بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه قصيدة لرائد الشعر العمودي التقليدي بالمغرب الحديث الأستاذ الشاعر محمد الحلوي رحمه الله ..،
ُبشْرَاكَ حَلَّ بِأَرْضِكَ الإِسْعَــــادُ ** وَتَهَـــلَّـلَ تْ فِي أُفْقِكَ الأَعْــيَـــاد ُ
وَافَاكَ شَهْرٌ مَا كَفَرْحَتِنَـــ ا بِــــهِ ** فـَــرَحٌ وَلاَ كَـــلِــقَائِه ِ مِيــلاَدُ!
للخَيْرِ وَالأَنْوَارِ فِي أَسْــحَــارِهِ ** فـُــرصٌ وَللتَّقْوَى بِـهِ مِـيــعَــادُ
دُقُّوا الطُّبُولَ وَقَدْ أَطَلَّ هِلاَلُـــــهُ ** وَتَـــوَهَّـــ جَ التَّــهْــلِيل ُ وَالإِنْشَاذُ
وَتَأَلَّقَتْ فِيهِ الْمَسَاجِدُ وَازْدَهَـــتْ ** أَبْهَـــاؤُهَا وَتَقَاطَــــرَ الــعُبَّــادُ
فِي لَيْلَةٍ ضَاقَتْ بِقُدْسِ جَــلاَلِهــــا ** وَضِيَائِهَا الآفَـــاقُ وَالأَبْـــعَــ ـادُ
وَتَوَاكَبَ الأَمْلاَكُ فِي أَعْرَاشِهـَـــ ـا** مِثْلَ الحَمَائِمِ رُكَـــعٌ سُــــجَّـــادُ
وَ"الله أَكْبَرُ" فِي المَآذِنِ دَعْـــوَةٌ ** فِي كُلِّ مِحْرَابٍ لَـهَــا تِـــــرْدَادُ
* * * *
يَا وَافِـدَ الخَيْرِ الَّــذِي بِصَفَــائِــهِ ** تَصْفُو القُلُوبُ وَتَخْتَفِي الأَحْقَــادُ
مَا الـصَّوْمُ فِيكَ بِمِحْنَةٍ نَشْقَى بِــهَا ** مَا الصَّوْمُ إِرْهَاقٌ وَلاَ إِجْـــهـَــــا دُ
مَا الـصَّوْمُ إِلاَّ طُهْرَةٌ نَزْكُو بِـــهـا ** وَحَصَــانَةٌ لِمُيُــولـِـنَ ا إِخْمَــادُ
وَالنَّـاسُ مَا الْتَزَمُوا هُدَاهُ مَــلاَئِكُ ** رُحَمَاءُ فِيــمَابَـيْنَ هُـــم أَجْــــوَادُ
صَامُـوا نَهَارَكَ وَاسْتَفَاقَتْ أَعْـــيُنٌ ** مِنْهُمْ وَجَــافَتْ نَــوْمَهَـا الرُّقَـــادُ
وَتَآلَفـَتْ بِالصَّوْمِ فِيكَ خَــــــلاَئِقٌ ** وَتَعَانَقَتْ فِي طُهْرِكَ الأَضْـــــدَاد ُ
وَصـحَت ضَمَائِرٌ مِنْ عَمِيقِ سُبَاتِهَا ** وَتَزَوَّدَتْ وَالصَّـــوْمُ نِــعْمَ الــــزَّادُ
وَالدِّينُ يُسْـــرٌ وَالشَّــرِيعَة ُ سَمْحَةٌ ** لا فَضْلَ يكسبُ مَنْ غَلــوا أَوْ زَادُوا
عَبَقٌ مِنَ الإِيمَانِ فِـــي أَجْـــوَائِهِ** نَـــفَــحَاتُـ ــهُ القُــرْآنُ وَالأَوْرَادُ
وَمَــجَــالِسُ للعـِـلْمِ فِيــهَا أَنْـجُمٌ ** كَمْ يَسْتَضِيءُ بِنُــورِهَــا المرْتَــادُ
سُبْحَانَ مَنْ لاَ شَيْءَ يَعْــدِلُ ذَاتَــهُ ** مُتَـــفَـرِّدٌ مِــنْ وَصْــفِــهِ الإِفْرَادُ
أَسْرَى بمرسَلِهِ الكَرِيمِ وَخَـــصَّهُ** بِفَضِــيلَةٍ إِنْــــكَارُهَ ـــا إِلْحَـــــادُ
بَهَرَت عُقُولَ العَالَمِينَ فــَمِثْلُهَــا ** مَا للعُــقُولِ لِفـــَهْــمِهِ اسْتِعْدَادُ
عَبرت بِهِ نَحــْوَ السّـمَاءِ سَفِينــَـةٌ ** كَالبــرْقِ لَيْــسَ لِمِثْلِهَا إِرْعَــادُ
وَدَنَا فَكــَانَ مُقَرَّبــاً مـــِنْ رَبّــِـهِ** يُــلْقَـى إِلَيْهِ خِطَابــهُ وَيـعـَادُ
مَا صَدَّقُوا وَهـُوَ الأَمِينُ حــَدِيثـــُهُ** حَـــتَّى اِسْتَقَامَ لَمَّـا رَأَى الإشْهَادُ
وَصَفَ البَعِيرَ لَهُمْ وَلِمَا قَدْ شَاهَدَتْ** عَيْنَــاهُ فِـــي إِسْرَائِـــــه ِ فَانْقَادُوا
وَصحَت قُرَيْشُ عَلَى دُمَاهَا نُكِسَتْ ** عَيْنـــــَاهُ وَلَمْ تُمِسْــــكْ لَهَا أَوْثَادُ!
صَـــلَّى الإِلَهُ عَلَيْهِ مَا أَفَاحَ الشَّذَا ** وَاهْــــتَزّ غُصْــنٌ بِالصِّبَا مَـــيَّادُ
* * *
ذَكَّرَتَنْــا بَدْراً وَنَصْرُ مُحَـــمَّــدٍ** وَالمسْلِــمُــ ونَ وَرَاءَهُ أَجــْنَـادُ
لَمْ يُثْنِهُـمْ عَنْــــهُ الصِّيَامُ وَلَمْ تَهِــن** هِـــمَمٌ وَلاَ وَهَنــَتْ لَهُمْ أَجْسَـادُ
كَانُــوا سُيُوفَ اللَّهِ مُذْ سُلَّتْ لَـهُ ** لَمْ تَنْكَــسِرْ أَوْ تُخْفِــــهَا أَغــْمَادُ!
وَاسْتَرْخَصُـو ا أَرْوَاحَهُمْ لَــمْ تُلْهِهُمْ ** دُنْـــيَا وَلاَ مــُتَعٌ وَلاَ أَمْـــجَــادُ
كاَنُـوا العَبِيدَ فَأَصْبَحُـوا فِي دِينِهِمْ ** مُتَـــحَـــرِّ رِينَ وَهــــمْ بِهِ أَسْيَادُ!
مَنْ لِي بِسَيْـــفِ اللَّهِ تَحــْتَ لِوَائِـهِ ** مُسْتَبْسِــلــ ـُونَ كَـأَنَّهُمْ آسَادُ
مَــنْ لِي بِبَـــدْرٍ آخـــَرَ نَحْيَي بِهِ** مَــا مَاتَ أَوْ نُعْلِي بِهِ مَا شـــَادُوا
صُمْــنَا وَجُــرْحُ القُدْسِ فِي أَعْمَاقِنَا ** دَامٍ تُدَنِّـــسُ طُــــهْــرَهُ الأَوْغَادُ
لَمْ يشـــقَ يَوْماً قَبْـلَ صَهْيِونٍ بٍمَا ** يَشْقـــَى وَلَمْ يَعــــْصِفْ بِهِ جَلاَد!
وَالمسْلِمُــــ ونَ - وَهُمْ كَثِيرُ- قِلَّةٌ ** لَمْ تُجْدِهُـــم عَـــدَدٌ وَلاَ أَعْدَادُ!
وَهُمْ الالى قَادُوا الشُّعُوبَ وَلَمْ يَكُنْ ** للـــغَرْبِ فِيهِمْ تَابِــــعٌ يَنْقَـــادُ!
وَهُمُ الهداةُ لِمَنْ يَضِلُّ عَنِ الهـدى** وَهُمـــُو مَصَابِيـــــحُ الدُّجَى الرُّوَادُ
شَقَّ الخلافُ صُفُوفَهُم وَتَخــَاذَلُوا ** فَأُلُوفُـــهــ ُمْ بِــشَتَاتِهِمْ آحَــــادُ!
لَمْ يُشْفِهُمْ مِنْ دَائِهِمْ طِـــبٌّ وَلَمْ** يُضَـــمِّدْ عَــــمِيقُ جِرَاحِهِمْ عُوَّادُ!
مَجْدٌ أَطَاحَ بِهِ الْخِلاَفُ وَكَمْ هَوَتْ** أُمـــَمٌ بِهِ وَكَأَنَّــهـــ َا أَطـــْوَادُ!
وَلَكَمْ كَبَـتْ أُمَمٌ بِهِ ثُمَّ اِسْتَــوَتْ ** لَكِــــنْ أَرْجُلُــنَا بِهـــَا أَصْفَادُ!
يَاوَافِــدَ الخيراتِ هـــلْ يَأْتِي غَدٌ ** يَشْــــقَى بِهِ الأَعــــْدَاءُ وَالحقّاد!
وَتطل شَمْـسُ العَرَبِ بَعْدَ كُسُوفِهَا ** وَتُعِـــيدُ يَعْرِبُ مَا بَنَــــى الأَجْدَادُ!
هــَذِي أَمَانِي شَاعِرٍ وَلَعَلَّــهَا ** يَوْمـاً يُحَقِّقُــهَا لَــنَا الأَحْفَادُ!
رمضان 1419
وكم لهذا الشاعر الفحل رحمه الله من صيحة..،ولكن صمت الآذان بعد أن طمس على قلوب أصحابها ..،