تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: لماذا التقيد بفهم السلف ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي لماذا التقيد بفهم السلف ؟

    لا يستغني عالم أو مجتهد عن النظر في فقه السلف، فإن وجد إجماعا لزمه الأخذ به؛ لأن الإجماع حجة قاطعة، وإن وجد اختلافا، استفاد من وقوفهم على الأدلة، وكيفية النظر فيها، وأعمل ذهنه وأدواته في الترجيح بين أقوالهم، فإن كانت المسألة مستجدة لم يتكلم فيها المتقدمون، فإنه ينظر في أصولها، وأقربِ المسائل إليها شبها، فيستنير بما قاله المتقدمون، فإن العلم يتصل بعضه ببعض، ولا يكاد يستغني متأخر عن متقدم في علم من العلوم، واعتبري ذلك بالعلوم الرياضية والفلكية والطبية ؛ فإنه مع تطور هذه العلوم لا يُستغنى فيها عن كلام المتقدمين.
    **
    مما ميز علم السلف عمن جاء بعدهم، قربهم من عهد الرسالة، وتمكنهم من اللغة وأدوات الاستنباط بالسليقة، مع تفرغهم للعلم، غالبا ، وإقبالهم عليه ، وبذلهم الوسع فيه، ووجودهم في بيئة معينة على ذلك، وهذا ، أو أكثره ، يفقده المتأخر ، لا سيما مع بعد العهد ، وتعقد الحياة وأساليبها ، وأنماط المعيشة .
    وأما المذاهب الأربعة فقد امتازت فوق ذلك على توفر همم الأفذاذ من العلماء على خدمتها، جمعا، وتنقيحا، وشرحا، وتعليقا، ومراجعة، وتمحيصا، مما جعل منها بناء محكما ، يستوعب عامة الأبواب الفقهية، ولا يكاد يخرج عنها إلا النوازل المستجدة التي لم تكن في عصرهم ، أو عصر من بعدهم، مع كون أصولهم، وكثير من فروعهم، ترشد إلى حكم هذه النوازل، إذا أحاط الفقيه بها، وأحسن النظر فيها.
    **
    إذا لم يكن في المسألة إجماع، فالمعيار الذي يحكم به بصحة قول أو خطئه هو الدليل الشرعي، فكل قول يؤخذ منه ويرد، كما قال مالك رحمه الله.
    **
    من جاء بفهم جديد لنص من الكتاب أو السنة، نُظر في فهمه، وطريقة استنباطه، ومدى موافقتها لقواعد الاستنباط الصحيحة، فيقبل منه ما وافق ذلك، وهذا لا يتصور في أكثر آيات القرآن الكريم، وإنما يتصور في بعض الآيات التي أشكل تفسيرها على المتقدمين، أو أن يكون قوله جامعا لأقوال من سبقه، أو منتزعا منها، وذلك أن الصحابة والتابعين أولوا القرآن عناية تامة، ونقلوا في تفسيره ما أخذوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولم يفتهم من ذلك إلا الشيء اليسير.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " وأما التفسير الثابت عن الصحابة والتابعين : فذلك إنما قبلوه لأنهم قد علموا أن الصحابة بلغوا عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظ القرآن ومعانيه جميعا ، كما ثبت ذلك عنهم .." .
    " وهل يتوهم عاقل أنهم كانوا إنما يأخذون منه مجرد حروفه ، وهم لا يفقهون ما يتلوه عليهم ، ولا ما يقرؤونه ، ولا تشتاق نفوسهم إلى فهم هذا القول ، ولا يسألونه عن ذلك ، ولا يبتدئ هو بيانه لهم ؟ هذا مما يعلم بطلانه ، أعظم مما يعلم بطلان كتمانهم ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله." .
    " فقولنا بتفسير الصحابة والتابعين : لعلمنا بأنهم بلغوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يصل إلينا إلا بطريقهم، وأنهم علموا معنى ما أنزل الله على رسوله ، تلقيا عن الرسول ؛ فيمتنع أن نكون نحن مصيبين في فهم القرآن ، وهم مخطئون .
    وهذا يُعلم بطلانه ، ضرورة ، عادة وشرعا." انتهى .
    انظر : "بغية المرتاد" (330-332) .
    وأما السنة فقد تولى العلماء –عبر قرون- جمعها، وشرحها، والاستنباط منها، ومع ذلك فقد يجد المجتهد مجالا في تصحيح حديث ضُعّف، أو العكس، أو استنباط معنى خفي، أو ترجيح معنى على معنى، وفضل الله يؤتيه من يشاء.
    وينظر للفائدة : رسالة "فهم السلف الصالح" للدكتور عبد الله بن عمر الدميجي ، وفقه الله .
    والحاصل : أن باب الاجتهاد مفتوح لمن يملك أدواته، وإنما يجب الحذر من اجتهاد إنسان لم يملك أدوات الاجتهاد، فلا علم له باللغة، ولا بطرق الاستنباط، ولا بجمع الأدلة في الموطن الواحد، فهذا قلما يصيب، بل يأثم باجتهاده، ويفتن نفسه وغيره بالكلام في دين الله بغير علم، وما أكثر هؤلاء في هذه الأزمنة.
    جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/ 25): " هل باب الاجتهاد مغلق أم غير مغلق؟
    وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد: باب الاجتهاد لم يغلق بل هو مفتوح : لأهل العلم والإيمان والبصيرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام من سلف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان من أهل العلم والإيمان.
    أما من ليس كذلك : فالواجب عليه سؤال أهل الذكر، كما نص على ذلك أهل العلم.
    المصدر الاسلام سؤال وجواب بإختصار

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: لماذا التقيد بفهم السلف ؟

    المراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام والتابعون وأتباعُهم وأئمةُ الدين فالسلف هم الصحابة ومن سار على هديهم إلى يوم الدين.
    لماذا فهمُ السلف؟
    (1) لأنهم أطهر الناسِ سيرة، وأعمقُ علماً، وأخلصُ الناسِ قلوباً.
    (2) ولأنهم صحبوا رسولَ اللهِ وجاهدوا معه وعرفوا سيرتَه.
    (3) ولأن الله اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم .
    (4) ولأن الله زكّاهم وأثنى عليهم ورضيَ عنهم في كثير من الآيات.
    (5) ولأن رسول الله أمر باتّباعهم والاقتداء بهم.
    (6) ولأن اجماعِهم حجةٌ قطعية.
    (7) ولأنهم خيرُ الأمة وأفقهُاوأتقاها.
    (8) ولأنهم أعلم الناسِ بلغةِ القرآن وبتفسيره.
    (9) ولأن رسولَ اللهِ ذكَرَ أنّ الفِرقةَ الناجيةَ هم ما عليه اليوم هو وأصحابه رضي الله عنهم.
    روى الشيخان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»،
    قال ابن حجر رحمه الله:
    المراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحابة، والمراد بالذين يلونهم أي القرن الذي بعدهم وهم التابعون، والمراد بالذين يلونهم هم أتباع التابعين، واقتضى هذا الحديث أن تكون الصحابة أفضل من التابعين والتابعون أفضل من أتباع التابعين،
    فتح الباري (7/5).
    روى الشيخان وغيُرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثلَ أُحدٍ ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه» (2540 مسلم, البخاري 3673)
    وفي حديث الفِرقة الناجية: « وستفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة»، فقيل يا رسول الله: ما الواحدة؟ قال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي» رواه الترمذي والحاكم.
    وقوله صلى الله عليه وسلم : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»
    قال شيخ الإسلام رحمه الله:
    وأما سنة الخلفاء الراشدين فإنما سنّوهُ بأمره فهو في سنّتهِ ولا يكون في الدين واجبا إلا ما أوجبه ولا حراما إلا ما حرمه ولا مستحبا إلا ما استحبه ….

    قال ابن حزم رحمه الله: إن الأمر باتباع الخلفاء الراشدين لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون عليه الصلاة والسلام أباح أن يسنوا سننا غير سنته، وهذا لا يقوله مسلم. وإما أن يكون باتباعهم في اقتدائهم بسنته فكذا نقول ليس يحتمل هذا الحديث وجها غير هذا أصلا.الإحكام في أصول الأحكام (6/76-78). *******
    السلف هم خير الأمة: وفي الحديث المتفق عليه: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم » قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكل من له لسانَ صدق من مشهورٍ بعلم أو دين معترف بأن خير هذه الأمة هم الصحابةشرح الأصفهانية 128.
    السلف هم أفقه الأمة:قال الشافعي رحمه الله: وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله في القرآن والتوراة والإنجيل، أدَّوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوا الوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد وعرفوا سنته وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل (وآراؤهم أحمدُ وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا) ولم تخرج عن أقاويلهم وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله. إعلام الموقعين (1/80).
    وقال ابن القيم رحمه الله:
    إن أهل السنة والحديث المشتغلين بعلم الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم بطانته من أصحابه هم أعلم الناس بهذا الموروث فتكون أحوالهم في الديانة علما وفهما وعملا واعتقادا لها ثِقَلُها واعتبارها في فهم مراد الله ورسوله ولهذا كان الأخذ بالفتاوى الصحابية والآثار السلفية أولى من آراء المتأخرين وفتاويهم
    ) اعلام الموقعين (4/118).
    قال ابن مسعود رضي الله عنه: من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا وأحسنها حالا، قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتّبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيمجامع بيان العلم (2/119). قال حذيفة بن اليمان رضى الله عنه : اتقوا الله يا معشر القرّاء خذوا طريق من كان قبلكم والله لئن استقمتم عليه لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا-جامع بيان العلم
    لماذا فهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح؟

    *إجماع السلف الصالح معصومٌ من التفرقِ والاختلاف وتضاربِ العقولِ والأهواء.
    * النظر في عمل السلف وفهمِهم للدليل شاهدٌ على صحة الاستدلال ومصدق له فعمل السلف بالدليل مخلِّص له من شوائب الاحتمالات ورافعٌ للإشكالات.
    قال الشاطبي رحمه الله: يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون وما كانوا عليه في العمل فهو أحرى بالصواب وأقوَم في العلم والعمل حسم مادة الابتداع والضلال:
    فهم السلف الصالح للنصوصهو الحق وليس دونه إلا الضلال والشِّقاق
    قال تعالى (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ)
    فالسلف الصالح هم الصحابة ومن سار على هديهم،
    فالواجب اتِّباعهم وفهم الدين بفهمهم لأنهم خير هذه الأمة وأعلمها بالقرآن والسنة فالواجب اتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الامة في الاعتقاد والعبادات والسلوك والأخلاق.
    كتاب وسنة بفهم سلف الأمة [منقول]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: لماذا التقيد بفهم السلف ؟

    يقول الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدى رحمه الله:
    فأهل السنة المحضة السالمون من البدع، الذين تمسكوا بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأصول كلها، أصول التوحيد والرسالة، والقدر ومسائل الإيمان وغيرها، وغيرهم من خوارج ومعتزلة وجهمية وقدرية، ورافضة ومرجئة، ومَن تفرع منهم، كلهم من أهل البدع الاعتقادية



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: لماذا التقيد بفهم السلف ؟

    من جاء بفهم جديد لنص من الكتاب أو السنة، نُظر في فهمه، وطريقة استنباطه، ومدى موافقتها لقواعد الاستنباط الصحيحة، فيقبل منه ما وافق ذلك، وهذا لا يتصور في أكثر آيات القرآن الكريم، وإنما يتصور في بعض الآيات التي أشكل تفسيرها على المتقدمين،
    أشكل تفسيرها على المتقدمين وعلمها المتأخرون ؟
    . .
    ومن تعني بالمتقدمين تحديداً؟
    هل تعني الصحابة أم تعني مثل مجاهد ومقاتل ؟

    وماهي قواعد الاستنباط الصحيحة؟
    . .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: لماذا التقيد بفهم السلف ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة
    أشكل تفسيرها على المتقدمين وعلمها المتأخرون ؟
    ومن تعني بالمتقدمين تحديداً؟
    . .
    بارك الله فيك
    المقصود علماء التفسير المتقدمين انظر كتاب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله (تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير فيها القول الصواب بل لا يوجد فيها إلا ما هو خطأ))
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو لمى مشاهدة المشاركة

    وماهي قواعد الاستنباط الصحيحة؟
    . .
    أولا - دليل الاستنباط من القرآن
    قوله تعالى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ ) والمقصود بذلك أنَّهم يستطيعون تفسيره وتبيينه وتوضيح ما فيه
    ****
    قال الله تعالى:
    {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ} .
    فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة، بأن النصوص الصريحة لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة، فإذا أهمل الاستنباط، فات القضاء في معظم الأحكام النازلة أو في بعضها)
    **
    كيف تستفيد من الفقه وأحكامه ؟
    والجواب يستفيد بدراسة أحكام الألفاظ ودلالاتها، من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وناسخ ومنسوخ وغير ذلك، فإنَّه بإدراكه يستفيد من أدلة الفقه أحكامها.
    فاستنباط الأحكام من القواعد لا يكون إلا لأهل العلم الراسخين فيه الذين تضلعوا بالعلم واستوعبوا قواعده وأصوله,
    ******
    فائدة
    قال الامام ابن باز رحمه الله
    قد أجمع العلماء على أن الاجتهاد محله عند عدم النص إذا خفيت النصوص، وصار الناس إلى الاستنباط، والقياس هذا محل الاجتهاد. وأما إذا وجد النص من كلام الله، أو سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام؛ فليس هناك محل للاجتهاد، فالشريعة جاءت في عصر النبي ﷺ ولما بعده من العصور إلى يوم القيامة، مبعوث إلى يوم القيامة إلى الناس، كلهم إلى يوم القيامة، فلا يجوز لأحد أن يخالف النص الصحيح الثابت عن رسول الله
    ******
    قال ابن القيم
    (الواجب فيما علَّقَ عليه الشارعُ الأحكامَ من الألفاظ والمعاني أن لا يُتَجَاوَز بألفاظها ومعانيها, ولا يُقْصَر بِها, ويعطي اللفظَ حقَّه والمعنى حقَّه, وقد مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه, وأخبر أنهم أهل العلم)
    وفى حديث منازل العلماء

    (مثلُ ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم, كمثلِ غيثٍ أصابَ أرضاً فكان منها طائفةٌ طيبةٌ, قبلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشبَ الكثير
    قال ابن القيم على فوائد الحديث
    أهل الحفظ والفهم الذين حفظوه وعقلوه, وفهموا معانيه, واستنبطوا وجوه الأحكام والحِكَم والفوائد منه, فهؤلاء بمنْزلة الأرض التي قبلت الماء- وهذا بمنْزلة الحفظ-, فأنبتت الكلأ والعشب الكثير- وهذا هو الفهم فيه والمعرفة والاستنباط؛ فإنه بمنْزلة إنبات الكلأ والعشب بالماء-, فهذا مثلُ الحفاظ الفقهاء أهل الرواية والدراية
    قال على ابن أبي طالب رضي الله عنه:
    (إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه)
    فالناس متفاوتون في الفهم عن الله ورسوله أعظم تفاوت, فَرُبَّ شخصٍ يفهم من النص حكماً أو حكمين, ويفهم منه الآخرُ مئةً أو مئتين, فهؤلاء بمنْزلة الأرض التي أمسكت الماء للناس, فانتفعوا به؛ هذا يشرب منه, وهذا يسقى, وهذا يزرع.
    *****
    وقال الجصاص:
    (فثبت بذلك أن من أحكام الله ما هو منصوص عليه، ومنها ما هو مودع في النص قد كُلفنا الوصول إلى علمه بالاستدلال عليه واستنباطه، فعلى العلماء استنباط أحكام الحوادث والتوصل إلى معرفتها بردها إلى نظائرها من المنصوص) .
    قال الشيخ عبد الرحمن السعدي
    (بل ينبغي له أن يتدبر معنى اللفظ، فإذا فهمه فهمًا صحيحًا على وجهه،
    نظر بعقله إلى ذلك الأمر والطرق الموصلة إليه وما لا يتم إلا به وما يتوقف عليه،
    وجزم بأن الله أراده، كما يجزم أنه أراد المعنى الخاص، الدال عليه اللفظ فبذلك يحصل للعبد من العلم العظيم والخير الكثير، بحسب ما وفقه الله له،
    وقد كان في تفسيرنا هذا، كثير من هذا منّ به الله علينا)
    وقال في موضع آخر:
    (وأكثر من هذا التفكير وداوم عليه، حتى تصير لك ملكة جيدة في الغوص على المعاني الدقيقة. فإن القرآن حق، ولازم الحق حق، وما يتوقف على الحق حق، وما يتفرع عن الحق حق، ذلك كله حق ولابد، فمن وفق لهذه الطريقة وأعطاه الله توفيقاً ونوراً، انفتحت له في القرآن، العلوم النافعة، والمعارف الجليلة، والأخلاق السامية، والآداب الكريمة العالية)
    وقال السعدي رحمه الله :
    (والطريق إلى سلوك هذا الأصل النافع: أن تفهم ما دل عليه اللفظ من المعاني فإذا فهمتها فهماً جيداً، ففكر في الأمور التي تتوقف عليها، ولا تحصل بدونها، وما يشترط لها، وكذلك فكر فيما يترتب عليها، وما يتفرع عنها، وينبني عليها، وأكثر من هذا التفكير وداوم عليه، حتى تصير لك ملكة جيدة في الغوص على المعاني الدقيقة، فإن القرآن حق، ولازم الحق حق، وما يتوقف على الحق حق، وما يتفرع عن الحق حق، ذلك كله حق ولابد، فمن وفق لهذه الطريقة وأعطاه الله توفيقاً ونوراً، انفتحت له في القرآن العلوم النافعة، والمعارف الجليلة، والأخلاق السامية، والآداب الكريمة العالية) .
    وقال:
    (كما أن المفسر للقرآن يراعي ما دلت عليه ألفاظه مطابقة، وما دخل في ضمنها، فعليه أن يراعي لوازم تلك المعاني، وما تستدعيه من المعاني التي لم يعرج في اللفظ على ذكرها،
    وهذه القاعدة:من أجل قواعد التفسير وأنفعها، وتستدعي قوة فكر، وحسن تدبر، وصحة قصد، فإن الذي أنزله للهدى والرحمة هو العالم بكل شيء، الذي أحاط علمه بما تكن الصدور، وبما تضمنه القرآن من المعاني، وما يتبعها وما يتقدمها، وتتوقف هي عليه
    وقال :
    (لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه وكثرة التفكر في ألفاظه ومعانيه ولوازمها، وما تتضمنه، وما تدل عليه منطوقاً ومفهوماً، فإذا بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده، فلا بد أن يفتح عليه من علومه أموراً لا تدخل تحت كسبه)
    ومن الشروط المطلوبة في المستنبط :
    ١ - صحة الاعتقاد، والعدالة، والبعد عن الأهواء والتعصب.
    ٢ - الملكة الفطرية والمكتسبة للحفظ والفهم، وهي أن يكون عنده صفاء ذهن ونفاذ بصيرة، وحدة ذكاء، وقدرة فطرية على النظر والاستدلال.
    ٣- العلم من اللغة العربية ما يحسن به الفهم.
    ٤ - العلم بأصول الفقه، خصوصاً ما يتعلق بالعام والخاص، والمطلق والمقيد، وأنواع الدلالات.
    ٥ - العلم بأصول التفسير.
    ٦ - العلم بالفقه ومذاهب العلماء في الأحكام الشرعية.
    ٧ - العلم بأصول الحديث، والقدرة على التمييز بين الصحيح والضعيف.
    ٨ - العلم بالنظائر وطرق الإلحاق.
    ٩ - العلم بالاصطلاحات والحدود عند كل أهل فن مما يحتاج إليه في الاستنباط.
    ١٠- العلم بمقاصد الشريعة من حيث الجملة والتفصيل.
    ١١ - العلم بالقواعد الشرعية الكلية.
    ١٢- معرفة الطرق الصحيحة للاستنباط؛ إذ الجهل بالطرق الصحيحة يؤدي إلى الخطأ في الاستنباط.
    يشترط في المعنى المستنبط الشروط التالية
    - سلامة المعنى المستنبط من معارض شرعي راجح.
    - أن يكون بين المعنى المستنبط وبين اللفظ ارتباطاً صحيحاً.
    ٣ - أن يكون المعنى المستنبط مما للرأي فيه مجال.
    ٤ - عدم مخالفته لمقصد من مقاصد الشريعة
    ****
    ومن شروط المستنبِط أيضا
    العدالة، فلا يقبل اجتهاد الفاسق
    ومن الشروط أن يكون عارفًا بلسان العرب وموضوع خطابهم، وذلك حتى يميز بين الأحكام التي مرجعها إلى اللغة، كصريح الكلام وظاهره ومجمله ومبينه وعامه وخاصه، وحقيقته ومجازه. وغير ذلك. وان يكون على معرفة بالناسح والمنسوخ، حتى لا يفتي بالحكم المنسوخ،
    قال علي رضي الله عنه لأحد القضاة: أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت.
    معرفة حال الرواة في القوة والضعف، وتمييز الصحيح من الفاسد، والمقبول من المردود.
    و أن يكون ذا ملكة يستطيع أن يستنبط بها الأحكام، ولا تتأتى هذه الملكة إلا بالدربة في فروع الأحكام.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: لماذا التقيد بفهم السلف ؟

    قوله تعالى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه ُ مِنْهُمْ ) والمقصود بذلك أنَّهم يستطيعون تفسيره وتبيينه وتوضيح ما فيه
    سؤالي عن القدرة نفسها
    متى ملكوا هذه القدرة؟
    ..
    تحديث . .قأت تمام الرد الأخير . .
    .. .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •