من سلبيات بعض طرق الزواج العصرية


هل الطريقة التقليدية في الخِطبة للزواج أسلم أم الطريقة العصرية (الخَطّابات ومواقع الزواج والتواصل)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فتنبيهات مهمة جدًّا استفدتها من خبرتي في الاستشارات الأسرية:
أولًا: يلجأ بعض الشباب والشابات للتعارف عن طريق وسائل التواصل طمعًا في حياة زوجية سعيدة، ويغتر كثير منهم، ومنهنَّ بالشكل الجميل وبمعسول الكلام، ودغدغة العواطف بوعود سرابية، ثم ينتج عن ذلك أحد الأمور التالية.

• إما الوقوع في محاذير شرعية من خلوة وتوابعها، أو الوقوع في الفاحشة، ثم البحث عن مخرج للستر، والله سبحانه عندما حرم الزنا والفواحش ما قال: ولا تزنوا، وما قال: ولا تفعلوا الفواحش، بل قال سبحانه: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].

﴿ {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [سورة الأنعام: ١٥١].

ليعم النهي الزنا والفواحش وكل ما قد يقرِّب إليهما من خلوة ونظر وتبرج وغيرها.

• وقد تتضح معلومات سيئة عن أحدهما، فتحصل صدمة لهما أو لأحدهما بعد التعلق الطويل.

• وقد يرفض الأهل هذا الزواج رفضًا شديدًا، فيُصدمان صدمة شديدة ربما أمرضتهما نفسيًّا.

• وفي حالات قليلة لم يستوعب أحدهما الصدمة، فيكيد للطرف الآخر إما بالسحر أو باختلاق مشكلة كبيرة انتقامًا يؤدي للسجن.

• وأيضًا فإنه في بعض الحالات يبقى الخاطب أو الزوج غير واثق في هذه المرأة التي أقامت علاقة معه، ويخشى من خيانتها له، وكذلك المرأة قد تبقى قلقة وتخشى من علاقته بغيرها، وقد يتجسسان على بعضهما.

ولما سبق فتبقى الطريقة المعتادة وهي خطبة البنت من أهلها بعد التحري عنها وعن أهلها، وبعد الاستخارة، ثم العقد عليها - هي الأسلم والأبعد عن مزالق الشيطان.

ثانيًا: توجد خطابات يلجأ إليها بعض من يريدون تزويج بناتهم، وكذلك بعض من يريدون الزواج رجالًا ونساءً.

وبعضهن موثوقات وهنَّ قلة، ولكن بالتجربة ثبت أن كثيرات منهن حاطبات ليل، ولا يهمن إلا المال.

ومن تجربة لبعض أصدقائي مع بعضهن، ثبت أنهنَّ يُخفين المعلومات السلبية في الرجل عن المرأة، والمعلومات السلبية في الفتاة عن الخاطب، حتى تحصل الخطبة ويستلمن المبلغ المالي، فهن لا تهمهنَّ سعادة أي طرف، أهم شيء عندهن سعادتهن بالمال.

ثالثًا: من أخطاء بعض الشباب الفتنة بإحدى البنات لشدة جمالها وجاذبيتها، فلا يسأل عن أخلاقها ولاعن أخلاق أمِّها، وكم سمعنا عن ضحايا لهذه الفتن.

أحدهم ذكر لي أنه تزوج فتاة لشدة جمالها، فتبين له بعد الزواج بقليل سوء أخلاقها وسوء أخلاق أمها، وما سببتاه له مِن هَمٍّ وغَمٍّ، وتراكم مشاكل وديون ثم طلاق.

والثاني ذكر لي أنه تعلق تعلقًا شديدًا بفتاة لشدة جمالها، وبذل محاولات مستميتة ليحقق حلمه معها، فرفض أهلها تزويجه منها طمعًا في المال، ثم تزوجت بآخر، وهو تزوج بأخرى ثم طلق زوجته وفارسة أحلامه طُلِقت أيضًا، ففرح بذلك فرحًا عظيمًا وخطبها، فوافق أهلها هذه المرة لأنها أصبحت ثيبًا يخشون عليها من عدم الزواج، فتزوَّجها، ثم تبيَّن له سوء أخلاقها، فلم يحتمل العيش معها فطلَّقها.

ثالثًا: أُذكر الجميع بالحديث التالي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسَبِها، ولجمالها، ولدِينها، فاظفَرْ بذات الدين تربتْ يداك»؛ (متفق عليه).

والحديث ليس فيه تعييب على من يطلب الجمال أو المال في المرأة، ولكن فيه ذكر أن هذه هي أهداف أغلب الناس، وفيه تأكيد أن دين المرأة هو الأهم، فإن اجتمع مع الدين جمال ومال وحسب، فهذا خير إلى خير.

رابعًا: يوجد في هذه المواقع ومن يأتون عن طريق بعض الخطابات - من لا خلاق لهم وليس لهم رغبة حقيقة في الزواج، وإنما للتلاعب بمشاعر البنات وعواطفهنَّ وإيقاعهنَّ في الرذائل والعلاقات المحرمة ثم لفظهنَّ.

خامسًا: اعلم وفَّقك الله واعلمي وفَّقكِ الله بحقيقتين مهمتين جدًّا؛ هما:
الأولى: أن الزواج رزقٌ مكتوب من الله سبحانه؛ لقوله عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].
ورزق الله لا يجلبه حرص حريص، ولا يمنعه كيد كائد.

الثانية: أن زواجًا يبدأ بمعصية الله سبحانه: (بنظر محرم أو بخلوة منكرة، أو بعقوق للوالدين، أو بغيرها من المعاصي، يُخشى فيه من عدم توفيق، فرزق الله لا يستجلب بالمعاصي بل بتقوى الله؛ قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3].

سادسًا: أهم ما يُستجلب به الرزق من زواج وغيره هو الآتي:
• تقوى الله سبحانه وترك المعاصي.
• الدعاء.
• التوكل.
• بذل الأسباب المشروعة.

• الصدقة.
• الصدق والإخلاص.
______________________________ _____________________
الكاتب: الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل