لا تضيعي خير الليالي في شر الأماكن


مي عباس




أقسم الله جل في علاه بالليالي العشر الأواخر من رمضان، قال تعالى:" وليالٍ عشر" الفجر: 2.. فهي أفضل ليالي العام، وفيها ليلة القدر التي تعدل عبادتها أكثر من عبادة 83 عاما، وهي مخبوءة في العشر الأواخر حتى يجتهد المسلمون فيهن كلهن رجاء أن يصيبوا هذه الليلة المباركة.

وقد روى مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم: " أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها, وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".فالأسواق فضلا عما يقع فيها من فتن وأمور كثيرة غير محمودة، فإنها مواطن الغفلة، فلو تخيلنا أن هناك مؤشرا يقيس درجة الغفلة في القلب، فستكون في أعلى درجاتها والعين تتنقل بين السلع والبضائع، والجسد يلهث بين متجر وآخر طلبا لزينة الدنيا.

والحديث هنا ليس عن الإباحة، ولكن عن خطر الإسراف من جهة، وعن انغماس القلب وتضييع الأوقات المباركة في شر الأماكن من جهة أخرى.

اختاري مكانك

فتخيلي أيتها الأخت الفاضلة أنه في هذه الليالي العشر المباركات هناك من يسكب الدمع في محراب التوبة ومناجاة رب العالمين، ويتنعم بلذة الإيمان والذكر في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.. بينما تتشتت قلوب آخرين بين المولات والطرقات.

ومن المؤسف أن نجد أكثر أوقات العام تكدسا في الأسواق هي العشر الأواخر من رمضان، وكأن اقتراب العيد يعني أن نضيع هذه الأوقات الغالية.

لا يجادل أحد في أنه من الطيب أن نشتري لأنفسنا ولأبنائنا ملابس جديدة وطيبة وأغراض مفرحة للعيد، وأن نربطه لدى أطفالنا بالسرور والفرحة، ولكن هذا لا يرتبط بحال مع تبديد أفضل أيام وليالي العمر في شر الأماكن.

فهناك من السيدات من تضيع صلاة القيام أكثر من ليلة، حتى تختار لأبنائها ولنفسها الملابس، وتظل تدور على المحلات تفند وتدقق وتمكث بالساعات وكأنهم لن يشتروا ثانية طوال حياتهم!

لذا فإن الحريصات على أوقاتهن يعددن للأمر عدته، فتشتري المرأة ملابسها وملابس أولادها وأغراضهم قبل رمضان أو في أيامه الأولى.

وإن كنتِ لم تفعلي ذلك لأي سبب من الأسباب، فاحرصي على أن تضعي الأمر في حجمه، وأن تكون أولويتك في هذه الليالي أن تقبلي على الله، وتذكريه ذكرا كثيرا.. فتنجزي عملية التسوق بشكل مباشر وسريع، وتقضيها نهارا حتى لا تضيع الليلة، وما أقصر ليالي رمضان في الصيف.

وأود التنويه على نقطتين هامتين:

الأولى: أن مجيء الدورة الشهرية للمرأة في العشر الأواخر من رمضان لا يعني أنها خرجت من دائرة العبادة وإصابة ليلة القدر، وأن لها أن تبددها في الأسواق، لأن الحائض يمكنها أن تصيب ليلة القدر، وأن تلتمس المغفرة فيها، بالذكر والدعاء والمناجاة والتلاوة.

الثانية: الانتباه لتبديد الوقت في التسوق الإلكتروني، فهذا الهاتف الذي تحملينه معك في كل مكان يمكن أن تفتحي به بضغطة زر واحدة أسواقا ضخمة، كما يمكنك أن تقرأي وتسمعي عبره القرآن الكريم.. فاحذري أن يكون طريقك لشر الأماكن في هذه الليالي الفضلى.

ولكن هذه الأسواق الإلكترونية قد تكون حلا مناسبا، وأقل ضررا وأسرع من التسوق الحقيقي.. ففكري فيها.

ولا تنسي أختي الحبيبة أن ترددي ذكر دخول السوق، وأن تنجزي ولا تطيل البقاء فيه.. "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير".