرَةُ اللهِ تَعَالَى لَا يَسْتَطيعُ عَقْلٌ أَنْ يَتَصَوَّرَها، فَهِيَ فَوْقَ طاقَتِهِ.

    سُورَةُ التَّكْوِيرِ مِنْ أَخَصِّ السُّوَرِ تَصْوِيرًا لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ:
    لَقَدِ اشْتَمَلَتِ السُّورَةُ عَلَى أَهْوَالٍ عَظيمَةٍ، كَلَفِّ الشَّمْسِ وَجَمْعِها وَذَهابِ نُورِها، وَسُقوطِ النُّجومِ وَتَناثُرِهَا مِنَ السَّمَاءِ، وَتَسْيِيرِ الْجِبالِ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، إِلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَهْوَالِ، وَهُو مَا جَاءَ في الْحدِيثِ الْمَذْكورِ آنِفًا.

    تَقْرِيْرُ زَوَالِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفَنَائهَا:
    مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَت ﴾: أَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا مَا هِيَ إِلَّا دَارُ زَوَالٍ، وَما هِيَ إِلَّا طَرِيقٌ لِلْعُبورِ إِلى دَارِ الْقَرارِ، فَإِمَّا نَعيمٌ مُقيمٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِمَّا عَذابٌ أَليمٌ فِي النَّارِ.


    لَفْتُ الانْتِبَاهِ إِلَى الْحِرْصِ عَلَى صُحْبَةِ الْأَخْيَارِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت ﴾: أَنَّ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى صُحْبَةِ الْأَخْيَارِ؛ لِأَنَّهُ في يَوْمِ الْقِيامَةِ يُحْشَرُ كُلُّ جِنْسٍ مَعَ جِنْسِهِ أَزْوَاجًا، فَالْأَشْخَاصُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ أَعْمَالًا مُتَشَابِهَةً يُقْرَنُ بَيْنَهُمْ، فَأَهُلُ الْإِيمَانِ مَعَ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَأَهْلُ الْكُفْرِ مَعَ أَهْلِ الْكُفْرِ، قَالَ اللهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُون * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيم [سورة الصافات:22-23]، فَالْأَخْيَارُ يُحْشَرُونَ مَعَ الْأَخْيَارِ، وَالْأَشْرَارُ مَعَ الْأَشْرَارِ، وَمَنْ أَحَبَّ قَوْمًا حُشِرَ مَعَهُم.

    فَفِي الدُّنْيَا هُمْ مُخْتَلِطُونَ، الصَّالِحُ بِالطَّالحِ، أَمَّا فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَدْ جَاءَ الْأَمْرُ الِإلهِيُّ: ﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُون [سورة يس:59][38].

    الْحَثُّ عَلَى الاِسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ:
    هَذِهِ الْأَوْصافَ الَّتي وَصَفَ اللهُ بهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، مِنَ الْأَوْصافِ الَّتِي تَنْزَعِجُ لهَا الْقُلوبُ، وَتَشْتَدُّ مِنْ أجْلِهَا الْكُروبُ، وَتَرْتَعِدُ الْفَرائِصُ، وَتَعُمُّ الْمَخاوِفُ، وَتَحُثُّ أُولِي الْأَلْبَابِ لِلِاسْتِعْدَاد ِ لِذلِكَ الْيَوْمِ، وَتَزْجُرهُمْ عَنْ كُلِّ مَا يُوجِبُ اللَّوْمَ.

    يتبع

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير سورة التكوير

    التَّحْذِيرُ مِنْ ظُلْمِ الضُّعَفَاءِ:
    فِي تَحْريمِ وَأْدِ الْبَنَاتِ خَشْيَةَ الْفَقْرِ أَوِ الْعَارِ فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَىْ: ﴿ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَت * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت [سورة التكوير:8-9]: دَلِيل عَلَى أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يَنْصُرُ الضَّعيفَ، فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ ينْتَبِهَ وَيَخَافَ مِنْ أَنْ يَظْلِمَ الضُّعَفاء عَلَى وَجْهِ الْخُصوصِ، فَإِنَّ اللهَ نَاصِرُهمْ لَا مَحالَةَ[39].

    إِحْصَاءُ اللهِ تَعَالَى لِأَعْمَالِ الْعِبَادِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَت [سورة التكوير:14]: دَلالَةٌ واضِحَةٌ عَلَى إِحْصاءِ اللهِ تَعَالَى لِأَعْمَالِ الْعِبادِ، وَعَرْضِهَا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا: مَا جَاءَ في آيَاتٍ أُخْرَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا [سورة الكهف:49]، وَقَوْلِهِ: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ [سورة آلِ: عِمْرَانَ 30] الْآيةَ[40].

    عَظَمَةُ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي أَقْسَمَ اللهُ بِهَا:
    فِيْ إِقْسَامِ اللهِ تَعَالَى في هَذِهِ الْآيَاتِ بِبَعْضِ مَخْلُوْقَاتِهِ الْعَظيمَةِ: بَيانٌ لِعَظَمَتِهَا، وَتَذْكيرٌ بأَهَمِّيَتِها.

    للهِ تَعَالَى أَنْ يُقْسِمَ بِمَا يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَس * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس [سورة التكوير:17-18]: بَيَانُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَهُ أَنْ يُقْسِمَ بِما شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، أَمَّا الْمَخْلوقُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْسِمَ إِلَّا بِاللهِ تَعَالَى. قالَ الشّنْقِيطِيُّ رحمه الله: يُجْمِعُ الْمُفَسِّرونَ أَنَّ للهِ تَعَالَى أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ مِنْ مَخْلوقاتِهِ؛ لِأَنَّها دَالَّةٌ عَلَى قُدْرَتِهِ، وَلَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ أَنْ يَحْلِفَ إِلَّا بِاللهِ تَعَالَى[41].

    إِثْبَاتُ صِفَةِ الْكَلَامِ للهِ حَقِيقَةً:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم : أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَريمَ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، تَكَلَّمَ بِهِ حَقيقَةً، وَأَلْقَاهُ إِلى جِبْرِيلَ الْأَمِيْنِ، ثُمَّ نَزَلَ بِهِ جِبْريْلُ عَلَى قَلْبِ النَّبِيّصلى الله عليه وسلم لِيَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرينَ، ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِين [سورة الشعراء:195][42].

    فَضِيلَةُ جِبْرِيلَعليه السلام:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِين * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين [سورة التكوير:20-21]: بَيانُ فَضيلَةِ جِبْريلَ عليه السلام وَمَكَانَتِهِ عَلَى بَاقِي الْمَلائِكَةِ، حَيْثُ وَصَفَهُ اللهُ تَعَالَى بِأَرْبَعِ صِفاتٍ: الْقُوَّةُ، وَالْمَكَانَةُ الْعَاليَةُ، وَكَوْنُهُ مُطَاعًا عِنْدَ الْمَلائِكَةِ، وَكَوْنُهُ مُؤْتمنًا عَلَى الْوَحْيِ. قَال ابْنُ القَيِّمِ رحمه الله: فَهَذا جِبْرِيلُ، فَوَصَفَهُ بِأنَّهُ رَسولُهُ، وَأَنَّهُ كَريمٌ عِنْدَهُ، وَأَنَّهُ ذُو قُوّةٍ وَمَكَانَةٍ عِنْدَ رَبِّهِ سبْحَانَهُ، وَأَنَّهُ مُطاعٌ في السَّمَاوَاتِ، وَأَنَّهُ أَمينٌ عَلَى الْوَحْيِ[43].

    الرَّدُّ عَلَى مَنْ وَصَفَ النَّبِيَّصلى الله عليه وسلمبِالْجُنُونِ:
    في قَوْلِهِ تَعَالَىْ: ﴿ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُون [سورة التكوير:22]: أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَصَفُوا نَبِيَّنَا مُحَمّدًاصلى الله عليه وسلم بِالجُنونِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ صِدْقَهُ وَرَجَاحَةَ عَقْلِهِ، وَقَدْ رَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَكَذَّبَهُمْ[44].

    إِثْبَاتُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم لِجِبْرِيلَعليه السلام:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِين [سورة التكوير:23]: إِثْبَاتُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِجِبْريلَ عليه السلام عَلَى صُورَتِهِ الّتي خَلَقَهُ اللهُ عَلَيْهَا، وَلَقَدْ رَآهُ مَرَّتَيْنِ[45]، كَمَا جَاءَ عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها: عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ»[46]. وَهَاتَانِ الرُّؤْيَتانِ هُمَا:
    الرُّؤْيَةُ الأُولَى: كَانَتْ في الْأَرْضِ، في بِدَايَةِ الْوَحْيِ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ بَعْدَهَا سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ، كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ -أَي: انْقِطَاعه- فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاء جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّر ﴾ إِلَى ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُر [سورة المدثر:1-5]»[47].

    الرُّؤْيَةُ الثّانِيَةُ: كانَتْ في السَّماءِ، لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَقَدْ نَصَّتِ الْآيَةُ في سُورَةِ النَّجْمِ عَلَى الرُّؤْيَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَشارَتْ إِلَى الرُّؤْيَةِ الْأُولَى، كَما قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى [سورة النجم:13-14]، قَالَ ابْنُ مَسْعودٍ رضي الله عنه: رَأَى جِبْرِيلَ عليه السلام لَهُ سِتُّمائَةِ جَنَاحٍ[48].

    بَرَاءَةُ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلممِنَ الْبُخْلِ فِي الْبَلَاغِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِين [سورة التكوير:24]: أَنَّ النَّبيصلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ بَخِيلًا في تَبْليغِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ، بَلْ هُوَ أَشدُّ النَّاسِ بَذْلًا لِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِصلى الله عليه وسلم، فَيَنْبَغِي عَلَى الدَّاعِي إِلَى اللهِ أَلَّا يَكُونَ بَخيلًا في تَعْلِيمِ النَّاسِ دِينهمْ، وَتَعْلِيمِ النَّاسِ مَا يَنْفَعُهُمْ[49].

    صِدْقُ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ الْقُرْآنَ مُوحًى إِلَيْهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيم [سورة التكوير:25]: تَصْديقٌ لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍصلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ كَلاَمُ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ كَلامَ الْمَخْلوقِينَ كَمَا يَقولُهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ.

    الْقُرْآنُ الْكَريمُ مَوْعِظَةٌ لِلنَّاسِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ فَأَيْنَ تَذْهَبُون * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين [سورة التكوير:26-27]: أَنَّ الْقُرآنَ الكَريمَ مَوْعِظَةٌ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ [سورة يونس:57][50]. وَالْوَعْظُ هُوَ التَّذْكيرُ بِالْعَواقِبِ لِتَرِقَّ الْقُلوبُ، وَالْقُرآنُ الْكَريمُ خَيْرُ وَاعِظٍ، وَوَعْظُ الْقُرآنِ وَعْدٌ وَوَعيدٌ، وَتَرْغيبٌ وَتْرهيبٌ، حَتّى لَا يَسْتَبِدَّ رَجاءٌ بِصاحِبِهِ فَيُلْقِيهِ في أَوْدِيَةِ الْغُرورِ، وَلَا يُحاصِر يَأْسٌ صَاحِبَهُ فَيُغْلِقَ دونَهُ أَبْوَابَ الرَّحْمَةِ[51].

    مِشْرُوعِيَّةُ التَّذْكِيرِ بِالْقُرْآنِ الْكَريمِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين [سورة التكوير:27]: أَنَّ الْقُرآنَ الْكَريمَ إذَا كَانَ ذِكْرًا وَمَوْعِظَةً لِلنَّاسِ، فَيَجِبُ أَنْ يُذَكَّرَ بِهِ النَّاسُ، وَمَا أَرْسَلَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُصلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ أَجْلِ أَنْ يُذَكِّرَ النَّاسَ بِالقُرآنِ، بَلْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَمْرًا صَريحًا أَنْ يَكُونَ مُذَكِّرًا لِلنَّاسِ بِالقُرْآنِ فَقالَ لَهُ: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيد [سورة ق:45][52].وَقَدِ امْتَثَلَ النَّبِيُّصلى الله عليه وسلم لِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ، فَكانَ يُذَكِّرُ النَّاسَ بالقُرْآنِ وَيَعِظُهُمْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ يثِيرُ الذِّكْرَى في الْقُلوبِ، وَفيهِ مِنَ الْبَوَاعِثِ وَالحَوَافِزِ مَا يُعينُ عَلَى الاِتِّعَاظِ وَالتَّذَكُّرِ، وَتَشْتَمِلُ آيَاتُهُ وَمَعانِيهِ عَلَى كَثيرٍ مِنَ الْعِظَاتِ الّتِي تُزيلُ رُكَامَ الرَّانِ وَالقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ مِنَ الْقُلوبِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِين [سورة الحاقة:48].

    التَّرْغِيبُ فِي طَلَبِ أَسْبَابِ الاِسْتِقَامَةِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيم [سورة التكوير:28]: التَّرْغِيبُ فِي طَلَبِ أَسْبَابِ الاسْتِقَامَةِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً [سورة المزمل:19]، وَلا طَرِيقَ مُوصِلٌ إليْهَا إِلَّا بِاتِّبَاعِ القُرآنِ الْكَريمِ، وَمَنْ أَرادَ الاِسْتِقامَةَ فَلا بُدَّ أَنْ يَتَّخِذَ الْقُرْآنَ الْكَريمَ طرِيقًا لَهُ يُوصِلُهُ إِلَيْهَا[53].

    إِثْبَاتُ الْمَشِيئَةِ لِلْعَبْدِ:
    فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيم [سورة التكوير:28]، وَقَوْلِهِ بَعْدَهَا: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ [سورة التكوير:29]: إِثْبَاتُ الْمَشِيئَةِ لِلْعَبْدِ؛ خِلَافًا لِلْجَبريَّةِ الْقائِلِينَ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا اختِيَارَ لَهُ فِي أَفْعَالِهِ، وَإِنَّمَا الْأَفْعَالُ للهِ سُبْحَانَهُ، فَهُوَ الَّذي يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُهُ، وجَعَلُوا هَذَا مُطْلَقًا في جَمِيعِ أَفْعَالِ الْعَبْدِ، فَإِذا آمَنَ الْعَبْدُ أَوْ كفَرَ فَإِنَّ الإِيمَانَ أَوِ الْكُفْرَ الّذِي وَقَعَ مِنْهُ، وَالطَّاعَةَ أَوِ الْمَعْصِيَةَ؛ لَيْسَتْ فِعْلَهُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، وَإِنَّمَا الْفاعِلُ الحَقِيقِيُّ هُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَطيعُ أَنْ يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الآيَاتُ وَغَيْرُهَا فيهَا الرَّدُّ عَلَيْهِمْ[54].

    يتبع

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,898

    افتراضي رد: تفسير سورة التكوير

    مَشِيئَةُ الْعَبْدِ تَابِعَةٌ لِمَشِيئَةِ الله:
    فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَىْ: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين [سورة التكوير:29]: دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ في الاِسْتِقَامَةِ وَغَيْرِهَا إلَيْهِسبحانه وتعالى، وَأنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ؛ لَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ ﴾، وَلِقَوْلِهِ: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ [سورة يونس:100]، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ [سورة الأنعام:111]، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء [سورة القصص:56]،وَالْآيَاتُ القُرْآنِيَّةُ في هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ[55].

    وَهَذِهِ الآيَةُ فيهَا رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ القَائلِينَ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ أَفْعَالَ الْعِبَادِ، وَيَجْعَلُونَ الْعَبْدَ خَالِقَ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ الشَّيْءَ إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ[56].

    وَبَابُ الْقَدَرِ قَدْ زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامُ كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَأَهْلُ السُّنَةِ وَالجَمَاعَةِ وَسَطٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ لِلْعَبْدِ مَشيئَةً، إِلَّا أَنَّ مَشِيئَتَهُ تَابِعَةٌ لِمَشيئَةِ اللهِ تَعَالَى، فَلَا يَشَاءُ إِلَّا مَا شَاءَهُ اللهُ.

    قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رحمه الله: “فَإِنَّ الْعَبْدَ لَهُ مَشِيئَةٌ وَهِيَ تَابِعَةٌ لِمَشِيئَةِ اللهِ، كَمَا ذَكَرَ اللهُ ذَلِكَ في عِدّةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ: ﴿ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [المدثر: 55-56]، ﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [الإنسان: 29-30]، ﴿ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيم * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين [سورة التكوير:28-29]، فَإِذَا كَانَ اللهُ قَدْ جَعَلَ الْعَبْدَ مُريدًا مُخْتَارًا شَائِيًا امْتَنَعَ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَجْبُورٌ مَقْهُورٌ مَعَ كوْنِهِ قَدْ جُعِلَ مُرِيدًا، وَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الذِي ابْتَدَعَ لِنَفْسِهِ الْمَشِيئَةَ”[57].

    [1] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 441).
    [2] ينظر: تفسير الألوسي (15/ 253).
    [3] ينظر: بصائر ذوي التمييز (ص503)، مصاعد النظر (3/ 161).
    [4] أخرجه مسلم (475).
    [5] أخرجه أحمد في المسند (4806)، والترمذي (3333)، والحاكم في المستدرك (8719)، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
    [6] ينظر: تفسير الطبري (24/ 131)، تفسير البغوي (8/ 342)، تفسير ابن كثير (8/ 328).
    [7] صحيح البخاري (3200).
    [8] ينظر: تفسير الطبري (24/ 132).
    [9] ينظر: تفسير الطبري (24/ 132)، تفسير القرطبي (19/ 228).
    [10] ينظر: تفسير الطبري (24/ 134)، تفسير البغوي (8/ 346)، فتح القدير (5/ 470).
    [11] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 229)، تفسير البيضاوي (5/ 289).
    [12] صحيح مسلم (2582).
    [13] ينظر: تفسير ابن كثير (7/ 429)، فتح القدير (5/ 470).
    [14] ينظر: تفسير الطبري (24/ 141)، تفسير القرطبي (19/ 232)، تفسير ابن كثير (8/ 332).
    [15] ينظر: تفسير البغوي (8/ 348)، تفسير ابن كثير (8/ 333).
    [16] ينظر: تفسير البغوي (8/ 348)، تفسير ابن جزي (2/ 456).
    [17] ينظر: تفسير البغوي (8/ 348)، تفسير القرطبي (19/ 234).
    [18] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 290)، تفسير القاسمي (9/ 418).
    [19] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 335)، تفسير أبي السعود (9/ 116).
    [20] ينظر: معاني القرآن للزجاج (5/ 291)، تفسير البغوي (8/ 349).
    [21] ينظر: تفسير الطبري (24/ 151)، تفسير البغوي (8/ 349)، تفسير ابن عطية (5/ 443).
    [22] ينظر: تفسير البغوي (8/ 349)، فتح القدير (5/ 472).
    [23] ينظر: معاني القرآن للزجاج (5/ 291)، تفسير ابن عطية (5/ 443).
    [24] ينظر: تفسير الطبري (24/ 161).
    [25] ينظر: تفسير الطبري (24/ 163)، زاد المسير (4/ 408)، تفسير ابن كثير(8/ 338).
    [26] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 290)، فتح القدير (5/ 473).
    [27] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 290)، تفسير أبي السعود (9/ 118).
    [28] أخرجه البخاري (3232)، ومسلم (174).
    [29] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 241)، تفسير ابن كثير (8/ 339).
    [30] ينظر: تفسير الطبري (24/ 167)، تفسير ابن عطية (5/ 444).
    [31] ينظر: تفسير البغوي (8/ 351)، فتح القدير (5/ 474).
    [32] ينظر: تفسير الطبري (24/ 171).
    [33] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 340).
    [34] ينظر: تفسير ابن كثير (7/ 83).
    [35] ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (4/ 432)، فتح القدير (5/ 475).
    [36] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 291)، فتح القدير (5/ 475).
    [37] ينظر: تفسير ابن جزي (2/ 455).
    [38] ينظر: تفسير الطبري (19/ 520)، زاد المعاد لابن القيم (ص203).
    [39] ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (16/ 80)، تفسير السعدي (ص912).
    [40] ينظر: ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل (2/ 504)، معارج القبول (2/ 835).
    [41] ينظر: أضواء البيان (8/ 442).
    [42] ينظر: مجموع الفتاوى (6/ 541)، أضواء البيان (8/ 446).
    [43] إغاثة اللهفان (2/ 128)، وينظر: تفسير ابن كثير (8/ 338-339).
    [44] ينظر: تفسير ابن عطية (8/ 350)، تفسير السعدي (ص912).
    [45] ينظر: تفسير القرطبي (7/ 55)، تفسير ابن كثير (8/ 339).
    [46] أخرجه مسلم (177).
    [47] أخرجه البخاري (4925) واللفظ له، ومسلم (161).
    [48] سبق تخريجه.
    [49] ينظر: تفسير البغوي (8/ 351).
    [50] ينظر: تفسير البغوي (8/ 351).
    [51] ينظر: تفسير أبي السعود (4/ 155)، فتح القدير (2/ 515).
    [52] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 165).
    [53] ينظر: تفسير النسفي (3/ 608).
    [54] ينظر: مجموع الفتاوى (8/ 393)، الدرة البهية شرح القصيدة التائية (ص23).
    [55] ينظر: شرح الطحاوية (ص133)، فتح المجيد (ص419).
    [56] ينظر: كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين (ص210)، تفسير السعدي (ص912).
    [57] مجموع الفتاوى (8/ 374).


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •