تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لا تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,614

    افتراضي لا تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها

    لا تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها - 1-
    الشيخ أحمد النعسان



    لقد ذكرت لكم في الأسبوع الماضي بأنَّه يجب على أولياء أمور البنات أن يعلِّموا بناتهم الواجب الذي عليهنَّ قِبَل أزواجهنَّ, لأنَّ الزواج في نظر الإسلام مسؤولية, وهو بحدِّ ذاته عبادة بالنية الصالحة.

    وقلت: بأن أول واجب على المرأة تجاه زوجها هو الطاعة, وهي طاعة مطلقة في غير معصية لله عز وجل, وطاعة الزوج مقدَّمة على طاعة الوالدين.

    ولكن لا ننسى نحن أولياء أمور البنات بأنَّ الواجب الذي علينا هو أن نختار صاحب الدين والخلق لبناتنا, ومن خالف هذا الأمر فهو يتحمَّل نتائج هذه المخالفة, كما قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ, إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصاحب الدين والخلق يعرف الواجب الذي عليه تجاه زوجته, وبقي علينا أن نعرِّف بناتنا على الواجبات الذي عليهنَّ تجاه أزواجهن.

    قلت في الأسبوع الماضي بأن الواجب الأول الذي على المرأة هو الطاعة في غير معصية, وطاعتها لزوجها فريضة شرعية, ويعدل الجهاد في سبيل الله, وسبب لدخول المرأة الجنة بإذن الله تعالى.

    واجب الإحصان والعفة:
    أيها الإخوة الكرام: يجب على أولياء البنات أن يعلِّموا بناتهم الغاية الأساسية من هذا الزواج ألا وهو الإعفاف والإحصان للزوج, إعفافه عن الحرام, وإحصانه حتى لا يرتكب الفاحشة, كما أنها تعفُّ وتحصن نفسها عن الحرام وارتكاب الفاحشة.

    وحذِّر ابنتك من مخالفة أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, لأن مخالفتها لأمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرِّضها للفتنة أو العذاب الأليم عاجلاً أو آجلاً, قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}.

    حذِّر ابنتك من أن تقصِّر في هذا الواجب, وألَّا تتخذ من تركه سبباً لإغاظة الزوج وسلاحاً تشهره في وجهه, لأنها قد تدفعه إلى ارتكاب الفاحشة والعياذ بالله تعالى.

    أيها الإخوة الكرام: اسمَعوا وأَسْمِعوا توجيهات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك, وخاصة قد أصبحنا نعيش عصراً بضغطة زر يدخل فيه الإنسان العالم, حيث التوجيه الإباحي والعياذ بالله تعالى الذي نتيجته دمار آخر معقِل للمسلمين ألا وهو الأسرة.

    وجِّهوا بناتكم بتوجيهات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, واعلموا بأنكم مسؤولون يوم القيامة, فإن قصَّرنا في التوجيه عرَّضنا أنفسنا للفتنة أو العذاب الأليم لا قدَّر الله.
    توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع:

    أيها الإخوة الكرام: تعالوا لنسمع توجيهات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع ثم لنوجه بناتنا إلى ذلك:

    أولاً: المرأة لا تؤدي حقَّ ربها حتى تؤدي حق زوجها:
    أخرج ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: (لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لأَسَاقِفَتِهِم ْ وَبَطَارِقَتِهِ مْ, فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلا تَفْعَلُوا, فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا, وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا, وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ).

    فوائد هذا الحديث الشريف:
    1ـ لا تتعجل بالحكم على المخالف بأنه كافر ومرتد, فهذا سيدنا معاذ رضي الله عنه عندما سجد للنبي صلى الله عليه وسلم, سأله رسول الله ما هذا؟ وعندما أخبره عن سبب هذا السجود قال له: لا تفعل.
    ما نهاه إلا بعد معرفة الدافع والغاية من الفعل, فهو سجد للنبي سجود تعظيم لا سجود عبادة قطعاً, وإذا كان السجود للتعظيم دون العبادة فليس شركاً, ولكنه معصية وكبيرة من الكبائر.

    2ـ إذا كان أهل الضلال يحترمون علماءهم, فهذه الأمة من باب أولى وأولى أن تحترم علماءها, وخاصة نحن نعلم بأن هناك من يسيء إلى العلماء ويعطي الصورة المستقبحة وهم بريئون من ذلك.

    3ـ والأمر الذي يهمُّنا في موضوعنا أن نعلِّم بناتنا بأنَّ المرأة لا تؤدي حقَّ ربها حتى تؤديَ حقَّ زوجها, عباداتها لا تُرفع, وطاعاتها لا تُقبل, حتى تؤدي حقَّ زوجها في غير معصية لله عز وجل.

    ومن حقِّ الزوج على زوجته أن لا تمنعه نفسها ولو كانت على ظهر جمل, لأن الغاية من الزواج العفَّة والإحصان, وربما أن تكون حاجة الرجل للمرأة أعظمَ من حاجة المرأة إلى الرجل, فلا يجوز أن تمنعه نفسها في أيِّ حال من الأحوال, إلا في حال حيضها ونفاسها.

    ثانياً: حذِّرها من اللعنة إذا قصَّرت:
    أيها الإخوة الكرام: يجب علينا أن نعلِّم بناتنا بأنَّ الواحدة منهنَّ إن قصَّرت في إعفاف زوجها وإحصانه وخاصة إذا دعاها إلى فراشه فالملائكة تلعنها, روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا, لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ). وفي رواية الإمام مسلم: (إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ).

    علِّموا بناتكم هذا الواجب الذي عليهنَّ قبل الزواج, وحذِّروهنَّ من المخالفة حتى لا تُصَبَّ عليها اللعنة من الملائكة الكرام, لأن اللعنة إذا صُبَّت على المرأة لا قدَّر الله تعالى فكيف تجد السعادة؟

    ثالثاً: حذِّرها من سخط الذي في السماء:
    أيها الإخوة الكرام: حذِّروا بناتكم من التقصير في هذا الواجب, وانظروا إلى أهميته من خلال هذا التحذير النبوي الشريف, حيث يُقسم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بأن التي تأبى على زوجها في مسألة الإعفاف والإحصان يسخط عليها من في السماء.

    يروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ, إِلا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا).

    رابعاً: لا تُرفع لها صلاة حتى يرضى زوجها:
    أيها الإخوة الكرام: أمر آخر يجب على المرأة أن تعلمه قبل زواجها هو أن لا تبيت ليلة إلا وزوجها راض عنها, لأن المرأة التي تبيت وزوجها عليها ساخط لا تُرفع صلاتها إلى الله تعالى.

    روى ابن ماجه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (ثَلاثَةٌ لا تَرْتَفِعُ صَلاتُهُمْ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ شِبْرًا: رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ, وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ, وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَان).

    وفي الغالب الأعم لا يبيت الزوج ساخطاً على زوجته إلا إذا قصَّرت في حقِّه ولم تُعِفَّه عن الحرام.

    ولا تنسى أن تذكِّرها بأنك قد اخترت لها صاحب الدين والخلق الذي إذا أحبَّ المرأة أكرمها وإذا كرهها لم يظلمها, لذلك وجب عليها أن لا تبيت ليلة إلا وزوجُها راضٍ عنها.

    خامساً: لا تصوم نافلة إلا بإذنه:
    أيها الإخوة الكرام: علِّموا بناتكم بأنه لا يجوز للمرأة أن تصوم نافلة إذا كان زوجها حاضراً إلا بإذنه, كما جاء في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ, وَلا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ, وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ).

    بل ذكر الفقهاء بأن المرأة لا تشرع في قضاء ما أفطرته في شهر رمضان إلا بإذن زوجها إلا إذا ضاق الوقت عليها, بحيث جاء شهر رمضان الآخر عند ذلك تقضي ما عليها قبل دخول رمضان الثاني في شهر شعبان.

    وحتى ذكر بعض الفقهاء بأنه لا يجوز للمرأة أن تؤدي فريضة الحج إلا بإذن زوجها, لأن الحج يجب على التراخي عند بعض الفقهاء, وأما حقُّ الزوج فيجب على الفور. أما حج النافلة وعُمرة النافلة فقطعاً لا تذهب المرأة إلا بإذن زوجها, لأنَّ حقَّه مُقدَّم.
    كلُّ هذا من أجل إعفاف الزوج وإحصانه, كما هو إعفاف لها وإحصان.

    سادساً: دعاء الحور العين:
    أيها الإخوة الكرام: أسمِعوا بناتكم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه الإمام الترمذي عن معاذِ بنِ جبلٍ رضي اللَّهُ عنه, عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : (لا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا في الدُّنْيا إِلاَّ قالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ الْعِينِ: لا تُؤْذِيه قَاتلَكِ اللَّه، فَإِنَّمَا هُو عِنْدَكِ دخِيلٌ يُؤشِكُ أَنْ يُفارِقَكِ إِلَينا).

    وأعظم أذية من المرأة لزوجها عدم إعفافه عن الحرام, لأن الرجل المسلم يغضُّ بصره ويحفظ فرجه إلا من امرأته, فإذا آذته في ترك فراشه فماذا يفعل هذا الرجل؟ لذلك تدعو عليها زوجته من الحور العين.

    خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
    أيها الإخوة: قد تقول المرأة: لماذا كلُّ هذا, لا تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها, وتلعنها الملائكة, ويسخط عليها من في السماء, ولا تُرفع لها صلاة, ولا تصوم نافلة إلا بإذنه, وتدعو عليها الحور العين إذا قصَّرت في حق زوجها ولم تعفَّه عن الحرام؟ الجواب عن ذلك في الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    45,614

    افتراضي رد: لا تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها

    لا تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها - 2-
    الشيخ أحمد النعسان



    هذا الموضوع خاصٌّ بالمرأة المؤمنة الملتزمة:
    أيها الكرام: حديثنا هذا متوجِّه إلى المرأة المسلمة الملتزمة بدين الله عز وجل, إلى المرأة المؤمنة بالله تعالى وباليوم الآخر, إلى المرأة المؤمنة التي وصفها الله عز وجل: {فَالصَّالِحَات قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}. إلى المرأة التي عرفت بأن الزواج مسؤولية دنيوية وأخروية, إلى المرأة التي عرفت بأنها آيبة إلى الله تعالى.

    هذا الموضوع ليس متوجِّهاً إلى المرأة المسلمة اسماً, ليس إلى المرأة التي ما عرفت من الإسلام إلا اسمه ورسمه, ليس إلى المرأة التي تتطلَّع إلى المرأة الغربية, ليس إلى المرأة التي تسير خلف كل ناعق يقول بأن الإسلام ظلم المرأة.

    هذه المرأة التي تتطلَّع إلى المرأة الغربية, وتسمع لكل ناعق من الغرب ومن أذنابه من أبناء المسلمين بأن الإسلام ظلمها, والله ـ وهذا قسم شرعي ـ ما هي إلا امرأة حمقاء.

    هي حمقاء تريد أن تكون ذليلة كما هو شأن المرأة الغربية, حيث المرأة في الغرب إذا دخلت سنَّ الرشد والتمييز وجب عليها أن تعمل لتعيش, لتلبس, لتسكن, لأن النفقة واجبة عليها لا على أبيها أو أخيها, وإن تزوَّجت فيجب عليها أن تعمل لتأكل, لأن النفقة لا تجب على الزوج, أما إذا دخلت سنَّ الكهولة أو الشيخوخة صار أنيسها الوحيد هو كلبها الوفي, لا أب يرعاها, ولا زوج يرعاها, ولا ابن يرعاها, ولا أخ يرعاها, وهي في نهاية المطاف إما هي في بيتها الصغير, أو في دار من دور العجزة تنتظر موتها, وبعد موتها إلى جهنم وبئس المصير, إن كانت كافرة بدين الله عز وجل.

    أليست المرأة المسلمة التي تتطلَّع إلى الغرب, وتريد أن تسير على خطى الغرب حمقاء؟ لذلك أقول: حديثي مع المرأة المؤمنة التي ترجو الله واليوم الآخر, وليس مع هذه المرأة المخدوعة ببريق الغرب وهي متجاهلة بداية ونهاية المرأة الغربية عندهم.

    لماذا هذا الترهيب للمرأة إذا قصَّرت في إحصان زوجها؟
    أيها الإخوة: قد يتساءل البعض, أو تتساءل بعض النساء: لماذا هذا الترهيب إذا قصَّرت المرأة في إحصان زوجها؟ لماذا تلعنها الملائكة, ويسخط عليها الذي في السماء, ولا ترفع لها صلاة, ولا تؤدي حقَّ ربها حتى تؤدي حق زوجها, ولا تصوم نافلة إلا بإذنه, وتدعو عليها زوجة زوجها من الحور العين؟

    الجواب على ذلك أيها الإخوة الكرام هو:
    أن الإسلام ينظر إلى الزواج بأنه بناء أسرة, والأسرة هي نواة المجتمع, فإذا باءت الأسرة بالفشل فشل المجتمع كله, الإسلام ينظر إلى الزواج بأن إعفاف وإحصان لكلٍّ من الزوجين من أجل بناء جيل مترابط فيما بين بعضه البعض, فإذا قصَّرت المرأة في حقِّ زوجها دفعته للتطلع إلى خارج البيت, وربما أن يؤدي هذا الأمر إلى ارتكاب الفاحشة والعياذ بالله تعالى.

    وما انتشار الزنى واللواطة والخيانات الزوجية إلا بسبب التقصير من جهة الزوجات نحو أزواجهنَّ في الغالب الأعم, لذلك رهَّبَ النبي صلى الله عليه وسلم المرأة, وحذَّرها من أن تُقَصِّر في حق زوجها عليها ليضمن لها الأمور التالية:

    أولاً: حتى تكون جنةً وسكناً لزوجها:
    أيها الإخوة: عرِّفوا بناتكم بأن الزوجة الصالحة هي جَنَّةُ الرجل في الدنيا وسَكَنُه, يعيش معها حتى يرجع إلى الجنة والمسكن الخالد يوم القيامة في جنة عرضها السموات والأرض.
    علِّموها هذه المقارنة اللطيفة, الجنة في الآخرة رحمة وسكن, قال تعالى: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}. فالجنة سكن لهما, والجنة رحمة قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ}. أي جنته.
    فإذا كانت الجنة سكناً ورحمة, فكذلك الزوجة المؤمنة للرجل المؤمن سكن ورحمة, قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}. فهي سَكَنٌ, {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}. والرحمة بين الزوجين جَنَّةٌ.
    فإذا قصَّرت المرأة في حقِّ زوجها قَلَبَت حياتَها الزوجية إلى جحيم والعياذ بالله تعالى, ومن هذا المنطلق جاء الترهيب من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة المقصِّرة في حق زوجها, وخاصة في إعفافه وإحصانه.

    ثانياً: حتى لا تُخْفِقَ في حياتها الزوجية:
    أيها الإخوة الكرام: علِّموا بناتكم هذا الواجب الذي عليهنَّ وعلِّموهنَّ هذا الترهيب الذي جاء على لسان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حتى لا تُخْفِقَ المرأة في حياتها الزوجية.
    أيها الإخوة الكرام: من خلال اطِّلاعي على بعض الخلافات الزوجية التي أدَّت إلى الطلاق فإني رأيت أن 70% من أسباب الطلاق هو تقصير المرأة في حقِّ زوجها من حيث إعفافه عن الحرام.
    الرجل المسلم الذي يغضُّ بصره, ويحفظ فرجه إلا من زوجته إذا لم تعفه زوجته عن الحرام فماذا يفعل؟
    الذي يفعله أنه يُلبِس هذا الموضوع خلافاً من الخلافات بينه وبين زوجته, وربما أن يكون تافهاً وربما أن يكون بسيطاً, فيجعل منه سبباً للشقاق بينهما حتى يؤدي إلى طلاق الزوجة.
    يأتي ويشكو زوجته بأنها لا تحترمه, بأنها لا تُقَدِّر أمه, بأنها لا تستقبل أخواته فهو يريد طلاقها, فإن سألت هذا الرجل عن علاقته من زوجته من حيث المعاشرة والقيام بواجبها نحوه لرأيت هذا الرجل يتنهَّد ويقول لك: هذا هو بيت القصيد. ولكن حياءه يمنعه أن يتحدَّث عن هذا الموضوع.
    أيها الإخوة الكرام: يجب علينا عندما نعالج مشكلة أسرية بين زوجين أن ننتبَّه إلى هذا الجانب, كما يجب على أولياء البنات أن يركِّزوا على ذلك في حديثهم مع بناتهم, وإلا فحياتهم الأسرية في ضياع وفشل عاجلاً أم آجلاً.

    ثالثاً حتى تحافظ على معقِل الأسرة:
    أيها الإخوة الكرام: الإسلام جاء ليحافظ على معقِل الأسرة من التفتُّت والضياع, جاء ليجعل من الزوجين روضة من رياض الجنة, لينشأ فيها الطفل ويشبَّ على الإسلام, ليكون هذا الشاب في ظل عرش الرحمن, كما قال صلى الله عليه وسلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ) وعدَّ منهم: (وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. فإن لم يكن البيت جنَّة فكيف يشبُّ الشابُّ على طاعة الله عز وجل؟
    لذلك رهَّب النبي صلى الله عليه وسلم المرأة وحذَّرها من التقصير في حقِّ زوجها من أجل سلامتها وسلامة ذرِّيَّتها, وسلامة المجتمع كلِّه بإذن الله تعالى.
    والغرب اليوم يلاحقنا في المعقِل الأخير, يريد دمار الأسرة, يريد أن يصوِّر للمرأة بأن الإسلام ظلمها وما عرف قَدْرها ومِقْدَارها, يريد أن يُحلِّل هذه الأسرة من سائر القيود الشرعية التي تحافظ على الأسرة من الشتات والضياع, لأنه هو في ضياع, وصدق الله القائل: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}.

    الإسلام جاء ليجعل من الأسرة جنة تترابط أفرادها مع بعضها البعض من البداية على النهاية, قال تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. خدمة ودعاء وطلب رضا.
    خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

    أيها الإخوة الكرام: لقد عرفتم لماذا شدَّد الإسلام على المرأة إذا قصَّرت في حق زوجها, كل ذلك من أجل سلامتها دنيا وأخرى, ومن أجل سلامة أسرتها, ومن أجل سلامة المجتمع.
    أيها الإخوة: كما حذَّر الإسلام المرأة من التقصير في حقِّ زوجها من حيث الإعفاف والإحصان, كذلك حرَّض الرجل على إعفاف المرأة وإحصانها, وهذا موضوع خطبتنا القادمة إن شاء الله تعالى. أقول هذا القول وكل منا يستغفر الله فيا فوز المستغفرين



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •