﴿ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٠﴾] وجيء في فعل (توكلت) بصيغة الماضي، وفي فعل (أنيب) بصيغة المضارع للإشارة إلى أن توكله على الله كان سابقاً من قبل أن يظهر له تنكر قومه له؛ فقد صادف تنكرُهم منه عبداً متوكلاً على ربّه،...وأما فعل (أنيب) فجيء فيه بصيغة المضارع للإشارة إلى تجدد الإنابة. ابن عاشور:25/43.





﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٠﴾] وهذان الأصلان كثيراً ما يذكرهما الله في كتابه؛ لأنهما يحصل بمجموعهما كمال العبد، ويفوته الكمال بفوتهما أو فوت أحدهما؛ كقوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين) [الفاتحة: 5]، وقوله: (فاعبده وتوكل عليه) [هود: 123]. السعدي:754.







﴿ وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ فَحُكْمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٠﴾] ومفهوم الآية الكريمة: أن اتفاق الأمة حجة قاطعة؛ لأن الله تعالى لم يأمرنا أن نرد إليه إلا ما اختلفنا فيه، فما اتفقنا عليه يكفي اتفاق الأمة عليه؛ لأنها معصومة عن الخطأ، ولا بد أن يكون اتفاقها موافقاً لما في كتاب الله وسنة رسوله. السعدي:753.







﴿ وَٱلْمَلَٰٓئِكَ ةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُو نَ لِمَن فِى ٱلْأَرْضِ ۗ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٥﴾] يسألون ربهم المغفرة لذنوب من في الأرض من أهل الإيمان به. الطبري:21/502.







﴿ تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ ۚ وَٱلْمَلَٰٓئِكَ ةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٥﴾] وتقديم التسبيح على الحمد إشارة إلى أن تنزيه الله عمّا لا يليق به أهم من إثبات صفات الكمال له؛ لأن التنزيه تمهيد لإدراك كمالاته تعالى. ابن عاشور:25/33.







﴿ تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ ۚ وَٱلْمَلَٰٓئِكَ ةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٥﴾] أي: تكاد كل واحدة منها تنفطر فوق التي تليها من قول المشركين: (وقالوا اتخذ الله ولدا) [البقرة: 116]. القرطبي:18/444.







﴿ كَذَٰلِكَ يُوحِىٓ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٣﴾] وإجراء وصفي: (العزيز الحكيم) على اسم الجلالة دون غيرهما لأن لهاتين الصفتين مزيدَ اختصاص بالغرض المقصود من أن الله يصطفي من يشاء لرسالته. ابن عاشور:25/27.







﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ ۖ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٥﴾] ولم يقل: «ولا تتبع دينهم»؛ لأن حقيقة دينهم الذي شرعه الله لهم هو دين الرسل كلهم، ولكنهم لم يتبعوه، بل اتبعوا أهواءهم، واتخذوا دينهم لهواً ولعباً. السعدي:755.







﴿ وَمَا تَفَرَّقُوٓا۟ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٤﴾] لما أمر تعالى باجتماع المسلمين على دينهم، ونهاهم عن التفرق، أخبرهم أنكم لا تغتروا بما أنزل الله عليكم من الكتاب؛ فإن أهل الكتاب لم يتفرقوا حتى أنزل الله عليهم الكتاب الموجب للاجتماع. السعدي:755.







﴿ وَمَا تَفَرَّقُوٓا۟ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٤﴾] بغياً من بعضهم على بعض طلباً للرياسة؛ فليس تفرقهم لقصور في البيان والحجج، ولكن للبغي والظلم والاشتغال بالدنيا. القرطبي:18/454.







﴿ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٣﴾] أي: عظم عليهم (ما تدعوهم إليه) من التوحيد ورفض الأوثان؛ قال قتادة: كبر على المشركين فاشتد عليهم شهادة أن لا إله إلا الله، وضاق بها إبليس وجنوده، فأبى الله عز وجل إلا أن ينصرها ويعليها ويظهرها على من ناوأها. القرطبي:18/453.







﴿ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١١﴾] بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين، والألفة والجماعة، وترك الفرقة والمخالفة. البغوي:4/77.







﴿ ۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ ۚ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٣﴾] اتفق دين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع جميع الأنبياء في أصول الاعتقادات؛ وذلك هو المراد هنا، ولذلك فسره بقوله: (أن أقيموا الدين): يعني إقامة الإسلام الذي هو توحيد الله وطاعته، والإيمان برسله وكتبه وبالدار الآخرة، وأما الأحكام الفروعية، فاختلفت فيها الشرائع، فليست تراد هنا. ابن جزي:2/299.





آية
﴿ ۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٣﴾] هذه أكبر مِنَّةٍ أنعم الله بها على عباده؛ أن شرع لهم من الدين خير الأديان وأفضلها، وأزكاها وأطهرها؛ دين الإسلام الذي شرعه الله للمصطفين المختارين من عباده، بل شرعه الله لخيار الخيار، وصفوة الصفوة؛ وهم أولو العزم من المرسلين المذكورون في هذه الآية؛ أعلى الخلق درجة، وأكملهم من كل وجه. السعدي:754.







﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فِى رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ ۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٢﴾] من لطائف هذا الوجه أنه جاء على الترتيب المعهود في الحصول في الخارج؛ فإن الضيف أو الوافد ينزل أول قدومه في منزل إكرام، ثم يحضر إليه القرى، ثم يخالطه رب المنزل ويقترب منه. ابن عاشور: 25/79.







﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلْءَاخِرَةِ نَزِدْ لَهُۥ فِى حَرْثِهِۦ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٠﴾] المعنى: أي من طلب بما رزقناه حرثا لآخرته، فأدى حقوق الله، وأنفق في إعزاز الدين؛ فإنما نعطيه ثواب ذلك للواحد عشرا إلى سبعمائة فأكثر. القرطبي:18/461.







﴿ ٱللَّهُ لَطِيفٌۢ بِعِبَادِهِۦ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ ۖ وَهُوَ ٱلْقَوِىُّ ٱلْعَزِيزُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٩﴾] قال محمد بن علي الكتاني: اللطيف بمن لجأ إليه من عباده إذا يئس من الخلق وتوكل عليه ورجع إليه، فحينئذ يقبله ويقبل عليه، وقيل: اللطيف الذي ينشر من عباده المناقب ويستر عليهم المثالب؛ وقيل: هو الذي يقبل القليل ويبذل الجزيل، وقيل: هو الذي يجبر الكسير وييسر العسير... وقيل: هو الذي لا يعاجل من عصاه ولا يخيب من رجاه. وقيل: هو الذي لا يرد سائله ويوئس آمله. وقيل: هو الذي يعفو عمن يهفو. وقيل: هو الذي يرحم من لا يرحم نفسه. القرطبي:18/459-461.







﴿ ٱللَّهُ لَطِيفٌۢ بِعِبَادِهِۦ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ ۖ وَهُوَ ٱلْقَوِىُّ ٱلْعَزِيزُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٩﴾] وعُطف (وهو القوي العزيز) على صفة (لطيف) أو على جملة (يرزق من يشاء)، وهو تمجيد لله تعالى بهاتين الصفتين، ويفيد الاحتراس من توهم أن لطفه عن عجز أو مصانعة؛ فإنه قوي عزيز لا يَعجز ولا يصانِع، أو عن توهم أن رزقه لمن يشاء عن شحّ أو قِلّةٍ؛ فإنه القويّ، والقوي تنتفي عنه أسباب الشحّ، والعزيز ينتفي عنه سبب الفقر؛ فرزقه لمن يشاء بما يشاء منوط لحكمة عَلِمها في أحوال خلقه عامة وخاصة. ابن عاشور:25/73.







﴿ ٱللَّهُ لَطِيفٌۢ بِعِبَادِهِۦ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٩﴾] ومن لطفه أن قيَّض لعبده كل سبب يعوقه ويحول بينه وبين المعاصي، حتى إنه تعالى إذا علم أن الدنيا والمال والرياسة، ونحوها مما يتنافس فيه أهل الدنيا، تقطع عبده عن طاعته، أو تحمله على الغفلة عنه، أو على معصيةٍ صرفها عنه، وقَدَر عليه رزقه، ولهذا قال هنا: (يرزق من يشاء). السعدي:757.







﴿ يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا ۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مُشْفِقُونَ مِنْهَا ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٨﴾] أي: خائفون لإيمانهم بها، وعلمهم بما تشتمل عليه من الجزاء بالأعمال، وخوفهم لمعرفتهم بربهم أن لا تكون أعمالهم منجية لهم ولا مسعدة. السعدي:756.







﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ ۗ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿١٧﴾] فإن قيل: ما وجه اتصال ذكر الكتاب والميزان بذكر الساعة؟ فالجواب أن الساعة يوم الجزاء والحساب؛ فكأنه قال: اعدلوا وافعلوا الصواب قبل اليوم الذي تحاسبون فيه على أعمالكم. ابن جزي:2/300.







﴿ وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا۟ عَن كَثِيرٍ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٣٠﴾] المعنى: أن المصائب التي تصيب الناس في أنفسهم وأموالهم إنما هي بسبب الذنوب. ابن جزي:2/303.







﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِنۢ بَعْدِ مَا قَنَطُوا۟ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُۥ ۚ وَهُوَ ٱلْوَلِىُّ ٱلْحَمِيدُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٨﴾] وذكر صفتي (الولي الحميد) دون غيرهما لمناسبتهما للإغاثة؛ لأن (الولي) يحسن إلى مواليه، و (الحميد) يعطي ما يُحمد عليه. ابن عاشور:25/96.







﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِنۢ بَعْدِ مَا قَنَطُوا۟ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُۥ ۚ وَهُوَ ٱلْوَلِىُّ ٱلْحَمِيدُ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٨﴾] وخصها بالذكر دون غيرها من النعم الدنيوية لأنها نعمة لا يختلف الناس فيها؛ لأنها أصل دوام الحياة بإيجاد الغذاء الصالح للناس والدواب. ابن عاشور:25/95.







﴿ ۞ وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوْا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ ۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرٌۢ بَصِيرٌ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٧﴾] قد يعلم من حال عبد أنه لو بسط عليه قاده ذلك إلى الفساد فيزوي عنه الدنيا مصلحة له؛ فليس ضيق الرزق هوانا ولا سعته فضيلة... وروي: «إن من عبادي المؤمنين من يسألني الباب من العبادة وإني عليم أن لو أعطيته إياه لدخله العجب فأفسده. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده الفقر. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده الغنى». القرطبي:18/475.







﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِۦ وَيَعْفُوا۟ عَنِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٥﴾] وفي ذكر اسم العباد دون نحو: الناس، أو التائبين، أو غير ذلك، إيماء إلى أن الله رفيق بعباده لمقام العبودية؛ فإن الخالق والصانع يحب صلاح مصنوعه. ابن عاشور:25/90





.﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِۦ وَيَعْفُوا۟ عَنِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٥﴾] لما كانت التوبة من الأعمال العظيمة التي قد تكون كاملة بسبب تمام الإخلاص والصدق فيها، وقد تكون ناقصة عند نقصهما، وقد تكون فاسدة إذا كان القصد منها بلوغ غرض من الأغراض الدنيوية، وكان محل ذلك القلب الذي لا يعلمه إلا الله؛ ختم هذه الآية بقوله (ويعلم ما تفعلون). السعدي:758.








﴿ ذَٰلِكَ ٱلَّذِى يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٢٣﴾] يقول تعالى لما ذكر روضات الجنات لعباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات: (ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات) أي: هذا حاصل لهم كائن لا محالة؛ ببشارة الله تعالى لهم به. ابن كثير:4/114.







﴿ وَجَزَٰٓؤُا۟ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿٤٠﴾ وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِۦ فَأُو۟لَٰٓئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤١﴾] (فمن عفا وأصلح فأجره على الله): هذا يدل على أن العفو عن الظَّلَمة أفضل من الانتصار؛ لأنه ضمن الأجر في العفو، وذَكًَرَ الانتصار بلفظ الإباحة في قوله: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل). ابن جزي:2/305.







﴿ وَجَزَٰٓؤُا۟ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٠﴾] في جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به؛ فكما يحب أن يعفو الله عنه فليعف عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم؛ فإن الجزاء من جنس العمل. السعدي:760.







﴿ وَجَزَٰٓؤُا۟ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٠﴾] شرط الله في العفو: الإصلاح فيه؛ ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأموراً به. السعدي:760.







﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٣٧﴾] أي: لا يستبد أحد منهم برأيه في أمر من الأمور المشتركة بينهم، وهذا لا يكون إلا فرعاً عن اجتماعهم وتوالفهم وتواددهم وتحاببهم وكمال عقولهم؛ أنهم إذا أرادوا أمرا من الأمور التي تحتاج إلى إعمال الفكر والرأي فيها اجتمعوا لها وتشاوروا وبحثوا فيها، حتى إذا تبينت لهم المصلحة انتهزوها وبادروها. السعدي:760.







﴿ وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٣٧﴾] ومن الاستجابة لله: إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة؛ فلذلك عطفهما على ذلك؛ من باب عطف الخاص على العام، الدال على شرفه وفضله. السعدي:760.







﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا۟ هُمْ يَغْفِرُونَ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٣٩﴾] إن كلاً من الوصفين في محل، وهو فيه محمود؛ فالعفو عن العاجز المعترف بجرمه محمود، ولفظ المغفرة مُشْعِرٌ به. والانتصار من المُخَاصِم المُصِرّ محمود، ولفظ الانتصار مشعر به. ولو أوقعا على عكس ذلك كانا مذمومين، وعلى هذا جاء قوله: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته * وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا فوضع الندى في موضع السيف بالعلا * مضرّ كوضع السيف في موضع الندى. الألوسي:25/66.







﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِ ٱلْجَوَارِ فِى ٱلْبَحْرِ كَٱلْأَعْلَٰمِ ﴿٣٢﴾ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِۦٓ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٣٢﴾] وجُعل ذلك آيةً (لكل صبار شكور) لأن في الحالتين خوفاً ونجاة، والخوف يدعو إلى الصبر، والنجاةُ تدعو إلى الشكر. ابن عاشور:25/106.







﴿ لِّلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَٰثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٩﴾] وقيل: قَدَّمَ الإناث توصية برعايتهنَّ لضعفهنَّ؛ لا سيما وكانوا قريبي العهد بالوأد، وفي الحديث: (من ابتُلِيَ بشيء من هذه البنات فأحسن إليهنَّ كنَّ له ستراً من النار). الألوسي: 2/75-76.







﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌۢ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ كَفُورٌ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٨﴾] أي: يجحد ما تقدم من النعم، ولا يعرف إلا الساعة الراهنة. ابن كثير:4/122-123.







﴿ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌۢ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ كَفُورٌ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٨﴾] وفيه إشارة إلى أنَّ إذاقة الرحمة ليست للفرح والبطر، بل للشكر لموليها. وإصابة المِحنة ليست للكفران والجزع، بل للرجوع إلى مُبْلِيها. الألوسي:25/75.







﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا۟ فَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٨﴾] أي حافظاً لأعمالهم حتى تحاسبهم عليها، وقيل موكلاً بهم لا تفارقهم دون أن يؤمنوا، أي: ليس لك إكراههم على الإيمان. القرطبي:18/500.







﴿ سْتَجِيبُوا۟ لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ ۚ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٧﴾] هذه الآية ونحوها فيها ذم الأمل، والأمر بانتهاز الفرصة في كل عمل يعرض للعبد؛ فإن للتأخير آفات. السعدي:761.







﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِنَّ ٱلْخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۗ أَلَآ إِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٥﴾] أما خسرانهم لأنفسهم فلكونهم صاروا في النار معذبين بها، وأما خسرانهم لأهليهم فلأنهم إن كانوا معهم في النار فلا ينتفعون بهم، وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينهم وبينهم. الشوكاني:4/543.







﴿ وَتَرَىٰهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ ﴾ [سورة الشورى آية:﴿٤٥﴾] أي: الذل قد اعتراهم بما أسلفوا من عصيان الله تعالى. ابن كثير:4/122.





الكلم الطيب