من هنا مر جدي إبراهيم



مر حجاج الكويت بظروف صعبة قديما في رحلتهم إلى مكة؛ لأداء مناسك الحج والعمرة، إما على ظهور الإبل، منذ عام 1800م، حتى عام 1945؛ حيث استبدلت بالسيارات وبالسفن ثم بالطائرات عام 1948.

جدي إبراهيم الخريف - رحمه الله- كانت لديه حملة حج على ظهور الإبل، وبعدها استخدم السيارات في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات لنقل الحجاج عبر وانيتات ولوريات، وكنت ألمس -وأنا صغير وقتها- اهتمام (جدي إبراهيم) بحفظ السيارات المخصصة للحج داخل الحوش الكبير(الجاخور)، وهو جزء من بيته في منطقة خيطان، وفي موسم الحج يخرجها، ويجري عليها صيانة شاملة، ويجهزها (بالطربال) الجميل فيخصص مكانا لجلوس النساء، ومكانا لصناديق الحجاج، ثم يختار السائقين المهرة الذين يتميزون بمعرفة الطريق جيدا، ولهم خبرة في إصلاح السيارات، ومنهم والدي (أحمد) - رحمه الله-، وتنطلق السيارات بشكلها الجميل، تقطع الطرقات إلى الحدود الكويتية - السعودية، ودموع المودعين تحفها بالدعاء.
المسافة من الكويت إلى مكة أكثر من 1000 كم، كان يستغرقها الحجاج الكويتيون ذهابا وإيابا في خلال 3 أشهر، منها 10 أيام في مكة و 10 في المدينة النبوية على ظهور الإبل أو شهر بالسيارات. رحلة الحج تبدأ من الكويت، وتمر عادة بحفر الباطن والقصيم والزلفي وبريدة، ومنها إما إلى المدينة أو مكة.
صاحب الحملة هو الشخصية الأقوى والأقدر على إدارة الحملة، ويديرها بمعرفته وخبرته، ويساعده عادة أبناؤه؛ لذا نجد أن حملات الحج في الكويت تسمى بأصحابها، وتتكون الحملة من عدد قليل من الإبل، وأحيانا قد تصل إلى 50 جملا. أما طعام الحجيج فيكون بسيطا يعتمد على التمر والماء والخبز، وأحيانا اللحم المتوفر، وإن كانت بالسيارات فقد تصل من أربع إلى أكثر من ذلك وقد استخدمت لاحقا الباصات (البوعرام) الصفر لأخذ أعداد أكبر من الحجاج.
وكانت تواجه أصحاب الحملات مشكلات عدة أهمها ضعف الإبل المخصصة للحجاج أو ضياعها، أو تعطل السيارات (المواتر) التي تصارع الطعوس والتغرز في رمال الصحراء، فضلا عن قطاع الطرق المنتشرين هنا وهناك، ففي الفترة بين عامي 1778 و 1798 تعرض الحجاج الكويتيون لعمليات نهب؛ مما اضطر الحجاج إلى العودة دون أن يكملوا رحلتهم إلى مكة والمدينة.
وعلى صاحب الحملة تجهيز كل ما تحتاجه الرحلة من تركيب المحمل (هودج) للنساء، و(الشداد) للرجال. ووضع جيبين كبيرين (خرجين) في جانبي الجمل لوضع الأغراض الخاصة، وتجهيز قرب الماء والأكل البسيط (الزهاب)، والخيام والخشب الذي يطبخ عليه وغير ذلك.
وكانت الحملات الكويتية تسكن في المدينة ومكة في الخيام ثم وفرت عمارات واحدة للرجال وأخرى للنساء، ولخدمة حجاج الكويت تأسست البعثة الطبية في عام 1956.
الآن الصورة تغيرت تماما بفضل الله أولا، ثم بجهود المخلصين في الدول الإسلامية لتسهيل حج بيت الله الحرام وتذليله، وعلى رأس هذه الدول المملكة العربية السعودية، التي جعلت الحج أمرا ميسرا وسهلا، بتوفير الخدمات والاشتراطات التي تضمن سلامة ضيوف الرحمن وعودتهم إلى بلادهم.



اعداد: سالم الناشي