سفينة النجاة: اتباع الوحيين




ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: (سفينة النجاة: اتباع الوحيين)، التي تحدَّث فيها عن نجاة الأمة من الفتن والمُدلهِمَّات، وأن ذلك في العودة الحقيقية إلى الكتاب والسنة، وتآلُف المسلمين واجتماعهم، وحذَّر من فُرقتهم التي سبَّبَت دخول الأعداء بينهم، مما أدَّى إلى تشتيت الشمل وتفريق الجمع، فجاءَت خُطبتُه حاثَّةً على توحيد الكلمة على السبيل الصحيح والمنهج القويم، وكان مما جاء في خطبته:

أيها المسلمون: عندما تُخيِّمُ على الأمة ظُلَلُ الفتن، وحينما تتقاذَفُ سفينتَها أمواجُ المِحَن؛ تعظُمُ حاجتُها إلى ترسُّمِ طريقِ النجاة لتصِلَ إلى برِّ الأمان وشاطِئ السلام، وإنها لواجِدَةٌ ذلك في لُزومِ السنَّة الغرَّاء، والسيرة المُؤنَّقَة البَلْجاء، التي تُعطِّر الأقطارَ والأرجاءَ.
الكونُ أشرقَ والفضاءُ تعطَّرَ
والأُفقُ ظلَّلهُ السرورُ فهل ترَى
لقد بعثَ الله رسولَه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالهُدى ودين الحق، بالسنَّة القَويمة، والسيرة العطِرَة العظيمة، انطلاقًا من مكة المُكرَّمة، فآمنَ به من العرب من آمن، وهاجرَ بهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وأقامَ دولةَ الإسلام؛ فأعلى الله شأنَهم وأظهرَ أمرَهم تحت راية القرآن، وتبَعًا لرسالة المُصطفى محمد بن عبد الله - عليه الصلاة والسلام -، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (آل عمران: 164).
أيها المُوحِّدون: إن هذا الإسلام العظيم قد تآخَى فيه وفي سُنَّته جميعُ الأجناس، فكان الناسُ تحت راية الإسلام سواءً، لا فرقَ بين عربيٍّ ولا عجميٍّ إلا بالتقوى، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13).
وفتحَ الله البلادَ على أيدي المسلمين، ودانَت لهم كثيرٌ من وِهادِ الدنيا وبِقاعِها، وبُلدانها وأصقاعِها، فأقَضَّ هذا الشأنُ العظيمُ للإسلام وأهلِه مضاجِعَ الذين كانوا في الحضارات الأخرى ينعَمُون، وفي عِزِّها يرفُلُون.
ثم ورِثَ أهلُ الإسلام ديارَهم وأموالَهم، فأقامَ أهلُ الحضارات الغابِرَة العِداءَ لهذه الأمة عِداءً مُحكَمًا، على الرغمِ مما فعلَه أهل الإسلام في أراضِيهم من إعلاءٍ لكلمة التوحيد، ورسالةِ الخير والرحمة والتسامُح والتجديد.
ومع ذلك أرادوا أن يعودَ الإسلامُ ضعيفًا كما كان أولَ أمره، وترجِع الأمةُ شَذَرَ مذَرَ ويتفرَّقَ أهلُه، ويأبَى الله إلا أن يُتِمَّ نورَه.
معاشر المسلمين: وما كادَت القرونُ المُفضَّلةُ تنقضِي حتى ذرَّت الفتنُ بقَرَنها على الأمة؛ فقُتِل الخليفةُ الراشِدُ عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وكان هذا بابَ الفتنة الذي لما كُسِر فُتِح دون انغِلاق.
ثم آلَ أمرُ هذه الأمة بعد الفارُوقِ إلى عُثمان - رضي الله عنه وأرضاه -، ورجعَت الأمورُ في أيامٍ قليلةٍ إلى سابقِ عِزِّها وقوتِها، لكن أعداءَ الأمة كانوا لها بالمِرصادِ، فبثُّوا الفُرقةَ في عهد عُثمان - رضي الله عنه -، وحرَّكوا العامَّةَ من المُسلمين، في غَيرةٍ دينيَّةٍ غيرِ مُنضبِطَة، وليست على وَفق السُّنَّة.
فآلَت بهم هذه الحماسةُ إلى أن يكونوا يدًا للعدوِّ المُتربِّصِ للإسلام وأهلِه، فقتَلُوا خليفةَ المسلمين عُثمانَ بن عفَّان - رضي الله عنه -.
ولقد آلَ الأمرُ بالاختلافِ في الأمة بعد ذِي النُّورَين إلى مقتلِ أمير المُؤمنين عليٍّ أبي الحسَنَين - رضي الله عنهم أجمعين -.
فاستُبيحَت قاعدةُ الإسلام ومأرِزُ الإيمان، وقُتِل أهلُها في أيامٍ تُعدُّ من أسوأ أيام التأريخ. ثم هُدِم بعدها جُزءٌ من قبلةِ المُسلمين، واستُبيحَ جُزءٌ منها بالمِنجَنيق بسبب هذه الخلافاتِ في الأمة التي دبَّرَ لها العدوُّ بليلٍ؛ حيث التقَى الأعداءُ على الكَيدِ للإسلام وأهلِه ممن كان الإسلامُ قد حدَّ انتِشارَهم، وردَّ فُلُولَهم، وقوَّضَ ممالِكَهم، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (الصف: 8).
أيها المؤمنون: بعد هذه المآسِي المُتوالِيات ما لبِثَت الأمةُ أن فطِنَت إلى إكسير عِزِّها وأساس مجدِها في ماضِي عهدِها: السنَّة العطِرة، فوجَّهَت لها مزيدَ العنايةِ والرعايةِ، وتتابَعَ الغيورون على الاهتمام بها والذبِّ عنها، وحماية بيضَتها، ومع ذلك؛ فإن بعضَ من فُتِنُوا للمُخالَفَة للحقِّ قد أضرُّوا بالخلقِ، واستَباحُوا مواطِنَه، وقتلُوا أهلَه في تأريخٍ يُظلِمُ القلوب، ويُفطِّرُ الأكباد، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا}(النساء : 45).
أمة الإسلام: ولقد دارَت الأيام، وتتابَعَت الأزمان، ومضَت القرونُ، وظهر في هذا القرن الأخير - بفضل الله - عِزٌّ للإسلام، وانتشارٌ للخير والدعوة، وارتفاعٌ لرايات السنةِ والسيرةِ المُحمدية بقوة الإسلام وأهلِه، ومن شاءَ الله أن يُوفِّقَه من وُلاتِه وعُلمائِه، ومن أرادَ الله - سبحانه - أن يمنحَهُ شرفَ الدعوةِ إلى هذا الدين، والدفاعِ عنه، والذبِّ عن حِياضِه.
فظهرَت للإسلام صولةٌ وجولةٌ، وقوةٌ في العالم وهيبَةٌ، وكان من أسبابِ ذلك: ظهورُ ولايةِ هذه البلاد المُبارَكة، وعنايَتها بالسنَّة الغرَّاء، والسيرة الشمَّاء؛ حيث استتبَّ الأمنُ، وعظُمَت رسالةُ الأمة، وصارَت رسالةُ الإسلام التي تنبُعُ من مكة المُكرمة من قِبلَة المسلمين للناس قاطِبَةً، تُوقِظُ في نفوس المسلمين جميعًا حبَّ الكتاب والسنَّة، والمنهَج والقِبلَة، وتشحَذُ النفوسَ في استِعادةِ أمجادٍ سبقَت، والرغبةِ في إحياءِ تأريخٍ مجيدٍ سلَف.
وتحُثُّ الهِمَم على استِعادة القوى النفسية والعلمية والاقتصادية والسياسية، التي هي مُقدَّراتُ دولةِ الإسلام، والتي كانت وستظلُّ - بفضل الله - أولاً، ثم برعايةِ بلاد الحرمين الشريفين، وبتآلُف وُلاةِ المسلمين وعُلمائِهم وشُعوبِهم، قوةً راسِخةً شامِخةً. هذه القوةُ التي نُفِضَ عنها الغُبارُ - بفضل الله ومنَّتِه - أقضَّت مضاجِعَ الأعداء في زماننا من جديد، وجُلُّهم أروغُ من ثعلبِ، ما أشبهَ الليلةَ بالبارِحة!
فرجعَ العِداءُ كسابِقِه في القرون الأُوَل إلى ما كان عليه من الرغبة في تفتيت هذه الأمة وتشرذُمِها، بدءًا بتفتيت دول المشرق العربي، وجعلِها طوائِف وأحزابًا يُخالِفُ بعضُها بعضًا، ويقتُلُ بعضُها بعضًا، ثم تفتيت أهل السنة والجماعة إلى أحزابٍ وجماعاتٍ، وبثِّ الفُرقة فيهم كما بُثَّت في عهدِ الخليفةِ عُثمان - رضي الله عنه -.
وحتى يلقَى المُسلمون اليوم ما لقِيَ أسلافُهم من ظهور الخوارِج والفِرَق المُختلِفة من عنَتٍ ومشقَّةٍ وفوضَى، حتى أصبحَ المُسلمون شِيَعًا مُتفرِّقين، وتفتَّتت هذه القوة العربية والإسلامية من جديد، وضعفت شوكةُ أهل السنة والجماعة التي تفُلُّ الحديد.
أمة الإيمان: إن من المُؤلم حقًّا أن نرَى أقوامًا من أبناء المِلَّة في أعقابِ الزمنِ والخلَف قد فرَّطوا فيما كان عليه منهجُ السلَف، فاستَقَوا كثيرًا من المزَالِّ من مشارِبِ أهل الزَّيغ والضلال، وخالَفُوا الأسلافَ النُّجبَاء، ومنهجَهم البيِّن الوضَّاء، فقذَفُوا بأنفسِهم في مراجِلِ الفتن العمياء، والمعامِع الهوجَاء، وزجُّوا ببعض أبناء الأمة بإسراعٍ إلى بُؤَر الفتن والصراع، تحت راياتٍ عُمِّيَّة ودعواتٍ جاهلية. في بُعدٍ واضحٍ عن الاعتِدال والوسطية، وتشويهٍ لشعيرة الجهاد في سبيل الله ذروة سَنَام الإسلام وضوابِطِه الشرعية.
بل وأغرَوهم ببعض الأعمال الإرهابية من تدميرٍ للمُمتلكات، وتفجيرٍ للمساجد والجامِعات والمُستشفيات، مُخالِفين صحيحَ المنقول وصريحَ المعقول، ومنهجَ السلَف المصقُول، ودون مُراعاةٍ لمقاصِد الشريعة ومآلاتها، والسياسة الشرعية وهداياتها.
وهذا - لعمرُ الحقِّ - هو عينُ اتباع الهوَى، وهو داهيةُ المعاطِب، ونائِبَةُ النوائِب. وأيُّ نائِبةٍ أعظمُ من مُخالفة كلام الله - سبحانه - وسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم ، ومنهَج القرون المُفضَّلة؟!
وقد أخرج الترمذي وصحَّحه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: «عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخُلفاء الراشدين المهديين، عضُّوا عليها بالنواجِذ».
ولله درُّ الإمام الشافعي - رحمه الله -؛ حيث يقول: «يسقُطُ كلُّ شيءٍ خالفَ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يقوم معه رأيٌ ولا قياسٌ؛ فإن الله قطعَ العُذرَ بقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -».
نهجُ الخوالِفِ فاحَ من أفواهِهم
لا فرقَ في الأفعال والآراءِ
ألأجلِ كُرسيِّ الزعامَةِ أنتمُ
تتسابَقُون تسابُقَ الجُهلاءِ؟!
قال العلامة ابن القيم - رحمه الله -: «أول مراتِبِ تعظيم الحقِّ - عز وجل -: تعظيمُ أمره ونهيِه، ويكونُ المُؤمنُ بحسَب هذا التعظيم من الأبرار المشهودِ لهم بالإيمان».
وقال الإمام الشاطبيُّ - رحمه الله -: «المقصدُ الشرعيُّ من وضع الشريعة: إخراجُ المُكلَّف عن داعِيَة هواه حتى يكون عبدًا لله اختِيارًا، كما هو عبدٌ لله اضطِرارًا».
إن الهوانَ هو الهوَى قُلِبَ اسمُه
فإذا هوِيتَ فقد لقِيتَ هوانًا
معاشر المُوحِّدين: وإذا كانت المآسِي تلفَحُ وجهَ الأمة في كل شبرٍ ووادٍ، وفي مُختلف الأصقاع والوِهادِ، فليس أرجَى ولا أنجَا من تلمُّس نهجِ السيرة النبوية والسُّنَّة المحمدية - على صاحبها أزكَى سلامٍ وأعطرِ تحية -، فهما مناطُ العِزِّ والنصر، وأجلَى لُغاتِ العصر؛ حيث يُؤصِّلان للأمة العلوَّ والتمكين، واستِردادَ سابِق عِزِّها وتليدِ مجدِها.
وأنَّى لها ذلك إلا بالوقوف عند هديِهِ - صلى الله عليه وسلم - وسُنَّته، والنَّهَلِ من مَعين وسلسبيل سيرته، واجتِماع الأمة على ذلك في نأْيٍ عن التصنيفات الفِكرية، والمشارِبِ المذهبيَّة والطائفية، والله - عز وجل - يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران: 103).
فيا أتباعَ السنَّة، ويا أبناء المِلَّة! لتكُن السنَّةُ والسيرةُ العطِرة المنهلَ العذبَ الرَّوِيَّ في تصحيح المسيرة، ينهَلُ منهما كلُّ صادِ، ويرجِعُ إليهما كلُّ مُهتدٍ وهادِ، حتى لا نضِلَّ ولا نشقَى؛ بل في طرائِق المجدِ نسعَدُ ونرقَى، وهذا أدلُّ دليلٍ على صدقِ اتِّباعِه - صلى الله عليه وسلم -.
تمسَّك بحبلِ الله واتَّبِعِ الهُدَى
ولا تكُ بِدعِيًّا لعلك تُفلِحُ
ودِنْ بكتابِ الله والسُّنَن التي أتَتْ
عن رسولِ الله تنجُو وتربَحُ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً} (الأحزاب: 21).
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنَّة، ونفعَني وإياكم بما فيهما من الآياتِ والذِّكرِ والحِكمَةِ، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المُسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛ فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه كان توابًا.
أمة السنة والسيرة
وإن من حِفظِ الله للسُنَّةِ والسيرةِ أن حفِظَ موئِلَها وموطِنَها؛ فمكةُ المُكرَّمة والمدينةُ النبويةُ المُنوَّرة هي منارةُ الإسلام، ومأرِزُ الإيمان، ومحضِنُ العقيدة الصحيحة، والسنَّة القويمة، ومركزُ الحضارة، ومُنطلَقُ القيادَةِ والسِّيَادَةِ والرِّيَادَةِ للعالم الإسلاميِّ، والخطُّ الأخير في غُرَّة الوجود الإسلاميِّ، وخاتمة سُور الدفاع العقديِّ والإيمانيِّ، عن معقِلِ الشريعةِ والسنَّةِ وعاصمتِها الخالِدَة، ورأس مالِ الأمة وأغلَى أرباحِها.
هي في الأمة بمثابَة القلبِ في جسمِ الإنسانِيَّة، وإنها لا تزالُ مُستهدَفةً محسودةً، وبالأراجِيفِ والشائِعاتِ مقصودة.
ولكن هيْهَات هيْهَات أن يُزيَّن الباطِلُ بيننا للتفريق، أو يُشوَّه الحقُّ فينا للتمزيقِ؛ فهي - بفضل الله -.
بيتُ الحضارة والكرامةِ والنُّهَى
من غابِرِ التأريخِ والأزمانِ
الأمنُ والإيمانُ صوتُ ضميرِها
والخيرُ نبضُ الحقِّ في الميزانِ
وإن من المُؤكَّدِ اليوم أن رسالتَنا الكُبرى هي العملُ على صيانَة الأمة الإسلامية، والمُحافظةُ على أهلِ السنَّة والجماعة في كينُونَتهم الكُبرَى التي يكونون فيها على اختلافِ مذاهِبِهم تحت لواءِ السنَّة الغرَّاء التي يتبَعُون فيها الخُلفاء الأربعةَ الراشدين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وإن بلادَنا المُبارَكةَ وهي تحمِلُ لواءَ الدفاع عن منهَجِ سلَفِ هذه الأمة، بل وعن قضايا العرب والمسلمين؛ لتُحتِّمُ على نفسِهَا أن تحمِيَ حوزةَ الإسلام عامَّةً، وحوزَةَ أهل السنة والجماعة خاصَّةً، عرفَ ذلك من عرفَه، وجهِلَه أو تجاهلَهُ من جهِلَه.
فإن مسؤوليَّةَ الإسلام وأهلِه والدفاع عنه منوطةٌ بوُلاة الأمر؛ لأن البَيعةَ مُنعقِدةٌ فيهم ولهم، وهم الأدرَى بما يحُوطُ الإسلامَ وأهلَه، وما يدفعُ الخطرَ عن هذه الأمة الإسلاميَّة.
وإن هذه الآمال العريضَة التي نعيشُ فيها في ظِلال السيرة والسنَّة لتبعَثُ في نفوسنا التفاؤُل والعزمَ الأكيد على نُصرة هذا الدين والسنَّة المُطهَّرة، والوقوف مع دولتِنا دولةِ الكتابِ والسنَّة لحمايةِ البقيَّةِ الباقِيَةِ من قوة الأمة، وحماية الموطِنِ الأساس والرُّؤية والقِبلَة: مكَّة المُكرَّمة والمدينة المُنوَّرة لأهل الإسلام بعامَّة، في راياتٍ للسنَّة مرفوعة، وأعلامٍ للسيرة منشُورة، مهما كثُرَت التحديَات، وعظُمَت الابتلاءات، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (المنافقون: 8).
منقول