*"دولة أوكرانيا"*
*نظرة إسلامية وأخرى تاريخية عليها*

بحث وإعداد
أ. علي عبدالرازق


- روسيا على وشك الهجوم على أوكرانيا، ولكن أنت كمسلم، ماذا تعرف عن أوكرانيا.. ؟

إذا أردت أن ترى تاريخ أوكرانيا مُجسداً أمامك صوراً ومقاطع فانظر إلى ما تفعله الصين اليوم بمسلمي الإيغور، وأسقط كل تلك المشاهد المؤلمة على ما فعلته روسيا باوكرانيا عندما كانت أوكرانيا أرضاً إسلامية تنتشر فيها المساجد والمؤسسات الإسلامية ..

أوكرانيا المُسلمة..

دخل الإسلام إلى أوكرانيا في النصف الأول من القرن العاشر الميلادي من طريقين:

1. عبر التجار والرحالة المسلمين الذين قصدوا مدينة كييف العاصمة.

2. عن طريق الوافدين من جهة الدولة العثمانية آنذاك والدول العربية.

إذاً دخول الإسلام فيها كان مبكراً، ولكن للأسف الشديد ثمة مفهوم غريب اليوم يدّعي أن الإسلام ظاهرة غريبة على المجتمع الأوكراني، وأن أوكرانيا لم تعرف الإسلام إلا منذ سنوات قليلة..!!

ويرجع هذا الفهم الخاطئ بسبب بعض الأوضاع المأساوية التي عاشها التاريخ الإسلامي على مدى عدة قرون، خاصة فترة الحكم الشيوعي الذي نكل بالمسلمين وحضارتهم، وأعمل فيهم قتلاً وتهجيراً؛ ليخفي الهوية الإسلامية لأهل المنطقة ويصبغها بالثقافة الشيوعية والتي أنتجت بعد ذلك علاقات معقدة بين الشعب الأوكراني وجيرانه من المسلمين.

ففي سنة 1833م قامت القوات الروسية بالاستيلاء على المكتبات الإسلامية وهدمها وحرق الكتب الإسلامية والمصاحف وإبادتها ..

أما المساجد فأكثر من 900 مسجد تم هدمها واستخدامها في مجالات أخرى، وحتى الآن في كثير من قرى القرم توجد معالم لتلك المساجد المهدمه ..

سنة 1876م حرمت السلطات الروسية على المسلمين الحج إلى بيت الله الحرام، وبدأت السلطات الروسية حملات التطهير العرقي والديني لمسلمي القرم حيث قامت السلطات في سنة 1890م بإغلاق المدارس وكآفة المؤسسات التعليمية التي إنخفض انخفض عدد ها من 1550 إلى 275 مؤسسة تعليمية فقط لإجبار المسلمين على مغادرة موطنهم ..

ولم تكتفي السلطات بما فعلته في المساجد والمدارس بل وصلت يدها إلى مقابر المسلمين والتي تم نبشها والعبث بها، حيث سرقت منها الحجارة لاستخدامها كمواد للبناء ..

في أكتوبر 1917 قامت الثورة الاشتراكية وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ الإسلام والمسلمين في أوكرانيا ..

وفي العشرينات والثلاثينيات من القرن الماضي تعرض المسلمون مرة أخرى لحرب شعواء واسعة النطاق ضد الدين والمتدينين على حدود الاتحاد السوفييتي وخاصة ضد مسلمي أوكرانيا والقِرْم على وجه الخصوص.

ففعلت روسيا كل ما تفعله الصين اليوم وبقسوة متناهية، حيث قامت بإغلاق المساجد والمدارس الإسلامية والمكتبات الدينية، والقبض على الزعماء والدعاة الإسلاميين وتعذيبهم في السجون، وكانت الدعاية الاعلامية وقتئذ تربط وبصورة مباشرة بين التوجه الإسلامي وعدم الوعي الاشتراكي، وأن الإسلام يتصادم مع الثورية الإشتراكية ..

استولى النظام الروسي على (المسجد الكبير) في مدينة سيمفيروبل وتم تحويله إلى معاصر للزيوت، والمسجد الحجري إلى مبنى لأرشيف سلاح البحر عام 1921م، ومسجد تينيستاف تم تحويله إلى مخزن للمحاصيل الزراعية، والمسجد الرئيسي في مدينة بخشيسراي تم تحويله إلى متحف، وما زال ليومنا هذا متحفاً يرتاده السواح، ولم يبقى في القرم أو أوكرانيا كلها مسجد أو مبنى إسلامي إلا وقد طالته يد النظام السوفيتي بالهدم والمصادرة ..

وفي الثلاثينيات والأربعينيات وبدون رحمة تم القضاء على ما تبقى من معالم الثقافة الإسلامية بتغيير اللغة وأسلوب الكتابة ومنع التعليم الإسلامي، ومنع استخدام الحروف العربية في الكتابة، وكذلك جمع الكتب الإسلامية من كل المدن والقرى التي يتواجد فيها المسلمون و حرقها، كما وتمت إعادة صياغة تاريخ المسلمين هناك ومحو الصبغة الدينية ..

وفي نهاية الثمانينيات بدأ المسلمون في تجميع صفوفهم والعودة إلى دينهم وأرضهم، وأعلنت أوكرانيا استقلالها بعد سقوط الإتحاد السوفييتي وانتهاء الحقبة الشيوعية، فبدأ المسلمون في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وعاد المسلمين المُهجرين من القرم إليها، وطالبوا باسترداد جميع حقوقهم المسلوبة منهم ..

وبرغم المتابعة و الملاحقة من جانب السلطات، إلا أن المسلمين لم يتخلوا عن دينهم أبداً، ففي كثير من المدن كان يجتمع المسلمون في أماكن خاصة للصلاة الجماعية وقراءة القرآن وإقامة الدروس الإسلامية بعيداً عن أعين السلطات.

وبسبب هذه الحرب القاسية والتطهير الديني العنيف على المسلمين فلم يصل عددهم إلا ما نسبته 6% من المجموع الكلي لسكانها..

ولكن في سنة 2014 قامت روسيا مجدداً بإعادة إحتلال شبه جزيرة القرم..

وها هي الآن تحشد جيشها على حدود أوكرانيا متوعدة بإجتياحها إن لم تضمن موالاتها لسياستها، *
ولو دخلتها روسيا فسيكون المسلمون هم المستهدفون أولاً، لأن الإسلام دائماً هو العدو الأول (للكافرين)* ..

- روسيا ثاني أقوى دولة مسيحية عسكرياً في العالم ..
- روسيا رابع أكبر دولة مسيحية عددياً في العالم ..

ولكن مع كل ذلك لاننسى قول الله جل وعلا :
*وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ*