قال الدكتور محمد بن حسين الجيزاني - حفظه الله - في كتابه ( حقيقة الضرورة الشرعية وتطبيقاتها المعاصرة ) ( ص 99 ) :
6 - إظهار وجه المرأة في الصحف والمجلات أو على شاشات التلفاز ؛ بناءً على أن ذلك من متطلبات التأثير الإعلامي ، وأنه قد بات ضرورة حضارية .
وهذا مخالف لمبادئ الشريعة ومسلماتها التي تنهى المكلف وتنأى به عن أسباب الفتنة ودواعيها ، فمن ذلك أنه الله - عز وجل - نهى المرأة عن إسماع الرجال صوت خلخالها ؛ لما في ذلك من الفتنة . قال تعالى : " ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن " ولا شك أن نظر الرجال إلى وجه المرأة أشد فتنة واعظم إثارة وتحريكاً للشهوة من سماع صوت خلخالها ، كيف وصورة المرأة في الصحف والمجلات وشاشات التلفاز تتكرر رؤيتها ويدام النظر إليها بإمعان .
وإن تعجب فاعجب ممن ظن أن خروج المرأة على شاشات التلفاز سائغٌ شرعاً طالما أنها التزمت بتغطية كامل بدنها ، وإن ظهر منها الوجه واليدان ؛ فظن بعضهم ارتباط قضية إظهار وجه المرأة على شاشات التلفاز بمسألة اجتهادية ، ألا وهي حكم كشف الوجه واليدين :
فمن قال بوجوب تغطية الوجه واليدين منع من خروجها على شاشات التلفاز ، ومن أباح كشف المرأة وجهه ويديها قال بجواز خروجها على شاشات التلفاز .
وهذا ظن فاسد ، ينبئ عن جهل صاحبه بمقاصد الشريعة الإسلامية وحكمة التشريع الرباني ، أو عدم اكتراثه بها .
ذلك أن خروج المرأة على شاشات التلفاز مع إظهارها للوجه واليدين يتنافى مع مقصود الشارع من الحجاب المأمور به ؛ أكان هذا المأمور به هو تغطية كامل البدن مع الوجه واليدين أو كامل البدن ما عدا الوجه واليدين .
ذلك أن فرض الحجاب - على كلا القولين - مقتضاه بحسب مقصود الشارع أن تكون المرأة بمنأى عن أعين الرجال ، كما قالت فاطمة - رضي الله عنها - : ( خير للنساء ألا يرين الرجال ولا يرونهن ) وذلك بأن تتحرز المرأة عن الخروج من بيتها ما أمكنها ذلك ، فإن دعت حاجة إلى خروجها كان عليها الابتعاد عن مواطن الفتنة ومرامي الأنظار ، ثم إن رآها أحد كانت متبذلةً ، مستخفيةً ، متواريةً عن أعين الرجال .
كيف وهي تذهب بطوعها إلى محطات البث وتجلس باختيارها أما الكاميرات - أو الأعين - الواسعة وتحت الأضواء الساطعة ، وهذا المقام - كما هو معلوم - يتطلب منها إبداء قدر من زينتها وتحسين مظهرها ، مع التميز باللباقة وحسن الإلقاء ، والقدرة على الحوار ، والتعامل اللطيف مع الآخرين .
فأين الحشمةُ والحياء ؟ وما فائدة الحجاب ؟!
إن هذا - بلا شك أو ريب - يتنافى مع مقصود الشارع في فرض الحجاب على النساء ؛ سواء قلنا إن الحجاب الشرعي يكون بتغطية الوجه أو من غير تغطيته .
فيا غربة الإسلام وأهل الإيمان في هذا الزمان ، والله وحده المستعان ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .