تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: علم الغيب

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,502

    افتراضي علم الغيب

    علم الغيب

    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري

    الخطبة الأولى
    إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله:
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [ النساء: 1].

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

    أما بعد:
    فإن أحسن الكلام كلام الله سبحانه وتعالى وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

    معاشر المؤمنين، لقد حرَص النبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم حرصًا عظيمًا على أصحابه وعلى هذه الأمة بتعليمهم العقيدة الصحيحة المنبثقة من كتاب الله ومن هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام، فمكث في مكة ثلاثة عشر عامًا يؤصل هذا الأصل العظيم أصل العقيدة والتوحيد، فالعقيدة مأخوذة من العقد وهو الربط بقوة وإحكام، وأما في الميزان الشرعي فالعقيدة هو الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شك لدى معتقده، وتعني العقيدة الإسلامية الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكل ما ثبت من الأمور العلمية والعملية ثبوتًا قطعيًّا على ما ورد في كتاب ربنا، وهدي نبينا عليه الصلاة والسلام، وكان هذا الأمر له أهمية بالغة؛ لأنه يعتبر الفقه الأكبر عقيدتك في ربك وخالقك سبحانه، وذلك أنهم كانوا قبل البعثة أعني المشركين يعيشون في ضلالات وجهالات يعيشون في قلق واضطراب في كل المستويات؛ كما عناه المولى بقوله: ﴿ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ [آل عمران164، الجمعة2].

    ضلال في البيوع والأنكحة وضلال في الأخلاق والقيم، وضلال في العبادة والعقائد، فكان الرجل العظيم الجسيم إن نزل واديًا قال: أعوذ بعظيم هذا الوادي يعني: يستعيذ بالجن من الجن، فقال سبحانه: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن6]، ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن6].

    فكانوا يعيشون في عذاب مهين وفي ضلال مبين، فبعث الله محمدًا سيد الأولين والآخرين، فعالج هذه القضية علاجًا تامًّا نافعًا، فأصَّل أصول هذه العقيدة بمكة، ولقد كان القرآن كله يعالج هذه، إلا أن القرآن في العهد المكي كان أكثر تشييدًا لهذا الصرح العظيم، وهكذا من فارق أمر العقيدة، ولم يفوِّض ما عناه الله، وأمر به لا شك أنه في ضلال، كما حصل للفلاسفة وأهل الكلام حينما حصل عندهم اضطراب وتردِّي، فقال قائلهم[1]:
    لعمري لقد طفتُ المعاهد كلها
    وسيَّرتُ طرفي بين تلك المعالم
    فلم أر إلا واضعًا كفَّ حائرٍ
    على ذقنٍ أو قارعًا سنَّ نادمِ


    فقال له صاحب عقيدة سليمة [2]: يا أستاذ
    لعلك أهملتَ الطوافَ بمعهدٍ
    الرسول ومَن والاه من كل عالم
    فما خاب من يهدي بهدي محمدٍ
    ولست تراه قارعًا سنَّ نادمِ


    هذا الحرص يتبين بجلاء من عدة قضايا ووقائع، من ذلك ما جاء في جامع الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (يا غلام، إني أعلِّمك كلمات، احفظ الله يحفَظك، احفظ الله تجده تُجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعنْ بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجُفت الصحف)[3].

    وفي رواية متصلة بهذه قال له: (احفظ الله تجده أمامك، تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا)[4].

    وثبتت وقائع كثيرة لولا الإطالة لبيَّناها، فهذا أمر من الأهمية بمكان أن يكون العبد عالِمًا بما يختص بالرب تبارك وتعالى، ومن هذه العقيدة معرفة علم الغيب، فهو اختصاص الرب تبارك وتعالى؛ كما قال المولى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ﴾ [الجن26].

    فمن الذي استقل بهذا الأمر، إنه الله سبحانه وتعالى، كما في آيات كثيرة من القرآن: ﴿ وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ [هود123، النحل77]، ﴿ قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ [النمل65]، وحصر الله مفاتيح الغيب على نفسه، فقال: ﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ [الأنعام59]. وبين هذه المفاتيح بينها بيانًا شافيًا كافيًا في آية أخرى، وعلى لسان محمدٍ عليه الصلاة والسلام؛ جاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله تعالى: لا يعلم أحد ما يكون في غد إلا الله تعالى، ولا يعلم أحدٌ ما يكون في الأرحام إلا الله تعالى، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله تعالى، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله تعالى، ولا يدري أحد متى يجيء المطر إلا الله تعالى، ثم قرأ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان34][5].

    فمفاتح الغيب من اختصاص الله رب العالمين، وأما البشر أو غير البشر، فرسم الله عز وجل لهم نواميس في هذا الكون لا يعلمونها، وإنما يأتونها حسب ما رسمه الله عز وجل.
    مشيناها خطًى كُتبت علينا
    ومن كتبت عليه خطًى مشاها
    وأرزاق لنا متفرقات
    فمن لم تأته منا أتاها
    ومَن كُتبت منيتُه بأرض
    فليس يموت في أرضٍ سواها[6]



    ولو أخذنا سردًا سريعًا، لو تأملنا إلى عالم الملائكة وهم أهل القرب من الله سبحانه، إنهم هناك في الملأ الأعلى يسبِّحون ويقدسون، ويقومون بعبادات عظيمة، ومنهم حملة العرش، الملائكة لا يعلمون الغيب أبدًا، إلا ما أعلمهم الله عز وجل به، واسمع إلى دليل من القرآن يا صاحب القرآن، قال سبحانه: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة:31 - 32].

    فهؤلاء الملائكة ينفون عن أنفسهم علم الغيب، فهم لا يعلمون ذلك، وإنما ما يطلعهم الله سبحانه وتعالى عليه من المغيبات، وهم يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون[7].

    ولو تأملت إلى أجسامٍ قوية خلقهم الله وجعل لهم تلك الأجسام قادرين على الاختراق وحمل الأثقال، لكن لهم قوى محدودة لا يستطيعون تجاوزها، إنهم الجن الذين امتثلوا لسليمان أن ينقلوا إليه عرش بلقيس من سبأ من بلاد اليمن إلى أرض الشام قبل أن يقوم من مقامه[8]، ثم كان ما كان، ﴿ فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾ [النمل42]، وهكذا جيء بعرش بلقيس من اليمن إلى بلاد الشام.

    هؤلاء الجن سخرهم الله لسليمان بن داود، فلقد أعطى الله سبحانه وتعالى سليمان ملكًا عظيمًا؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 17 - 18]، فكان له الجن؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ ﴾ [ص: 37]، يقومون بأعمال عظيمة وكانت الرياح تنقله ومواكبه من مصر إلى مصر، ومن بلد إلى أخرى، هؤلاء الجن وقعت لهم قصة عجيبة مع سليمان، سطَّرها القرآن الكريم؛ إذ أمرهم سليمان بأعمال فامتثلوا أمر سليمان، وكان الله قد سلطه عليهم بالقهر والأمر، فلا يستطيعون الخروج عن سلطانه أبدًا؛ يقول سبحانه: ﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾ [سبأ: 14].

    كان سليمان واقفًا على كرسيه بيده عصاه، والجن مقهورون وله عاملون ليلًا ونهارًا بكل خوف من سليمان، فالله يقبض روح هذا النبي واستمر زمنًا طويلًا قيل ألف عام وهو ميت على كرسيه، والجن لا يعلمون من ذلك شيئًا، فلما جاءت الأرَضة وأكلت أطراف العصا، فضعفت العصا من أن يتحمل جسد سليمان، فخر على الأرض ميتًا: ﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ﴾؛ يعني عصاته: ﴿ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾ [سبأ14]، فالجن لا يعلمون الغيب.

    الرسل أكثر من مائة وأربعة وعشرين ألف نبيًا رسولًا[9] من أولهم إلى آخرهم لا يعلمون الغيب؛ قال سبحانه: ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 109]، وأول الأنبياء نوح وهو لا يعلم الغيب أبدًا؛ كما حكى الله عز وجل عنه: ﴿ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 31].

    وهذا العبد المغفور ما تقدم له من ذنبه وما تأخر، سيد الثقلين خليل رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم، أيضًا لا يعلم الغيب، فمن ذا الذي قد استقل بعلم الغيب، إنه الله سبحانه وتعالى، لا يستطيع أحدٌ من البشر أو من غير البشر أن يثبت الغيب بعد لحظات أو ساعاتٍ أو يومًا أو أيام يثبته لبعض البشر إذا كان سيد الأولين والآخرين لا يعلم، فغيره من باب أولى وأحرى اسمع إلى القرآن، وهو يقرر هذه العقيدة يأمر الله محمدًا أن يقول للناس: ﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 188].

    هل تريدون حوادث واقعية تدلل على ذلك، إليكم بعض القضايا سحر النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر بكاملها، وهذا ثابت بالنقل الصحيح، في صحيح البخاري سُحر ستة أشهر، سحره لبيد بن الأعصم حليف اليهود، أخذ من رسول الله شعيرات، ثم عقدها بمشط، وأنزلها في بئرٍ يقال لها: بئر ذروان في المدينة، واستمرَّ رسول الله معلولًا ستة أشهر، وكان لا يدري ولو كان يدري لما استمرَّ مريضًا طيلة هذه المدة، فأرسل الله إليه ملكين، فوقف أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال: ما له قال: مطبوب، قال: فمن الذي طبَّه قال: لبيد بن الأعصم اليهودي حليف اليهود، قال: بماذا؟ قال: بمشط ومشاطة في بئرٍ يقال لها بئر ذروان، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم يقول: يا عائشة، أما ما بي من المرض، فقد بيَّنه الله لي ثم يذهب صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه ويأمرهم بتنظيف هذه البئر، وبنزح ما فيها من المياه، فوجدوا السحر هناك، وماؤها كأنه نقاعة الحناء، فبَرِئَ النبي صلى الله عليه وسلم من مرضه[10].

    ورجع صلى الله عليه وسلم قافلًا من بعض الغزوات، وإذا بعائشة رضي الله عنها يسقط عقد من الذهب من عنقها، ثم أقام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه طيلة الليل منتظرين حتى تجد عائشة زوجة رسول الله عقدها الذي ظل عنها، ولما كان صلاة الفجر لم يجدوا الماء، فيأتي أبو بكر إلى عائشة، فيتكلم عليها بكلامٍ شديد، قالت: وكان يطعنني بأصبعه في خاصرتي لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجع على حجري، لتحركت قال لها: حبست الناس من غير ماء، ثم أنزل الله آية التيمم، فيأتي أسيد بن حضير ويقول: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، ولما انتهوا من صلاة الصبح بالتيمم، أقاموا البعير الذي كان أمام عائشة، ووجدوا العقد تحت هذا البعير[11]، فلو كان رسول الله يعلم الغيب لدلهم عليه من أول وهلةٍ.

    وهكذا أيضًا جاء في صحيح البخاري أن يهودية من يهود خيبر سألت: أي شيء من اللحم يعجب رسول الله، قالوا لها: يعجبه الذراع، فطبخت له شاة، ثم كثرت السموم على الذراع، وجعلت في بقية الشاة سُمًّا أيضًا، لكنها أكثرته في الذراع، فيأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ويأكل وهو لا يدري، فأكل نهستين أو ثلاثًا، ثم قال الذراع: يا رسول الله، لا تأكلني إني مسموم، وكانت هذه الأكلة قد أثرت عليه صلى الله عليه وسلم، بل كان موته من جرائها، فاستدعى تلك اليهودية، قال لها: هل وضعت سمًّا على الذراع؟ قالت: نعم، فقال لها: ما حملك على ذلك قالت: إن عرفت أن فيه سمًّا عرفت أنك نبي، وإن كنت تكذب استرحنا منك وأرحنا الناس، فلم يعاتبها صلى الله عليه وسلم، وهذه كانت أخلاقه وسجاياه، والشاهد من ذلك لولا أن الله أنطق الذراع لما علم بذلك صلى الله عليه وسلم[12].

    وهكذا بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق، أشاع المنافقون وأرجفوا بحادثة الإفك، أعلنوا وأشاعوا أن عائشة زنت، والذي زنا بها صحابي جليل بزعمهم هو صفوان بن المعطل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الأوفياء، فما استطاع رسول الله أن يكذب الخبر اللهم إلا أنه قال: (أهلي ولا أعلم عن أهلي إلا خيرًا)، ونسيت أمرًا مهمًّا حينما خرجوا من الموضع الذي نزلوا فيه، ذهب البعير الذي تمتطيه أم المؤمنين عائشة، لو كان رسول الله يعلم الغيب لقال: هذا البعير ليس فيه أحدٌ من النساء، لكنه لا يعلم ثم تستمر حادثة الإفك ثلاثين يومًا، ورسوله صلى الله عليه وسلم واقف على أعصابه، حتى نزلت براءتها من السماء في عشر آيات من سورة النور، فهناك أخذ بعض الذين خاضوا في هذه الفتنة وجلدوا من ثمانين جلدة تطهيرًا؛ لأنهم قذفوا عروس رسول الله صلى الله عليه وسلم[13].

    فهذه كلها أدلة تقتضي أن سيد الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين لا يعلم الغيب، ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ﴾ [الجن26].

    فهو لا يعلم الغيب وغيره صلى الله عليه وسلم من باب أَولى أصحابه لا يعلمون الغيب التابعون لهم بإحسان لا يعلمون الغيب، من الذي يعلم الغيب إذًا؟ إنه الله سبحانه وتعالى فاسمع إلى ربك وهو يقرر هذه القضية قائلًا: ﴿ وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ [هود123، النحل77].

    وهنا كما يقول علماء النحو واللغة: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والاختصاص، فقدَّم حروف الجر؛ لتكون خبرًا مقدمًا، ثم جاء باللفظة التي تلي غيب مبتدأ مؤخر ليدل على الحصر.

    حصر رب العالمين الغيب على نفسه، فهو الذي يعلم الغيب، ومن ادعى أنه يعلم الغيب دون الله سبحانه وتعالى، فهو بين أمرين اثنين تسمعون بعض التفصيل في الخطبة الثانية إن شاء الله.

    اللهم بارك لي ولكم في القرآن العظيم، وانفعنا بآياته والذكر الحكيم، وانفعنا بسنة سيد الأولين والآخرين، هذا ما قلته لكم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
    يتبع
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,502

    افتراضي رد: علم الغيب

    الخطبة الثانية
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:
    معاشر المؤمنين، من زعم أن أحدًا يعلم الغيب سوى الله سبحانه وتعالى، فهو إما أن يكون كذابًا دجالًا، ولا يستطيع أن يقيم الدليل، وإما أن يكون جاهلًا فيعلَّم، وقد نقلنا ما فيه الكفاية من العلم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالأول: من قال إن غير الله يعلم الغيب نحن لا ننكر ذلك، لكنه بنسبة واحد في المائة عن طريق الجن والشياطين: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ. تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [الشعراء: 221 - 223].

    فهؤلاء الجن يرتفع بعضهم فوق بعض، فيسترقون بعض العبارات من السماء، فلهم في الأرض قرناء يتعاملون فيما بينهم، فيقولون كلمة صادقة، لكنهم يكذبون معها تسعة وتسعين كذبة، هذا ما أفصح به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    إن كثيرًا من المسلمين ربما يصدق، أو إن حصل له أمرٌ اتفاقًا، ظنَّ أن ذلك يعلم الغيب أو من علم الغيب المطلق، وإنما هو كما أسلفت بنسبة واحد في المائة، كما أثبت ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم[14]، فلو طالعت في بعض الصحف والمجلات، تجد فيها زوايا ما يتعلق بالحظوظ والأبراج برج الدلو والميزان والثور والعقرب والدبران، هذا العلم علم التنجيم وهو ضرب من ضروب السحر، علم الشعوذة والكهانة، إنها علومٌ خرافية انطلى باطلها على كثير من الجهال، أما العلماء فهم في مَعزل وفي عصمةٍ من الله سبحانه وتعالى، لكنه انطلى على كثير من المسلمين، حينما تركوا العلم الصحيح، فلم يلتفتوا إليه، وإن تعجب فعجبًا لتلك النشرة السنوية التي وصلت عددها الثامن بعد المائة، وهي نشرة نتيجة فلكي بيت الفقيه، يصدرها ذلكم الرجل محمد بن أحمد مهدي أمين سنويًّا، ففيها من الكذب والهراء والضحك والخرافة ما يعلمه من كان على علم ودليل واضحٍ من أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فكم أخبر بمغيبات فكانت خلاف ما يقرِّره، وكم أخبر هؤلاء الكهنة والمشعوذون والمنجمون بأمور، ثم كان على خلاف ذلك سعادة وزير ونحس أمير وموت رئيس، وزلازل وغلاء وخيرات وبركات، ثم لا يكون من ذلك شيء أبدًا، فمن أين هذا العلم؟ هو عبارة عن استمداد من النجوم؛ كما في حديث ابن عباس في سنن أبي داود: (من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس علمًا من السحر زاد ما زاد)[15].

    وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)[16]، و(من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)[17].

    فالواجب على المسلم أن يحذر من هذه النتيجة، وهكذا من الطلاسم والأبراج في كثير من الصحف والمجلات، وإن خاض فيها عن طريق التسلي والتشهي، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، وإن كان على وجه التصديق والاعتقاد يكون كافرًا بما أنزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا من علوم الغيب، ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102].

    هذا ضربٌ من ضروب السحر والشعوذة، وصار للسحر والشعوذة مدارس وجامعات وشهادات، وصار لها قنوات أيضًا، وهكذا في الأفلام الكرتونية التي تعرض على الأطفال بمرأى ومسمع من كثير من المسلمين يخربون عقائد المسلمين، فكن على ثقة أيها الأخ بقوله سبحانه: ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة51]. يتصل متصلٌ من بعض الدول بأحد الأثرياء ويقول: اسمك فلان ويأتيه باسمه وبأمور خاصَّة فيه، ثم طلب منه تحويل ألفي دولار، فوافق وإلا أرسل له بعض الجن، إلى هذا المستوى بلغ الخوف بالمسلمين، وكان الواجب على المسلم أن يكون متوكلًا على الله سبحانه وتعالى، فنحن نجزم وبقوة نقولها وبتحدٍّ أيضًا: إن هذه النشرة وما سواها من التكهنات هي ضرب من السحر والكهانة والتنجيم والشعوذة، يرضى من يرضى ويسخط من يسخط، نقول ذلك حسبةً لوجه الله سبحانه وتعالى.

    وإليك هذا النموذج عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه[18]، حينما خرج لمناجزة الخوارج، أراد أن يسافر إلى الخوارج لقتالهم، فقال له بعض المشعوذين: يا أمير المؤمنين لا تخرج فإن القمر في الدبران، أو قال القمر في العقرب، وهو نوع من أنواع التنجيم علامةً، فقال له أمير المؤمنين: بل والله سنخرج توكلًا على الله، وثقة بالله وتكذيبًا لك، ثم خرج علي رضي الله عنه، وفتح الله على يديه، ونصره الله على أعدائه[19].

    وهذا المعتصم بن هارون الرشيد[20] استنجدت به امرأة مسلمة من عمورية قائلة وامعتصماه، فحرك تسعين ألفًا من المسلمين لنجدة تلك المرأة، فقال له جمعٌ، تصور جمعٌ من المنجِّمين، قالوا له: أيها الأمير، لا يَحسُن بك الخروج وإن خرجت لن تنصر أبدًا، لا يمكن أن تنصر إلا إذا نضج التين والعنب، تأمَّل إلى هؤلاء السُّذَّج، لا يكون النصر إلا إذا نضج التين والعنب، فأخرج المعتصم سيفه قال: بل والله سينصرنا الله سبحانه وتعالى، فجاء إليه أبو تمام[21] فأرسل إليه قصيدة رائعة ذائعة منها هذه المقطوعة قائلًا ليرد على ذلك المنجم:
    السيف أصدق أنباءً من الكتب
    في حدِّه الحدُّ بين الجد واللعب
    أين الرواية بل أين النجوم وما
    صاغوه من زخرف فيها ومن كذب
    وخوفوا الناس من وهياء مظلمة
    إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
    تسعون ألفًا كآساد الشرى نضجت
    أعمارهم قبل نضج التين والعنب


    ثم خرج المعتصم وحصل النصر المؤزر، واندحر أولئك المنجمون إخوان الكهنة والشياطين[22].

    فيا أمة محمد ويا أمة العقيدة والتوحيد، ممن تخافون؟ أتخافون من الجن؟ ومن العفاريت والمنجمين؟ إنه لا يليق بكم وأنتم تحملون كتاب الله وسنة رسول الله وتعاليم الإسلام، فأنت إذا قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، خنست الشياطين كلها، وإذا أذنت الله أكبر، هناك يندحر كل شيطان ومبطل، فكن على هذه العقيدة، فلو جاءك من جاءك من الناس يقول: هو مرسل من ابن علوان، أو من صفي الدين، أو عندك ثعبان في الحمام أو بين الطحين، فإياك أن تصدق ذلك، فقل له: دعْ ثعباني لي، واتَّكل على الله من عند بابي، وإن استطعت أن تنصحه فانصحه، فلا ينبغي أن يكون المسلم مهزوزًا في عقيدته، إياك أن تتشاءم، بل عليك أن تقدم في أمر يحبه الله ورسوله، أمر مباح من زواج أو تجارة أو عمل، فإياك أن تتشاءم، فبعض الناس ربما يتشاءم بشهر صفر مثلًا، أو بيوم الأربعاء، أو إن رأى رجلًا أصلع أو أعرج أو أعور، رجع وما يخرج في ذلك اليوم، توكَّل على الله.
    توكل على الرحمن في الأمر كله
    فما خاب حقًّا من عليه توكَّلا




    كن متوكلًا على الباري سبحانه وتعالى، ولا يثنيك شيء من ذلك أبدًا.
    إذا كنت ذا رأي فكنْ ذا عزيمةٍ
    فإن فساد الرأي أن تتردَّدا




    وتأمل في هذين الأميرين علي بن أبي طالب والمعتصم بن هارون الرشيد، كيف كان عندهما من الجرأة على التكذيب، تكذيب هؤلاء المنجمين، ثم بعد ذلك الإقدام على أمرٍ أمَر الله سبحانه وتعالى به هكذا، فعلى المؤمن أن يكون معتقدًا أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن: ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة51].

    اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    ============================== =====
    [1] القائل هو الشهرستاني: أنظر الأبيات في الملل والنحل (1/ 161).

    [2] الراد عليه: هو ابن الأمير الصنعاني كما في حاشية الروض الباسم لابن الوزير (2/ 11) وحاشية درء تعارض العقل والنقل ، تحقيق د: محمد رشاد سالم ( 1 / 159 )

    [3] صحيح: رواه أحمد (2669) والترمذي (2516) والحاكم (6303) وأبو يعلى (2556) وصححه الألباني في: صحيح الجامع (7957) والشيخ مقبل الوادعي: في الصحيح المسند (699).

    [4] صحيح لغيره: رواه الحاكم (6304) والطبراني في الكبير (11560) والبيهقي في الشعب (1074) وعبد بن حميد في مسنده (636) وانظر: ظلال الجنة للألباني (318).
    فائدة: قال ابن رجب: وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين حتى قال بعض العلماء تدبرت هذا الحديث فأدهشني وكدت أطيش فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه.
    انظر: جامع العلوم (ص/ 185).

    [5] رواه البخاري (992، ومواضع).

    [6] هذه الأبيات في: المستطرف (2/ 553) وتفسير روح البيان (7/ 78) وفيض القدير (1/ 534) والتذكرة للقرطبي (1/ 93)

    [7] كما قال تعالى: ﴿ وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 49 - 50]

    [8] كما قال تعالى حاكيا عن سليمان أنه قال: ﴿ يَا أَيُّهَا المَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِين * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 38 - 40].
    قال القرطبي: "أكثر المفسرين: على أن الذي عنده علم من الكتاب هو آصف بن بريخا وقيل: هو سليمان عليه السلام، بقرينة قوله: هذا من فضل ربي، قال ابن عطية وقالت فرقة وهو سليمان عليه السلام، والمخاطبة في هذا التأويل للعفريت لما قال أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك، وكأن سليمان استبطأ ذلك فقال له على وجه التحقير أنا آتيك به... الخ. قيل: يا حي يا قيوم: هو الاسم الأعظم. الجامع لأحكلم القرآن (13/ 204ـ 205) بتصرف.

    [9] لحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول ؟ قال: " آدم "، قلت: يا رسول الله ونبي كان ؟ قال: "نعم نبي مكلم"، قلت: يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال: " ثلاثمائة وبضع عشر جمًّا غفيرًا"، وفي رواية عن أبي أمامة قال أبو ذر: قلت يا رسول الله كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال: " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفير. والحديث صححه الألباني في المشكاة (5737).

    [10] القصة في: البخاري (3004، 3095 ، 5430 ، 5432 ، 5433 ، 5716 ، 6028 ) ومسلم (5832) من حديث عائشة رضي الله عنها.

    [11] القصة أيضا في: البخاري (327، 329 ، 3469 ، 3562 ، 4307 ، 4331 ، 4332 ، 4869 ، 4952 ، 5543 ، 6452 ، 6453 ) ومسلم (842) عن عائشة رضي الله عنها.

    [12] القصة رواها البخاري (2474) ومسلم (2190) من حديث أنس رضي الله عنه مختصرة ورواها أبو داود (4512) والحاكم (4967) والطبراني في: الكبير (1202) والبيهقي في الكبرى (15789) وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والقصة جاءت عن عدد من الصحابة منهم جابر وكعب بن مالك وابن عباس وأبو سعيد وعائشة وأم سلمة رضوان الله عليهم، وانظر: المشكاة (5931)

    [13] حادثة الفلك: رواها البخاري (2453، 2494 ، 2518 ، 2542 ، 2723 ، 3208 ، 3801 ، 3910 ، 3912 ، 4413 ، 4414 ، 4472 - 4474 ، 4479 ، 6285 ، 6301 ، 6935 ، 6936 ، 7061 ، 7106 ) ومسلم (2770) من حديث عائشة رضي الله عنها.

    [14] روى البخاري (4424، 4522، 7043) عن أبي هريرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم ؟ قالوا: للذي قال الحق وهو العلي الكبير فسمعها مسترقوا السمع ومسترقوا السمع هكذا بعضه فوق بعض " ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه " فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن. فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا ؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء).
    وفي روى البخاري (5429، 5859، 7122) ومسلم (2228) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس عن الكهان فقال: ليس بشيء. فقالوا يا رسول الله إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة).
    وفي البخاري (3038، 3114) عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم).

    [15] صحيح: رواه أحمد (2000) وأبو داود (3905) وابن ماجة (3726) وغيرهم وصححه الألباني في: صحيح الجامع (6074) والصحيحة (793).

    [16] رواه مسلم (2230) عن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

    [17] صحيح: رواه أحمد (9532) والحاكم (15) والبيهقي في الكبرى (16273) وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الألباني في: صحيح الجامع (5939) وصحيح الترغيب (3047).
    فائدة: ذكر الفرق بين الكاهن والعراف. وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم:
    القول الأول: أن العراف هو الكاهن، فمهما مترادفان، فلا فرق بينهما.
    القول الثاني: أن العراف هو الذي يستدل على معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها، فهو أعم من الكاهن، لأنه يشمل الكاهن وغيره، فهما من باب العام والخاص.
    القول الثالث: أن العراف يخبر عن أمور بمقدمات يستدل عليها، والكاهن هو الذي يخبر عما في الضمير، أو عن المغيبات في المستقبل. فالعراف أعم، أو أن العراف يختص بالماضي، والكاهن بالمستقبل، فهما متباينان.
    والظاهر أنهما متباينان، فالكاهن من يخبر عن المغيبات في المستقبل والعراف من يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك. القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 412).

    [18] علي بن أبي طالب (23 ق هـ - 40 هـ = 600 - 661 م) علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو الحسن: أمير المؤمنين، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين، وابن عم النبي وصهره، وأحد الشجعان الأبطال، ومن أكابر الخطباء والعلماء بالقضاء، وأول الناس إسلاما بعد خديجة. ولد بمكة، وربي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه. وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد. وأقام علي بالكوفة (دار خلافته) إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي غيلة في مؤامرة ( 17) رمضان المشهورة، واختلف في مكان قبره.
    انظر: الأعلام للزركلي (4/ 295) بتصرف.

    [19] أنطر القصة في: زوائد الهيثمي على مسند الحارث (564) وكنز العمال (29439) وتاريخ الطبري (6/ 47) والكامل لابن الأثير (3/ 343) والعظمة لأبي الشيخ (4/ 1231).

    [20] المعتصم العباسي (179 - 227 هـ = 795 - 841 م) محمد بن هارون الرشيد بن المهدى ابن المنصور، أبو إسحاق، المعتصم بالله العباسي: خليفة من أعاظم خلفاء هذه الدولة. بويع بالخلافة سنة ( 218 هـ ) يوم وفاة أخيه المأمون، وبعهد منه، وكان بطرسوس. وعاد إلى بغداد بعدسبعة أسابيع في السنة نفسها. وكان قوي الساعد، يكسر زند الرجل بين أصبعيه، ولا تعمل في جسمه الأسنان. وكره التعليم في صغره، فنشأ ضعيف القراءة يكاد يكون أميا. وهو فاتح عمورية من بلاد الروم الشرقية، في خبر مشهور. وهو باني مدينة سامرا (سنة 222) حين ضاقت بغداد بجنده. وهو أول من أضاف إلى اسمه اسم الله تعالى، من الخلفاء، فقيل (المعتصم بالله) وكان لين العريكة رضي الخلق، اتسع ملكه جدا. وكان له سبعون ألف مملوك. خلافته 8 سنين و 8 أشهر، وخلف 8 بنين و 8 بنات، وعمره 48 سنة. توفى بسامرا. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 127).

    [21] أبو تمام (188 - 231 هـ = 804 - 846 م)حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أبو تمام: الشاعر، الأديب. أحد أمراء البيان. ولد في جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر، واستقدمه المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق. ثم ولي بريد الموصل، فلم يتم سنتين حتى توفي بها. كان أسمر طويلا. فصيحا، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع. في شعره قوة وجزالة. واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري. وأخبار أبي تمام ص (273) ووفيات الأعيان (2/ 11) والأعلام للزركلي (2/ 165).

    [22] أنطر القصة في: شرح ديوان أبي تمام" للخطيب التبريزي (1/ 44) والبداية والنهاية (10/ 286-288) أحداث سنة (223) وتاريخ الأمم والملوك للطبري (10/ 332) وتأريخ الخلفاء للسيوطي ص (291) وموسوعة التاريخ الإسلامي (3/ 262-266).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •