أول صباح في الجنة!


أولُ صباح في الجنة تشتاق إليه نفوسُنا، وتتوق إليه أرواحنا.
كم ستكون تلك اللحظات جميلةً!
بل هي اﻷجمل.
وكم ستكون سعيدة!
بل هي اﻷسعد.
وكم ستكون هنيئةً!
بل هي اﻷهنأ.
وكم ستكون تلك اللحظاتُ حاسمةً!
لحظات نجني بها ثمارَ عمر طويل.
كم تمنيناها بشغف!
وكم جاهدنا لتلك اللحظات!
أول صباح في الجنة؛ يعني: أول لقاء بيننا وبين النعيم الدائم.

أول لحظات التبديل الجسدي بين جسد فانٍ مهترئ، وجسد جميل ممتلئ بالنشاط والقوة والغبطة.
أول نظرة للجنة ستكون بعينَيْنِ تبرقان أملًا، وحماسة، واطمئنانًا، وفرحًا، وسعادة.
أول لحظة في الجنة فيها راحتُنا من همومٍ تركناها وراء ظهورنا، ونعيم مقيم وُعِدْنا به من الأَزَل.
أول صباحٍ سيكون بدون هموم، ولا تفكيرٍ في مستقبلنا، ولا تخطيطٍ لحياتِنا.

فقط نعيم، ونعيم، ونعيم مقيم!
أول صباح نُحِسُّ فيه بطعم الحرية المطلقة التي لا تشوبها منغِّصاتٌ، ولا تتخلَّلها الثغرات.
أول صباح سيكون فيه اللقاءُ بين اﻷحبة الذين فارقناهم في الدنيا.

أول صباح سيكون أجمل لحظات لا تعبِّر عنها العبارات، بل هي كل الفرح، وخميرة السعادة، وحصاد اﻷيام الخوالي.
لذةٌ لا تضاهيها أيَّةُ لذة، ولا تُقارَن بأي فرحٍ مرَّ بنا في الدنيا...

فهي اللحظات الأجملُ، واﻷسعد، واﻷهنأ.
يا ألله كم أتوقُ إليها، وتشتاقها روحي!
كم نتوق إليها جميعًا، وننتظرها بفارغ الصبر!
لعل الله يوصلنا إليها، وما ذلك على الله بعزيز!
في ذلك الصباحِ الجميل سنودِّع تلك الغربةَ القاتلة التي طالما عانينا منها!
فيا إلهي، رُدَّنا إلى الوطن الحقيقي الذي لا غربةَ فيه سالمين، وأنعِمْ علينا بالرضا الذي لا سخطَ بعده!

ورحم الله ابن القيم عندما قال:
فحيَّ على جنات عدنٍ فإنهـــــــــا *** منازلُك الأُولى وفيها المُخيَّــــمُ
ولكننا سَبْيُ العدو، فهل تـــــــــرى *** نعود إلى أوطاننا ونُسلَّــــــــ ــمُ؟
وحيَّ على روضاتِها وخيامـــــــها *** وحيَّ على عيشٍ بها ليس يُسأمُ
وحيَّ على يوم المزيد وموعـد الْ *** محبِّين، طوبى للذي هو منهــمُ
وحيَّ على وادٍ بها هو أَفيـــــــــح *** وتربتُه من أذفرِ المسك أعظــمُ
ومن حولها كُثْبان مسكٍ مقاعـــدٌ *** لمن دونهم هذا الفخار المُعظَّــمُ
يرَون به الرحمنَ جلَّ جلالـــــــــه *** كرؤيةِ بدرِ التمِّ لا يُتوهَّــــــــ ــمُ
______________________________ ____________________
الكاتب: عهد صادق