من المفارقات الغريبة في التعويل على الحساب الفلكي في مسائل الهلال:
في الوقت الذي ينشغل فيه الحاسبون المسلمون بالإعلان عن المحاق أو الاستسرار أو الاقتران الذي يعني عندهم نهاية دورة فلكية للقمر وبداية أخرى والذي سيكون بإذن الله بتوقيت بلادنا هذا اليوم الخميس في العشرين من الشهر الرابع الإفرنجي عام ثلاثة وعشرين وألفين السادسة واثنتي عشرة دقيقة صباحا يتنعم المسلم الصائم بيوم وربما يومين في هذه الدورة الفلكية الجديدة من رمضان مع ما يستصحب ذلك من فضائل، فهل يا ترى، إرسلت الشياطين مع هذا الاقتران؟ هل أغلقت أبواب الجنة وفتحت أبواب النيران؟ هل توقف المنادي عن قول, {يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر}؟ هل سيشاركنا في الفضائل هذه، أم سيقتنع بدورته الفلكية الجديدة التي يصر على ترتب شيء من الأحكام عليها؟ وكيف سيكون حكم زكاة فطر مان ستعلن بلده المتمم لرمضان مع وجود الهلال بعد غروب شمس هذا اليوم التاسع والعشرين من رمضان إن أخرجها قبل صلاة العيد عنده يوم السبت بعد ما يفوق الخمسين ساعة من ولادة الهلال، وبعد يوم كامل صيام من وجود الهلال بعد غروب الشمس؟ وهل صلاة العيد يوم السبت باطلة مع العلم بوجود الهلال في خميسنا هذا؟
الأشد والأنكى أن دور الفتوى مثل دار الإفتاء في بلادنا التي تراوح بين الحساب والرؤية ستدخل في تناقض عجيب!, فعلى حين رفضت وبإصرار الإذعان لقبول شهادة الشهود في عيد الفطر الماضي وفي بداية رمضان هذا تبعا لنفي الحاسبين لوجود الهلال بعد الغروب، ها هي ترسل رسائل نصية لعموم هواتف المواطنين بتحري هلال شوال 1444هـ باعتبار إخبار الحاسبين بوجود الهلال بعد غروب الشمس! يكمن تناقضها في رد شهادة الشهود بناء على خبر الحاسب بعدم وجود الهلال بعد غروب الشمس، ولذا لم تعلن عن إحياء سنة الترائي، وربما سيأتيها الشهود أنفسهم الذين كذبتهم فيما مضى يثبتون رؤية الهلال مع إخبار الحاسبين باستحاتلة رؤية الهلال في كثير من المناطق العربية بالعين المجردة والتلسكوبات العادية، وإمكانية رؤيته بالتلسكوبات الحديثة بصعوبة، وخبر الحاسب عندهم في تأصيلاتهم قطعي! هم ردوا شهادة الشهود لأن الحاسب قال: لا يوجد هلال، فهل سيقبلون شهادة الشهود أنفسهم مع إخبار الحاسب بوجود الهلال مع استحالة إمكانية رؤيته بالوسائل التقليدية؟
والاعتراض الذي سيرد عليهم في رد شهادة الشهود هو نفسه الاعتراض الذي سيرد عليهم في قبولهم، فأنتم رددتم شهادة الشهود باعتبار أن خبر الحاسب قطعي، فلماذا قبلتم شهادتهم وقد أخبركم الحاسب أنه يستحيل رؤيته بالوسائل التقليدية وبصعوبة رؤيته بالوسائل الحديثة، فالحاسب هو الحاسب، وخبره عندكم قطعي؟! أما الشهود فرددتم شهادتهم بناء على وهم الصادق منهم, فيستحيل رؤية ما ليس موجودا، وكذبتم الآخرين، وربما سيأتي الصادق الذي وهمتموه من قبل فيشهد برؤية هلال يستحيل رؤيته بالوسائل التقليدية بحسب خبر الحاسب، أو يأتي ذلك الكاذب الذي لم يكن عندكم قرينة في تكذيبه سوى إخبار الحاسب بعدم وجود الهلال من قبل، وما الذي سيعصم الصادق الواهم من وهمه هذه المرة مع استحالة الرؤية بالوسائل التقليدية؟ فضلا عن الاعتماد على شهادة من لا دليل على كذبه سوى قرينة نفي الحساب لوجود الهلال؟
وبهذا التناقض يلزمكم أمران, إما الاعتماد على حساب لا رؤية معه فتخالف بذلك النصوص الصريحة الواضحة، وإما الاعتماد على رؤية لا حساب معها موافقة للنصوص، والله أعلم.
اقرأ هذا البيان:
https://m.facebook.com/story.php?sto...%2As-R&paipv=0
وهذا البيان:
https://arabic.cnn.com/miscellaneous...th-shawwal-ksa
وهذا البيان:
https://www.masrawy.com/news/news_eg...81%D8%B7%D8%B1
وكل هذا يوضح التخبط نتيجة العدول عن النصوص الصريحة الواضحة.