اعقلها وتوكل
عبدالله العمادي
اعقلها وتوكل
روى عمرو بن أمية رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي ﷺ مستفهما أي الفعلين يوافق التوكل؛ هل هو ربط الناقة في مكان، أو تركها على حالها ثم السعي والذهاب لأحواله؟ فقال له النبي ﷺ: ” اعقلها وتوكل” (رواه الترمذي وابن حبان ).
سيف الله المسلول خالد بن الوليد لم يتردد في اتخاذ قرار الانسحاب من معركة مؤتة بعد أن رأى بوادر الهزيمة قادمة لجيش المسلمين يومذاك ، بل ربما فناء الجيش بأكمله وهو يواجه جيشاً يفوق عدداً وعدة بأضعاف الأضعاف ..
اتخذ قراره دون أي تردد أو تذبذب ، فالموقف لا يتحمل أي تردد ، والقائد الحقيقي وقت الأزمات لا يتردد أو هكذا يجب أن يكون عليه القادة .. ولو أن خالداً يومها اتخذ قرار مواصلة القتال ، لكان مسؤولاً عن إبادة الجيش عن بكرة أبيه ، وإهدار دماء خير البشر في ذاك الزمان ..
اتخذ خالد قراره الحاسم ، فكانت النتيجة أن أنقذ الكثيرين من المسلمين ، وهذه الخطوة الأهم ، ومن ثم بدأ التفكير في مواصلة تحقيق الهدف بعد ترتيب الصفوف ، وهذا ما حصل فعلاً بعد عودة الجيش الى المدينة لترتيب وتجميع نفسه والإعداد لجولة أخرى .. ولو افترضنا أن قرار خالد كان خاطئاً ، ما امتدحه النبي الكريم ﷺ ، وامتدح جيشه وسماهم بالكرّار بعد أن أطلق بعض المسلمين ممن لم يملكوا بعد النظر على الجيش بالفـرّار ..
عمليات التغيير ليست من تلك النوعية من العمليات التي تتحمل التردد والبطء. ولو كان كل البارزين على مدار التاريخ من القادة والحكام وعظام الرجال من المترددين، لما برز أحد في هذا التاريخ ولما حدثت تغييرات دراماتيكية حاسمة تغير معها التاريخ.
خلاصة الكلام ، أن تكون حاسماً حازماً وأنت ترغب في إحداث تغيير ما، سواء على الصعيد الشخصي أم أصعدة أوسع وأكبر.. لا تتردد في قرارات التغيير، فهناك الكثيرين حولك تنحصر مهامهم في تلك اللحظات الحاسمة في دفعك إلى التباطؤ والتوقف، وأهم كل أولئك، هي نفسك التي بين جنبيك..
اعقلها وتوكل .. أو كما قال ﷺ.