السؤال
قام أحد العلماء بمشروع جميل لتقريب السنة النبوية، وهو الشيخ صالح بن أحمد الشامي ـ جزاه الله خيرا، وبارك في عمله ـ حيث عكف على 14 كتابا هي أصول السنة النبوية، وقام بحذف الأحاديث المكررة إصطلاحا، يعني الحديث الذي رواه صحابي وتكرر في هذه الكتب قام بحذفه، مثلا حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (إنما الأعمال بالنيات) ذكره البخاري 7 مرات في مواطن متعددة من صحيحه، وأخرجه أيضا الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، فهنا يتم ذكر الحديث مرة واحدة عن هذا الصحابي وحذف التكرارات، وبذلك اختصر الأحاديث في ال 14 كتابا من (114,194) حديثا إلى (28,430) حديث فقط، ثم قام المؤلف بمعاودة الفحص مرة أخرى، ولكن لحذف الحديث المكرر حقيقة، وليس اصطلاحا فقط؛ فإذا جاء حديث (الحرب خدعة) عن أبي هريرة، وجاء كذلك عن ابن عباس وكعب بن مالك وعائشة رضي الله عنهم أجمعين؛ فإنه يكتفى بذكر الحديث مرة واحدة ويحذف بقية الروايات.
وكذلك الروايات التي تتكرر بالمعنى أو تقترب في المضمون يتم حذف المكرر منها، وبذلك اختصر الأحاديث مرة أخرى من (28,430)، إلى (3,921) حديث فقط، هذا المختصر الذي أسماه "معالم السنة النبوية"، وهذا العمل يختصر لك مئات آلاف الأحاديث من 14 كتابا هي : 1- "موطأ مالك". 2- "مسند أحمد" 3- "صحيح البخاري". 4- "صحيح مسلم". 5- "سنن أبي داود". 6- "جامع الترمذي". 7- "سنن النسائي". 8- "سنن ابن ماجه". 9- "سنن الدارمي". 10- "السنن الكبرى" للبيهقي. 11- "صحيح ابن خزيمة". 12- "صحيح ابن حبان". 13- "مستدرك الحاكم". 14- "الأحاديث المختارة" للمقدسي. السؤال: هل هذا الكتاب بهذا الشكل جائز؟
ملخص الجواب
كتاب "معالم السنن" على الوصف المذكور هو عمل مشكور وممدوح غير مذموم، وفائدته جليلة، خاصة لغير المتخصصين في علم الحديث، فإنه إذا أدام النظر فيه، حصل له أنس بأصول أبواب السنة، واستظهار لطائفة كثيرة من مهمات الأبواب، وأصول السنة النبوية.
الجواب
الحمد لله.
وسائل العلم هي في ذاتها من أمور العادة وليست من أمور التعبد، فيجوز للمسلم أن يبتكر من وسائل العلم وطرقه ما يراه مفيدا إلا إذا ورد نهي عنه.
وكتابة العلم وطرقها من ضمن أمور العادة هذه التي أصلها الإباحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم: فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.
وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى...
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا) ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه ... وهذه قاعدة عظيمة نافعة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29 /16–18).
وعلى هذا مضى المسلمون، فمازال أهل الحديث يصنّفون فيه، كل بحسب طريقته التي يراها مفيدة وصالحة لنفع المسلمين، ومن ذلك اختصار المصنفات الحديثية، فقد قام جمع من أهل العلم باختصار مصنفات من سبقهم.
وهذا الاختصار ليس متعلقا بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو متعلق بكلام المصنف وطريقته.
فكتاب "معالم السنن" للشيخ صالح بن أحمد الشامي: قد سار على نفس المنوال؛ يختصر الكتب وليس الأحاديث نفسها، فيسقط الأسانيد وهي من كلام أصحاب المصنفات، ويزيل التكرار وهو أيضا من عمل أصحاب المصنفات، لكنه يراعي ألفاظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فلا يختصرها.
والأعمال العادية إذا كانت تحقق مصلحة مشروعة ولا تحتوي على مفسدة، فهي أعمال يستحب فعلها ولا تنكر.
وهذه المختصرات الحديثية ليس فيها مفسدة، وفيها مصلحة تقريب سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عامة الناس، وتسهيل الحفظ لها لمن يريد حفظها.
فالحاصل؛ أن كتاب "معالم السنن" على الوصف المذكور هو عمل مشكور وممدوح غير مذموم، وفائدته جليلة، خاصة لغير المتخصصين في علم الحديث، فإنه إذا أدام النظر فيه، حصل له أنس بأصول أبواب السنة، واستظهار لطائفة كثيرة من مهمات الأبواب، وأصول السنة النبوية.
والله أعلم.
https://islamqa.info/ar/answers/3988...AB%D9%8A%D8%A9