عمر الفاروق -رضي الله عنه-
عمر بن الخطاب أمير المؤمنين وأفضل الناس بعد الأنبياء والمرسلين وأبي بكر، الخليفة الثاني وأحد السابقين إلى الإسلام، وبإسلامه رضي الله عنه ظهر دين الإسلام وعلت كلمة الإيمان، كان فتحا على المسلمين وفرجا لهم من الضيق.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «كان إسلام عمر فتحا، وهجرته نصرا، وإمارته رحمة، ولقد رأيتنا ما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا».
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنه: «أول من جهر بالإسلام عمر بن الخطاب»، وهو الذي فرَّق الله به بين الحق والباطل، وهو الذي أجرى الله الحق على لسانه وقلبه، وهو المحدث الملهم الصادق الظن، وهو سيد هذه الأمة بعد الصديق، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يغب عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤية لعمر فقال: «ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت لمن هذا؟ فقال لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك، فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار»؟ رواه الشيخان.
وفي صحيح البخاري قال رسول صلى الله عليه وسلم : بينما أنا نائم شربت (يعني اللبن) حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري أو إلى أظفاري، ثم ناولت عمر فقالوا: فما أولته قال: العلم. وما سلك عمر فجا حتى سلك الشيطان فجا آخر. فأبوبكر قمع أهل الردة، وجمع شمل المسلمين وألفهم، وابتدأ الفتوح، ومهد الأمور، وتمت ثمرات ذلك وتكاملت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وفي الحديث: «لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر» رواه البخاري. والمراد بالمحدث: الملهم وما يجري الصواب على لسانه من غير قصد.
وقال عقبة بن عامر رضي الله عنهسمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: لوكان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب» في السلسلة الصحيحة.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «وافقت ربي في ثلاث: فقلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى! فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى }(البقرة: 125).
وآية الحجاب فقلت يا رسول الله لوأمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر! فنزلت الآية 53 من سورة الأحزاب.
واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: {عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ} فنزلت الآية (التحريم: 5).
وأيضا لما استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في أسرى بدر فقال: «إن الله قد أمكنكم منهم»، فقال عمر بن الخطاب فقال:يا رسول الله اضرب أعناقهم؛ فأعرض عنه، فقام أبوبكر فقال: نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء، فعفا عنهم وقبل منهم الفداء، فأنزل الله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}(الأنف ال: 67).
وأيضا لما دعا عمر رضي الله عنهربه قائلا: «اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت هذه الآية من سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ}(البقرة: 219).
ومن مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد جبل أحد ومعه أبوبكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فرجف بهم؛ فضربه برجله وقال: «اثبت أحد فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان»، ومن مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة وقال: «افتح له وبشره بالجنة».
إنهم يكرهون عمر بن الخطاب؛ لأنه دعاهم للإسلام وفتح فارس وأنهى دولتهم المجوسية، ولأن الشيطان لا يحبه فهم اختاروا طريق الشيطان وتركوا طريق الرحمن.
لقد أوصل عمر أهل الإسلام بأن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا، ويزنوا أنفسهم قبل أن يوزنوا، وكان مدرسة للشجاعة وسمو الأخلاق وحب المسلمين ورعايتهم والذود عنهم، ومدرسة في القيادة الحكيمة والفتوحات، والقاضي العادل والحاكم العادل الذي يبحث عن الحق ويلتزم به ويتوقف عند حدود الله عز وجل.
والذي طعن عمر اليد الغادرة المجوسية (أبو لؤلؤة المجوسي)؛ ولذلك جعلوه مزارا يشدون الرحال إليه في كل عام؛ لأنه فقط قتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجرت العادة أن الكريم إذا أكرمته ملكته، فعمر دعاهم للإسلام فبدلا من أن يحبوه ويترضوا عنه تطاولوا عليه، ولكن كل ذلك سيكون في ميزانه العظيم يوم يُبعث بين يدي ربه جل وعلا، ولن يضرعمر بن الخطاب شيء مما يفعله هؤلاء المبغضون قال تعالى{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا}(الح ديد:10).
اعداد: د.بسام خضر الشطي