اليوغا طقوس وثنية وفلسفات صوفية


اللجنة العلمية في الفرقان




اليوغا هي مذهب فلسفي هندوسي، يستهدف السيطرة التامة على الجسد، وضبط القوى الحيوية، وبلوغ الكمال، ومن ثم الاتحاد بالروح، وذلك بالتصوف والتنسك، كالجلوس طويلًا من دون حركة إطلاقًا، وجاء في (معجم ديانات وأساطير العالم) أن (يوغا Yoga) كلمة (سنسكريتية) تعني: (النير) أو (الاتحاد)، وهي مدرسة مهمة في الفلسفة الهندوسية، أثّرت بقوة في الفكر الهندي، نصوصها الأساسية هي: (سوترا اليوجا).

وبإطلالة سريعة على أصول تلك الرياضات يتبين أنها ليست تمارين عقلية وبدنية مجردة، بل هي في الأصل طقوس وعبادات وثنية لديانات وفلسفات صوفية وكهنوتية، لها تصوراتها الباطلة عن الخالق والإنسان والكون، غير أنها تختلط ببعض ما يكتسبه البشر من خبرات علاجية وصحية، من تمارين وحركات رياضية، قد تفيد أو لا تفيد من الناحية العقلية أو البدنية، وهذا الجانب هو الذي ترتكز عليه الدعاية لتلك الفلسفات الباطلة، فيغتر بعض الجهلة ظنًّا أنها مجرد أنشطة بدنية وعقلية بحتة، لا علاقة لها بالعقيدة، فيطمع في أن تساعده على التركيز وصفاء النفس واستجماع الطاقة الذهنية والبدنية، ثم يجد نفسه بعد ذلك منخرطًا في عقائد تلك الرياضة الفلسفية وما تفرضه من طقوس وعبادات وتصورات، لا يمكنه فصلها عن ممارسة تلك التمارين، وقد اختلف النظر في حكم ممارسة رياضة اليوجا عند المعاصرين، فذهب بعضهم إلى المنع منها مطلقًا، وذهب آخرون إلى الجواز مطلقًا، وفرَّق آخرون بين بعض ممارساتها وبعضها الآخر، فأجازوا ما وافق الشرع، ومنعوا ما خالفه.

رياضة بين الوثنية الهندوسية والبوذية

ولا يُنكر واحد من أولئك أن أصل هذه الرياضة من العقيدة الوثنية الهندوسية، ثم البوذية، ولذا فإن من أجازها مطلقًا، قد سلب منها ما يتعلق بالاعتقاد والروح، وحكم عليها باعتبارها رياضة للبدن، ومن منع منها فلأصلها الديني، وللمشابهة بأولئك الوثنيين، ولضررها على البدن، وأسباب أخرى، ومن فرَّق بين نوعٍ وآخر منها: فقوله غير مقبول لعدم صحة ما استثناه من المنع، ولعدم قدرة الناس على التمييز بين المسموح والممنوع منها، فهي -إذًا- رياضة روحية وبدنية، ويراد منها ابتداء الفناء، والاتصال بالله -تعالى-؛ لذلك فقد رأى العلماء أن المنع منها مطلقًا هو الصواب.

اللغة الهندية المقدسة

جاء في كتاب (اليوجا والتنفس) لمحمد عبد الفتاح فهيم، (ص 19): «اللغة الهندية المقدسة تعني الاتحاد والاتصال بالله، أي الاتحاد بين الجسم والعقل والله، وهي توصل الإنسان إلى المعرفة والحكمة، وتطور تفكيره بتطوير معرفته للحياة، وتجنبه التحزب أو التعصب الديني وضيق الأفق الفكري وقصر النظر في البحث، وتجعله يحيا حياة راضية بالجسد والروح».

لفظ سنسكريتي معناه الاتحاد

وفي (المعجم الفلسفي) لجميل صليبا (2 /590): اليوغا: لفظ سنسكريتي، معناه الاتحاد، ويطلق على الرياضة الصوفية التي يمارسها حكماء الهند في سبيل الاتحاد بالروح الكونية، فاليوغا ليست مذهباً فلسفيًّا، وإنما هي طريقة فنية تقوم على ممارسة بعض التمارين التي تحرر النفس من الطاقات الحسيَّة والعقليَّة، وتوصلها شيئاً فشيئاً إلى الحقيقة، واليوغي: هو الحكيم الذي يمارس هذه الطريقة.

طريق اليوجا

قال الدكتور أحمد شلبي - وهو من المتخصصين بأديان الهند -: وذوبان بوذا في آلهة الهندوس: ليس إلا عوْداً إلى تفكير (الجنانا يوغا) أي: طريق اليوغا، الذي يرى في كل الديانات، وفي كل الفلسفات حقّاً، ومعتنق هذا التفكير لا ينتمي إلى دين أو مذهب؛ لأنه يرى أتباع كل الديانات المختلفة إخوة له مهما اختلفوا، فـ (جنانا يوجا) مذهب يتسع لمعتقدات الجميع، ويأبى أن يتقيد بقيود أي منها. (أديان الهند الكبرى) (ص 174).

ما اليوغا؟

اليوغا تعني: (الوحدة)، أي اتحاد الإنسان مع الروح، وتحتوي اليوغا تمارين وطقوسًا مختلفة، ولكن أهمها وأشهرها تمرين يدعى (ساستانجا سوريا ناماسكار) ويطلق عليه اختصارًا: (سوريا ناماسكار)، وهو يعني باللغة السنسكريتية: «السجود للشمس بثمانية أعضاء» من الجسم، وقد حددوا هذه الأعضاء: بالقدمين والركبتين واليدين والصدر والجبهة، ويفضَّل لمن يمارس اليوغا أن يكون عاري الجسم، ولا سيما الصدر والظهر والأفخاذ، وأن يستقبل الشمس بجسمه عند شروقها، وعند غروبها إذا أراد يوغا صحيحة ونافعة، وأن يثبت نظره ويركّز انتباهه على قرص الشمس، وعليه أن يتعلق فيه بكليّته، وهذا يشمل جسمه وجوارحه وفكره ولبَّه، أما إذا كان في العمران ولا يستطيع رؤية الشمس فقد سُمح له بأن يرسم قرص الشمس أمامه على الجدار!.

ومن أراد الاستفادة من اليوغا ينبغي له أن يكون نباتيّا، وعليه أن يردد كلمات معينة في أثناء قيامه بالتمارين، وبصوت جهوري، وتدعى هذه الكلمات (المانترات) وأشهرها مانترات «بيجا» وهي «هرام، هريم، هروم، هرايم، هراوم، هراة»، وكذلك يردد بعض المقاطع الأساسية في اليوغا مثل: أوم، وفضلا عن ذلك لا بد أن يردد أسماء الشمس الاثني عشر؛ لأن ذلك جزء رئيس ومهم في اليوغا وهي:

- رافا ناماه... ويعني: أحنيت لك رأسي يا من يحمده الجميع..!

- سوريا ناماه... ويعني: أحنيت رأسي لك يا هادي الجميع..!

- بهانافي ناماه... ويعني: أحنيت رأسي لك يا واهب الجمال..!

- سافيتر ناماه... ويعني: أحنيت رأسي لك يا واهب الحياة..! إلخ.

ويدّعون أن في هذا الترداد فائدة وأي فائدة!

يقول بعض من مارس اليوغا: إنه يستيقظ الساعة الثالثة والنصف صباحاً ولا يزال يقوم بتمارين اليوغا وصلواتها الخاصة حتى الساعة السادسة والربع، وفي المساء يفعل ذلك من الساعة السادسة وحتى السادسة والنصف، وهكذا يقضي ثلاث ساعات وربع الساعة كل يوم في اليوغا، ويقول: إن بعضهم يقضي أكثر من ذلك، ويدَّعون أنه كلما قضيت وقتاً أكبر: كانت الفائدة أعم وأعظم. (اليوغا في ميزان النقد العلمي) (ص 13 - 18).

حكم الإسلام في ممارسة اليوغا

خلاصة القول: إنه لا يجوز للمسلم أن يمارس اليوغا البتة، سواء أكانت ممارسته عن عقيدة، أم عن تقليد، أم كانت طلباً للفائدة المزعومة، ويرجع ذلك لأسباب نستنتجها مما سبق، ونلخصها فيما يلي:

(1) كون اليوغا تمس عقيدة التوحيد، وتشرك مع الله -سبحانه وتعالى- معبوداً آخر سواه؛ لما فيها من سجود للشمس، وترديد أسمائها، يقول -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ} (الرعد/ 36)، ويقول أيضاً: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (الزمر/ 65).

(2) لأن فيها تقليداً للوثنيين ومشابهة لهم، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «مَن تشبَّه بقوم فهو منهم» رواه أحمد وأبو داود والطبراني عن ابن عمر -رضي الله عنهما.

(3) لأن بعض تمارينها تضر أغلب الناس، وتؤدِّي إلى عواقب ومخاطر صحية لديهم، وبعض طرقها الأخرى جلوس معيب، وخمول، وذهول فقط، وهذا أيضاً يضر من الناحية الصحية والنفسية، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما.

(4) لأن فيها إضاعة للوقت بما لا يَرجع على صاحبه إلا بالأذى والثبور في الحياة الدنيا، والويل والقنوط في الحياة الآخرة، يقول الرسول الأمين - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ما فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟» رواه الترمذي عن أبي برزة.

(5) لأنها دعوة فاضحة إلى التشبه بالحيوانات ونكس عن الإنسانية، مثل: تبني التعري، الاعتماد على الأطراف الأربعة في أغلب تمارين (سوريا ناماسكار)، والوقفة الخاصة في التمرينين الثالث والثامن.

(6) لأن كثيراً ممن حاولوا ممارسة المسماة «اليوغا العلمية» أو «الطب السلوكي» تردوا في هوّة المخدرات، وغطسوا في مستنقع الإدمان، وقد ثبت عقم هذه الطريقة العلاجية وعدم جدواها.

(7) لأنها قائمة على الكذب والتدجيل، وقد اعتمد مروِّجوها الغش وقلب الحقائق في أثناء نشرها والدعاية لها، وذلك لجذب أنظار أكبر عدد من السذّج والبسطاء، وجرف كثير من ضعاف الإيمان.


(8) لأن عددًا قليلاً من المتمرسين في اليوغا، أو بعض الاتجاهات الغامضة والمنحرفة الأخرى قد تظهر على أيديهم خوارق للعادة يخدعون بها الناس، وهي في أغلبها إنما يستخدمون شياطين الجن كما في الاستدراج والسحر وغيره، وهذا حرام في الإسلام.

(9) كون أكثر الوصايا التي يوصى بها دعاة اليوغا: وصايا ضارة، ومؤذية للإنسان، ومنها: العري، وتعريض الجلد للشمس، وتركيز النظر إلى قرص الشمس، والتشجيع على الحمية النباتية التي ما أنزل الله بها من سلطان. (اليوغا في ميزان النقد العلمي) (ص 84 - 86).