هدايا رمضان
فؤاد البنا
▪لقد وهب الله رمضان للمسلمين منحة سنوية ثمينة، حيث يمكن القول بأنه بستان زاخر بالكثير من الثمار التي تنتظر من يحسن اقتطافها، ومتجر حافل بالهدايا الثمينة التي يمكن أن تمنح أصحابها الثراء الإيماني لو أحسنوا توظيفها. ومن أهم العناوين التي تُبرز هدايا رمضان:
▪تدريب الصائمين على الصبر الذي يجعل صاحبه قويا لا يتزعزع أمام النوائب والمصائب، ولا يتضعضع أمام الخطوب والتحديات، ويمنحهم نفاذ العزيمة التي لا تعرف التردد أو الانكسار، والإرادة التي لا يتسلل إليها الكلل أو الملل.
▪تقوية الوازع الإيماني حتى يصبح دولة تسكن ضمير الفرد ولا تفارقه في أي ظرف، بحيث لا ينسى المؤمن رقابة الله أمام النزعات النفسية والنزغات الشيطانية، ولا يضعف أمام الإغراءات والإغواءات التي تغزوه من خارج الذات.
▪تحرير الصائمين من أغلال العوائد التي لا يستطيعون الانفكاك منها في الظروف العادية، إذ أن الصيام يغير نمط حياتهم رأساً على عقب، ولا ينتهي الشهر حتى يكونوا أحراراً في اختيار ما يريدون من أفكار وفي السير ضمن ما يريدون من اتجاهات.
▪ القضاء على القوالب الجامدة والتخلص من نفسيات الاعتياد وفقدان طعم الإيمان، وبَعْث أسباب التجديد في الأرواح، حيث تنغمر في مختلف العبادات وتنغمس في أنوار التقوى التي تخرج من مشكاة الصيام.
▪إعادة الاعتبار للعبادات التي فقدت روحها وحيويتها؛ بسبب طول الأمد والذي يحوّل الشعائر التعبدية إلى ممارسات جوفاء خالية من الروح، حينما يغفل أصحابها عن المنهج النبوي في إقامتها، حيث يساعد رمضان في إعادتها إلى فردوس العبادات بعد أن ذبلت وتحولت إلى مجرد عادات جوفاء لا تأثير لها على السلوك، وإلى طقوس ليس لها ظل من حقيقة في الواقع .
▪إيقاظ مشاعر الرحمة المنطمرة في النفوس التي بلّدتها المعاصي وفي القلوب التي حجّرتها الآفات النفسية، ويبعث رمضان روح الوحدة والمساواة والتكافل بين المسلمين، بعد انغمارها في وسط الكثير من المشاعر والممارسات العصبوية.
▪إبراز شمولية الإسلام في تكوين الفرد وتربية المجتمع، حيث أن الإسلام ينظر إلى الفرد كشخص ذي ثلاثة أبعاد: البعد الجسمي، البعد الروحي، البعد العقلي، ومن يتأمل في كافة العبادات المطلوبة في شهر رمضان يجد أنها تُشبع هذه الأبعاد الثلاثة.
▪التربية على المزاوجة الدقيقة بين العقل والقلب، فكل العبادات المتصلة برمضان تحمل في طياتها جانبين: الأول: جانب العقل وذلك من خلال تحلّيه بالحضور وتحليته بالوعي، والأخر جانب القلب الذي لا بد من حضوره بالخشوع والإخلاص في الصيام والتفكر والتذكر والتصدق وقراءة القرآن، وفي المحصلة ستورث هذه الأمور أصحابها طاقة التقوى التي تستحيل إلى دولة تضبط سلوك صاحبها حتى لا يسقط أمام امتحان المحرمات ولا يتوانى عن القيام بالواجبات.