تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التفاوض في العمل التطوعي (فن بناء الجسور)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي التفاوض في العمل التطوعي (فن بناء الجسور)



    التفاوض في العمل التطوعي (فن بناء الجسور) (1)









    كتبه/ غريب أبو الحسن


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    ففي بقعةٍ من الأرض توجد العشرات مِن الجزر المتقاربة، يسكن في كلِّ جزيرة قبيلة من القبائل أنعم الله على كل قبيلة بمورد خاص لها الذي يميزها عن غيرها، ولكل قبيلة عاداتها وطرق معايشها وطموحاتها، وكأي مكان أنعم الله عليه بالخيرات يكون مطمعًا لأعدائهم ومحط أنظار الكارهين لهم، وبعد استشعارهم بالخطر؛ قرر زعماء تلك الجزر: أن يبدأوا مفاوضاتٍ لبناء سلسلة مِن الجسور بينها كبداية للوحدة بينها ولتسهيل الانتقال بينها لتعزيز الدفاع المشترك ضد أعداء الخارج؛ تخيَّل نفسك ستكون على رأس وفد أحد هذه الجزر لتخوض المفاوضات للبدء في بناء هذه الجسور.

    سيلزمك الانتباه لمجموعةٍ مِن الخطوات والإجراءات:

    - سيلزمك أن تكون على قدرٍ كبيرٍ مِن معرفة مبادئ قبيلتك حتى لا تخالفها.

    - ومطَّلِعًا على الظروف المحيطة التي دَفَعَتْ لهذه المفاوضات حتى توظفها.

    - ومدركًا لحدودك التفاوضية، وما الحد الأقصى من التنازلات التي ستقدِّمها حتى لا تتجاوزها.

    - ثم مطلعًا على قضية التفاوض مثل الهدف منها، وتكلفة تلك الجسور، والزمن اللازم لإنجازها، وربط ذلك بمقدرات وقدرة جزيرتك؛ حتى لا تحلق بخيالك بعيدًا.

    - ثم معرفة دقيقة بالجزيرة التي ستتفاوض معها، والاطِّلاع على عاداتهم وتاريخهم في التفاوض؛ لتتجنب أي تصرف قد يتسبب في عرقلة العملية التفاوضية.

    - ثم معرفة بالصفات الشخصية للفريق المفاوض؛ لتعرف كيف تصنع جوًّا من المودة تمهيدًا لعملية تفاوضية ناجحة.

    - ثم تحديد قدر المعلومات التي ستصرح بها، ولن تؤثِّر على موقفك التفاوضي.

    - ثم تكون على قدرة مِن طرح البدائل المختلفة والمتدرجة التي مِن شأنها أن تكون مقنعة وتحقق مصلحة قبيلتك، ومصلحة القبيلة المفاوضة كذلك، وأن تكون قادر على طرح البراهين التي تثبت صلاحية هذه الاقتراحات.

    - ثم قادرًا على عقد الاتفاقات اللازمة ثم متابعة مخرجات هذه المفاوضات من اتفاقات وإجراءات.

    - تسمى العملية النقاشية السابقة "بمهارة التفاوض"، فمهارة التفاوض هي كمهارة بناء هذه الجسور، فالغرض مِن العملية التفاوضية هو بناء تلك الجسور بيننا وبين محيطنا من مؤسسات ليسهل التعاون والتفاهم؛ لما فيه مرضاة الله سبحانه وتعالى، وتعاون على البر والتقوى، لتحل ثقافة التفاهم محل ثقافة النزاع والمشاحنة.

    - لذلك ينبغي أن تدخل أي تفاوض بنفسية مَن يريد بناء هذه الجسور لا بنفسية مَن يريد أن يفحم الطرف المفاوض له ويجرده من أي مكسب؛ لأن عملية التفاوض هي عملية ثنائية أو متعددة الأطراف يريد كل طرف أن ينتصر فيها، ولكي ينتصر لا بد أن يشعر الطرف الآخر في المفاوضات أنه أيضًا قد حقق مصالحه.

    - فالتفاوض من المهارات الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان في حياته، فيحتاج لها في عمله مع إدارة عمله، ومع زملاء العمل، وكذلك يحتاجها في بيعه وشرائه، وفي بيته عند إدارة شئون البيت وتقسيم الحقوق والواجبات بين أفراد أسرته، وكذلك في عمله التطوعي؛ فبالتفاوض يستطيع الإنسان الانتصار في خلافاته وعقد الاتفاقات، وإبرام الصفقات دون عنفٍ، ويستطيع الإنسان تعزيز مصالحه، وبناء جسور من العلاقات بينه وبين محيطه.

    تعريف التفاوض:

    للتفاوض العديد من التعريفات، نختار منها:

    - أن التفاوض هو عملية نقاشية تتم بين طرفين أو عِدَّة أطراف يتم فيها تبادل المعلومات ثم المساومة للوصول لاتفاق يحقق المصالح المشتركة لأطراف التفاوض.

    أهمية التفاوض:

    - التفاوض بديل عن الصراع، فتبرز أهمية مهارة التفاوض في أنها وسيلة جيدة لحل النزاعات بطرق سلمية، وتجنبنا النزاعات وتجاذباتها التي تؤدي في نهاية المطاف لخسارة جميع الأطراف.

    - كذلك تمكنا مهارة التفاوض من تعزيز مصالحنا، وحصار المشكلات والخلافات عن طريق النقاش، ورسم طريق ثالث بين المتنازعين يعمل على تحقيق مصالحهم المشتركة.

    - تقدِّم عملية التفاوض حلولًا بعيدة المدي تصلح أن تكون قاعدة نبني عليها طرقًا مستقرة لحلِّ النزاعات.

    - ترسِّخ عملية التفاوض العلاقات السوية بين الناس، فيتفهم كلُّ طرف لاحتياجات الآخر ويعمل على بناء علاقات مستقرة بعيدة عن جوِّ الصراعات التي تسبب القطيعة والنفرة.

    - توفر عملية التفاوض الجهد البدني والمادي والمعنوي والمالي لاستغلال تلك الجهود في الأعمال البنائية، والتي تعود بالنفع المباشر على المجتمعات.

    - أهمية التفاوض للعمل التطوعي خاصة.

    - يحتاج العمل التطوعي لبيئة مستقرة لكي ينمو ويؤتي بثماره، فالعمل التطوعي أشبه بالأراضي الزراعية، والتي تحتاج للرعاية والانتقال من تمهيد الأرض للبذر للري والحماية من الآفات للحصاد، ولكي تتم كل تلك المراحل لا بد أن تكون البيئة مساعدة على ذلك، فالمطر الغزير والفيضانات والعواصف تعيق من نمو الزراعات وتتلف المحصول، وكذلك فالصراعات والخصومات هي في الحقيقة معوقات وعوامل تعرقل العمل التطوعي، فينبغي العمل على تجنبها قَدْر المستطاع.

    أنواع التفاوض:

    - هناك العديد مِن أنواع المفاوضات من حيث قضية التفاوض، ومن حيث وسيلة التفاوض، ومن حيث بيئة التفاوض.

    - فهناك المفاوضات التكاملية والتوزيعية، والتكاملية حين يكون نتيجة التفاوض هي تقسيم الشيء الواحد، والذي هو موضوع التفاوض على مجموعةٍ مِن الجهات، كأن تتعاون مجموعة من الجمعيات على القيام بحملة تبرع للدم بحيث تقوم كل جمعية بخطوة من الخطوات داخل هذه الحملة الواحدة، ويكون التفاوض حول دور كل جمعية في هذه الحملة.

    أما المفاوضات التوزيعية فهي: توزيع عددٍ مِن الأعمال على عددٍ مِن الهيئات، وكل عمل مِن هذه الأعمال قائم بذاته، كأن يوجد العديد من الأعمال المختلفة، وتقوم كل جمعية بعمل مستقل كأن تقوم جمعية بحملة للتبرع بالدم، ثم تقوم الأخرى بحملة لتشجير المدينة، بينما تقوم الثالثة بإقامة معارض للسلع.

    وينقسم التفاوض من حيث بيئة التفاوض إلى التفاوض في بيئة مستقرة وغير مستقرة: فهناك مفاوضات تجري في بيئة مستقرة، وهي البيئة التي تحكمها قواعد واضحة، وأطراف التفاوض تحترم هذه القواعد، وأن تلزم أطراف التفاوض بمخرجات عملية التفاوض من اتفاقات وصفقات وتعهدات، وهناك مفاوضات تجري في بيئات غير مستقرة كفترات الثورات مثلًا حيث تغيب القواعد، ويكثر التنصل مِن العهود، بل وربما تعذر مثلًا معرفة مَن هي الجهة المنوط بها التفاوض عن المتظاهرين.

    وهناك التفاوض المباشرة وعبر وسيط: وهناك مفاوضات مباشرة بين أطراف قضية التفاوض بشكل مباشر وهنالك مفاوضات تتم من خلال وسيط يعمل على تقريب وجهات النظر، وتعزيز الثقة بين الأطراف.

    ومن حيث وسيلة التفاوض: هناك التفاوض عن طريق اللقاء وجهًا لوجه، وهناك التفاوض عبر وسائل التواصل الحديثة.

    ومن حيث المكسب والخسارة: هناك مفاوضات يكسب فيها الجميع، وهناك مفاوضات يكسب فيها طرف ويخسر طرف.

    مراحل التفاوض:

    دعونا لكي نتحدث عن التفاوض، نقسِّم عملية التفاوض إلى ثلاث مراحل: مرحلة ما قبل التفاوض، ومرحلة التفاوض، ومرحلة ما بعد عملية التفاوض.

    أولًا: مرحلة ما قبل التفاوض:

    مرحلة ما قبل التفاوض هي مرحلة استعداد للتفاوض؛ سواء من حيث تصنيف القضية المتفاوض حولها أو من حيث اختيار فريق التفاوض أو مِن حيث جمع المعلومات عن الفريق المفاوض، والتخطيط لعملية التفاوض، فالتفاوض عملية إدارية متكاملة تستخدم فيها جميع الوظائف الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوظيف، وتوجيه ومتابعة.

    كيف الاستعداد لعملية التفاوض؟

    1- اجمع المعلومات عن القضية محل التفاوض، وقم بدراستها بشكلٍ جيدٍ.

    2- ادرس كذلك الظروف المحيطة بعملية التفاوض ومدى تأثيرها في عملية التفاوض.

    3- تصنيف قضية التفاوض: هل هي قضية تفاوضية أم قضية مبادئ لا تقبل التفاوض أو ضع إطارًا عامًّا لها، وتحديد قضية التفاوض وتصنيفها: هل هي من القضايا القابلة للتفاوض والحلول الوسط أم أنها من قضايا المبادئ التي لا تقبل التنازل، وأنها في حال التنازل عنها يترتَّب على ذلك مِن الخسائر ما لا يمكن جبره داخل المؤسسة.

    4- تحديد الحد الأدنى المقبول لدينا مِن نتائج المفاوضات.

    تحديد ما المقبول وغير المقبول من التنازلات في العملية التفاوضية؟

    فعلينا أن نحدد أهداف المؤسسة من عملية التفاوض، وما النقاط والأهداف التي يمكن أن تتنازل عنها المؤسسة أثناء عملية التفاوض، وما الأهداف التي تعتبر الحد الأدنى الذي لن تتنازل عنه المؤسسة، وما الاقتراحات غير المحورية التي يمكن أن نتنازل عنها؛ لإشعار الطرف المفاوض أنه قد حَقَّق انتصارًا، وما الاقتراحات التي لن نقبل التنازل عنها.

    1- ضع البدائل المتاحة التي سوف تعرضها أثناء عملية التفاوض، ثم حدد البديل الذي يمثِّل الوضع الأمثل لمؤسستك، ثم حاول حشد أدوات الإقناع التي ستستخدمها لإقناع الطرف الآخر.

    2- بناءً على دراستك لقضية التفاوض؛ حدد الاختصاصات الواجب توافرها في فريق التفاوض الخاص بمؤسستك، والتي ستختار فريق التفاوض بناءً على أساسها.

    اختيار المفاوض:

    يعد اختيار المفاوض مِن النقاط الحيوية في عملية التفاوض؛ وذلك لمحورية دور المفاوض، ولا أبالغ حين أقول: إن اختيار المفاوض يشكل نصف عملية المفاوضة، فالمفاوض هو لسان مؤسسته، وهو الذي يخوض النقاش نيابة عن مؤسسته؛ لذلك يجب على المؤسسة أن تبذل جهدها لاختيار المفاوض وَفْق معايير واضحة.

    فمن معايير اختيار المفاوض:

    1- أن يكون مستوعبًا لمنهج ومبادئ المؤسسة مطلعًا على أهدافها؛ بحيث لا يغرد بعيدًا عن أهداف مؤسسة أثناء التفاوض.

    2- أن يكون قادرًا على التخطيط، ويستطيع تخيل مسارات عملية التفاوض متوقعًا لردِّ فعل المفاوض تجاه اقتراحاته.

    3- أن يكون قادرًا على طرح العديد من البدائل التي تحقق مصلحة مؤسسته، وفي نفس الوقت تلقى القبول الجهة التي تتفاوض معه.

    4- القدرة على ضبط النفس، وإدراك ما المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها، وما المعلومات التي إن أفصح عنها أضر بعملية التفاوض.

    5- أن يمتلك مهارة الإقناع، وهي القدرة على حشد الأدلة أن الاقتراح الذي قدَّمه مِن شأنه أن يحقق أيضًا مصلحة الطرف المفاوض.

    6- أن يكون ممَّن يحسن الاستماع، ويصغي جيدًا للطرف الآخر، ويستطيع قراءة الرسائل التي بين السطور، ويفهم جيدًا دلالة مفردات الطرف المفاوض، فحسن الاستماع هي أفضل وسيلة تستخرج بها المعلومات من الطرف المفاوض.

    7- أن يكون ممَّن يحسن الاستنتاج والاستنباط، ويستطيع إكمال الفراغات التي تكون بين المعلومات التي يسمعها من الطرف الآخر بالمفاوضات.

    8- أن يكون واثقًا من نفسه غير مهتز، مستحضرًا إخلاصه لله وعدالة قضيته، وأنه لا يمثِّل شخصه، بل يمثِّل مؤسسته بكلِّ ما فيها، ومَن فيها، فعند عملية التفاوض لا يعتبر نفسه فردًا، بل هو كائن بحجم المؤسسة التي ينتمي لها بكل أفرادها، وهو لسان ذلك الكائن الذي يتفاوض به.

    9- أن يتمتع بدماثة الخلق، ويحسن اختيار كلماته، ويستطيع أن يصنع جوًّا مِن التفاهم مع الطرف المفاوض.

    10- أن يكون موضوعيًّا لا يحلِّق في الخيال، ولا يأخذ الاحتداد في النقاش من الطرف الآخر أنه إهانة شخصية له، بل يحافظ على هدوئه، ولا يلتفت نظره عن الأهداف التي حملته أيها مؤسسته.

    11- تحتاج المفاوضات لشخص صبور يحسن سياسة النفس الطويل، ويستطيع أن يتعامل مع أنماط مختلفة من البشر فسوف يتعامل مع الهادئ والعصبي، ومع المتعصب والمعتدل، ومع الخلوق والبذيء، والودود والجاف.

    12- ابتعد عن الشخصيات الهشة ضعيف الثقة بالنفس أو التي يسهل برمجتها، أو مَن يقتنع بالشيء وعكسه بسهولة.

    13- ابتعد عن الشخص الذي يشعر بالاستقلالية، والإعجاب بالنفس، والذي يرى لنفسه منة على مؤسسته، وأنه مميز عن غيره، وأنه لا أحد يتمتع بدرجة فهمه، وأنه يقوم مقام الجميع ولا أحد يقوم مقامه، هذا الإحساس الذي يدفعه لحجب معلومات عن المؤسسة لثقته الزائدة بنفسه، والتي يصاحبها دائمًا ضعف الثقة في غيره، والذي قد يدفعه أيضًا لحجب النقاط السلبية في التفاوض أو الحرج من الاعتراف أنه فشل في عملية التفاوض فيدعي نجاحات لم تحدث.

    14- ابتعد عن غير المتشبع بمنهج ومبادئ مؤسسته، والذي يغلِّب مصالحه الشخصية على مصالح مؤسسته.

    15- ابتعد عن الشخص الذي يسهل إقناعه بالشيء ونقيضه في نفس الوقت.

    16- ابتعد عن الشخص المكتئب، والذي يرتدي نظارة سوداء يرى بها السلبيات فقط؛ لأن عملية التفاوض تحتاج لشخصٍ يملأ قلبه الطموح.

    17- ابتعد عن الشخص الذي يجد صعوبة في الاسترسال في الكلام، أو التعبير عن أفكاره بأوضح العبارات، أو أن سلة مفرداته لا تسعفه للتعبير عن أفكاره بأفضل المفردات.

    تدريب فريق التفاوض:

    ومِن الضروري بعد عمليتي دراسة قضية التفاوض واختيار فريق التفاوض: أن نشرع في تدريب فريق التفاوض، فينبغي أن نتأكد مِن أن فريق التفاوض ملم جيدًا بأهداف المؤسسة ومنطلقاتها، ثم متفهم جيدًا لقضية التفاوض، ومدرك لأهداف المؤسسة من عملية التفاوض، وما حدود قضية التفاوض؛ سواء من حيث سقف الطموح أو الحد المقبول من التنازلات، وما تكتيكات العملية التفاوضية.


    ومِن المهم: قيام فريق التفاوض بدراسة شخصيات فريق التفاوض المقابل، وفهمها جيدًا، ومعرفة اهتماماتها، ومفاتيح شخصياتها؛ لأن ذلك مهم في تهيئة جوِّ التفاوض، وإزالة حالة التوتر التي تسيطر على بدايات عملية التفاوض.

    وللحديث بقية -إن شاء الله-.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,973

    افتراضي رد: التفاوض في العمل التطوعي (فن بناء الجسور)

    التفاوض في العمل التطوعي (فن بناء الجسور) (2)






    كتبه/ غريب أبو الحسن


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    ثانيًا: مرحلة التفاوض:

    مرحلة التفاوض هي ثمرة لمرحلة ما قبل التفاوض، فإن تم الاستعداد الجيد للعملية التفاوضية سارت عملية التفاوض بصورة جيدة، وإهمال مرحلة الاستعداد للعملية التفاوضية يعني مشقة كبيرة أثناء التفاوض.

    - خطوات مرحلة التفاوض:

    تمر مرحلة التفاوض بعدة خطوات:

    1- الاتفاق على الحدود المكانية والزمانية لعملية التفاوض.

    2- استفتاح العملية التفاوضية بمواضيع تزيل التوتر المعهود في بداية عمليات التفاوض؛ لهذا تحدثنا سابقًا عن أهمية معرفة الطبيعة الشخصية للفريق المفاوض؛ فهذا الأمر من شأنه أن يفتح أمامك الكثير من الموضوعات التي ستنال اهتمام الطرف المفاوض.

    3- تبادل المعلومات: تبدأ عملية التفاوض بتبادل المعلومات بين فريق التفاوض.

    وهناك بعض الأمور التي ينبغي أن يدركها فريق التفاوض منها:

    - أنه لا ينبغي أن يصرح بالمعلومات التي تضعف من موقفه التفاوضي، وتدفع الطرف الآخر للاستخفاف به أو معرفة النقاط التي سوف يضغط عليه بها، بل يعطي القدر من المعلومات التي يحقق الغرض من العملية التفاوضية.

    - وكذلك معرفة أن الطرف الآخر لن يذكر كل المعلومات التي عنده؛ لذلك ينبغي على الفريق المفاوض أن يكون حسن الاستماع، وأن يفتح الطريق أمام الطرف الآخر أن يتحدث، فكلما زاد حديث الطرف الآخر زادت كمية المعلومات التي سوف يدلي بها.

    - على الفريق المفاوض أن يحفِّز الفريق الآخر على الاستفاضة في الحديث بطرح العديد من التساؤلات عليه وأن ينتقل به مِن سؤال لآخر بنعومة ويسر، وأن يحرص على أن تكون الأسئلة على شكل استجواب للطرف الآخر فتدفعه للتحفظ.

    - وعلى الفريق المفاوض أن يحسن فن الاستنتاج وأن يكمل المعلومات الجزئية التي يسمعها من الطرف المفاوض وملأ الفراغات بين هذه المعلومات لتصبح معلومات مكتملة يمكن التعويل عليها في الخطوات التفاوضية التالية.

    4- المساومة: ننتقل بعد ذلك لخطوة المساومة، وهي: من أهم الخطوات في العملية التفاوضية، بل هي تعتبر لب العملية التفاوضية، وينبغي أن نراعي مجموعة من الضوابط خلال عملية المساومة:

    - ينبغي أن يكون هناك وضوح تام في الأهداف التي تقبل المساومة والأهداف التي لا تقبل المساومة، وكذلك في الحد الأدنى من الأهداف التي لن تقبل مؤسستك بالتنازل عنها.

    - وكذلك يكون لديك عدد من الاقتراحات والبدائل المتدرجة من حيث مصلحة مؤسستك، والتي يمكن عرضها على الطرف الآخر المفاوض، والتي يظهر فيها أيضًا أنها تحقق بعض مصالح الطرف الآخر.

    - وعند طرح الاقتراح أو البديل ينبغي حشد الأدلة والبراهين التي تقنع الطرف الآخر أن هذا الاقتراح يحقق مصالحه هو أيضًا.

    - وكذلك استحضار عدد من التنازلات التكتيكية التي تقدمها للطرف الآخر بعد النقاش، والتي تشعر الطرف الآخر أنه انتصر فيدفعه ذلك النصر لقبول مقترحك، وهي في الحقيقة لا تمثِّل كبير خسارة بالنسبة لمؤسستك.

    - إستراتيجيات المساومة:

    هناك العديد من الإستراتيجيات التفاوضية المستخدمة في المفاوضات سنذكرها للمعرفة، وأما خيارنا في مجال العمل التطوعي فهي إستراتيجية المصالح المشتركة:

    1- إستراتيجيات المصالح المشتركة:

    - إستراتيجية التكامل: وهي خوض المفاوضات من منطلق الشراكة والتكامل ليكون طرفي المفاوضات أو أطراف المفاوضات كالشخص الواحد، بحيث تكون صفقات التفاوض والاتفاقات تعبِّر عن حالة من التكامل بين أطراف التفاوض.

    - إستراتيجية تعميق العلاقة الحالية: وتعني محاولة بناء وتعزيز مجموعة من الأهداف المشتركة ثم التفاوض بناءً على هذه الأهداف المشتركة، وهي درجة أعلى من درجة التكامل، فنسج الأهداف المشتركة أعلى من التكامل أو التوزيع.

    2- إستراتيجيات الصراع:

    - إستراتيجية الإنهاك: وتقوم إستراتيجية الإنهاك على استنزاف الطرف الآخر، استنزافه من حيث الوقت ثم استنزافه من حيث الموارد، ثم وضع العقبات القانونية أمام الاقتراحات، ثم الوقوف على دلالات الألفاظ والكلمات، وعناوين كل اقتراح أو فكرة، وإسهاب النقاش حول ذلك.

    - إستراتيجية التشتيت: وهي قائمة على دراسة فريق التفاوض بشكلٍ جيدٍ من حيث الانتماء السياسي أو الديني؛ المستوى المادي والدخل، ومحاولة زرع الصراع بين الفريق المفاوض بناءً على هذه المعلومات.

    - إستراتيجية الانتحار الذاتي: وهي قائمة على تيئيس الطرف الآخر المفاوض، ودفعه أن يتخلَّى عن أحلامه، وحصره في خيارات محدودة بعيدة عن أحلامه؛ إما أن يقبل بها، أو يصرف نظره عن أحلامه.

    - إستراتيجيات إغلاق المساومات:

    بعد تبادل المعلومات وعرض مقترح التفاوض وطرح الحجج والبراهين التي تعضد هذا المقترح، فهناك بعض الطرق التي تدفع الطرف المفاوض نحو إبرام الصفقة.

    ومن هذه الطرق:

    1- الإغلاق المباشر: بأن تقول له مباشرة: هل أنت موافق على هذا المقترح؟ هذا العرض المباشر مناسب في بعض حالات التفاوض؛ فهو يصيب الطرف الآخر ببعض الارتباك ويدفعه نحو الموافقة؛ خاصة إذا لمحنا عنده قبولًا للمقترح، ويحتاج لبعض الضغط كي يتجه نحو عقد الاتفاق.

    2- الإغلاق الافتراضي: وهو التعامل مع الطرف المفاوض كأنه تمت موافقته ثم الحديث معه في تفاصيل الاتفاق، كرجل يشتري سيارة من معرض سيارات، فيقول له البائع: ما لون السيارة التي تريد؟ فيدفع الشاري نحو الحديث، وكأن عملية البيع تمت بالفعل.

    ممارسة الضغط أثناء عملية التفاوض:

    ويكون ممارسة الضغط بالعديد من الطرق، مثل:

    - عامل الوقت: فقد يستغل الوقت كعامل من عوامل الضغط إذا كان الطرف المفاوض يريد إنجاز الاتفاق قبل وقت معين، فيمكن استغلال الوقت كعامل من عوامل الضغط أثناء العملية التفاوضية، كأن تكون المؤسسة تنتظر حدثًا مهمًّا، وتريد سيولة مادية ببيع أحد الأصول، فعامل الوقت هنا يدفعها للقبول بسعر أقل من طلبها.

    - عامل التكلفة: فمن الممكن في المفاوضات أن يكون عامل التكلفة مؤثِّرًا حينما تقدم مقترحًا يوفِّر على الطرف المفاوض السفر أو النقل أو التخزين، أو أي العوامل التي تزيد عليه التكلفة.

    - عامل الضغط الإعلامي: عندما يكون التفاوض حول قضية يتابعها الرأي العام وينتظر فيها موقفًا واضحًا من الطرف المفاوض.

    - عامل الجهد: عندما يكون المقترح سيوفر على الطرف المفاوض جهدًا كبيرًا.

    ثالثًا: مرحلة عقد الاتفاق وإبرام الصفقة:

    مرحلة عقد الاتفاق هي مرحلة كتابة البنود التي تم الاتفاق عليها، فيفصل فيها المجمل، ويخصص فيها العام، ويتم صياغة بنود الاتفاق بدقة لتعبِّر عن المقترحات التي تم التوافق عليها، وتكون واضحة لا تحتمل إلا تفسيرًا واحدًا.

    ويتم تحديد موعد التنفيذ ومكان التنفيذ، وضبط الخطوات والإجراءات، وربما وضع فيها بعض الشروط الجزائية إن اتفق الأطراف على ذلك، مع ضبط الإجراءات القانونية وإمضاء العقود المطلوبة، واستيفاء كل المستندات المطلوبة؟

    رابعًا: مرحلة التنفيذ:

    وتشمل مرحلة ما بعد التفاوض التنفيذ، وكل ما يتعلَّق به من إجراءات وتكليفات، وتوجيه وتوضيح للمهام وتدريب فرق العمل.

    خامسًا: مرحلة المتابعة:

    ثم مرحلة المتابعة وما يتعلق بها مِن مراجعة ما تم تنفيذه بالفعل بالمستهدف من خطة التنفيذ؛ لمعرفة حجم الإنجاز، ولتقييم الاتفاق هل أثمر عما كنا نؤمل له من عقد هذا الاتفاق أم أن الإنجاز خالف التوقعات؛ مما يستدعي مراجعة هذا الاتفاق، ومحاولة تغييره أو تغيير بعض بنوده.

    نصائح للتفاوض الناجح:

    1- حدِّد هدفك النهائي، واجعل خطواتك التفاوضية تقودك إليه؛ فهو أشبه بالبوصلة التي تدلك على الطريق السليم.

    2- تدرب على بناء علاقات ودية مع الطرف الآخر بفهم أهدافه واحتياجاته بأن تعيد عليه أنك فهمت وجه نظره، وأن تحسن الاستماع.

    3- كن مستعدًا لبعض التسويات، وحدد ما يمكن التضحية به مبكرًا.

    4- اطرح العديد من العروض، فهذا يعطيك وقتًا، ثم اطلب تغذية عكسية عن رأي الطرف الآخر في العروض، وعدل هذه العروض ثم أعد طرحها مرة أخرى.

    5- أظهر الثقة الكاملة بنفسك وبما تطرح، واستحضر أنك تمثِّل مؤسستك بكل أفرادها.

    6- لا تستحيي من الطلب، فلا يوجد أي خسارة أن يرفض طلبك، بل عدِّل الطلب، واطلب من جديد، والخسارة هي أن تستحيي من الطلب، وكان من الممكن أن يوافق عليه، وتأمل في قصة عبد الله بن حذافة حينما طلب مِن ملك الروم العفو عن أسارى المسلمين.

    7- لا تأخذ الرفض على محمل شخصي، فأنت تمثِّل مؤسستك، ولا مجال للحساسية في عملية التفاوض.

    8- حدد نقاط ضعفك، واعمل على علاجها، ولا تظهرها للطرف المفاوض.

    9- تجنب العبارات النابية والقاسية، فإنها تسبب تصلب موقف الطرف الآخر.

    10- عند تصلب الطرف الآخر ارجع إلى نقاط موضوعية ومعلومات تجبره على ترك التصلب، وأعد النقاش من منطلق موضوعي مبني على معلومات واضحة.

    11- اختر المكان والزمان المناسبين للتفاوض، وتجنَّب مكان سلطان الطرف المفاوض؛ لأن هذا أدعى أن يشعر بقوته ويدفعه للتصلب.

    12- ابحث دائمًا عن الأرضيات المشتركة التي يمكن أن تنطلق منها العملية التفاوضية، فاللغة الواحدة والتاريخ الواحد، والخطر الواحد الذي يتهددنا، والهدف الواحد والاهتمامات الواحدة أدعى لبناء مصالح واحدة.

    13- إذا تعرضت لسؤال صعب! فرد على السؤال بسؤال، أو قل بتودد: إن هذا خارج نطاق التفاوض، أو قل لا أعرف، أو أريد أن أتريث قبل الإجابة على هذا السؤال.

    14- إذا أردت إفشال تفاوض، فاطرح اقتراحات تعجيزية للطرف الذي أمامك، وفي قصة مقتل كليب الشهيرة بعد مقتله جاء أولياء القتيل لوالد القاتل وطلبوا منه: إما أن تسلم نفسك فنقتلك، أو تسلمنا أبناءك فنقتلهم، فكانت نتيجة الحوار معركة البسوس التي استمرت 40 عامًا.

    15- التفاوض في البيئة غير المستقرة يختلف عن التفاوض في البيئة المستقرة، ففي البيئة غير المستقرة حيث تغيب القواعد والمعايير التي يتحاكم إليها، مثل: أوقات التغيير الاجتماعي والمؤسسي، أو في أوقات غياب العدالة والتسلط، وقواعد السلوك غير واضحة، ولا يوجد يقين حول المستقبل المشترك، فعليك بالتالي:

    - ينبغي التفاوض أولًا على سياق التفاوض، والقواعد التي نتحاكم إليها في عملية التفاوض.

    - وكذلك محاولة تغيير الصورة النمطية عن المؤسسة أمام الطرف الآخر.

    - التوازن بين التفاوض حول المشاكل الحالية مع محاولة التركيز على العلاقة طويلة الأجل بين المتفاوضين.

    - أن تدار الإضرابات في الأجواء المحيطة على مائدة المفاوضات.

    - الصبر ومحاولة بناء علاقات ودية مع الطرف الآخر، وإقناعه بوجود مصالح مشتركة يمكن تعزيزها بالتفاوض.

    - دعم الجهات التي تؤمن بعملية التفاوض.

    16- كن حاسمًا في الأمور التي لا تقبل التفاوض، ولا تترك الباب مواربًا، وتأمل ردَّ النبي صلى الله عليه وسلم: "لو وضعوا الشمس في يميني ... ".

    17- إذا تفاوضت مع مفاوض مستفز يحرص على الحيدة أو إهانة مَن يفاوضه؛ تحلَّ بالأدب وحسن الرد، ولا تنفعل؛ لأن انفعالك هو ما يصبو إليه، ولكن حاول جره للموضوعية، ويبقى خيار تعليق المفاوضات مطروحًا أو تغيير المفاوضين.

    18- إذا وصلت المفاوضات لطريق مسدود يمكن أن تجزئ الحل، كعرض البيع بالتقسيط إذا تعذر الدفع الكاش.

    19- إذا كنت ستجري مفاوضات عبر التليفون أو أحد وسائل التواصل، فليس هناك مجال للمقدمات الطويلة أو الاستفاضة في طرح المعلومات، ولكن كن موجزًا ومركزًا على صلب القضية التفاوضية وتدرب على العرض الموجز الواضح أولًا ثم التحديد الكتابي للاتفاق بعد ذلك.

    20- الجسد يتكلم كما يتكلم اللسان، فتعلم كيف تقرأ لغة الجسد، وتعلم كيف تجعل جسدك يتفاوض معك.

    21- حدد الاحتمال الأسوأ قبل بدء المفاوضات ثم الاحتمال الأمثل ثم تدرج بالاحتمالات بينهما.

    22- ينبغي التفريق بين المفاوضات التصالحية والمفاوضات القسرية، فكل منها سقف من الطموح ينبغي مراعاته.

    23- اطلع على ثقافة الطرف الآخر، وتعرف على ما هو مقبول لديه من إشارات ومفردات.

    24- في صلح الحديبية الكثير من الدروس التي ينبغي أن يتعلمها المفاوض:

    - كانت إستراتيجية النبي صلى الله عليه وسلم هي التفاوض السلمي، وليس الحرب؛ لذلك لم يخرج إلا بالسيوف في أغمادها.

    - ولذلك أيضًا أمر الصحابة بأطلاق الهدي في وجهة الحُلَيس بن عَلقَمة؛ لأنه من قوم يتعبدون ويعظمون الهدي.

    - وكذلك أطلق سراح 50 رجلًا أرسلتهم قريش حول معسكر المسلمين يدورون حول معسكر المسلمين.

    - وكان النبي صلى الله عليه وسلم خبيرًا بمَن ترسلهم قريش للتفاوض مع المسلمين، فقال عن (بُدَيل بن وَرْقاءَ الخُزاعي) رجل عاقل، وعن "مِكْرَزُ بن حَفْص" رجل غادر.

    - ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم اختيار مفاوض، اختار في النهاية عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ لما له من عصبية تمنع قريشًا من الغدر به.

    - لم يستجب عثمان رضي الله عنه لعرض قريش أن يطوف بالبيت وحده، فقالوا: لعثمان حين فرَغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئتَ أن تَطوف بالبيت فافعل، فقال: ما كنتُ لأفعل حتى يَطوف به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم"، وقال عثمان حين رجَع وقال له المسلمون: "اشتَفَيتَ يا أبا عبد الله مِن الطواف بالبيت؟ فقال لهم: بئسَ ما ظنَنتُم بي! والذي نفسي بيده، لو مكَثتُ بها سنَةً ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم مقيمٌ بالحديبية ما طُفتُ بها حتى يَطوفَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم!".

    - تنازل النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة: "بسم الله الرحمن الرحيم"، و"محمد رسول الله" لإعطاء قريش شعورًا وهميًّا بالنصر؛ ليتمكن من إنجاح التفاوض.

    - ثم تم إبرام الاتفاق الذي جعله الله سبحانه وتعالى سببًا في قوة المسلمين وبداية لظهور الإسلام على الجزيرة العربية كلها.

    وها نَصُّ الاتفاقية:

    "باسمك اللهم، هذا ما صالَح عليه محمدُ بن عبد الله، سهيلَ بن عمرو، واصطَلَحا على وضعِ الحرب بين الناس عشرَ سنين، يَأمَن فيها الناسُ ويَكفُّ بعضُهم عن بعض؛ على أنه مَن قَدِمَ مكة مِن أصحاب محمَّد حاجًّا أو مُعتمِرًا، أو يَبتغي مِن فضل الله؛ فهو آمِنٌ على دمِه وماله، ومَن قَدِم المدينةَ من قُريش مجتازًا إلى مِصر أو إلى الشام يَبتغي من فضل الله؛ فهو آمِن على دمه وماله، وعلى أنه مَن أتى محمدًا مِن قريش بغير إذنِ وليِّه ردَّه عليهم، ومَن جاء قريشًا ممَّن مع محمدٍ لم يَردُّوه عليه. وأنَّ بيننا عَيْبةً مكفوفة، وأنه لا إسلالَ ولا إغلالَ، وأنه مَن أحبَّ أن يَدخل في عَقدِ محمد وعهده دخلَه، ومَن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدِهم دخَل فيه. وأنك تَرجع عنَّا عامَك هذا، فلا تَدخل علينا مكَّة، وأنه إذا كان عامُ قابِل خرَجْنا عنك، فدَخَلتَها بأصحابك فأقمتَ بها ثلاثًا، معك سِلاحُ الراكب؛ السيوف في القُرُب، ولا تَدخُلها بغيرها، وعلى أنَّ الهديَ ما جِئناه ومَحِلَّه، فلا تُقْدِمْه علينا، أُشهِدَ على الصلح رجالٌ من المسلمين، ورجالٌ من قريش".


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •