إلا لمشرك أو مشاحن

أيها المسلمون عباد الله، لا يزال الحديث موصولًا مع مواسم الخيرات والبركات، والحديث عن حدث عظيم في شهر شعبان؛ إنها ليلة النصف من شعبان التي اختصَّها الله تعالى بمزية المغفرة والعفو والإحسان؛ فقد روى ابن ماجه عن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ في لَيْلَةِ النِّصْفِ من شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خلقه إلا لِمُشْرِكٍ أو مُشَاحِنٍ».

ولنا مع هذا الحديث أربع وقفات:
الوقفة الأولى: مع قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ في لَيْلَةِ النِّصْفِ من شَعْبَانَ»:
• فإن الله تعالى يعلم بأحوال العباد، ومُطَّلِع عليهم في شعبان وغير شعبان، وفي كل وقت وزمان؛ وقد جاءت النصوص التي تُقرِّر هذه الحقيقة بأوجه وصيغ متعددة:
‏•‏ فتارة يخبرنا سبحانه وتعالى بعلمه بكل ما في السموات والأرض وبما يفعله العباد؛ كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]، وقال تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} [سبأ: 2]، وقال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61].

• ‏وتارة بالإخبار أنه يراهم ويسمعهم ويعلم ما في ضمائرهم؛ كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [هود: 5]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 29]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16].

•‏ وتارة بالإعلام أنه منهم قريب غير بعيد، وأنه معهم أينما كانوا؛ كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7].

•‏ وتارة يخبرهم أنه مُطَّلع عليهم ولا تخفى عليه خافية؛ كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5]، وقال تعالى: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16]، وقال تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8].

•‏ ونزول الله تعالى إلى السماء الدنيا ليس خاصًّا بليلة النصف من شعبان؛ بل ثبت في الصحيحين وغيرهما نزوله تعالى إلى السماء الدنيا في كل ليلة في الثلث الآخر من الليل، وليلة النصف من شعبان داخلة في هذا العموم؛ ولكن اطِّلاعه في هذه المرة في شهر شعبان هو اطِّلاع مخصوص ببشارة عظيمة تضمَّنها هذا الحديث تتجلَّى في شمولية المغفرة والرحمة لجميع خلقه؛ فهي من أعظم الفرص لمسح أدران القلوب والتخلِّي عن السيئات والذنوب.

‏أمَّا وقفتنا الثانية: فهي مع قوله صلى الله عليه وسلم: «فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خلقه»؛ ففيه بيان سعة مغفرته جَلَّ في عُلاه للعصاة والمذنبين؛ قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

•‏ فمهما عظمت الذنوب فإن مغفرة الله تعالى أعظم وأوسع؛ كما قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: 32]؛ ‏بل إنه سبحانه وتعالى بكرمه وفضله وجوده أنه يُبدِّل سيِّئات المُذْنبين التائبين إلى حسنات؛ كما قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70]، وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم: 60].

•‏ وتأمَّل كيف غفر الله تعالى لرجل قتل مائة نفس عندما صدق وأخلص في توبته؛ كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانَ في بَنِي إسْرائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ إنْسانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ، فأتَى راهِبًا فَسَأَلَهُ فقالَ له: هلْ مِن تَوْبَةٍ؟ قالَ: لا، فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ، فقالَ له رَجُلٌ: ائْتِ قَرْيَةَ كَذا وكَذا فأدْرَكَهُ المَوْتُ، فَنأى بصَدْرِهِ نَحْوَها فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فأوْحَى اللَّهُ إلى هذِه أنْ تَقَرَّبِي، وأَوْحَى اللَّهُ إلى هذِه أنْ تَباعَدِي، وقالَ: قِيسُوا ما بيْنَهُما، فَوُجِدَ إلى هذِه أقْرَبَ بشِبْرٍ فَغُفِرَ له».

•‏ وتأمَّل أيضًا إلى سعة مغفرته سبحانه وتعالى عندما يطَّلِع على أهل صعيد عرفات ويُباهي بهم الملائكة ويقول: «أشهدكم أني قد غَفَرْتُ لهم».

• ‏وفي شهر شعبان تعُمُّ مغفرته سبحانه وتعالى جميع خلقه، غربًا وشرقًا، شمالًا وجنوبًا، عربًا وعجمًا؛ إلا صِنْفَين من الخَلْق يحرمون من هذه الرحمة والمغفرة، فمن هم هؤلاء المحرومون؟! قال صلى الله عليه وسلم: «فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خلقه إلا لِمُشْرِكٍ أو مُشَاحِنٍ».

• فأمَّا المشرك فهو الذي صرف ما لله لغير الله تعالى، بأي نوع من أنواع العبادة من الدعاء أو النذر أو الذبح أو الحج، وغير ذلك من العبادات التي لا تكون إلا لله تعالى؛ فمن فعل ذلك فقد أشرك واستحقَّ العقوبة؛ وهي عدم المغفرة ؛ قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}[النساء: 48].

• ‏فإن أعظم ما نهى عنه الله سبحانه وتعالى هو الشرك؛ كما قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]، وقال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: 151].

وترجع خطورته لأمور كثيرة منها:
1- أن الأنبياء صفوة الخَلْق خافوا منه على أنفسهم وعلى أقوامهم.
2- والشرك من كبائر الذنوب، فهو ذنب عظيم وجُرْم خطير.
3- والشرك إذا خالط الأعمال أفسَدَها وأحبطها مهما عظمت وكثرت؛ فلو أن العبد صلَّى وصام وقام؛ بل لو قضى حياته ساجدًا ثم توجَّه بسجدة واحدة لغير الله جلَّ في عُلاه لحبطت جميع أعماله؛ كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].

4- وتوعَّده الله تعالى بالحرمان من دخول الجنة والخلود في النار؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72].

والشرك له صور عديدة فمنها:
• دعاء غير الله تعالى.
• ‏الذبح والنذر لغير الله تعالى.
• ‏ومنها الحلف بغير الله تعالى تعظيمًا لهذا المحلوف.
• ‏ومنها تعليق التمائم والخيوط؛ لرفع البلاء أو دفع الضر أو جلب النفع.
• ‏ومنها الطيرة والتشاؤم.
• ‏ومنها الاستسقاء بالنجوم والكواكب.
• ‏ومنها الذهاب إلى السحرة والعرَّافين والمنجمين وسؤالهم وتصديقهم.
• ‏ومنها الشرك الخفي الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أُمَّتِه وهو الرياء.
• ‏ومنها بعض الألفاظ التي تُنافي أو تقدح في التوحيد؛ مثل قول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، وتوكَّلْتُ على الله وعليك.
خطورة الشحناء:
• ثمَّ بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الصِّنْف الثاني المحروم من الرحمة والمغفرة: «فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خلقه إلا لِمُشْرِكٍ أو مُشَاحِنٍ».

•‏ وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا»،‏ ما أعظمَها من فاجعة؛ أن يغفر الله لجميع المسلمين ويُنْظَر المتشاحنون! ‏تخيَّل نفسك أيها المشاحن أنك في جَمْعٍ من الناس تنتظر عطاء أو قضاء حاجة في يوم الاثنين؛ فتقضى حوائج الحضور، ويُقال لك: ارجع يوم الخميس، وهكذا كلما حضرت لحاجتك تُؤجَّل بين اثنين وخميس، وإذا تمَّ عام وجاءت ليلة النصف من شعبان قيل لك: راجعنا العام القادم، وهكذا حالك مرتين بالأسبوع، ومرة كل عام تغدو وتروح دون أن تُحقِّقَ مصلحتك التي تريد! كم من المسلمين اليوم مع الأسف هذه حالهم في كل مجتمعاتهم!

•‏ ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجران بين المسلم وأخيه المسلم؛ حرصًا وحفاظًا على هذه الرابطة الإيمانية؛ ففي الصحيحين عن أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هذَا وَيُعْرِضُ هذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ»، وفي رواية: «فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ».

• ‏ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على سَدِّ كل باب أو ذريعة تُفضي إلى الشحناء والقطيعة؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لا تَحاسَدُوا، وَلا تناجَشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَا هُنا، ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ، بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دَمُهُ، ومَالُهُ، وعِرْضُهُ».

•‏ وتأمَّل أحوال كثير من المسلمين عندما تركوا هَدْي سيِّد المرسلين صلى الله عليه وسلم؛ تكاد الشحناء تكون هي داء الأُمَّة اليوم ومرض كثير من المسلمين مع انفتاح الدنيا وشدة التنافُس فيها، فكيف نستقبل شهر رمضان بقلوب مثقلة بالأحقاد والبغضاء؟!

•‏ وقد سُئِل ابن مسعود رضي الله عنه: كيف كنتم تسقبلون شهر رمضان؟ قال: "ما كان أحدُنا يجرؤ أن يستقبل الهلال وفي قلبه مثقال ذرَّة حقد على أخيه المسلم"، ‏الله أكبر إنها قلوب سليمة؛ فلم يسبقنا السلف إلى الله تعالى بكثرة الركوع والسجود فقط؛ ولكنهم سبقونا بنقاء القلوب وسلامة الصدور.

•‏ فتذكَّروا يا عباد الله أنه في ليلة النصف من شعبان سيحرم أناس من المغفرة والرحمة؛ لأنهم ملؤوا قلوبهم حقدًا على إخوانهم، فعليكم دور كبير في أعناقكم، وهو تفقُّد هؤلاء المتشاحنين والسعي بينهم في الصلح وتقريب القلوب، وتأليفها؛ قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].


نسأل الله العظيم أن يُؤلِّف بين قلوبنا، وأن يُصلِحَ ذاتَ بَيْنِنا.
______________________________ ______________________________
الكاتب: رمضان صالح العجرمي