تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: وقفة مع قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!" لفضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغامدي

  1. #1

    افتراضي وقفة مع قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!" لفضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغامدي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!"

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين.
    أما بعد؛ فقول ابنِ تيميَّةَ رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (6/258): «وأنا وغيري: كنّا على مذهب الآباء في ذلك، نقول في الأصلين: بقول أهل البدع، فلمّا تبيّن لنا ما جاء به الرّسول: دار الأمر بين أن نتّبع ما أنزل اللّه، أو نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا، فكان الواجب: هو اتّباع الرّسول؛ وأن لا نكون ممّن قيل فيه: ﴿وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا﴾».
    قلت: لا شكّ أنّ كلامَه هذا له توجيهٌ علميٌّ ينسجمُ مع منهجِهِ السّلفيِّ وطريقتِهِ العلميّةِ في التّلقي والتّأصيلِ.
    هذا إذا علم الجميعُ: أنّ شيخَ الإسلام ابنَ تيميّة رحمه الله هو خرّيجُ بيتِ عِلْمٍ، أهْلُهُ سلفيّون دون نزاع، وحسبك بأبيه: الإمام العلامة شهاب الدّين أبي المحاسن عبد الحليم، المتوفّى سنة (682)، ثمّ بجدّه شيخ الإسلام الإمام العلامة مجد الدّين أبي البركات عبد السّلام بن عبد الله، المتوفّى سنة (652)، ثمّ دواليك حتّى العلماء الّذين تلقّى عنهم ابنُ تيميَّةَ العلمَ: هم سلفيّون في الجملة، كما أنّه لم يؤثر عن أحدهم: أنّه كان منظِّرًا لأهلِ المقالات البدعيّةِ، ولا كان من أهل الأهواء والبدع المشهورين.
    وهذا ممَّا يزيدنا يقينا: أنّ ابنَ تيميَّةَ رحمه الله لم يرد بكلامه هذا: معناه العَامَّ، بل أراد به معنًى خاصًّا، كما سيأتي بيانه من خلال اعتبار عدة أمور، فمن ذلك باختصار:
    الأمر الأوّل: أنَّ المرادَ بالأصلين: العقيدة وأصول الفقه، والمراد بأصول الفقه هنا: مسائل الفقه.
    الأمر الثَّاني: أنّه رحمه الله أراد بكلامه هذا: الأقوالَ البدعيَّةَ العمليَّةَ لا البدعَ الاعتقاديَّةَ العلميَّةَ، كما ظنَّهُ بعضُهم! وهذا ظاهر قوله: «بقول أهل البدع»!
    ويزيد ذلك وضوحًا أيضًا: أنَّهُ لم يُؤثَرْ عن ابنِ تيميَّةَ رحمه الله أنَّه قرَّر بدعةً ظاهرةً لا في مسائل الاعتقاد العلميَّةِ ولا في مسائل الفقه العمليَّةِ، وهذه كتبه وفتاواه شاهدةٌ لكلِّ ذي عينٍ وبصيرةٍ.
    الأمر الثَّالث: أنَّه أراد بالأقوال البدعيَّةِ هنا: الأذكارَ والأدعيةَ الَّتي لها تعلُّقٌ غَالِبًا بمناسك الحجِّ والعمرةِ، وهي الأدعية التي دَلَّتْ عليها بعضُ الأحاديث الواهية والموضوعةِ ممَّا ظَنَّ أصحابُها أنَّها صحيحةٌ؛ فعندها نقلوها في كتبهم ولقَّنُوها طُلَّابَهم الصِّغارَ، ودَرَّسُوها أتْبَاعَهم المُقلِّدين لهم ممَّن ليسوا من أهل العلم.
    الأمر الرَّابع: أنَّهُ أراد بذلك أيضًا: زياراتِ المساجدِ وما حَولَها، وغَيرَها ممَّا ذَكَرَهُ بَعْضُ المصنِّفين لكُتُبِ المناسك ممَّن جعلوا زيارتَها من سُننِ الحجِّ والعمرةِ، أو رَتَّبُوا على زيارتها فضائِلَ خَاصَّةً، وغير ذلك ممَّا ليس عليه دليل شرعيٌّ.
    وهذا كلُّه ممَّا نَصَّ عليه ابنُ تيميَّةَ رحمه الله في «اقتضاء الصِّراط المستقيم» (2/339) بقوله: «وقد ذكر طائفة من المصنِّفين في المناسك: استحبابَ زيارة مساجد مكَّة وما حولها، وكنت قد كتبتها في منسك كتبته قبل أن أحجَّ في أوَّل عمري؛ لبعض الشِّيوخ، جمعته من كلام العلماء، ثمَّ تبيَّن لنا أنَّ هذا كلَّه من البدع المحدثة التي لا أصل لها في الشَّريعة، وأنَّ السَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار، لم يفعلوا شيئا من ذلك، وأنَّ أئمّة العلم والهدى ينهون عن ذلك، وأنَّ المسجد الحرام هو المسجد الذي شرع لنا قصده للصلاة والدُّعاء والطَّواف، وغير ذلك من العبادات، ولم يشرع لنا قصد مسجد بعينه بمكَّةَ سِوَاهُ، ولا يصلح أن يجعل هناك مسجد يزاحمه في شيء من الأحكام، وما يفعله الرّجل في مسجد من تلك المساجد: من دعاء وصلاة وغير ذلك، إذا فعله في المسجد الحرام: كان خيرا له؛ بل هذا سُنَّةٌ مشروعةٌ، وأمَّا قصد مسجد غيره هناك تحرِّيًا لفضله: فبدعةٌ غيرُ مشروعةٍ».
    وقال أيضا في «مناسك الحجِّ» له (15): «أمَّا بعد: فقد تكرَّر السُّؤال من كثير من المسلمين أن أكتب في بيان مناسك الحجِّ ما يحتاج إليه غالب الحجَّاج في غالب الأوقات، فإنِّي كنتُ قد كتبتُ منسكا في أوائل عمري، فذكرت فيه أدعية كثيرة وقَلَّدتُ في الأحكام منِ اتَّبعتُهُ قبلي من العلماء، وكتبتُ في هذا ما تبيَّن لي من سُنَّةِ رسولِ الله ﷺ مختصرا مبيِّنًا، ولا حول ولا قوّة إلَّا بالله العلي العظيم».
    الأمر الخامس: أنَّهُ رحمه الله كان معذورا فيما قَالَ وفيما نَقَلَ من الأدعية والزيارات غير المشروعة؛ لأنَّهُ كان مُقلِّدًا لغيره من أصحاب المذاهب الفقهيِّةِ أو غيرِهِم من الشُّيوخِ، شأنه شأن غيره من أهل العلم المقلِّدين فيما ينقلونه من كتب المناسك؛ لا سيما عند نقلهم من كتب إخوانهم المتأخِّرين من أصحاب المذاهب؛ سواء كانوا من أصحاب أبي حنيفة أو مالك أو الشَّافعي أو أحمد رحم الله الجميع، في حين أنَّهُ لم يَنْجُ من هذا التَّقليد إلَّا نزرٌ يسيرٌ من العلماء ممَّن ظهر اجتهادُهُ.
    وهذا الصَّنيعُ من ابن تيميَّةَ رحمه الله ممَّا يَشْفعُ له ولغيره؛ لكونه كان يجهل حقيقةَ الأمر في أوائل الطَّلبِ؛ سواء في تحقيق الدَّليلِ أو في تحرير الاستدلال؛ أمَّا إذا ظهرتِ السُّنَّةُ وبَانَ حكمُها، كان - والحالة هذه - واجبًا عليه وعلى غيره الامثتالُ للسُّنَّةِ وتركُ ما يخالفُها، وهذا ما نصَّ عليه ابنُ تيميَّةَ نفسُهُ بقوله: «فلمَّا تبيَّن لنا ما جاء به الرسول: دار الأمر بين أن نتَّبعَ ما أنزل الله، أو نتَّبعَ ما وجدنا عليه آباءنا، فكان الواجب: هو اتِّباعُ الرسولِ... إلخ».
    الأمر السَّادس: - وهذا ممَّا يُستأنَسُ به! -: أنَّ نصَّ قوله في «مجموع الفتاوى»: لم يكن مقيدا بشيء من مسائل الحج والعمرة كما مضى ذكره في المصدرين السابقين، بل جاء كلامه هنا مطلقا دون قيدٍ؛ لذا كان لتخريجه اعتبارٌ آخرُ.
    يَتبيَّنُ ذلك من خلال ظاهر قولِه: «وأنا وغيري: كُنَّا على مذهب الآباء في ذلك»: فذِكْرُهُ للآباء هنا: فيه إشارة على أنَّهُ رحمه الله كان على مذهب الآباءِ لا العلماءِ؛ لأنَّ مذهب الآباء يُرادُ به - عند مقابلة العلماء -: ما أُثِرَ عنهم من العاداتِ والتَّقاليدِ التي كانوا يُلقِّنُونها أبناءهم الذين لم يبلغوا سِنَّ الرُّشدِ، أي: ما يتعلَّمُونه منهم في البيوت قبل الخروج لتلقِّي العلمَ في المساجد وحلقات العلم.
    في حين أنَّنا نجدُ كلامَ ابن تيميَّةَ هنا جارٍ في تحقيق مسائل العلم وذكر خلاف العلماء الكبار، فكان في اختصاص ذكره للآباء هنا: إشارةٌ إلى أنَّهُ أراد به موروثَ الآباء من تقاليدَ وعاداتٍ ممَّا ليس عليها دليلٌ صحيحٌ، والله أعلم.
    الأمر السَّابع: - وهو أيضا ممَّا يُستأنَسُ به! -: أنَّهُ يَظهَرُ من كلامِ ابن تيميَّةَ هنا: أنَّهُ كان عند أخذه لهذه الأقوال التي ورثها عن الآباء: كان رحمه الله صغيرا لم يبلغ سِنَّ الرُّشدِ؛ لأنَّهُ رحمه الله قد نَبَغَ منذ صِبَاهُ كما هو معلوم؛ حيث حضر مجالس العلماء الكبار وأخذ منهم الإجازات، وهو آنذاك ابنُ تسعة أعوام، كما أنَّهُ تَصدَّر للتَّدريس والتَّأليف وهو ابنُ سَبْعَةَ عشر من عُمُره.
    الأمر الثَّامن: أنَّهُ مهما ظهر من اعتذارٍ أو إنكارٍ لكلامِ ابنِ تيميَّةَ هنا؛ إلَّا إنَّ هذا الكلامَ كان منه رحمه الله في أوَّلِ الطَّلبِ، أي: قبل نبوغه ومعرفته للدَّليلِ، وقبل أن يَنبُذَ قِلادَةَ التَّقليدِ، فأمْرٌ هذا سبيلُهُ كان من أظهر ما يُعتَذرُ لابنِ تَيميَّةَ وغيره، وهذا ما نَصَّ عليه رحمه الله بقوله: «فإنِّي كنتُ قد كتبتُ مَنْسَكا في أوائل عُمُري».
    وعليه، فلا مَحَلَّ للانكارِ أو الرَّيبِ فيما أبداهُ ابنُ تيميَّةَ أو تركه في أوَّلِ طلبه للعلم؛ لأنَّ العبرةَ بالنِّهاياتِ لا بالبِداياتِ!
    وحسبُكَ أنَّ نِهَاياتِ ابنِ تيميَّةَ رحمه الله - عند منتصف عُمُرِه إلى وفاته -: قد بلغ فيها رُتبةَ الاجتهاد المطلق، بل إخالُهُ أضحى مُجدِّدًا للملَّةِ دون نزاع، الأمر الذي يمنعه شرعا أن يكون مُقلِّدا لأحدٍ مهما كانت مكانتُه العلميَّةُ؛ لذا كان سبيلُه العلميُّ بعدئذٍ: العقلُ الصَّريحُ والنَّقلُ الصَّحيحُ من كتابٍ وسُنَّةٍ وإجماعٍ وقياسٍ صحيحٍ، وغير ذلك ممَّا هو من مسالك الاجتهاد عند المُجدِّدين من أهل العلم، والله تعالى أعلم.

    وكتبه
    فضيلة الشيخ الدكتور
    ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
    الطائف المأنوس
    (18/ربيع الأول/1444)


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وقفة مع قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!" لفضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال بن صالح النفيعي مشاهدة المشاركة
    فقول ابنِ تيميَّةَ رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (6/258): «وأنا وغيري: كنّا على مذهب الآباء في ذلك، نقول في الأصلين: بقول أهل البدع، فلمّا تبيّن لنا ما جاء به الرّسول: دار الأمر بين أن نتّبع ما أنزل اللّه، أو نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا، فكان الواجب: هو اتّباع الرّسول؛ وأن لا نكون ممّن قيل فيه: ﴿وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا﴾».
    قلت: لا شكّ أنّ كلامَه هذا له توجيهٌ علميٌّ ينسجمُ مع منهجِهِ السّلفيِّ وطريقتِهِ العلميّةِ في التّلقي والتّأصيلِ.
    ...... ابنَ تيميَّةَ رحمه الله لم يرد بكلامه هذا: معناه العَامَّ، بل أراد به معنًى خاصًّا، كما سيأتي بيانه من خلال اعتبار عدة أمور، فمن ذلك باختصار:
    الأمر الأوّل: أنَّ المرادَ بالأصلين: العقيدة وأصول الفقه، والمراد بأصول الفقه هنا: مسائل الفقه.
    الأمر الثَّاني: أنّه رحمه الله أراد بكلامه هذا: الأقوالَ البدعيَّةَ العمليَّةَ لا البدعَ الاعتقاديَّةَ العلميَّةَ، كما ظنَّهُ بعضُهم! وهذا ظاهر قوله: «بقول أهل البدع»!
    هذا التوجيه فيه نظر ويحتاج الى تحرير
    وإليك أخى طلال النفيعي التوجيه العلمى لكلام شيخ الاسلام
    السؤال
    هل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أول حياته نشأ على غير طريقة السلف ، ونشأ على طريقة أهل البدع ، ومشايخه لم يكونوا على طريقة السلف، كما ورد في "مجموع الفتاوى"(6 /258) " وَلَكِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ، وَ مَسْأَلَةُ الزِّيَارَةِ ، وَغَيْرُهُمَا حَدَثَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِي نَ فِيهَا شُبَهٌ ، وَأَنَا وَغَيْرِي كُنَّا عَلَى مَذْهَبِ الْآبَاءِ فِي ذَلِكَ نَقُولُ فِي الْأَصْلَيْنِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْبِدَعِ ؛ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَنَا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ نَتَّبِعَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَوْ نَتَّبِعَ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا فَكَانَ الْوَاجِبُ هُوَ اتِّبَاعُ الرَّسُول ...." ؟
    الجواب
    الحمد لله.
    أولا:
    النقل المذكور يبين فيه شيخ الإسلام رحمه الله أنه كان على عقيدة آبائه في مسألتي: الصفات الاختيارية ، أو حلول الحوادث، ومسألة الزيارة.
    وقد تأثر جماعة من الحنابلة بمذهب السالمية ، ونفوا حصول الفعل الاختياري من الله تعالى، وهو مذهب ابن كلاب أيضا.
    قال رحمه الله: "فصل: في الصفات الاختيارية :
    وهي الأمور التي يتصف بها الرب عز وجل فتقوم بذاته بمشيئته وقدرته؛ مثل كلامه وسمعه وبصره وإرادته ومحبته ورضاه ورحمته وغضبه وسخطه؛ ومثل خلقه وإحسانه وعدله؛ ومثل استوائه ومجيئه وإتيانه ونزوله، ونحو ذلك من الصفات التي نطق بها الكتاب العزيز والسنة=
    فالجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم يقولون: لا يقوم بذاته شيء من هذه الصفات ولا غيرها.
    والكلابية ، ومن وافقهم من السالمية وغيرهم يقولون: تقوم صفات بغير مشيئته وقدرته" .
    انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/ 217).
    وساق رحمه الله حجج النفاة ، وتسميتهم المسألة بحلول الحوادث، وأجاب عنها.
    إلى أن قال (6/ 258) :
    "و"الرؤية" و "السمع" : أمر وجودي ، لا بد له من موصوف يتصف به .
    فإذا كان هو الذي رآها ، وسمعها : امتنع أن يكون غيره هو المتصف بهذا السمع، وهذه الرؤية ، وأن تكون قائمة بغيره .
    فتعين قيام هذا السمع وهذه الرؤية به ، بعد أن خُلقت الأعمال والأقوال .
    وهذا مطعن لا حيلة فيه... ولكن " هذه المسألة " و" مسألة الزيارة " وغيرهما : حدث من المتأخرين فيها شُبَه !!
    وأنا وغيري : كنا على "مذهب الآباء" في ذلك ؛ نقول في " الأصلين " بقول أهل البدع .
    فلما تبين لنا ما جاء به الرسول : دار الأمر بين أن نتبع ما أنزل الله ، أو نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ؟!!
    فكان الواجب : هو اتباع الرسول" !! انتهى.
    فالمراد بالأصلين هنا : الصفات الاختيارية، والزيارة البدعية.
    ثم قال رحمه الله مؤكدا ذلك (6/ 264):
    "فهذا بعض ما يبين أن " الفاتحة " ، أم القرآن : اشتملت على بيان المسألتين المتنازع فيهما: " مسألة "الصفات الاختيارية" ، ومسألة "الفرق بين الزيارة الشرعية والزيارة البدعية".
    والله تعالى هو المسئول أن يهدينا وسائر إخواننا إلى صراطه المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا" انتهى.
    ثانيا:
    وقد بين رحمه الله في موضع آخر : أنه صنف منسكا ذكر فيه استحباب زيارة مساجد مكة وما حولها ، ثم تبين له أن ذلك بدعة.
    قال رحمه الله: "وقد ذكر طائفة من المصنفين في المناسك استحباب زيارة مساجد مكة وما حولها، وكنت قد كتبتها في منسك كتبته قبل أن أحج في أول عمري، لبعض الشيوخ، جمعته من كلام العلماء .
    ثم تبين لنا : أن هذا كله من البدع المحدثة التي لا أصل لها في الشريعة، وأن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، لم يفعلوا شيئا من ذلك، وأن أئمة العلم والهدى ينهون عن ذلك، وأن المسجد الحرام هو المسجد الذي شرع لنا قصده للصلاة والدعاء والطواف، وغير ذلك من العبادات، ولم يشرع لنا قصد مسجد بعينه بمكة سواه، ولا يصلح أن يجعل هناك مسجد يزاحمه في شيء من الأحكام، وما يفعله الرجل في مسجد من تلك المساجد، من دعاء وصلاة وغير ذلك، إذا فعله في المسجد الحرام كان خيرا له؛ بل هذا سنة مشروعة، وأما قصد مسجد غيره هناك تحريا لفضله، فبدعة غير مشروعة" انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 339).
    وهذا من تمام نصحه رحمه الله.
    ووقوعه رحمه الله في الخطأ في مسألة أو مسألتين : لا يقال معه إنه نشأ مبتدعا، أو على طريقة أهل البدع، بل الظاهر من سيرته ومن مصنفاته أنه كان على منهج السلف ، إلا في أحرف يسيرة ، لم يكن قد تبين له وجه الصواب فيه ، كغيره من أهل العلم والاجتهاد ، لا يزال يفتح عليه في العلم ما شاء الله له ، ويتعلم مما كان يجهل ما شاء الله له ، ويتبين له صواب ما كان أخطأ ، ما شاء الله له ؛ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
    قال الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود حفظه الله: "المتتبع لحياة شيخ الإسلام ابن تيمية يلمس منها أن ما أعطاه الله من ذكاء ، وقوة حافظة ، وسرعة إدراك ، وجو علمي مليء بالعلماء وبالكتب التي ألفها من كان قبلهم : ساعده على أن يكون ذا قدرة علمية مستقلة ، بعيدة عن التقليد الأعمى .
    ولذلك استمر طول حياته على منهج واحد ، لم يتغير، بخلاف بعض العلماء- خاصة من غاصوا في علم الكلام والفلسفة- تجد الواحد منهم يمر في حياته بأكثر من مرحلة، كل مرحلة لها منهج وطريقة تخالف المرحلة الأخرى.
    ومع ذلك فنلمس- من خلال تتبع حياة ابن تيمية- رجوعه عن بعض المسائل التي قد يكون أخذها تقليدا، أو لم تتكامل معرفته بالشخص أو المسألة المعينة".
    ثم ذكر ما سبق من المسائل،
    ثم قال:
    " فهذه المواقف له : تدل على المنهل الأصيل الذي انطلق منه، متبعا للكتاب والسنة ، ولو كان ذلك فيه مخالفة لما كان عليه الآباء والأجداد، أو ما يترسمه الشيوخ والعلماء والقضاة، فالحق أحق أن يتبع، والأمور لا توزن بكلام الناس وما اعتادوه ، ولو كانوا علماء فضلاء- وإنما توزن بميزان الحق والعدل المبني على الشرع المنزل " .
    انتهى من "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (1/ 157).
    المصدر الاسلام سؤال وجواب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وقفة مع قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!" لفضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    هل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أول حياته نشأ على غير طريقة السلف ، ونشأ على طريقة أهل البدع ، ومشايخه لم يكونوا على طريقة السلف، كما ورد في "مجموع الفتاوى"(6 /258) "
    قال الشيخ صالح آل الشيخ في [شرحه على الواسطية]:
    شيخ الإسلام ابن تيمية نشأ على غير مذهب السلف ، نشأ مبتدعاً ،لم يكن على طريقة السلف الصالح بل نشأ على غير طريقة السلف الصالح ، ومشايخه لم يكونوا على طريقة السلف الصالح ، يعني أكثر مشايخه إلا نُدَّر منهم .
    هذه ذكرها عن نفسه قال في موضع في الفتاوى (وأما أنا فقد كنت في الأصلين على غير طريقة السلف الصالح) هذه موجودة النص في الفتاوى ،
    شيخ الإسلام إنما هداه الله جل وعلا لذلك متأخراً يعني بعد سنة تسعين ، ستمائة وتسعين ، يعني وعمره جاوز الثلاثين أو هو حول الثلاثين ، لم ينشأ على العقيدة الصحيحة ، ولذلك رأى الغربة ، وأكثر مشايخه من الحنابلة على طريقة السلف لكنهم في الصفات يفوضون ، في الصفات عندهم يفهمون مذهب أحمد أنه التفويض .
    وهذا باطل .
    فشيخ الإسلام كان يواجه أشياء عظيمة في زمنه رحمه الله تعالى وأجزل له المثوبة وجزاه عنا خير الجزاء)). انتهى .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وقفة مع قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!" لفضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال بن صالح النفيعي مشاهدة المشاركة

    وهذا ممَّا يزيدنا يقينا: أنّ ابنَ تيميَّةَ رحمه الله لم يرد بكلامه هذا: معناه العَامَّ،
    وماذا يضر شيخ الاسلام ومنهجه السلفى لو أريد بهذا الكلام معناه العام
    هل ضر الصحابة أنهم كانوا فى جاهلية ثمَّ منَّ الله عليهم بالاسلام
    أنظر ماذا قال شيخ الاسلام والمسلمين علم الهداة الاعلام مجدد الملة والدين الامام محمد ابن عبد الوهاب عن نفسه
    قال رحمه الله:
    (لقد طلبت العلم واعتقد من عرفني أن لي معرفة وأنا ذلك الوقت لا أعرف معني لا إله إلا الله ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي منّ الله به وكذلك مشايخي ما منهم رجل عرف ذلك فمن زعم من علماء العارض أنه عرف معنى لا إله إلا الله أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت أو زعم عن مشايخه أن أحدا عرف ذلك فقد كذب وافترى ولبّس على الناس ومدح نفسه بما ليس فيه وشاهد هذا أن عبد الله بن عيسى ما نعرف في علماء نجد ولا علماء العارض ولا غيره أجل منه وهذا كلامه واصل إليكم إن شاء الله فاتقوا الله عباد الله ولا تكبروا على ربكم ولا نبيكم واحمدوه سبحانه الذي من عليكم ويسر لكم من يعرفكم بدين نبيكم صلى الله عليه و سلم ولا تكونوا من الذين بدلوا نعمه الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار-«مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب»

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: وقفة مع قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!" لفضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    وشاهد هذا أن عبد الله بن عيسى ما نعرف في علماء نجد ولا علماء العارض ولا غيره أجل منه وهذا كلامه واصل إليكم إن شاء الله
    قال عبد الله بن عيسى -رحمه الله- في رسالة موجهة إلى عموم المسلمين:
    (فالله الله عباد لا تغتروا بمن لا يعرف شهادة أن لا إله إلا الله وتلطخ بالشرك وهو لا يشعر؛
    فقد مضى أكثر حياتي ولم أعرف من أنواعه ما أعرفه اليوم،
    فلله الحمد على ما علمنا من دينه ولا يهولنكم اليوم أن هذا الأمر غريب، فإن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال {بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ}، واعتبروا بدعاء أبينا إبراهيم عليه السلام بقوله في دعائه: {واجبني وبني أن نعبد الأصنام. رب إنهن أضللن كثيراً من الناس}، ولولا ضيق هذه الكراسة، وأنّ الشيخ محمداً أجاد وأفاد بما أسلفه من الكلام فيها لأطلنا الكلام)
    ( «مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب» ص193

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وقفة مع قول ابن تيمية: "كنا على مذهب الآباء نقول في الأصلين بقول أهل البدع!" لفضيلة الشيخ الدكتور/ ذياب بن سعد الغام

    أما تلميذ شيخ الاسلام ابن تيمية - الامام ابن القيم رحمه الله
    فيقول
    الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
    في ذكر مَن مَنَّ الله عليه بالهداية:
    ابن القيم كان صوفيًّا، ثم منَّ الله عليه بصحبة شيخ الإسلام ابن تيمية، فهداه الله على يده حتى كان ربانيًّا. ” مجموع فتاوى الشيخ العثيمين ” ( 9 / 377 ).
    وقال الشيخ صالح آل الشيخ :
    و قد كان ابن القيم في فترة من حياته متأثرًا بالقوم بعض التأثر – أراد ابن القيم رحمه الله أن يكتب كتابًا سلفيًّا في السلوك، يهدي به المتصوفة، ويكون أيضا سبيلًا لأهل السنَّة للاطلاع على السلوك والسلفية …. ” منازل السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ” … . ” مسائل في طلب العلم
    ***
    عقد الامام ابن القيم فصلاً فى النونية ذكر فيه أنه قد وقع في بعض المهالك حتى أتاحَ له الإله من أزال عنه تلك الأوهام, وأخذ بيده إلى طريق الحق والسلامة، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية.
    وفي إعلانه لتوبته على يديه يقول:
    يا قوم والله العظيم نصيحة **** من مشفق وأخ لكم معوان
    جربت هذا كله ووقعت في **** تلك الشباك وكنت ذا طيران
    حتى أتاح لي الإله بفضله **** من ليس تجزيه يدي ولساني
    بفتى أتى من أرض حران فيا **** أهلا بمن قد جاء من حران
    فالله يجزيه الذي هو أهله **** من جنة المأوى مع الرضوان
    أخذت يداه يدي وسار فلم يرم **** حتى أراني مطلع الإيمان
    ورأيت أعلام المدينة حولها **** نزل الهدى وعساكر القرآن
    ورأيت آثارا عظيما شأنها **** محجوبة عن زمرة العميان
    ووردت رأس الماء أبيض صافيًا *** حصباؤه كلآلئ التيجان
    ورأيت أكوازا هناك كثيرة *** مثل النجوم لوارد ظمآن
    ورأيت حوض الكوثر الصافي الذي *** لا زال يشخب فيه ميزابان
    ميزاب سنته وقول إلهه *** وهما مدى الأيام لا ينيان
    والناس لا يردونه إلا من الآ *** لاف أفرادا ذوي إيمان
    وردوا عذاب مناهل أكرم بها *** ووردتم أنتم عذاب هوان

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •