يا أختاه لا تكوني معولاً يهدم به الإسلام



الشيخ : أحمد النعسان


الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيا أختي المسلمة المؤمنة التقية النقيَّة الصافية البريئة, لقد أكرمك الله تعالى ونشأت في رياض الإسلام, وشربت من وحي السماء, ورضعت لبان الفطرة, فكنت زهرة غالية يجب على المجتمع أن يحافظ عليك.
يا أختاه إني أرجو الله تعالى أن تكوني من أهل الجنة, والجنة سِلعة غالية تحتاج إلى ثمن, يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَافَ أَدْلَجَ, وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ, أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ, أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وثمنها بيدك, ألا وهو طاعتك لله تعالى وطاعتك لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}.
يا أختاه! أناشدك الله عليك بالحجاب:
أختي الكريمة: الإسلام يريد أن يجعل مجتمعنا مجتمعاً نظيفاً, لا تُثار فيه الشهوات, ولا تُنتهك في الأعراض, لذلك حرَّم الإسلام التبرُّج, وفرض الحجاب على كلِّ مسلمة.
وما فرض الإسلام الحجاب على المرأة إلا لصيانتها من عبث العابثين ومجون الماجنين, وإلا لتكون المرأة المسلمة كالدرَّة المصونة, وكاللؤلؤة المكنونة التي لا تصل إليها الأيدي الآثمة.
الإسلام ما فرض عليكِ الحجاب اتهاماً لكِ, ولكن لأنك جوهرة يجب أن تُصان عن الأعين, فإنه كلما ازدادت قيمة الجوهرة كلما ازدادت الحاجة لسترها وحفظها, وكلَّما استترت المرأة كلَّما ازدادت غلاوة وقيمة, لذلك وصف الله تبارك وتعالى الحور العين في الجنة بقوله تعالى: {حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام} [الرحمن: 72].
يا أختاه! أنت مؤمنة بالله ـ والحمد لله ـ:
يا أختاه! أنت مؤمنة بالله تعالى فلا تجعلي من نفسك مكان امرأة لا تؤمن بالله تعالى, فما دمت آمنت بالله تعالى رباً موجداً, وآمنت بالله تعالى رباً مُمِدّاً, وآمنت بالله تعالى رباً منعماً, وآمنت بالله تعالى رباً محاسباً, وآمنت بالله تعالى رباً مرغِّباً ومرهِّباً, وآمنت بالله تعالى رباً لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, كيف تجترئ هذه المرأة المؤمنة على مخالفة أمر الله تعالى؟ بل كيف تجترئ على الاعتراض على أمر الله تعالى؟ والله تعالى يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا} [الأحزاب: 36].
بالله عليك يا أختاه لا تسلكي سلوك النساء اللواتي ما آمنَّ بالله تعالى رباً موجداً مُمِدّاً مُنعِماً محاسباً, إن جمالك مستور في الحياة الدنيا لزوجك, فاحذري أن تخرِّبي مستقبلك في الآخرة بشهوة ساعة في الدنيا, تعقبها حسرة في الدنيا وحسرة في الآخرة.
أما حسرة الدنيا فتكون بخراب البيت وتمزيق شمل الأسرة, والفشل في تربية الأبناء, وضياع حقوق الزوج, إضافة إلى ما يُرتَكب من جرائم في كثير من الأحيان.
أما حسرة الآخرة ـ والعياذ بالله تعالى ـ فهي الحرمان من جنة الله تعالى, كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ, يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ. وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ, مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ, رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ, لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ, وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا, وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رواه مسلم.
يا أختاه! أتريدين الجنة؟
لا شك أنه ما من امرأة مسلمة إلا وهي تتمنى أن تكون من أهل الجنة, وأنت تملكين ثمن الجنة بإذن الله تعالى, وثمنها طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم, كما قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا}.
فاسمعي يا أختاه إلى نداء الله تعالى لكِ:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24], إنها دعوة لحياة القلب, ولحياة الدين والعرض والحياء, فمن استجابت لهذا النداء فإنها سوف تنضم بإذن الله تعالى مع قافلة أطهر النساء على الإطلاق وأكمل النساء, وعلى رأس هؤلاء النسوة أمهات المؤمنين زوجات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكم هو شرف لك يا أختاه أن تكوني مندرجة في النداء الذي جاء من الله تعالى لأزواج وبنات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين.
تدبَّري يا أختاه قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 59].
هل هناك شرف أعظم من هذا الشرف, في أن تندرجي مع نساء وبنات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, وتكوني على قدمهنَّ في الحياة الدنيا, لتجتمعي معهنَّ في الآخرة في جنة عرضها السماوات والأرض, مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
لا ترفضي الجنة يا أختاه!
قفي مع نفسك لحظة واحدة يا أختاه, واحذري من اتباع خطوات الشيطان, لأنه يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب النار, كما قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير} [فاطر: 6].
والله أنا لا أتصوَّر امرأة مؤمنة ترفض جنة عرضها السماوات والأرض, أو ترفض معيَّة أمهات المؤمنين وبنات سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, لا أتصوَّر هذا على الإطلاق.
لذلك كان لزاماً أن أذكِّر هذه الأخت الكريمة بقول الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
حكِّمي الإسلام في حجابك, وتدبَّري ماذا أراد الإسلام من الحجاب؟ وماذا أراد أعداء الإسلام من الفجور؟
لا تكوني مِعْوَلاً يُهدَم به الإسلام:
أخيراً أقول لك يا أختاه: أنت بنت الإسلام, أنت من سلالة السيدة خديجة وعائشة وأسماء وصفية وفاطمة رضي الله عنهنَّ.
فيا بنت الإسلام اعلمي: والله أعداء الإسلام يحاربون الإسلام من خلالك, أترضين ياأختاه أن تكوني مِعْوَلاً يُهدَم به الإسلام, بدلاً من أن تكوني لَبِنة طيبة مباركة في جدار الإسلام.
قال أحد أعداء الإسلام: كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية ما لا تفعله المدافع والصواريخ.
فاحذري يا أختاه أن تكوني مِعْوَلاً بيد أعداء الإسلام يُهدَم بك الإسلام, لقد ضاع شباب الأمة, وتمزَّق كيان الأمة, وانحلَّت الأخلاق, وانتشرت الفاحشة, وظهر الفجور حتى سمعنا بزنى المحارم والعياذ بالله تعالى, كل ذلك سببه تبرُّج المرأة وإبداء زينتها, هكذا أراد أعداء الإسلام من المرأة المسلمة أن تهدم دينها بنفسها.
فهل يرضيك هذا يا أختاه؟
أنا واثق والله بأن هذا لا يرضي المرأة المسلمة المؤمنة, لذلك عليك بالحجاب ونبذ التبرُّج, وقولي: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
اللهم استر أعراضنا وآمن روعاتنا. آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, سبحان ربك رب العزة عما يصفون, وسلام على المرسلين, والحمد لله رب العالمين.